الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

نائبة برلمانية لـ”كيوبوست”: تعذيب وإهمال وسوء معاملة داخل السجون العراقية

بغداد – أحمد الدليمي

ما زالت معاناة الموقوفين العراقيين القابعين في السجون العراقية منذ سنوات، مستمرةً رغم مناشدات عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي، الممثلين عن العرب السُّنة، بالإضافة إلى المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان، السلطات الحكومية بتحسين وضع المعتقلين في المعتقلات ورفع الإجحاف والظلم عنهم ووقف الانتهاكات البشعة وتفعيل دور الإصلاح للإفراج عن النزلاء الأبرياء؛ لكن الجهات الحكومة تنفي وجود أي انتهاكات وظلم وتقصير في السجون العراقية.

النائبة عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي وحدة الجميلي، قالت في حديث خاص إلى “كيوبوست”: “إن الوضع الإنساني للمعتقلين داخل السجون مزرٍ للغاية؛ بسبب إهمال إدارة السجون في تحسين ملف السجناء من ناحية تجهيز النزلاء بالطعام الجيد، إذ يخصص لكل سجين 10 دولارات أمريكية يوميًّا؛ لكن ما يحصل عليه المعتقل من إطعام هو أقل من 5 دولارات، وأغلب هذه الأموال تذهب إلى جيوب الفاسدين المسؤولين عن إدارة هذا الملف، وكذلك انعدام الخدمة الصحية للنزلاء؛ إذ يفتقر عديد من السجون إلى العدد الكافي من المراكز الصحية الرئيسية والفرعية، وكذلك المفارز الطبية متحركةً كانت أم ثابتة”.

شاهد: العراقيون يزيلون آثار انفجارات ساحة التحرير

النائبة وحدة الجميلي

وأشارت الجميلي إلى أن إجراءات التعسف والقمع وصلت إلى حد عدم استبدال ملابس السجناء، وإدارة السجون لا تزودهم بالأغطية (البطانيات)؛ خصوصًا خلال فصل الشتاء، وتمنع ذويهم من إدخال الطعام إليهم خلال الزيارات الشهرية، والإهمال الطبي اعتادت عليه الوزارة؛ وهو من الأسباب التي زادت في وفاة كبار السن من المعتقلين، ويقابله سوء التهوية والاكتظاظ اللذان تشهدهما سجون الوزارة؛ مما وفر بيئة مناسبة لانتشار أمراض جلدية خطيرة بسبب حرمانهم من أشعة الشمس بصورة مستمرة، ما تسبب في نقص “فيتامين D” في أجسادهم؛ فهذا الإهمال قتلٌ بطيء للمسجونين، على حد وصفها.

وأضافت النائبة عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي أن أهم ما سجلناه هو حجم الاكتظاظ الكبير لمراكز الاحتجاز وارتفاع أعداد المحتجزين، ولهذا عواقب؛ منها انتقال الأمراض المعدية بين صفوف المعتقلين، إضافة إلى عدم صلاحية أماكن الاحتجاز؛ إذ لا تتوفر فيها أبسط معايير حقوق الإنسان، وأن هناك معتقلات طاقتها الاستيعابية مثلًا ألفا معتقل وبها 6 آلاف معتقل، وهذه مشكلة كبيرة تواجه الحكومة العراقية؛ بسبب الزيادة في أعداد المعتقلين يوميًّا، نتيجة الأمراض المجتمعية التي طرأت على المجتمع العراقي؛ ومنها الفقر والبطالة، وتقود إلى عمليات خطف وقتل وزنى محارم واتجار بالبشر وسطو مسلح واتجار بالمخدرات.

اقرأ أيضًا: تظاهرات العراق.. ساحات حرب على الفساد والتبعية الإيرانية

وأوضحت الجميلي لـ”كوبوست”: “هناك منع لذوي السجناء من مقابلة أبنائهم؛ بسبب وجود خلل يكمن في قانون 14 الخاص بالمودعين والنزلاء، إذ ينص أحد بنود هذا القانون، وهو المادة 26 الفقرة 3، على ضرورة منع زيارة السجناء؛ خصوصًا المحكومين وَفق المادة 4 إرهاب، وقضايا تخص الأمن الداخلي.

