الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

هجمات إيران السيبرانية تفضح مخططاتها في ألبانيا  

طهران فشلت في اختراق ألبانيا على مدى سنوات لجرها إلى مستنقع الطائفية الذي تقتات عليه في سياساتها

كيوبوست

كشف قرار ألبانيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وطرد دبلوماسييها م   البلاد إثر هجمات إلكترونية نفذتها الأخيرة، عن جبل الجليد المتراكم من التوتر في العلاقة بين البلدَين. ورغم أن المذهب الشيعي يعد عاملاً مشتركاً بينهما؛ فإن تيرانا تتخذ من العلمانية نظاماً للحكم والتعايش بين جميع مكونات الشعب، عكس طهران التي تغذِّي الصراعات المذهبية في المنطقة العربية.

اقرأ أيضاً: التصعيد في غزة.. هل من دور لإيران في افتعال الأزمة؟

وأعلنت ألبانيا، الأربعاء الماضي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران. وقال رئيس وزرائها إيدي راما: إن إيران هي المسؤولة عن هجوم إلكتروني استهدف بلاده في يوليو، وهدد بشل الخدمات العامة ومحو الأنظمة الرقمية واختراق سجلات الدولة وسرقة المراسلات الإلكترونية الداخلية الحكومية، وإثارة الفوضى والانفلات الأمني في البلاد.

رئيس الوزراء الألباني إيدي راما

وتوالت المواقف الدولية المنددة بالقرصنة الإيرانية، واستهدافها المتكرر لألبانيا التي تحتضن رموز معارضي النظام الإيراني؛ وعلى رأسهم منظمة مجاهدي خلق. وأعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، فرض عقوبات على وزارة المخابرات والأمن الإيرانية ووزيرها إسماعيل خطيب؛ بسبب صلتهما بالهجوم الإلكتروني الذي استهدف ألبانيا، فضلاً عن الضلوع في أنشطة اختراق إلكتروني عبر الإنترنت ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

وقال نائب وزيرة الخزانة الأمريكية، براين نلسون: إن الهجوم يتجاهل قواعد سلوك الدولة المسؤول في أوقات السلم في الفضاء الإلكتروني، والتي تشمل الامتناع عن الإضرار بالبنى التحتية الحيوية التي توفر خدمات للعامة.

وزارة الخارجية السعودية

من جهتها، أدانت المملكة العربية السعودية الهجمات الإرهابية الإلكترونية التي تعرضت إليها ألبانيا واستهدفت البنية التحتية الرقمية. وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”، تأكيد وزارة الخارجية دعمها وتضامنها مع ألبانيا في ما اتخذته من إجراءات لحماية أمنها السيبراني.

اقرأ أيضاً: هل أدخلت إيران العراق في حرب أهلية؟

وقال الباحث في الشأن الإيراني الدكتور علاء السعيد، إن القرصنة السيبرانية بكل بساطة هي عملية دخول غير مشروع على أجهزة حاسوب مرتبطة بالشبكة العنكبوتية؛ بغرض التخريب أو التجسس أو الحصول على فدية، واستخدام القرصنة السيبرانية في أغلب الحالات من أجل التجسس والحصول على معلومات، وفي بعض الأحيان التخريب أو الحصول على أوراق ضغط تستخدمها ضد الدول أو المؤسسات التي تقوم باختراقها.

“مجاهدي خلق”

علاء السعيد

وأضاف السعيد، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن ألبانيا من الدول المستهدفة لإيران في هذا المجال؛ نظراً لإيواء ألبانيا أعضاء من منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني، والتي كان مقرراً لها عقد مؤتمر دولي يضم كل القوى المعارضة لإيران في شهر يوليو الماضي على أرض ألبانيا؛ ولكن أعلنت السلطات الألبانية إلغاء المؤتمر لدواعٍ أمنية.

وتابع: تم اكتشاف أمر تلك الهجمات السيبرانية الإيرانية على ألبانيا، من أجل الحصول على معلومات ومراسلات الحكومة الألبانية مع قيادات “مجاهدي خلق” المعارضة للنظام الإيراني في يوليو الماضي، ومن هنا بدأت الأزمة التي وصلت إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدَين.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

وأوضح السعيد أنه حتى الآن لا يوجد نظام دولي يُعاقب الدول التي تقوم بتلك القرصنة السيبرانية، وإذا ثبت فعلاً تورط أفراد في هذه العمليات، تتم محاسبتهم؛ لأن قواعد القانون الدولي موضوعة قبل ظهور مصطلح القرصنة الإلكترونية، وإن كانت هناك هجمات تستهدف المدنيين؛ خصوصاً عند محو بيانات إنسانية أو تعريض حياة المدنيين للخطر، فهذا أمر يرقى إلى جرائم الحرب.

اقرأ أيضاً: سياسة الاغتيالات الإيرانية في الولايات المتحدة.. التاريخ يعيد نفسه!

وأشار إلى أن قيام إيران بتلك الهجمات لا يزيد ولا ينقص من كونها دولة مارقة، خارجة عن كل النظم العالمية، ولا تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية، والتي سبق وخالفتها في كل أمورها وأفعالها بمباركة المرشد الأعلى لإيران.

توتر دائم

ميار شحادة

من ناحيته، قال المحلل السياسي الأردني- الألماني ميار شحادة: إن التوتر وسوء العلاقات بين ألبانيا وإيران يُنظر إليهما على أنهما قديمان، ولم يتوقفا منذ مجيء نظام الملالي نهاية السبعينيات، حتى وصل الأمر إلى قطع العلاقات نهائياً بعد الهجوم السيبراني الإيراني الأخير الذي كشفت عنه الحكومة الألبانية.

وأضاف شحادة، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن إيران حاولت استغلال فترة حروب البلقان بين البوسنة والهرسك وصربيا في التسعينيات؛ لكنها فشلت، حيث كانت هذه الحروب صراعات دينية وليست حروباً طائفية ومذهبية من النوع الذي تستطيع إيران التدخل والتأثير فيه.

اقرأ أيضاً: الثورة الإيرانية وحزب الله: تهديد عالمي مستمر

وأشار إلى أن إيران حاولت مراراً أن تحصل على موضع قدم داخل ألبانيا؛ الدولة التي تعتبر على عتبة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والعضو الفاعل في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، لكن دون جدوى، فالأخيرة ورغم انحدار عديد من سكانها من منطقة آسيا الوسطى والروابط الثقافية والتاريخية مع إيران؛ فإنها ترفض بشكل قاطع فكرة الشحن الطائفي، وأفشلت جهود طهران في تصدير الثورة الإسلامية الشيعية إلى أراضيها.

رئيسة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية مريم رجوي

وتابع شحادة: إن إيران تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة؛ بسبب خسائرها المتتالية من بيع النفط في السوق السوداء، وكذلك تراجع تجارة المخدرات والأسلحة بعد تضييق الخناق عليها في دول الخليج والأردن وسيناء المصرية، ومن مصلحتها إقامة علاقات وطيدة مع دولة مثل ألبانيا؛ لكن علاقات الأخيرة مع إسرائيل، واستضافتها منظمة مجاهدي خلق المعروفة بعدائها للملالي، أفشلت أي سبل لخلق هذه العلاقات.

اقرأ أيضاً: كيف تتورط إيران وأمراء الحرب في إغراق اليمن بالسلاح والجريمة؟

واستطرد: ألبانيا دولة مؤسساتية، ولديها أغلبية مسلمة على المذهب الشيعي؛ لكنها تتخذ من العلمانية نهجاً للحكم والإدارة، ولا تلتفت إلى الأمور الطائفية؛ مثلها في ذلك مثل كوسوفو والبوسنة والهرسك، وباعتبارها دولة مسلمة عضواً في الناتو وتدعم “مجاهدي خلق” ضد نظام الملالي في إيران، فإنها تقول للعالم إنها تستضيف البديل حال سقوط ولاية الفقيه في طهران.

تدعم إيران ميليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن

وفي مقارنة سريعة، قال شحادة: إن إيران تدعم المجموعات المسلحة المارقة في المنطقة العربية؛ مثل “حزب الله” وحركة الجهاد الإسلامي وجماعة الحوثي والكتائب الشيعية في العراق؛ لأن هذه المجتمعات يسهل اختراقها عبر اللعب على الوتر الطائفي، وهو العامل الغائب في حالة دول أوروبا المسلمة، لافتاً إلى أن اتخاذ المعارضة الإيرانية في الخارج ألبانيا وجهة لها لا يأتي من فراغ، فجميع الملل والمذاهب تعيش في تناغم وانسجام داخل هذه الدولة التي تغيب عنها أموال الإخوان المسلمين، وأسلحة إيران.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة