الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

نهج التسامح الإماراتي يتوج في احتفاء العالم بيوم الأخوة الإنسانية

لم يكن توقيع ميثاق الأخوة في أبوظبي عام 2019 مجرد حدث عابر.. بل دليل يرسم الطريق بجهودٍ مشتركة ومستمرة للأجيال المقبلة

كيوبوست

يحتفل العالم اليوم، للمرة الأولى، باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، وهي ذكرى توقيع ميثاق الأخوة الإنسانية بين شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الفاتيكان، في العاصمة الإماراتية أبوظبي عام 2019. وفي الوقت الذي تشهد فيه الأمم المتحدة احتفالاً بهذه المناسبة في مقر المنظمة الدولية بنيويورك، تستضيف الإمارات احتفالاً افتراضياً سيشهد إلقاء كلمة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الفائز بجائزة زايد للأخوة الإنسانية مع الناشطة الفرنسية من أصول مغربية لطيفة بن زياتين، لعام 2021.

شكلت الوثيقة نقطة تلاقي إنساني مهمة
الإمام الشيخ محمد إسماعيل

يعتبر العالم المسلم بمركز أوكتاغون، بجامعة شيفيلد، الإمام الشيخ محمد إسماعيل، أن وثيقة الأخوة من أجل الإنسانية، جاءت في وقتٍ كان العالم فيه بحاجة ماسة إلى أن يتقدم شخص أو جهة ليذكِّر الجميع بمسؤولياتهم تجاه بعضهم البعض، مع تصاعد العنف والتطرف باسم الدين؛ “وهو الدور الذي قامت به قيادة الإمارات بشكل صادق ونبيل”، من خلال وثيقة “الأخوة من أجل الإنسانية”، والتي جاءت لتذكِّر البشرية بأنه رغم الاختلافات فإن ثمة ما يربطنا، ليتحول الأمر إلى إنجاز تاريخي.

يشيد إسماعيل بجهود الشيخ محمد بن زايد، من أجل خروج الوثيقة للنور، وما تبع ذلك من إجراءاتٍ ساعدت على تحقيق انتشار لها خارج المحيط العربي، لافتاً إلى أن الاحتفال اليوم باعتماد الأمم المتحدة لهذا اليوم يعكس أهمية الاستمرار في الجهود المبذولة لتحويل مبادئ الوثيقة إلى حقيقة على أرض الواقع.

شيخ الأزهر خلال زيارته التاريخية للفاتيكان – أرشيف

توثيق المبادرة

ويعمل المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية، والمستشار السابق لشيخ الأزهر، على توثيق شهادة ميلاد “وثيقة الأخوة الإنسانية”، في كتاب جديد يحمل عنوان «الإمام والبابا والطريق الصعب»؛ حيث يسرد ترتيبات الإعداد للوثيقة والزيارة التاريخية للإمارات، وهو الكتاب الذي يفتتح بمقدمتَين للإمام الطيب والبابا فرنسيس.

 اقرأ أيضًا: يوسف عروج: وثيقة الأخوة الإنسانية تدعم تحقيق السلم والأمان

أحمد الصاوي

تطورت الوثيقة خلال سنتين تطوراً كبيراً جداً من مجرد فكرة طُرحت على مائدة عشاء في منزل بابا الفاتيكان الذي كان يستضيف شيخ الأزهر، حسب الكاتب الصحفي أحمد الصاوي، رئيس تحرير جريدة “صوت الأزهر”، والذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن المناقشات تطورت حول الوثيقة لمدة عام تقريباً من أجل صياغتها والاتفاق على بنودها وتوقيعها، مع تشكيل لجنة عليا لتحقيق أهدافها والقيام بالدور التنفيذي الذي يسهل تنفيذ مهامها من خلال الحوار مع الحكومات والمفكرين والأدباء.

وشُكِّلت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية من عدة شخصيات بارزة؛ من بينها الكاردينال ميغيل أنخيل، رئيس المجلس الباباوي للحوار بين الأديان بالكرسي الرسولي، والدكتور سلطان الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، وعدد من الشخصيات الفكرية؛ منها ليما جبوي، الناشطة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام؛ بهدف صياغة خطط العمل على المستويات المختلفة، بجانب الإشراف على بيت العائلة الإبراهيمية.

تصميم بيت العائلة الإبراهيمية

رمز جديد للتسامح

ومن المقرر أن يفتتح العام المقبل “بيت العائلة الإبراهيمية” الذي يمثل صرحاً يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث؛ ليكون مركزاً لنشر التسامح الديني والتعايش المشترك؛ حيث يُقام البيت في جزيرة السعديات بمدينة أبوظبي، ويضم كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف واحد، وقام بتصميمه السير ديفيد أجابي أوبي.

يقول أحمد الصاوي إن اللجنة العليا منذ بداية عملها حرصت على التواصل مع مختلف الجهات، والدخول في شراكات قوية ومؤثرة؛ وهو ما تم بالفعل مع الأمم المتحدة، ودفع لإعلان الرابع من فبراير ليكون يوم الأخوة الإنسانية؛ وهو ما جاء معبراً عن الوثيقة وما تضمنته من مبادئ مهمة.

اقرأ أيضًا: الأمم المتحدة تقر الرابع من فبراير “يوماً عالمياً للأخوة الإنسانية”

الأنبا باخوم

يصف النائب البطريركي لشؤون الإبراشية البطريركية في مصر الأنبا باخوم، القرار الأممي بأنه خطوة مهمة، ستكون لها انعاكسات على المستوى العالمي؛ لا سيما أن الوثيقة وقعت من جانب مسؤولين يمثلون أكثر الديانات في العالم انتشاراً؛ لتخلق حالة من الحوار بين رجال الدين، ومنحت مساحة من التوافق والنقاش خلال الفترة الماضية، وستتواصل النقاشات بشأنها وسط جهود مستمرة لنشر الوثيقة وتعريف الأفراد بها؛ سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو نشرها وتوزيعها على المواطنين.

ويعتبر كبير الحاخامات والمدير الدولي لشؤون الأديان في اللجنة اليهودية الأمريكية، ومقرها القدس، ديفيد روزين، أن تخصيص يوم عالمي لتأكيد قيمة الأخوة الإنسانية سيسهم في زيادة الوعي العالمي بهذا الأمر؛ خصوصاً أن السعي من أجل تحقيق هدف الأخوة البشرية هو أمر تضمنته جميع الأديان.

توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية وضع الأساس الراسخ للسلام العالمي والعيش المشترك- أرشيفية
ديفيد روزين

يلفت ديفيد روزين إلى دور الإمارات كدولة رائدة في تعزيز الحوار بين الأديان في العالمَين العربي والإسلامي، وذلك عبر المبادرات التي تتبناها في هذا الصدد بشكل خاص، كإعلان مراكش الذي تضمن دعوة لتجاوز مفهوم الأقلية الدينية؛ من أجل تعزيز مفهوم المواطنة، بالإضافة إلى ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات.

وأشاد ديفيد روزين بشجاعة الإمارات وقيادتها لمواجهة التطرف والعنف في المجتمع الدولي، والدعم المقدم من أجل تعزيز السلام بما يتوافق مع رؤية مؤسس الدولة الشيخ زايد.

يتفق معه في الرأي الأنبا باخوم، الذي يرى أن الإمارات اتخذت خطوة إيجابية بالسعي لإقرار الوثيقة وتوقيعها من بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر؛ وهو دور يعبر عن الرقي الفكري ووساطة السلام التي تقوم بها أبوظبي من أجل مواجهة التطرف والتشدد الفكري، لافتاً إلى أن الوثيقة ستسهم على المدى الطويل في إحداث تغير فكري يواجه التشدد ويعمل على تهميش المتطرفين.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة