الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
هل أصبح العراق جبهة جديدة في الحرب بين إسرائيل وإيران؟

كيوبوست
اهتمت صحيفة هارتس الإسرائيلية في مقال تحليلي للكاتب زافي بريل بردود الفعل العراقية على عمليات نوعية نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي العراقية الشهر الماضي استهدفت بالأساس مواقع عسكرية تابعة لإيران في محافظتي ديالي وصلاح الدين وسط صمت عراقي على المستوى الحكومي واعتراف إسرائيلي معلن بتنفيذ العملية، مؤكدة على أن العراق يجب أن تكون فهمت الرسالة من وراء الغارات الإسرائيلية وأن حكومتها إن لم توقف التغلغل العسكري الإيراني داخل أراضيها قد تصبح مسرح لحرب دولية.
وأبرزت الصحيفة الإسرائيلية ما نشر في موقع فرونت بيج الإيراني عن الصمت العراقي الذي وصف بأنه “يثير الدهشة” بحسب الصحافي الإيراني على موسوي الذي نقل إعراب 80 نائباً في البرلمان العراقي عن احباطهم من رد الفعل الحكومي وحثهم على إدانة التصرف الإسرائيلي بشكل أو بأخر، بوقت تذكر الصحفيون العراقيون تصريحات رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي التي اقسم فيها بأن بلاده لن تتحول لمنصة لإطلاق الهجمات على إيران ذكروا أيضاً تصريحات سفير العراق في واشنطن فريد ياسين الذي رأى أن هناك أسباب موضوعية قد تتطلب تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

في تصريحات عبد المهدي وياسين السابقة ترى الصحيفة تساؤلات مشروعة في مقدمتها هل العراق أصبح جبهة إسرائيلية جديدة في الحرب بين اسرائيل وإيران أم أن العراق حليف خفي لإسرائيل؟، حتى لو لم يكن هناك إجابة واضحة على التساؤل، فإن الصحيفة ترى في تصريحات دبلوماسيون أوروبيون أن اللقاءات السرية التي تعقد بين الاسرائيليين ومسؤولين في الحكومة العراقية والتي عقدت بعضها في اسرائيل دليل على التقارب بوقت ذكر فيه الموقع الإيراني فرونت بيج أن زيارات نادية مراد الحاصلة على جائزة نوبل للسلام العام الماضي ولمياء بشار الحاصلة على جائزة ساخاروف 2016 بالإضافة إلى 3 وفود عراقية لإسرائيل دليل على أن العراق يحتفظ بعلاقات طيبة مع إسرائيل.
اقرأ أيضاً: هل يخترق “الموساد” الإسرائيلي إيران بالفعل؟
يناقش التحليل تساؤل آخر ليس له إجابة حتى الآن، وفق المعلومات المتوفرة عن الغارات الإسرائيلية بالأراضي العراقية فإن تنفيذها جرى من خلال طائرات من طراز F-35 والتي تعمل في وضع متخفي بدون خزانات وقود خارجية، وهذه الطائرات لم تكن تستطع الوصول من إسرائيل للعراق بدون التزود بالوقود في الجو، ومن ثم يثور التساؤل عن الطريق الذي سلكته هذه الطائرات.
يفترض أن تكون الطائرات قد تحركت عبر المجال الجوي السوري والعراقي، وفي هذه الحالة كان يفترض أن يعترضها الرادار الروسي والسوري إذ لم تكن في وضع التخفي، ولو كانت طائرات إسرائيلية، فمن الأرجح أنها لم تكن تحلق عبر الأردن الذي لن يسمح أبداً بمثل هذه الخطوة التي تنتهك سيادته وتزيد من توتر العلاقات المتوترة بالأساس بين البلدين، لذا ليس هناك خيار آخر سوى الطيران فوق سوريا.
التساؤل الآخر في الغرض من الهجوم، والذى يرى كاتب المقال أنه لا يوجد شئ جديد به غير وجود صواريخ زلزال وفتح 110 الإيرانية والتي يصل مداها ما بين 200 و700 كم أي انها قادرة على الوصول إلى إسرائيل، وهنا يذكر المقال بما نقلته وكالة رويترز في تقرير لها خلال أغسطس/ أب 2018 من أن إيران ظلت لعدة أشهر تنقل عشرات الصواريخ إلى العراق، كما استأنفت عملياتها في مصانع الصواريخ بثلاث مواقع ويعود تاريخ هذه المصانع لعهد صدام حسين لكن جرى احيائها مجدداً قبل 3 سنوات، فيما طالب في مايو/ أيار الماضي وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من رئيس الوزراء العراقي التوقف عن السماح لإيران بإحضار صواريخ إلى البلاد وإزالة الصواريخ الإيرانية الموجودة بالفعل هناك مؤكداً على أن بلاده ستتخذ إجراءات ضدهم إذا لم تقم العراق بإزالتهم من أراضيها.

اقرأ أيضاً: العراق يسعى للصلح كي لا يكون حطب الحرب
يرجع المحلل الإسرائيلي تأخر اسرائيل عن مهاجمة هذه الصواريخ حتى الآن انتظاراً للتفويض الأمريكي الذي اعتبر أنه حدث بالفعل بعد الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقوات الأمريكية بالعراق نهاية العام الماضي عندما أكد أن اسرائيل تقوم بجهود رائعة في الدفاع عن نفسها، وهو الرد الذي استخدمه للدفاع عن قراره بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا بوقت كان يقول البعض أن هذا القرار يمكن أن يعرض أمن إسرائيل للخطر.
يربط الكاتب بين زيارة بومبيو للعراق وطلبه إزالة الصواريخ والهجوم، ففي الوقت الذي لا تريد الولايات المتحدة أن ينظر إليها بأنها تهاجم إيران إلا أن الضربات على مخزون السلاح الإيراني في العراق لن يقلقها، لكنه يفسر تحرك بومبيو باعتباره طلباً أمريكيا من إسرائيل للسماح لواشنطن بتجربة الضغوط الدبلوماسية قبل اللجوء إلى العمل العسكري الذي وقع بالفعل الشهر الماضي.
تأكيدات الحكومة العراقية بأنها ليست طرفاً في الحرب بين واشنطن وطهران ورفضها العقوبات الأمريكية على ايران، لم تجعلها تغرد بعيداً عن السرب، فالحكومة العراقية التزمت بالمطالب الأمريكية وطلبت من جميع أعضاء الميليشيات الشيعية بالانضمام إلى قوات الأمن العراقية بحلول نهاية الشهر الماضي تنفيذا لقرار اتخذ في عام 2016 بإخضاع الميليشيات للسيطرة العراقية الكاملة، لكن هذا الإجراء على الرغم من الترحيب الأمريكي به لا يمكن تطبيقه من الناحية العملية، وستبقى المليشيات موالية لإيران وإذا لزم الأمر، سوف يأخذون أوامرهم من طهران، حتى لو كان يعني ذلك التعارض مع القيادة العراقية.

ويرى الكاتب أن الطلب من العراق بوقف شراء الكهرباء والغاز من إيران غير ممكن، لأن العراق يعاني من نقص مزمن في الطاقة، خاصة في المناطق الجنوبية، ويعتمد في امتدادات الكهرباء على إيران، وخاصة في البصرة، وأجزاء أخرى في العراق مشيراً إلى أن أي شخص يهتم باستقرار الحكومة العراقية لا يمكن أن يتوقع من العراق أن تقوم بوقف امتدادات الطاقة من إيران، لأن هذا الأمر سيكون له انعكاسات داخلية.
اقرأ أيضاً: هل نجحت قمة وارسو في تشكيل تحالف دولي لردع السلوك الإيراني؟
ويشير الكاتب إلى قوة العلاقات الاقتصادية بين بغداد وطهران، حيث يصل حجم التبال التجاري الثنائي إلى 12 مليار دولار سنوياً نظراً إلى استيراد العراق معظم السلع الاستهلاكية من إيران أو تركيا وسط سعي من البلدين لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار، وهي الخطوة التي تم تعزيزها بالاتفاق الموقع الأسبوع الماضي بين البلدين من أجل فتح بورصة مشتركة للسلع وانشاء صناديق استثمار مشتركة.