شؤون دولية
هل بدأت تركيا المتاجرة بأقلية الإيغور الصينية المسلمة؟
الأمر يشبه علاقاتها مع إسرائيل رغم تصريحاتها المتكررة المنصفة للفلسطينيين

كيو بوست –
أصدرت تركيا بيانًا شديد اللهجة تجاه الصين، طالبتها فيه بإغلاق معسكرات الاعتقال في البلاد، بعد أنباء تواترت عن موت فنان من أقلية الإيغور المسلمة أثناء قضائه لحكم بالسجن 8 سنوات. وجاء في بيان وزارة الخارجية التركية أن المعتقلين يتعرضون للتعذيب في “معسكرات اعتقال”.
جاءت ردة الفعل التركية مفاجئة للرأي العام، بعدما كانت تركيا تسير باتجاه توثيق علاقتها الاقتصادية مع الصين، لتعويض التوتر بينها وبين أوروبا والولايات المتحدة، إذ كثرت في الآونة الأخيرة زيارات المسؤولين الأتراك إلى بكين.
اقرأ أيضًا: كيو بوست تفتح الملف الغامض: كل ما تحتاج معرفته عن المسلمين في الصين
ووقعت تركيا مع الصين اتفاقيات سياحية تقضي برفع عدد السياح الصينيين الوافدين إلى تركيا إلى مليون سائح في السنة، إضافة إلى جعل الاتفاقيات التجارية ترتقي إلى نسب أعلى، لتصل إلى 50 مليار دولار ثم ترتفع إلى 100 مليار، بعد أن كانت 27 مليار دولار عام 2015، بحسب ما صرّح به السفير التركي في الصين بداية 2018.
تنامت العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، فرحبت الصين بانضمام تركيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون، دون أي تقدّم على صعيد ملف حقوق الإنسان لأقلية الإيغور المسلمة، ومع تناسي تركيا لذلك الملف.
توقيت فتح الملف!
تغافل تركيا عن مشكلة الإيغوريين طوال هذه الفترة، مع انشغالها بتوثيق علاقاتها مع الصين تجاريًا واقتصاديًا، جعل قيامها بفتح الملف هذه الفترة مثار جدل، خصوصًا أن تركيا عرف عنها استخدامها للقضايا العربية والإسلامية خدمة لمصالحها، وخير دليل على ذلك وصول تبادلها التجاري مع إسرائيل إلى 4 مليارات دولار، في الوقت الذي تطلق فيه أنقرة الكثير من البيانات الإعلامية المناصرة للفلسطينيين!
قبل أسبوع من البيان التركي التضامني مع الإيغوريين، أصدرت الخارجية الصينية في أنقرة بيانًا حذرت فيه رعاياها المتجهين إلى تركيا بغرض السياحة من السفر إلى منطقة جنوب شرقي تركيا.
اقرأ أيضًا: الإبادة الثقافية للمسلمين في شينغيناغ: كيف تستهدف الصين الفنانين والكتاب الإيغوريين؟
وورد في البيان: “عند النظر إلى الوضع الأمني الخطير الموجود في مدن جنوب شرقي تركيا، فإن وزارة الخارجية الصينية والسفارة الصينية في تركيا تحذران مواطنيها الذين سيسافرون إلى تركيا من زيارة منطقة جنوب شرقي تركيا. يرجى زيادة الوعي بين المواطنين الصينيين، وقوموا بتقوية وتعزيز التدابير الأمنية. وفي حالة ظهور أي خطر أمني، سيتم تحميل الأفراد المصاريف التي قد تنتج عنها”.
ويبدو من صيغة البيان التحذيري للخارجية الصينية عن خطورة الأوضاع الأمنية في تركيا، أن الصين بصدد تقليل عدد السياح الصينيين إلى تركيا، ما يؤدي إلى فتور متزايد يضاف للكساد السياحي الذي تمر به تركيا، وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وبحسب مراقبين، فإن هذا التحذير أشعل غضب تركيا وجعلها تنقل المعركة إلى داخل الصين، لمساومتها فيما بعد على زيادة عدد السياح إليها، ورفع التحذير الأمني حول الأوضاع في تركيا.
وما يزيد من صحة هذا الاعتقاد، أن فتح تركيا لملف الإيغوريين في هذا الوقت بالذات، جاء دفاعًا عن المصالح التركية، وليس عن مصالح الإيغوريين؛ إذ كانت تخطط تركيا إلى رفع عدد السياح الصينيين إليها إلى 100 مليون.
عِبر من الماضي
في عام 1999، اعترضت تركيا حاملة طائرات كانت الصين قد اشترتها من أوكرانيا، ومنعت تلك الحاملة من المرور في مضيق البسفور، ولكن منع تركيا -الذي استمر 6 شهور- انتهى عندما قامت الصين برفع عدد سياحها إلى تركيا 10 أضعاف، وعبرت حاملة الطائرات من المضيق.
اقرأ أيضًا: سجل الصين لحقوق الإنسان على طاولة الأمم المتحدة، فما مصير ملف مسلمي الإيغور؟
ومن المعروف عن الصين استخدامها لورقة السياح كورقة سياسية ضاغطة، وقد استخدمت هذه الورقة أكثر من مرة، آخرها كان بداية عام 2017، عندما كانت كوريا الجنوبية تعتزم نشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي “ثاد” على أراضيها، ورأت الصين في تلك الخطوة تهديدًا لأمنها، فجاء الرد الصيني بخفض عدد سياحها إلى كوريا الجنوبية بنسبة 40%.
ومعروف أيضًا استخدام تركيا للقضايا الإنسانية التي تتعلق بالعرب والمسلمين كورقة اقتصادية؛ فتركيا فاوضت للدخول إلى الاتحاد الأوروبي باستخدام ورقة اللاجئين السوريين على أراضيها، عندما هدد إردوغان بفتح الحدود أمام اللاجئين لاقتحام الحدود الأوروبية إذا أُغلق ملف انضمام تركيا لعضوية الاتحاد.