الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
نوايا الحوثيين المبيتة في الحديدة قد تفشل اتفاق السويد لحل الأزمة اليمنية
الاتفاق خطوة مهمة في طريق السلام وحل الصراع

كيو بوست –
بعد مشاورات استمرت أسبوعًا في العاصمة السويدية ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الخميس، التوصل إلى اتفاقات عدة خلال المشاورات الخاصة بالأزمة المستمرة منذ نحو 4 سنوات، كان أبرزها اتفاقًا بشأن مدينة الحديدة -غربي اليمن- ومينائها، يتضمن وقفًا كاملًا لإطلاق النار، وانسحابًا عسكريًا بإخراج القوات من الميناء، وتولي الأمم المتحدة دور مراقبة الميناء، بينما ستشرف قوى محلية على النظام في المدينة.
اقرأ أيضًا: الصحافة الدولية تبدي تشاؤمًا حول محادثات ستوكهولم بشأن اليمن.. للأسباب التالية
ورغم أن هذا الاتفاق -الذي يعكس نجاح الضغط العسكري الذي مارسته قوات التحالف العربي والقوات اليمنية على الحوثيين في الحديدة خلال الشهور الأخيرة- يعتبر إنجازًا؛ لأنه يقضي بانسحاب الحوثيين للمرة الأولى منذ الانقلاب على الحكومة الشرعية، مما يعني إبقاء الحديدة ممرًا آمنًا للمساعدات الإنسانية، ويشكل خطوة مهمة في طريق انفراج الأزمة اليمنية نحو السلام وحل الصراع، إلا أنه يبقى مرهونًا بالتزام الحوثيين فيه وعدم تراجعهم عما اتفق عليه.
ويرى المحللون أن الاتفاقات التي جرى التوصل إليها هي الأهم منذ بداية الأزمة اليمنية، لكن تنفيذها على الأرض تعترضه صعوبات كبيرة، كما يدرك اليمنيون أن التفاهمات هذه تبقى هشّة بعد أربعة سنوات من الحرب وانعدام الثقة بين أطراف النزاع، ويخشون من انهيارها في أية لحظة.
وقال الكاتب الإماراتي علي العمودي في تصريحات خاصة إلى “كيو بوست”: “إن الاتفاق خطوة مهمة للغاية، ونأمل -على الرغم من التاريخ الطويل للحوثيين في نقض العهود والاتفاقيات- أن ينجح الاتفاق وأن يكون التزام الحوثيين في تنفيذ بنوده حقيقيًا، بالأخص فيما يتعلق بتسليم ميناء الحديدة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية ووصولها للمناطق الشمالية والساحل الغربي، وضمان عدم استخدامها في تهريب الأسلحة الإيرانية، والعودة للمسار السياسي والسلمي لحل الأزمة وإنهاء الحرب وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح المعتقلين لدى الميليشيات، ونأمل أن تكون بالفعل أول الطريق لإنهاء هذه الحرب التي تسبب بها الحوثيون وأدت إلى أسوأ مأساة إنسانية تشهدها اليمن في تاريخها، جالبةً معها أمراضًا وأوبئة ومجاعة فتكت بمئات اليمنيين، بالأخص من النساء والأطفال والمسنين، بالإضافة إلى ما خلفته الحرب من آلاف القتلى منذ أكثر من أربعة سنوات”.
اقرأ أيضًا: صحف دولية تشكك بنية الحوثي وقف إطلاق النار في اليمن
في المقابل، أكدت المملكة العربية السعودية التي تقود قوات التحالف العربي التزامها بالوصول إلى الحل السياسي في اليمن، بما يضمن أمنه واستقراره وسلامة أراضيه، إذ رحبت وزارة خارجيتها في بيان رسمي بما تم التوصل إليه من اتفاق بين وفدي الحكومة الشرعية اليمنية والوفد الحوثي، داعية الحوثيين إلى تغليب مصلحة الشعب اليمني بالوصول إلى حل سياسي شامل، بناء على قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وهو ما سعت إليه المملكة ودول التحالف، وما تزال تعتبره الحل الذي سيعبر باليمن الشقيق نحو الاستقرار والنماء.
كما أكدت الإمارات العربية المتحدة على لسان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش أهمية الالتزام بالمسار السياسي والجهود التي تقودها الأمم المتحدة، وضرورة استمرار هذه الخطوات لضمان استقرار اليمن وازدهاره، من خلال حل سياسي مستدام وحوار يمني أساسه المرجعيات الثلاث، على رأسها القرار الأممي 2216.
نوايا خبيثة
النوايا الحسنة من قبل دول التحالف والحكومة الشرعية اليمنية، واجهها الحوثيون بنوايا خبيثة عبر مواقف وتحركات منذ اللحظة الأولى من إعلان اتفاق السويد، إذ تكرّرت الدعوات في مساجد صنعاء خلال صلاة الجمعة إلى التطوع في صفوف الحوثيين رغم اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، حسب ما نقلت وسائل الإعلام المؤيدة للحوثيين.
وقبل ساعات قليلة، أشار وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني إلى تهديدات حوثية للشعب اليمني، تكشف حقيقة أن الحوثي يراوغ وغير ملتزم بالاتفاقيات، وما اتفاق السويد إلا محاولة لكسب الوقت ليس أكثر.
وأصدر الحوثيون بيانًا في صنعاء جاء فيه: “جاهزون لكل الخيارات والرد على أية اختراقات للعدو”، كما قاموا بأول خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الذي كان قد دخل حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس الجمعة، عبر شن هجمات متقطعة بالأسلحة الرشاشة والمدفعية في أطراف مدينة الحديدة الشرقية والجنوبية مساء الجمعة، الأمر الذي تزامن مع إعلان قيادات ميليشيات الحوثي -المدعومة من إيران- أن وفد الميليشيات الحوثية في مشاورات السويد لا يمثل الجماعة التي تقاتل على الأرض، بل تخضع فقط لعبد الملك الحوثي، حسب مصادر محلية في الحديدة. بالإضافة إلى ذلك، عملت ميليشيات الحوثي في ميناء الحديدة على نحو مكثف، منذ إعلان الاتفاقات، على نهب معدات ووثائق وبضائع مملوكة لتجار ومستثمرين؛ منها مواد غذائية وسيارات ومستلزمات وغيرها، كانت في طريقها للشحن والنقل من الميناء المطل على البحر الأحمر.
اقرأ أيضًا: كاتبة فرنسية: من أجل تحقيق السلام في اليمن، ينبغي إدراك ملامح العدو الحقيقي
النوايا المبيتة من الحوثيين، أشار إليها نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، في بيان نشرته صحيفة “عدن الغد”، قال فيه: “إن الاتفاقيات التي أعلن عنها في السويد لن يتم ترجمتها على أرض الواقع من قبل “أنصار الله” التي عرفت مرارًا وتكرارًا بنكثها للعهود والمواثيق التي أبرمت في السابق”، داعيًا إلى “عدم إعطاء تلك الاتفاقيات تفاؤلًا أكثر من اللازم حتى تطبق”، مضيفًا: “وفد الحكومة اليمنية الشرعية لم يكن موفقًا بالقبول بهذه الاتفاقيات دون ضمانات حقيقية لتنفيذها من قبل وفد الانقلابيين”.
كما اعتبر الميسري أن تلك الاتفاقيات تعطي لميليشيا متمردة على الدولة والشرعية الدستورية مزيدًا من العمر والاستمرار في ممارسة انتهاكاتها ضد اليمنيين ودولتهم”، مؤكدًا كذلك أن “هذه الاتفاقيات تمنح ميليشيات الحوثي انتصارًا بعد أن كانت على وشك الهزيمة، وبعد أوشك على القضاء عليها في الحديدة، وتطهير كل شبر في اليمن من دنسها”، مشيرًا إلى أن الأيام القادمة ستؤكد صحة ما ذهب إليه، “وسيسقط اتفاق الحديدة أمام تفسيرات الانقلابيين للتنفيذ”، على حد قوله.
يشار إلى أن اتفاق السويد الذي يقضي بخروج الميليشيات الحوثية من بقية الأحياء السكنية داخل مدينة الحديدة والميناء خلال 14 يومًا من توقيع الاتفاق، ينص في أول بنوده على وقف فوري لإطلاق النار في محافظة الحديدة وموانئها الحديدة والصليف ورأس عيسى، والالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى المنطقة، وإزالة جميع المظاهر العسكرية المسلحة في المدينة.
حمل تطبيق كيو بوست على هاتفك الآن، من هنا