الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

هل انحسر الدور التركي في ليبيا؟

فقدت تركيا معظم نفوذها في ليبيا خلال السنتين الماضيتين

كيو بوست – 

نشر موقع المونيتور تقريرًا للكاتب الصحفي التركي، فهيم تاستكين، الذي كان سابقًا من أبرز الكتاب في صحيفة “حريت” المستقلّة، قبل أن يشتريها رجل أعمال مقرّب من إردوغان، وأجبرها على السكوت. التقرير المنشور تحت عنوان “هل ستظل تركيا متورطة في ليبيا“، يناقش فيه الكاتب دور تركيا وقطر ودعمهما للميليشيات الإسلامية المتطرفة، وقيامهما بتهريب الأسلحة إلى الميليشيات المتقاتلة، وأطماع تركيا في أخذ حصة من إعادة الإعمار في ليبيا. وعلى الجانب الآخر، يذكر الكاتب الدور العربي الآخر المتمثل بمصر والسعودية والإمارات، التي تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خيفة حفتر، والتناقض بين كلا الدورين وتأثيره على الوضع الليبي.

اقرأ أيضًا: وثائقي “شجرة الظلام” يفضح دعم قطر وتركيا للإرهاب في ليبيا

 

وجاء في التقرير:

ما يزال الصراع بين النشطاء الدوليين من أجل النفوذ في ليبيا يعوق التحركات المبذولة لإنهاء الانقسامات في البلاد، فيما لا تزال ليبيا مسرحًا للمنافسة بين إيطاليا وفرنسا من جهة، وبين تكتل تركيا – قطر – السودان وتكتل مصر – السعودية – الإمارات من جهة أخرى. دَعمت الكتلة المصرية – السعودية – الإماراتية مجلس النواب في طبرق والرجل العسكري القوي فيها، خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي الذي يعارض حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. حفتر، المدعوم من فرنسا أيضًا، لا يخفي عداءه لقطر وتركيا، أي البلدين الذين يُتهما بتمويل الإسلاميين. تريد روسيا، التي مكنت التدخل الدولي في عام 2011 لكنها الآن تأسف لهذا القرار، أن تجد لنفسها مكانًا في ليبيا وتدعم أيضًا حفتر.

تسعى تركيا -التي تحافظ على الصمت عندما يتعلق الأمر بالمبادرات الفرنسية والإيطالية التي دعمت جهود مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة- إلى إيجاد مكان لها في مؤتمر باليرمو الذي عقد في صقلية.

عُقد مؤتمر باليرمو، وأعلن حفتر لأول مرة أنه سيقاطع المؤتمر لتجنب الجلوس على الطاولة نفسها مع تركيا وقطر وغيرهما من المنافسين الإسلاميين، ولكن بعد ذلك بدا مفاجئًا في باليرمو ليلة 12 نوفمبر/تشرين الثاني عقده لاجتماع محدود مع فايز السراج، رئيس مجلس الرئاسة الليبي، رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني. تم استبعاد تركيا وقطر من ذلك الاجتماع غير الرسمي، الذي حضره رئيس الوزراء الإيطالي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، ورئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف دريان، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.

اقرأ أيضًا: الصراع الإيطالي الفرنسي يصل أوجه في محاولة كسب النفوذ داخل ليبيا

وقد يُفسر الفيتو ضد مشاركة تركيا وقطر على أنه مناورة من قبل السيسي، الذي أقنع حفتر بالقدوم إلى باليرمو. وردًا على استبعادها، انسحبت تركيا من المؤتمر بخيبة أمل عميقة. وقال نائب رئيس تركيا فؤاد أقطاي، الذي قاد الوفد التركي: “إن أي اجتماع يستبعد تركيا سيكون له أثر سلبي على إيجاد حل”.

وقال ممثل تركيا الخاص في ليبيا، أمر الله إيشلر، إن قرار الانسحاب جاء بناء على تعليمات من الرئيس رجب طيب إردوغان. وفسرت أنقرة الاجتماع غير الرسمي على هامش المؤتمر كخطوة لإضفاء الشرعية على موقف حفتر. كما استبعد الاجتماع تركيا في وقت فقدت فيه أنقرة بالفعل معظم نفوذها خلال السنتين الماضيتين.

أصبح دور قطر وتركيا موضع جدل عندما تم تقسيم ليبيا بين برلمانين، وحكومتين، والعديد من الجماعات المسلحة، والجماعات الإسلامية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، التي رفضت الاعتراف بمجلس النواب.

اقرأ أيضًا: أين تقف قطر في الصراع الأوروبي حول ليبيا؟ وما علاقة الإخوان؟

وكان النواب العلمانيون تحت وصاية حفتر قد نقلوا البرلمان إلى طبرق لتأسيس حكومة جديدة. من ناحية أخرى، فإن منافسيهم -بدعم من تركيا وقطر- أسسوا حكومة الخلاص الوطني كمتابعة للمؤتمر الوطني العام الذي يتخذ من طرابلس مقرًا له. لكن القوات التي تتخذ من طبرق مقرًا لها، التي لا تستطيع السيطرة على طرابلس، بدأت تتهم تركيا وقطر بتقسيم ليبيا.

في إطار الاتفاق السياسي الليبي الذي تقرر في مؤتمر دولي عقد في مدينة الصخيرات الساحلية المغربية عام 2015، تم تأسيس “حكومة الوفاق الوطني” بعد أن حُلّتْ حكومة الخلاص الوطني، وتحوّل المؤتمر الوطني العام إلى المجلس الأعلى للدولة. ولكن الانقسامات استمرت عندما لم يعترف مجلس النواب بحكومة الوفاق الوطني التي وافقت عليها الأمم المتحدة.

واتهم رئيس الوزراء في طبرق عبد الله الثني في يناير/كانون الثاني 2015 تركيا بإرسال أسلحة إلى منظمات إسلامية. في يناير/كانون الثاني 2013، عُثر على أسلحة محملة من تركيا في سفينة شحن كانت عالقة على الساحل اليوناني. في ديسمبر/كانون الأول 2014، تم العثور على أسلحة في سفينة أوقفتها مصر، وقد أشارت الاتهامات إلى تركيا بالمسؤولية عن إرسالها. في أغسطس/آب 2014، أعطى حفتر الأوامر لضرب سفينة ذاهبة إلى درنة من تركيا. في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، اكتشف مسؤولون يونانيون 20000 بندقية كلاشنيكوف في سفينة أبحرت من أوكرانيا. في ديسمبر/كانون الأول 2014، قيل إن الأسلحة التي عثر عليها على سفينة شحن كورية وصلت إلى ميناء مصراتة الليبي كانت محملة من تركيا. وهكذا، ظلت الاتهمات تُطارد قطر وتركيا لإرسالهما الأسلحة إلى ليبيا عبر السودان. في سبتمبر/أيلول 2015، صادرت ليبيا سفينة محملة بالذخيرة قادمة من ميناء إسكندرونة التركي.

اقرأ أيضًا: إخوان ليبيا يطالبون بالتدخل العسكري التركي في بلدهم

ورفضت تركيا بشكل عام هذه المزاعم كجزء من حملة دعائية، لكن أنقرة انخفضت مكانتها الدولية بسبب تقارير ضبط الأسلحة المتكررة. بالإضافة إلى ذلك، كانت تركيا مشغولة مرتين بالانتخابات، ومحاولة الانقلاب عام 2016، والاستفتاء الرئاسي. علاوة على ذلك، كان تركيز تركيا على عمليتين عسكريتين داخل أراضي سوريا.

وفي حين خفضت تركيا من مكانتها، دعم المبعوث الأممي غسان سلامة في سبتمبر/أيلول 2017 خطة عمل دعت إلى مراجعة حكومة الوفاق الوطني لتنظيم مؤتمر المصالحة الوطنية، وصياغة دستور جديد، وتقديمه للاستفتاء ثم تنظيم انتخابات وطنية. بطبيعة الحال، لم تنجح هذه الخطة المتفائلة.

في مايو/أيار 2018، عقدت فرنسا اجتماعًا للأطراف في باريس. ووافق السراج، ورئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة الأعلى في طرابلس، خالد المشري، وخليفة حفتر، على إجراء الانتخابات في 10 ديسمبر/كانون الأول، لكن إيطاليا قالت إن الظروف لم تكن ناضجة للانتخابات، وحاولت تمييع التحركات الفرنسية.

قبل باليرمو، قدّم غسان سلامة خطة جديدة لمجلس الأمن الدولي لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في الأسابيع الأولى من عام 2019، ثم الذهاب إلى الانتخابات في الربيع. انتهى مؤتمر باليرمو بالموافقة على خريطة الطريق هذه.

تقوم مصر بتطوير خطة لإنشاء جيش وطني تحت قيادة حفتر، وهذا من شأنه أن يتضمن تحركات لاستيعاب قطر وتركيا اللتين تربطهما علاقات قوية بالقوى في طرابلس ومصراتة.

اقرأ أيضًا: مؤتمر “باليرمو” حول ليبيا: مصر تضرب خطط تركيا وتصيبها بخيبة أمل!

عندما أطلقت تركيا مبادرات جديدة قبيل انعقاد مؤتمر باليرمو، في 5 و6 نوفمبر/تشرين الثاني، عقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس الأركان العامة ياسر غولر وإيشلر، اجتماعات في طرابلس ضمت السراج وخالد مشري ووزير الداخلية فتحي علي باشاغا. خالد المشري هو من بين قادة حزب العدالة والبناء المنتمي إلى الإخوان المسلمين، ويرتبط باشاغا بميليشيات مصراتة التي لها عداء دموي مع حفتر. خلال الزيارة، ناقش الطرفان مساهمة تركيا في  تشكيل الجيش الليبي، بما في ذلك تدريبها وتوحيد القوات العسكرية (الميليشيات) المتنافسة، كما تمّت مناقشة استثناءات التأشيرة.

يشير الدور الناشئ للجيش التركي إلى محاولة لتحقيق التوازن مع تحركات القاهرة لإنشاء جيش وطني. وقالت صحيفة الأهرام المصرية إن تركيا بدأت بتدريب قوات الميليشيا عن طريق إرسال وحدات من لواء ثوار طرابلس إلى تركيا للتدريب المتقدم.

في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، ذهب السراج، ووزير خارجية الوفاق الوطني محمد سيالة، ورئيس البنك المركزي صادق الكبير، ونائب وزير الصحة إلى إسطنبول. إردوغان التقى بالوفد، وناقش معهم جدول أعمال مؤتمر باليرمو، وإعادة إعمار البلاد، وعودة المقاولين الأتراك إلى ليبيا. وافقت تركيا جزئيًا على طلب ليبي للحصول على إعفاء من التأشيرة، وإلغاء متطلبات التأشيرة لليبيين الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة وأكبر من 65، لمواجهة حركة السفر المزدحمة بين طرابلس وإسطنبول.

ثم سافر خليفة حفتر في 7 نوفمبر/تشرين الثاني إلى موسكو لطلب الدعم الروسي، حيث التقى بوزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، ورئيس الأركان الجنرال فاليري غيراسيموف.

ومثلما كانت المنافسة تسخن وتشتد، يبدو انسحاب تركيا المفاجئ من باليرمو خطوة إلى الوراء، فهل سيؤثر هذا على قرار تركيا بإيجاد مكان في معادلة ليبيا؟ إن جهود إيطاليا لن تتجاوز الإعراب عن الدعم لخريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، في الوقت الذي لن تغير فيه تركيا من مسار الأحداث. وسيتم تحديد موقف تركيا في الواقع بناءً على موقفها من المصالحة بين الأطراف الليبية. وطالما استمرت الكتلة المصرية – السعودية – الإماراتية في دعم حفتر، فإن الطرف التركي سيستمر في التنقل بين طرابلس وإسطنبول دون أي احتمال فوري للتوصل إلى تسوية.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة