الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية

نظام العقوبات الجديد في السعودية.. هل ينجح في القضاء على العنصرية؟

تنص التعديلات المقترحة لقانون العقوبات على السجن والغرامة لمستخدمي الخطاب العنصري.. ومراقبون يستبشرون بقدرته على ضبط أشكال التمييز

كيوبوست

تعديلات جذرية مرتقبة في قانون العقوبات السعودي طُرحت مؤخراً، وتتضمن تطبيق عقوبة السجن والغرامة على الكلمات والخطابات العنصرية، في خطوة تلقى ترحيباً داخل الأوساط القانونية والثقافية.

وستصبح كلمات عنصرية دارجة في المجتمع السعودي بمثابة مخالفات قانونية؛ لكونها تحض على الكراهية، منها “بقايا حجاج” و”خضيري” و”مجنَّس”، وهي من الكلمات التي يُحاسب عليها القانون بعقوبة تصل إلى السجن 3 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دولار.

اقرأ أيضًا: 90 عاماً.. السعودية ملحمة التأسيس ورؤية 2030 المستقبلية

عصر جديد

تدخل السعودية عصراً جديداً من أجل التقنين والتنظيم الشامل للقوانين، حسب المحامي السعودي نايف آل منسي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن تطبيق المملكة أحكامَ الشريعة من خلال كتب الفقه الإسلامي تسبب في إشكاليات عديدة؛ لأن هناك اختلافات بين الفقهاء، ومن ثمَّ فإن الرجوع المباشر إلى الفقه به كثير من الإشكاليات التي يمكن أن تصطدم بالواقع عند التطبيق؛ لذا فإن صياغة الفقه بمواد قانونية واضحة ستقلص من مساحة الاجتهاد في هذه الأمور.

نايف آل منسي

وأضاف نايف آل منسي أن القوانين عندما توضع لا تتصف بالكمال المطلق؛ لذا تجدها دائماً قيد التعديل والمراجعة والحذف والإضافة، لتحقيق أقصى استفادة منها؛ وذلك لأن التطبيق العملي يظهر إشكاليات لا تكون ظاهرة عند الصياغة النظرية، مشيراً إلى أن السعودية لم تنشئ قانوناً من الصفر؛ ولكنها استفادت من التجارب المشابهة والقوانين الموجودة بالفعل في الدول الأخرى، وتم الاستفادة منها بشكل يتسق مع طبيعة المملكة وظروفها.

مراحل الإقرار

تمر التشريعات المقترحة بعدة مراحل قبل إقرارها، حسب المحامي السعودي محمد الشهري، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن المرحلة الأولى تبدأ مع تقديم المقترح لمجلس الوزراء من الوزير المختص؛ حيث تتم إحالة الأمر إلى لجنة الخبراء القانونيين من أجل البحث والدراسة وإعداد الشكل والقواعد النظامية، قبل أن يدخل في المرحلة التالية المرتبطة بالمناقشة؛ بحيث يُناقش داخل مجلس الوزراء بجميع مواده، ليتم التصويت عليه، على أن يُحال بعد ذلك إلى الديوان الملكي؛ من أجل التصديق عليه.

محمد الشهري

وأضاف الشهري أن الملك في مرحلة التصديق يمتلك حق الاعتراض على مشروع القانون ورده خلال شهر إلى مجلس الوزراء، مبيناً أسباب الرفض، على أن يقوم مجلس الوزراء بإعادة بحثه مرة أخرى. أما في حال موافقة الملك، فيتم إبلاغ مجلس الوزراء؛ بحيث يدخل القانون مرحلة التصديق عبر صدور الأمر من الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية للهيئات الأدنى درجة بتنفيذه.

تعديل ثقافي

ستفرز التعديلات المقترحة تعديلاً ثقافياً على السلوك المجتمعي، حسب الكاتب السعودي وحيد الغامدي.

ويؤكد الغامدي لـ”كيوبوست”، أن هذه التعديلات حددت بوضوح شديد تعريف الجرم؛ بحيث لا يُعد جُرماً إلا بالتنصيص عليه كجرم، وبذلك تم إنهاء حقبة من الاجتهادات الفقهية، التي كان يمكن أن تضع تصوراتها الخاصة في تكييف الجرائم، مشيراً إلى أن روح التعديلات الجديدة حملت بعض الوجوه التي يمكن اعتبارها مساهمة في منح الحريات الشخصية على نطاق أوسع.

وحيد الغامدي

وأضاف الغامدي أن المادة السابعة والثمانين المتعلقة بالعقوبات البديلة، حملت تغييراً إيجابياً في مفهوم العقوبة؛ حيث الاستثمار الإيجابي للطاقات بطريقة مثالية، كما تضمنت مواد القانون تجريم الكراهية، إذ ستعمل على المزيد من التهذيب الثقافي للمشهد العام، وتحسينه وتطويره.

يُنظر إلى التعديلات المقترحة باعتبارها خطوة إيجابية نحو المستقبل

التصدي للعنصرية

يرى نايف آل منسي أن القانون الجديد سيُسهم بشكل كبير في الحد من العنصرية المتمثلة في العرق والأصل والنسب؛ وهو أمر سيحدث بشكل سريع إذا وجد المواطنون تطبيقاً رادعاً للقانون وعقوباته، الأمر الذي سيغير في التركيبة الاجتماعية وينهي عصر المصطلحات العنصرية التي قد لا يراها البعض عنصرية الآن، لافتاً إلى أن هناك دوراً كبيراً سيكون في توعية الأجيال الصغيرة الناشئة بهذا الأمر؛ مما سيُسهم في إصلاح المنظومة الاجتماعية.

تلعب النيابة السعودية دوراً كبيراً في تطبيق التعديلات المقترحة- وكالات

ولفت نايف آل منسي إلى أن ثمة إشكاليات ستكون موجودة عند تطبيق هذا النوع من القضايا؛ ما بين إشكالية إثبات الركن المادي والمعنوي والشق الجنائي، وهو ما سيكون على عاتق جهات التحقيق، بالإضافة إلى آلية إثبات حدوث الجريمة نفسها وتأكد جهات التحقيق من حدوث الواقعة؛ وهو أمر محوري في هذه النوعيات من القضايا.

اقرأ أيضًا: إكسبو الرياض 2030.. خطة طموحة تكرس الخليج كوجهة سياحية عالمية

يقول محمد الشهري إن من الظواهر التي عالجها نظام العقوبات الجديد، العنف والكراهية والعنصرية؛ حيث نصت على ذلك المواد من 217 حتى 220 من المسودة الأولية لهذا النظام، مؤكداً أن المتطلع لهذه المواد يجد أنها حَوَت عقوبات لهذه الجرائم؛ حتى يتم الحد منها، ومن ثمَّ عدم ظهورها في المجتمع بأسره، وبلغت هذه العقوبات السجن لمدة 3 سنوات وغرامة 100 ألف ريـال؛ وهي عقوبات رادعة.

يختتم نايف آل منسي حديثه بالتأكيد أن هذا التشريع وباقي التشريعات الجديدة التي تعمل عليها المملكة، ستنقل السعودية الجديدة إلى مرتبة أخرى بكل المؤشرات المعنية بحقوق الإنسان وجودة الحياة؛ وهي السياسة الراسخة التي تتبناها الرياض في الوقت الحالي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة