الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
نهاية الحرب في أفغانستان وخيبة أمل المحاربين القدامى
المحاربون الأمريكيون يشعرون بخيبة أمل إزاء الكيفية التي انتهت بها الحرب ويخشون على حلفائهم الأفغان

كيوبوست- ترجمات
داكين أندوني♦
مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، راقب العالم حركة طالبان وهي تستعيد سريعاً السيطرة على البلاد؛ حيث دخلت كابول يوم الأحد الماضي، بالتزامن مع فرار الرئيس الأفغاني أشرف غني، من البلاد، وإجلاء الولايات المتحدة سفارتها. والآن، يعرب العديد من قدامى المحاربين الأمريكيين عن إحباطهم وخيبة أملهم إزاء السرعة التي سيطرت بها “طالبان” على البلاد بعد ما يقرب من 20 عاماً من الحرب.
اقرأ أيضًا: إمارة أفغانستان الإسلامية.. المأساة تبدأ من جديد
يقول ماثيو زيلر؛ أحد المحاربين القدامى في أفغانستان، ورئيس المجلس الاستشاري لرابطة الحلفاء في زمن الحرب، لشبكة “سي إن إن”: “أجلس هنا بعد 20 عاماً تقريباً من الحدث نفسه الذي دفعني للانضمام إلى الجيش، وهو هجمات 11 سبتمبر. والآن أتساءل عما إذا كانت السنوات العشرون الماضية بلا طائل أو جدوى، كل الأصدقاء الذين فقدتهم في أفغانستان؛ لماذا ضحوا بحياتهم؟ ولمَ قاموا بتضحيتهم إذا كانت هذه هي النهاية؟”.
وبالنسبة إلى المحاربين القدامى، مثل زيلر، فإن الطريقة التي انتهت بها أطول حرب في تاريخ أمريكا ليست سوى جزء من الأمر؛ فهم قلقون أيضاً على المترجمين وأفراد الدعم الأفغان الذين أمضوا سنوات في العمل مع الولايات المتحدة في ظلِّ خطر محدق على أنفسهم وعائلاتهم.

وقد تم إيفاد زيلر إلى أفغانستان عام 2008، وعمل كمستشار قتالي مصاحب لقوات الأمن الأفغانية. وفي يومه الرابع عشر في البلاد، أنقذ جانيس شينواري، مترجم زيلر الأفغاني، حياته؛ مما أسفر عن مقتل اثنين من مقاتلي “طالبان” كانا على وشك قتله.
ولرد دين إنقاذ حياته، ساعد زيلر شينواري لاحقاً في الحصول على تأشيرة، والسفر إلى الولايات المتحدة. وإدراكاً منه مدى صعوبة عملية الحصول على تأشيرة، أسس زيلر وشينواري مؤسسة “نو وان ليفت بيهليند” أو “لن نترك أحداً هناك”؛ وهي منظمة تساعد في جلب المترجمين الفوريين الذين عملوا مع القوات الأمريكية إلى أمريكا.
اقرأ أيضًا: جاسم تقي لـ”كيوبوست”: واشنطن تخلت عن الرئيس الأفغاني لفشله.. والجيش لم يدعمه
وقد كرَّس زيلر سنوات لهذا العمل، بما في ذلك خلال الأشهر الأخيرة؛ لحثّ المسؤولين الأمريكيين على بذل المزيد من الجهد لضمان إجلاء حلفاء أمريكا الأفغان بأمان. لكن الآن، وهو يشاهد أفغانستان تقع في أيدي “طالبان” بينما يحاول الآلاف من الحلفاء الأفغان البحث عن مخرج، يقول زيلر “أشعر بفشل تام وذريع”.
ويقول توم بورتر، وهو محارب قديم في أفغانستان، ونائب الرئيس التنفيذي للعلاقات الحكومية في مؤسسة المحاربين الأمريكيين القدامى في العراق وأفغانستان: “هناك مجموعة واسعة من الآراء بين قدامى المحاربين في أفغانستان حول الانسحاب”. وشدد بورتر على أنه لا يتحدث نيابةً عن الجميع، وقال إن بعض المحاربين القدامى يشعرون أن الانسحاب قد تأخر، بينما يعتقد آخرون أنه كان يتعين على الولايات المتحدة البقاء لمنع أي عنف.

وأضاف: “لكن الغالبية العظمى من المحاربين القدامى الذين أسمع منهم، لديهم قلق كبير تجاه زملائهم الذين ضحوا بالكثير، وتجاه العائلات التي فقدت أبناء وآباء وأمهات وأفراد الأسرة الآخرين على مدى السنوات العشرين الماضية، وهم يتساءلون ما إذا كانت تضحية أحبائهم تستحق العناء”.
وقال بورتر إن الصور القادمة من أفغانستان تبني بسرعة روايةً ستشكل وجهات نظر قدامى المحاربين حول السنوات العشرين الماضية. ويضيف: “سوف يؤدي ذلك إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها المحاربون القدامى وأفراد الجيش إلى نهاية ونتيجة خدمتهم. وسيتطلع جميع من في المجتمع ليروا كيف سيتذكر التاريخ ما فعلناه هناك”.
اقرأ أيضًا: أربعون عاماً حزينة تتوج “طالبان” حاكماً على أفغانستان عشية الـ11 من سبتمبر
وقد أخبر جيرالد كين، الذي خدم في أفغانستان، مراسلة “سي إن إن” باميلا براون، أنه كان يعرف أن هذه اللحظة ستأتي؛ لكنه لا يتفق مع الطريقة التي تم بها الانسحاب، ويعتقد أنه لا ينبغي إعادة الجنود الأمريكيين للقيام بعمل يعتقد أنه كان يجب القيام به قبل إغلاق مطار باغرام.

وصرح مسؤول دفاعي لشبكة “سي إن إن”، يوم الأحد، بأن وزير الدفاع الأمريكي وافق على نشر 1000 جندي أمريكي إضافي في أفغانستان، ليصبح المجموع 6000 جندي أمريكي من المتوقع أن يكونوا في البلاد. بينما يقول جيريمي بتلر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة المحاربين الأمريكيين القدامى في العراق وأفغانستان: “إن غالبية قلق المحاربين القدامى مرتبط بالجهود المبذولة لإخراج أولئك الذين ساعدوا الولايات المتحدة على حساب أمان عائلاتهم”.
اقرأ أيضًا: ماذا تعني عودة “طالبان” إلى السلطة في أفغانستان؟
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن هناك نحو 20 ألف أفغاني تقدموا بطلبات للحصول على تأشيرة هجرة خاصة؛ ليتمكنوا من القدوم إلى الولايات المتحدة. وحتى يوم الجمعة، تم إجلاء 1200 أفغاني وعائلاتهم إلى أمريكا، كجزء من “عملية إجلاء الحلفاء” التي تديرها الحكومة. وقال مسؤولو الحكومة إنهم سيعملون على تسريع الجهود؛ لإخراج المتقدمين وعائلاتهم من أفغانستان إلى الولايات المتحدة أو بلد ثالث.
ويشير بتلر إلى أن الأمر يتعلق بالوفاء بالوعود التي تم قطعها، ليس فقط من قِبل حكومة الولايات المتحدة؛ ولكن أيضاً من قِبل قدامى المحاربين الذين عادوا الآن إلى الوطن، والذين رددوا هذا الوعد لزملائهم وحلفائهم الأفغان.

أما سعيد نور، الذي أمضى 17 عاماً في خدمة الولايات المتحدة كمترجم أفغاني، وهاجر من أفغانستان والتحق بالجيش الأمريكي، فقد قال إنه مندهش من السرعة التي سيطرت بها حركة طالبان على الأرض. وفي الوقت الحالي، يكافح أحد المحاربين في الجيش لإخراج عائلته من أفغانستان، قائلاً إنهم يتصلون به؛ بحثاً عن المساعدة.
وأضاف: “كيف سيخرجون من أفغانستان؟ أم أنهم سيصبحون الهدف التالي لـ”طالبان“؟”. ويقول نور إن جهوده حتى الآن ذهبت سُدى، معترفاً بأنه إذا كان من الصعب عليه كمواطن أمريكي إخراج عائلته، فلا يمكنه تخيل ما سيكون عليه الأمر بالنسبة إلى غير المواطنين.
اقرأ أيضًا: مقبرة الإمبراطوريات: أسباب وعواقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان
وقد خدمت كريستين روس ثلاث جولات في أفغانستان؛ حيث قضت هناك 31 شهراً. لكن عند سؤالها عما إذا كانت تشعر أن السنوات العشرين الماضية تستحق العناء، قالت روس، وهي رئيسة تحالف قدامى المحاربين في مدينة نيويورك، لشبكة “سي إن إن”: “إنه سؤال يصعب حقاً الإجابة عنه”. وأكدت أنها تشعر أنه كان ينبغي إعادة القوات إلى الوطن منذ فترة طويلة؛ لكنها غير راضية عن الطريقة التي تم بها تنفيذ الانسحاب، مع قيام الولايات المتحدة بنزع البساط من تحت أقدام الحلفاء الأفغان.
♦كاتب في “سي إن إن ديجيتال”، أتلانتا.