لكن في الآونة الآخيرة وتزامنًا مع بدء الاحتجاجات الشعبية، ظهرت دعوات مسمومة بضرورة تشديد أجهزة الأمن إجراءاتها الأمنية حول السجون؛ خوفًا من كسر سجن الناصرية وتهريب المعتقلين المنتمين إلى تنظيم الدولة داعش”.

وحسب قول الجميلي، فهذه كلها شائعات مغرضة ولا صحة لها على أرض الواقع؛ لأن أغلب هؤلاء المعتقلين مرضى وعاجزون عن الهرب؛ فقط ضاعفت من الإجراءات الأمنية، ما صعَّب على ذوي المعتقلين وحرمانهم من زيارة أبنائهم.

اقرأ أيضًا: محاولات السيطرة الإيرانية على العراق قد تشمل فرق الاغتيالات!

وطالبت النائبة بإسكات الأصوات النشاز التي تطالب بتنفيذ أحكام الإعدام بحق المتهمين خارج إطار الدولة والقضاء، نافيةً وجود أي انتهاكات وتعذيب يُمارس الآن في حق المعتقلين القابعين بسجن الناصرية الواقع جنوب العراق.

 ومن جهته، كشف مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان مهند العيساوي، لـ”كيوبوست”، عن أن أكثر من 90% من الموقوفين لا يزالون يتعرضون إلى التعذيب الجسدي في سجون الدوائر التحقيقية التابعة لوزارة الدفاع والداخلية والاستخبارات والمخابرات ومكافحة الإرهاب وقيادات العمليات المختلفة.

وقال العيساوي: “إن ما يجري من تعذيب في تلك الدوائر يشكل سياسة ممنهجة وليس ممارسات فردية إطلاقًا؛ ولذلك نشكك وتشكك المنظمات الدولية في الأحكام الصادرة من القضاء ضد المعتقلين، لأن أغلبها بُني على أساس الاعترافات المنتزعة بالتعذيب والترهيب والإكراه، وقد صدرت أحكام بالإعدام جرى تنفيذها ضد معتقلين أبرياء”.

وأكد مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان أن السلطات العراقية لم تقدم على أية خطوة جدية في سبيل مواجهة ظاهرة التعذيب في سجون البلاد، وأنها لا تكترث لاستمرار جرائم التعذيب بعد أن شملت مرتكبي جرائم التعذيب بقانونَي العفو العامَّين لعامَي 2008-2016، وبذلك أسقطت كل حقوق ضحايا جرائم التعذيب منذ 2003 حتى 2016، وأفلت مرتكبوها من العقاب؛ وهو ما كان تشجيعًا وحمايةً لمرتكبي تلك الجرائم.

اقرأ أيضًا: صراع شيعي – شيعي حول التأثير الإيراني داخل العراق

ورغم أن السلطات العراقية ملزمة باحترام (اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة)، والتي انضم إليها العراق رسميًّا بموجب القانون رقم (30) لسنة 2008؛ فإنها لم تلتزم بموادها، خصوصًا في ما يتعلق بالمادة الثانية من الاتفاقية؛ فلم تتخذ السلطات العراقية أي إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة لمنع أعمال التعذيب، وما زالت السلطات تتذرع بالظروف الاستثنائية كمبرر للتعذيب ولسوء المعاملة أو لعدم القدرة على كبحهما في هذه الفترة.

وأضاف العيساوي أن انتشار الأمراض القاتلة بين المعتقلين في سجون الوزارة أصبح أمرًا طبيعيًّا، دون أن تتخذ الوزارة الإجراءات الكفيلة بمواجهتها؛ مثل مرض “السل” الذي بات يفتك بالمعتقلين في أغلب السجون، حيث لا توافق إدارات السجون على نقل المعتقل المصاب بـ”السل” إلى المستشفى، ولا تقوم بعزله عن بقية المعتقلين إلا بعد أشهر من إصابته بالمرض، وعندها يكون المرض قد انتشر في جميع أنحاء جسده ويصبح من الصعوبة معالجته؛ ما يُعَرِّض النزيل المصاب إلى الوفاة.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة