الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفة

هل العمل لساعات أقل يجعلنا أكثر تعاسة؟

كيوبوست- ترجمات

أليسون شراجر

وفقاً لأليسون شراجر، الزميل الأول في “بلومبيرج”، فإن العديد من العاملين يأملون في أن يكون الدوام الأسبوعي أربعة أيام فقط؛ وهي أمنية تعد درباً من الخيال في ضوء أننا واقعياً نعمل بالفعل أقل من الأجيال السابقة وإن كنا نشعر بمزيد من الإرهاق. ولا عجب إذن في تحمس العديدين لدراسة حديثة أُجريت في المملكة المتحدة تظهر نتائجها أن الشركات التي خفَّضت ساعات العمل الأسبوعية بنسبة 20% (أسبوع عمل لمدة أربعة أيام) لديها موظفون أكثر سعادة دون خسارة الإيرادات.

الرغبة في العمل أقل أمر قديم قدم العمل نفسه. في عام 1928، تنبأ الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز، بأن أحفاده سيحتاجون فقط إلى العمل لمدة 15 ساعة في الأسبوع؛ لأن التكنولوجيا ستؤدي المزيد من وظائفنا نيابةً عنا. ولا شك أن التكنولوجيا جعلت العمالة أكثر إنتاجية، وأحدث مثال على ذلك التكنولوجيا التي اعتمدناها أثناء جائحة كورونا؛ حيث أتاحت لمزيد من الأشخاص العمل من المنزل، ما وفر الوقت الذي يضيع في التنقل والاستعداد للذهاب إلى العمل.

الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز

وتعتبر شراجر أن مثل هذه الأمنية، العمل لمدة أربعة أيام أسبوعياً، قد تلائم أصحاب الدخل الأعلى؛ فهم الذين يستطيعون تحمُّل تكاليف العمل لساعات أقل. لكن هذا ليس واقعياً وملائماً لباقي أجزاء عجلة الاقتصاد. فلن يرغب بالتأكيد الأشخاص الذين يعملون بالساعة، الذين يكسبون أقل، في تقليل ساعات عملهم بنسبة 20% في الأسبوع. وربما لا يستطيع معظم العمال بمرتبات ثابتة خفض وقت عملهم بهذا القدر أيضاً.

إضافة إلى ذلك، فإن العمل لأربعة أيام في الأسبوع سيضر بالاقتصاد. صحيح أن التكنولوجيا تجعلنا أكثر إنتاجية؛ ولكن من غير المحتمل أن تكون المكاسب المتحققة من استخدام التكنولوجيا كافية للتعويض عن عمل أقل بنسبة 20%. تشير دراسة المملكة المتحدة إلى أن هذا ممكن؛ لكن الدراسة كانت صغيرة إلى حد ما، و88% من الشركات التي شاركت في الدراسة تعمل في مجال التسويق أو الخدمات المهنية أو الإدارة أو المنظمات غير الربحية؛ إنها لا تنطبق على الاقتصاد الأكبر. بالنسبة إلى معظم الوظائف؛ العمل الأقل بكثير يعني إنتاجاً أقل، ما يعني عدداً أقل من السلع والخدمات. إنه يفاقم نقص العمالة ويزيد من التضخم؛ ما يجعل الجميع أكثر فقراً.

اقرأ أيضًا: الإمارات.. رابع أفضل مكان في العالم للعيش والعمل

الغريب أن هناك اتجاهاً حقيقياً يشير إلى وجود أشخاص يعملون أقل ولا يزالون يشعرون بالإرهاق. السؤال هو: لماذا يشعر المزيد من الأشخاص بالإنهاك إذا كانوا يعملون أقل ولديهم وقت فراغ أكثر من الأجيال السابقة؟ قد تكمن الإجابة ربما في أننا لا نحصل على استراحة حقيقية؛ فنحن نقضي وقت فراغنا في التحديق في الشاشات وألعاب الفيديو التي ترفع مستويات الأدرينالين، ووقتاً أقل في القراءة، أو قضاء الوقت مع أشخاص في مجتمعنا. هذه الاتجاهات ترتبط بمزيد من القلق والتعاسة للمراهقين والبالغين، على حد سواء.

ربما تكون الطريقة التي نقضي بها أوقاتنا خلال فترات الراحة والعطلات الأسبوعية هي ما يرهقنا، وليس عدد الساعات التي نعمل فيها بالفعل. وقد يؤدِّي العمل من المنزل إلى تفاقم الأمر. ففي حين أننا نوفر الوقت وقد نكون أكثر إنتاجية؛ فإننا نقضي وقتاً أكبر على الشاشات وحدنا. وهذه مفارقة من نواحٍ كثيرة. توقَّع كينز أن تحررنا التكنولوجيا من العمل. وبالفعل، التكنولوجيا ساعدتنا على العمل لوقت أقل ومنحتنا وقت فراغ أكبر؛ لكنها أيضاً جعلتنا نشعر بمزيد من الإرهاق والتعاسة.

♦الزميل الأول في “بلومبيرج”

المصدر: بلومبيرج

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات