الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

هكذا استغلت جماعات الإسلام السياسي منابر المساجد

كيف يرى الإسلاميون المساجد؟ وكيف يوظفونها سياسيًا؟

كيو بوست –

لم تكن ظاهرة استغلال المساجد من جماعات الإسلام السياسي أمرًا جديدًا في التاريخ العربي الإسلامي الحديث والمعاصر؛ فلطالما كانت المساجد المكان الذي يروج فيه عناصر الجماعات المتطرفة أفكارهم، وترويجها، خصوصًا بين الشباب.

كانت المساجد بالنسبة لتلك الجماعات، مكانًا خصبًا لتربية وتنشئة أجيال جديدة من حملة الأفكار المتطرفة، على اعتبار أن رواد المساجد من الشباب يحملون في عقليتهم مبادئ الالتزام الديني، التي تعتبر مقدمة لخلط مفاهيم السياسة التي تحملها تلك الجماعات، بالدين ومبادئه.

اقرأ أيضًا: علاقة الإسلام السياسي بالديمقراطية: تنافر في مصر، ومحاولات بائسة في تونس

 

توطئة

كانت المساجد عنصرًا أساسيًا في التعبئة الدينية والدعوية، في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وردت أقوال كثيرة حول انطلاق الغزوات الإسلامية من المساجد، باتجاه أراضي المعارك.

حاولت جماعات الإسلام السياسي، وجماعات الإسلام المتطرف محاكاة ذلك، لكن من منطلق أن الإحجام الجماهيري عن أفكارها قد يتقلص داخل المساجد، تلك التي يتواجد بها أشخاص مقربون من الأفكار الدينية.

لقد حاولت تلك الجماعات توظيف المساجد سياسيًا عبر حشد المصلين فيها لصالح أيديولوجيات متطرفة، باعتبار أن العالم الغربي “الكافر” يشن حربًا ممنهجة ضد الإسلام، وأن مؤامراته تستهدف الدين بحد ذاته، وتستهدف تفكيكه من نفوس المسلمين.

اقرأ أيضًا: كيف استنسخت حركات الإسلام السياسي نظرية المؤامرة النازية؟

ورغم أن هذا الكلام غير مثبت علميًا، إذ لا توجد أدلة تثبت ذلك، إلا أن تلك الجماعات غذّته عن طريق اختلاق قصص وأحداث تثبت ذلك، وقامت بتداولها على أنها حقائق علمية مؤكدة، رغم صعوبة التحقق من مصداقيتها. وهكذا، واصلت الجماعات المتطرفة، خصوصًا في مصر وتونس وسوريا، توظيف المساجد كمنابر دعوة وتحريض للـ”جهاد” ضد الحكومات والشعوب.

 

مصر

في مصر، عملت جماعة الإخوان المسلمين، وجماعات السلفية الجهادية، على استخدام منابر المساجد كمنصات للوصول إلى العامة، وكمكان لانطلاق عمليات التحريض على النظام. ولعلنا نذكر جميعًا قضية ميدان رابعة العدوية وما حوله من مساجد، التي استخدمتها جماعة الإخوان المسلمين من أجل تحريض الشارع على ارتكاب أعمال عدوانية، خصوصًا ضد معادي الجماعة، ومن لا يحملون أفكارها.

وفي فترة أوائل التسعينيات، اقتحمت قوات الأمن المصرية قرابة 40 مسجدًا كانت تستخدم كمنصات ترويجية لصالح الجماعة. وقد ردت الجماعة حينها بأن الحكومة المصرية تنتهك حرمات المساجد، الأمر الذي يعتبره مراقبون أسلوبًا دائمًا للجماعة، تحاول من خلاله الاختباء وراء ستار الدين، ووراء حرمة المساجد.

كما حاولت تلك الجماعة استغلال هذا الأمر من أجل إظهار نفسها كمدافع عن حرمات الله في المساجد، فيما قامت بتصوير قوات الأمن على أنها قوات تتعدى على بيوت الله، التي لا يجوز انتهاك قداستها.

وتجاهلت الحركة أن دعواتها التحريضية من داخل المساجد كانت سببًا في مقتل عشرات الأشخاص، بين مسلم ومسيحي، لمجرد مخالفتهم عقيدة الجماعة.

اقرأ أيضًا: هكذا يتم استخدام الدين في خدمة الأغراض السياسية

 

تونس

في تونس، كان الأمر مماثلًا بعض الشيء، فقد روجت جماعات إسلامية من داخل المساجد، لفكرة الجهاد في أفغانستان، ثم في سوريا حديثًا. وعلى إثر ذلك، انتقل آلاف التونسيين من بلدهم إلى أفغانستان وسوريا، بحجة نصرة المظلوم.

وبالنظر إلى الحالة السورية، كانت تونس من بين أكثر الدول التي أرسلت مقاتلين منها إلى جماعات متطرفة، كداعش والقاعدة. وقدرت تقارير إعلامية أعداد التونسيين الذين انضموا لتنظيم داعش لوحده بقرابة 6000 مقاتل.

من ناحية ثانية، سلطت تقارير إعلامية مؤخرًا الضوء على محاولة حركة النهضة استغلال أئمة وخطباء المساجد في الانتخابات البلدية القادمة، محاولة عبر ذلك أن تستفيد من منابر المساجد في حشد الدعم والتأييد الشعبي لصالح برامجها الانتخابية.

وزارة الشّـؤون الدّينية تدعو إلى تحييد المساجد عن التوظيف. بمناسبة تنظيم الانتخابات البلديّة خلال شهر ماي 2018 وتطبيقا…

Posted by Ministère des affaires religieuses Tunisie on Thursday, February 15, 2018

 

سوريا

استغلت حركات الإسلام السياسي في سوريا منابر المساجد من أجل التحريض على الدخول في الصراع الدموي الدائر منذ أكثر من 7 سنوات. وقد استخدمت معظم الجماعات المقاتلة هناك المساجد من أجل الدعوة إلى الجهاد، بعضها ضد “الكافر” بشار الأسد، وبعضها ضد “الجماعات المرتدة” الأخرى، التي تقاتل في صفوف المعارضة.

وهكذا، أصبحت معظم الجماعات الإسلامية في سوريا تقاتل ضد بعضها، ضمن دوامة عنف لا يتوقع لها أن تنتهي قريبًا، فيما تتناثر الدماء من الجوانب كافة!

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة