الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
هل ألحقت موسكو الهزيمة بواشنطن في الشرق الأوسط؟
قمة سوتشي كانت بديلًا سياسيًا للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة

خاص كيو بوست –
أبرز كتاب وسياسيون أمريكيون مؤخرًا معالم ما أسموه هزيمة الولايات المتحدة أمام روسيا في الصراع على تسيير الشرق الأوسط لخدمة المصالح الاستراتيجية، بين القوتين العظميين.
في أعقاب النجاح الروسي في استمالة تركيا لصالح سياسات موسكو تجاه الأزمة السورية من جانب، وتزايد نفوذ طهران (الحليفة لروسيا) في الدول الثلاث: لبنان وسوريا والعراق من جانب آخر، يبدو أن الساحة باتت مفتوحة أمام الروس، بعكس واشنطن التي راهنت على المعارضة السورية ودول الخليج، لكنها لم تنجح.
يقول الكاتب الصحفي الأمريكي باتريك لورانس إن “لقاء بوتين والأسد يعني الكثير بالنسبة لروسيا وشريكتها سوريا، التي شارفت الحرب فيها على النهاية. هناك صعوبات أخرى ستصطدم بها سوريا إلا أنها تبقى أسهل من كل صعوبات الحرب ونتائجها”.

وقبل اللقاء الثنائي بين الأسد وبوتين الذي جاء في أعقاب حسم النظام السوري معارك فاصلة في الأزمة السورية، آخرها طرد تنظيم داعش نهائيًا من مدينة دير الزُّور الاستراتيجية، كان قد عقد لقاء ثلاثي بين إيران وتركيا وروسيا من أجل رسم تصور لشكل التحالفات الجديدة بما يتعلق بمسار الحل السياسي للأزمة السورية.
“اللقاء الثلاثي الأخير بين روسيا وتركيا وإيران مهم بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فمن الناحية الدلالية يمكن أن نلخص اللقاء بأنه بديل سياسي للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة التي كانت تعتمد على إسرائيل ودول شرق أوسطية أخرى”، هكذا قال الصحفي الأمريكي لورانس.
وأضاف أن “الولايات المتحدة الأمريكية خسرت في سوريا، وعليها إيجاد سبل واستراتيجيات جديدة للمنطقة”.
ومن الواضح أن السعودية التي تعتبر من ضمن حلف واشنطن في المنطقة، بدأت كما يبدو ترى في روسيا حليفًا بديلًا أكثر نجاعة. يظهر ذلك جليًا في الاتفاقات العسكرية التي تخللت زيارة الأمير محمد بن سلمان التاريخية لموسكو مؤخرًا.
مراهنة غير محسومة على الأكراد
يرى المتتبع لمسار التغيرات على الأرض في سوريا تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة للمعارضة السورية التي هي الأخرى باتت تحت حاضنة تركيا التي تنظر بعين إلى الحل السياسي، وبعين أخرى إلى النفوذ الكردي في سوريا.
في المقابل فإن السيطرة الكردية التي تصل ل24% من الأرض السورية تبدو ورقة أخيرة في يد واشنطن.

وللإشارة إلى سطوة روسيا وحلفائها، يستدل الكاتب الأمريكي دينيس روس، مساعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، في مقالة بعنوان “ثمن خذلان الأكراد”، بما جرى مؤخّرًا في شمال العراق عقب استفتاء إقليم كردستان، “من تدخّلٍ واضح للإيرانيين والميليشيات الشيعية، وقيام الجيش العراقي هناك بطرد القوات الكردية من كركوك، بما في ذلك من حقول النفط، دافعًا إياها إلى العودة إلى المواقع التي كانت تشغلها قبل سيطرة تنظيم “داعش” على الموصل في عام 2014، إضافة إلى انتزاع نقاط العبور إلى سوريا من الأكراد”.
ويضيف الكاتب في وصفه للخسارات الأمريكية في الشرق الأوسط أنه بعد عقود من الدعم والتحالف الذي أبدته واشنطن تجاه الأكراد فإنها تقف اليوم وقفة متفرج تجاه إرغامهم بالقوة على التراجع عن الاستفتاء، على عكس الروس “الذين وقفوا إلى جانب نظام الأسد وأمّنوا حمايته”، وهي رسالة اعتبرها أشد وطأة من عدم فاعلية تهديدات الرئيس ترامب لإيران.
“وليس من المفاجئ أن يزور الملك السعودي مؤخرًا موسكو للمرة الأولى في تاريخ السعودية، فلا شك في أنه ذهب “لتأمين نفسه من الجهتين” آخذًا في الحسبان الدور الروسي الجديد في المنطقة”، يقول روس.
تدير روسيا اليوم تحالفات ناجحة في الشرق الأوسط، وتتدخل بشكل مؤثر وفاعل على خطوط أزماته. “لقد أصبح الجميع في المنطقة يعلمون الآن أنه إذا بات أمنهم مهدّدًا، ستشكّل موسكو الملجأ المناسب للبحث عن العون. حتى أن الإسرائيليين يفهمون ذلك، فقد قيل لي: “انظر كم مرّة توجه نتنياهو إلى موسكو”، يتابع روس.
في المقابل فإن الولايات المتحدة لم تتخذ أي خطوة فاعلة على صعيد تهديداتها لإيران منذ تسلم دونالد ترامب زمام الحكم في البيت الأبيض، وما سبقه من دعاية انتخابية.
ويشير روس إلى ما أسماه الهوّة بين أقوال أمريكا وأفعالها في المنطقة، مذكرًا بمقولة لزميل له مفادها: “على الأقل أخبرنا أوباما أنّه لن يُقدِم على فعل أي شيء”.
ومنذ بدء الأزمة السورية وقفت واشنطن وموسكو على طرفي نقيض، لكن ذلك لم يمنع من التنسيق بينهما في بعض المسائل. إلا أنه ومنذ وصول ترامب إلى سدة الحكم بدا أن تقاربًا في العلاقة بين الطرفين يظهر للعلن. هذا التقارب يبدو من وجهة نظر مراقبين من طرف واحد – طرف ترامب، لذا فإنه أعطى لروسيا حرية التحكم في الشرق الأوسط على طبق من ذهب.