الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
نتائج الانتخابات التشريعية بتونس تضع النهضة في ورطة

كيوبوست-تونس
أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، مساء أمس، عن فوز حزب حركة النهضة بالمركز الأول في الانتخابات التشريعية التي جَرَت يوم الأحد 6 أكتوبر؛ بحصوله على 52 مقعدًا في البرلمان، في حين حصل حزب قلب تونس بزعامة نبيل القروي، على 38 مقعدًا من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 217.
وأشار رئيس الهيئة نبيل بفون، خلال المؤتمر الصحفي المنعقد للإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، أن الهيئة قامت بسحب مقاعد من أحزاب وقائمات؛ بسبب الإشهار السياسي، موضحًا أن عدد الأصوات الملغاة قد بلغ 49 ألفًا و704 أصوات، بينما بلغ عدد الأوراق البيضاء 26 ألفًا و403 أصوات.

وتنافس في هذه الانتخابات 15737 مرشحًا ضمن 1572 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة موزَّعة على 33 دائرة انتخابية (27 داخل تونس و6 خارجها). ووَفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بلغت نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات التشريعية 41.32 في المئة؛ تنقسم بين 64 في المئة ذكورًا و36 في المئة إناثًا.
ويرى مراقبون أن نتائج الانتخابات الأخيرة في تونس هي نتيجة التصويت العقابي العشوائي للناخب التونسي. ولا تختلف المؤشرات الراهنة عما جرى في انتخابات 2011؛ حيث أنتجت صعودًا لافتًا لقوى مثل التيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة وحركة الشعب، وهي قوى لا تمتلك تجارب في إدارة الشأن العام وعلاقتها محدودة بشبكات الدولة العميقة التي تتحكم في الملفات الحيوية اقتصاديًّا وأمنيًّا. وقد استقطبت الناخبين بخطاب ثوري يتعهَّد بالقطيعة مع لوبيات الفساد والتهريب، فضلًا عن إعادة توجيه المشروعات الكبرى من المدن التقليدية نحو مدن الداخل التي تعيش الفقر والتهميش، وينحدر منها أغلب قيادات الكتل الجديدة.
ويؤكد مراقبون أن هذا المشهد سيخلق وضعًا سياسيًّا وبرلمانيًّا صعبًا ليس فقط على الأطراف السياسية الفائزة في الانتخابات، ولكن أيضًا على البلاد التي ينتظر أن تشهد هزات سياسية واجتماعية بسبب هذا الوضع الهش، وربما العودة إلى السنوات الأولى للثورة حين حكمت “الترويكا” بزعامة حركة النهضة وعاشت تونس خلالها موجة من الاضطرابات الاجتماعية والاغتيالات السياسية.
اقرأ أيضًا: في انتخابات تونس.. الشعب يعاقب مَن خان أحلامه
وفي السياق نفسه، يرى المحلل السياسي علية العلاني، أن نتائج الانتخابات الرئاسية كانت لها تداعيات على الانتخابات التشريعية، والنخبة الحاكمة التي خسرت في “الرئاسية” هي نفسها التي خسرت “التشريعية”؛ لكن بدرجات، بما في ذلك حركة النهضة التي خسرت عددًا مهمًّا من المقاعد مقارنةً بانتخابات 2011 و2014.
وأكد العلاني، في تصريح خاص أدلى به إلى “كيوبوست”، أن هذا المشهد يعبِّر عن غضب الرأي العام من سياسة الحكومة من “النهضة” التي بدورها كانت في الحكم، معتبرًا أن التصويت خلال هذه الانتخابات كان تصويتًا عقابيًّا تُرجم من خلال عدد المقاعد التي تحصَّلت عليها التيارات الليبرالية.
وأوضح المحلل السياسي أن اليسار خسر؛ لأنه دخل قبل أسابيع من الانتخابات في صراعات داخل الجبهة الشعبية، وهو ما أدى إلى انقسامات، وبالتالي فقد أثر ذلك على نتائج الانتخابات؛ لنجد اليسار بمقعد واحد في المجلس البرلماني الجديد بعد أن كان ممثلًا بـ15 نائبًا.

وأضاف العلاني أن الناخب التونسي كان واضحًا وعاقب الفئة الحاكمة؛ لأن أداءها الحكومي لم يكن جيدًا؛ إذ عرف جملة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية؛ وأهمها ارتفاع الأسعار وارتفاع نسب البطالة، مؤكدًا أن الوضعية تختلف عن سنة 2014.
وتابع المحلل السياسي: “الخطر الأول بالنسبة إلى الناخب هو الفساد، ليأتي الإرهاب في المرتبة الثانية. ولأن جزءًا مهمًّا من أعضاء الحكومة السابقة متورط في الفساد، ولأن هذا الملف حارق؛ فالناخب لا يصدِّق الفاسدين ولن يصوِّت لهم مرة أخرى” حسب تعبيره، مشيرًا إلى أن نتائج الانتخابات ستنعكس سلبًا على عدد من الأحزاب التي بدأ قادتها في الاستقالة؛ مثل ما فعل ياسين إبراهيم رئيس حزب آفاق تونس، أو حدوث انقسامات في أحزاب أخرى.
اقرأ أيضاً: حركة النهضة التونسية تسير نحو العزلة السياسية
ويرى العلاني أن “النهضة” وقعت في الفخ وستجد نفسها في مأزق كبير، وربما لن تتمكن من تشكيل حكومة، وهذه الحكومة إن تشكَّلت ستكون هشَّة ويمكن أن تسقط بعد مدة قصيرة؛ لنجد أنفسنا أمام انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، لافتًا إلى أن “النهضة” لن تستطيع الصمود؛ لأنها تفتقد كفاءات قادرة على الخروج بالبلاد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها، وربما ستتوجه إلى تشكيل حكومة من المستقلين. وإن حصل ذلك سيؤكد أن الحركة ليست لها قدرة على تكوين حكومة كفاءات وغير قادرة على تقديم الإضافة، وهي التي حكمت منذ 2011، فما بالك أنها ستعود إلى الحكم، حسب قوله.
وتابع المحلل السياسي بأن الحركة ستجد نفسها أمام احتجاج ورفض الشعب؛ ما سينعكس على المشهدَين الإقليمي والدولي، وسيؤكِّد أن الإسلام السياسي لم يعد قادرًا على الحكم، وستجد حركة النهضة تحاول استمالة كثير من المستقلين.