الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
هل انتهى تنظيم داعش من مرحلة إعادة التأسيس مجددًا؟

كيوبوست
بعد أقل من شهرَين على تنفيذ عملية استهداف زعيم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أبي بكر البغدادي، في سوريا، ثمة مؤشرات على محاولات التنظيم العودة مجددًا وترتيب أوراقه؛ خصوصًا في العراق، حسب ما ذكر لاهور طالباني، أحد أبرز مسؤولي مكافحة الإرهاب الأكراد، الذي أكد أن مسلحي التنظيم أصبحوا أكثر احترافية واستخدامًا للتكنولوجيا.

وأكد طالباني، الذي يشغل منصب رئيس وكالة “زانياري” المخابراتية الموجودة في كردستان العراق، في تصريح أدلى به إلى “بي بي سي”، أن التنظيم أصبح لديه أساليب أفضل وخط أفضل وأموال كثيرة تمكنه من شراء المركبات والأسلحة والطعام، مرجحًا أن تكون مرحلة إعادة بناء التنظيم في نسخته الجديدة قد انتهت؛ وهي مرحلة يهدف فيها ليس إلى السيطرة على الأراضي، ولكن للعمل تحت الأرض في الجبال على غرار تنظيم القاعدة.
اقرأ أيضًا: سيناريوهات ما بعد مقتل البغدادي
الباحث العراقي في شؤون الجماعات الجهادية المقيم بواشنطن عمر الراوي، قال خلال تعليقه لـ”كيوبوست”: “إن التنظيم لن يستطيع إعادة قوته مرة أخرى؛ خصوصًا في المناطق التي وقفت على الحياد بين الجيوش النظامية والتنظيم عند بداية المعركة بينهما قبل سنوات، فأبناء هذه المناطق لم يعودوا يتعاطفون مع التنظيم مطلقًا بل على العكس؛ وهذا الأمر شكَّل عنصرًا أساسيًّا في توسع تنظيم داعش”.

وأضاف الراوي أن الدعم المادي الذي كان يحصل عليه التنظيم ارتبط بالأراضي التي سيطر عليها، وكانت مصادر الطاقة موجودة فيها، وهذه المناطق أصبحت خارج سيطرته كاملةً، مشيرًا إلى أن تراجع عمليات التنظيم كانت نتيجة القوة الحاصلة في إعادة تنظيم الجيش العراقي.
وأشار الباحث العراقي في شؤون الجماعات الجهادية إلى أن تنظيم داعش له قيادات عديدة وهيكل تنظيمها لا يعتمد على القائد الأعلى للتنظيم بصورة أساسية؛ لكن في المقابل يعتبر أبو بكر البغدادي داعمًا معنويًّا ولا يصل إلى مستوى القائد العسكري، ومن هنا يمكن القول إن مقتله أو وجوده لا يمثل فرقًا في التأثير على التنظيم من الناحية العسكرية.
اقرأ أيضًا: الخطي لـ”كيوبوست”: لا ينبغي الفرح أكثر من اللازم بمقتل البغدادي
ولفت الراوي إلى أن توتر الأوضاع في العراق وانشغال الأجهزة الأمنية في وسط وجنوب العراق قلَّلا من الضغط على التنظيم؛ لكن هذا الأمر لا يرتقي إلى مستوى عودته في الفترة الحالية، نظرًا لامتلاك العراق أجهزة أمنية متعددة قادرة على إفشال أي مخطط، بينما في سوريا الوضع يختلف بسبب عدم قدرة الحكومة السورية على فرض نفوذها على جميع الأراضي السورية، مؤكدًا أنه لا يستبعد محاولة لجمع الجهاديين في كلٍّ من سوريا والعراق، مع الأخذ في الاعتبار أن الدعم الدولي الذي حصل عليه التنظيم في الماضي لم يعد موجودًا اليوم؛ وهذه المحاولة لن يكون تأثيرها كبيرًا كما حدث قبل سنوات.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان صلاح عبدالقادر، يقول في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن مسألة عودة قوة التنظيم أمر متوقع مع تغيُّر أسلوب العمل لديه؛ خصوصًا في ضوء المتغيرات التي فرضتها الساحة الدولية والإقليمية على الوضع بالأرض”، مشيرًا إلى أن الأزمة في الوقت الحالي هي كيفية تدمير قواعد التنظيم التي كونها خلال السنوات الماضية في سوريا والعراق وعدد من البلاد العربية.
اقرأ أيضًا: استغلال “الحُلم” الجهادي
وأضاف عبدالقادر أن الأزمة الراهنة مرتبطة باقتصار التعامل مع التنظيم على الجانب العسكري فقط وليس الجانب الفكري أيضًا، فالمتبقون من التنظيم يمكن تقسيمهم نظريًّا إلى فئتَين؛ الأولى تحلم بالخلافة نتيجة الأفكار والمعتقدات التي تم ترسيخها لديها، والثانية لديها رغبة في جمع الأموال لتحقيق مصالح ذاتية، مشيرًا إلى أن كل فئة يجب التعامل معها بشكل مختلف.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أنه على الرغم من تراجع أعداد المنضمين إلى “داعش” وغيره من التنظيمات؛ فإن الأعداد الموجودة بالتنظيم لا تزال كبيرة وتشكل تهديدًا على مجتمعاتها حتى لو عادت إليها ولم تنخرط في العمل المنظم والذي يتوقع أن ينتقل إلى أكثر من جهة، خصوصًا في غرب إفريقيا، مع تراجع قدرات الدول هناك على مواجهة الجماعات المسلحة، مشيرًا إلى أن الأزمة ليست مرتبطة بالوجود في سوريا والعراق فقط.
شاهد: فيديوغراف.. مصير أطفال ونساء متطرفي “داعش“
وأوضح عبدالقادر أن جزءًا من حل المشكلة في الوقت الحالي مرتبط بالجانب العسكري؛ وهو التحرك لمواجهة التنظيم في المناطق المتبقي فيها عناصره، وعلى أرض الواقع لا يوجد مَن لديه القدرة على القيام بهذا الأمر بشكل كامل ودقيق ومزود بأحدث الأسلحة، مشيرًا إلى أن استمرار الوضع بشكله الحالي سيجعل التنظيم ليس له وجود على مساحات شاسعة من الأراضي، كما كان قبل عامَين تقريبًا؛ لكن ستكون لديه القدرة على تنفيذ عمليات نوعية كبيرة تستهدف المصالح الغربية، سواء في الشرق الأوسط أو خارجه.