الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
نادية شعبان ل”كيوبوست”: فوز الغنوشي سيجعله صاحب القرار في تونس
بوعود: القرار سعي لضمان الحصانة من المحاسبة

تونس-كيوبوست
أعلنت حركة النهضة التونسية، رسميًّا، الأحد 20 يوليو 2019، ترشيح رئيسها راشد الغنوشي، على رأس قائمتها للانتخابات التشريعية في دائرة تونس 1، لتنزل بكل ثقلها إلى الانتخابات وتخوض معركة قبة البرلمان الذي تعتبره “النهضة” قلب النظام السياسي التونسي؛ لما يحمله ذلك من دلالات ومعانٍ سياسية كبيرة، وباعتباره مصدر السلطة الأول؛ حيث تتخذ فيه القرارات المهمة.
وشكَّل هذا القرار مفاجأة لعدد من المتابعين في تونس؛ إذ كان من المنتظر إمكانية ترشيح الغنوشي للانتخابات الرئاسية، إلا أنه تم تغيير الوجهة من قصر قرطاج إلى قبة باردو.
ويبدو أن الحركة رشحت الغنوشي بما يعنيه ذلك من حجم الرهان السياسي للحزب من جهة، وما يمثله هذا الاختيار للغنوشي نفسه في أول انتخابات في مسيرته السياسية بعد عقود طويلة من السرية والصراع مع الدولة والعيش في المنفى من جهة أخرى.
اقرأ أيضًا: راشد الغنوشي من تركيا: الثورة التونسية إسلامية
البحث عن الشرعية
تعليق النائبة نادية شعبان على ترشح الغنوشي
ترى النائبة بالمجلس التأسيسي عن المسار الاجتماعي الديمقراطي نادية شعبان، أن اختيار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، للانتخابات التشريعية لا الرئاسية له دلالتان؛ الأولى هي الاستيلاء على جزء من الحكم والسيطرة على هياكل الدولة ومواقع القرار، والثانية هي التمكن من جزء من الدبلوماسية التونسية.
وأكدت نادية شعبان ل”كيوبوست”، أن الغنوشي يعلم جيدًا أنه لا حظوظ له في الرئاسة، ويعلم أيضًا رفض وكره عدد مهم من التونسيين له وعدم تقبلهم أن يكون رئيسًا للجمهورية التونسية؛ وبالتالي سيُمنى بهزيمة انتخابية كبيرة، والتي ليس باستطاعته تقبلها.
اقرأ أيضًا: السؤال المفقود من مقابلة الغنوشي: لماذا أرسلتم الإرهابيين إلى سوريا وليبيا؟
وتابعت النائبة: “في المقابل، فإن ترشحه للانتخابات التشريعية يعكس طموح الغنوشي للوصول إلى رئاسة مجلس نواب الشعب؛ وهو ما سيمكنه، في حال الفوز بالمرتبة الأولى، من تعيين رئيس الحكومة، وبالتالي سيكون صاحب القرار في المصير الحكومي، وهو مَن سيشرف على الائتلاف الحكومي؛ وبالتالي ستكون كل الصلاحيات في قبضته”.
وفي السياق نفسه، أضافت محدثتنا أن كل سياسي يحلم بالشرعية، وتزكية الناخبين تمثِّل له أكثر شرعية من الانتخاب من طرف حلفائه أو القياديين من داخل الحزب. كما أن رئاسة مجلس النواب ستعطيه نوعًا من الشرعية الدبلوماسية التي كان يمارسها سابقًا منتحلًا صفة رئيس الجمهورية أو أحد الوزراء، وقد أثار ذلك كثيرًا من الجدل عند لقائه رؤساء دول وشخصيات دبلوماسية خارجية؛ وبالتالي فإن شرعية الانتخابات ستمكنه من هذه الممارسات.
اختبار للشعبية لدى التونسيين
ويرى مراقبون أن الغنوشي لا يسعى لأن يكون مجرد نائب في البرلمان، وإنما هي خطوة أولى قبل أن يترشح لرئاسته؛ ليبرم في نهاية مشواره السياسي عقدًا جديدًا مع الدولة والسلطة من خلال تقلُّد أحد أهم مراكزها.

يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد بوعود: “إن راشد الغنوشي يقضي آخر عهدة له في حركة النهضة التي ترأسها منذ السبعينيات، وبالتالي فإنه يحتاج إلى مكانة دبلوماسية سياسية كمكافأة له”.
ويضيف بوعود ل”كيوبوست”، أن العملية ليست محض رغبة في النيابة أو في الكرسي بقدر ما هي بحث عن حصانة وشرعية قانونية بعد أن أصبحت شرعية “الشيخ” داخل الحركة قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء، وقد تواترت المواقف الغاضبة من القياديين من هذا القرار.
وتابع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي بأن رئيس حركة النهضة يريد أن يختبر شعبيته بين التونسيين ويبحث عن الشرعية؛ فالرجل في نظر عديد من التونسيين حاكم البلاد، فكيف لحاكم من وراء الستار أن يفوِّت على نفسه فرصة تأكيد ذلك، حسب تعبيره.
اقرأ أيضًا: الموتى يُصَوِّتون ويُمَوِّلون حركة النهضة في تونس
من جهة أخرى، أشار محدثنا إلى أن بعض الأصوات من مناهضي الحركة يعتبر قرار الغنوشي حركة لضمان حصانة لمحاسبات قد تأتي من خصومه إذا صعدوا إلى السلطة.
كما يرى مراقبون أن ترشُّح الغنوشي للانتخابات التشريعية يحمل عدة رسائل مهمة للخارج؛ فهو إشارة عالية الوضوح للإسلاميين في دول كثيرة بأن الشرعية الحقيقية لا يمكن أن تكون إلا شرعية قانونية ودستورية عبر خوض الاستحقاقات الانتخابية الشعبية، ولا تكتسب إلا عبر الصناديق.
كما تؤكد هذه الخطوة من رئيس الحركة محاولته توجيه رسالة إلى الغرب تدعم موقفه من أن نظرية الإسلام الديمقراطي التي يروّج لها ليست فقط للاستهلاك السياسي وإنما يسعى حزبه لتطبيقها من خلال الخضوع لرغبة الناخبين والاحتكام إليها، وإبراز أن تونس بصدد تأكيد استثنائها في المنطقة ومواصلة مغامرتها المحفوفة بالمخاطر.