الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
“ميراث الكراهية”.. محاولة لتفكيك خطاب الإخوان
حسب الدراسة الصادرة مؤخراً عن مركز سلام لدراسات التطرف فقد اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين على خطاب المظلومية سعياً للسلطة

كيوبوست
أكدت دراسة حديثة سعي جماعة الإخوان المسلمين للاستقواء بالخارج منذ تأسيسها، مع ادعاء المظلومية؛ لكسب حالة من التعاطف في الداخل والخارج، مشيرةً إلى اختلاف آليات توظيف المظلومية من الجماعة وَفق الظرف السياسي والوضع في كل مرحلة؛ بهدف وحيد وهو الوصول إلى السلطة.
وقالت الدراسة التي حملت عنوان “ميراث الكراهية.. تفكيك خطاب الإخوان في الخارج”، الصادرة عن مركز سلام لدراسات التطرف، التابع لدار الإفتاء المصرية، إن الجماعة منذ نشأتها وهي تمارس استراتيجية “المظلومية” (خطابة وممارسة)، والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيتها لتحقيق 5 أهداف رئيسية؛ تتمثل في استجداء تعاطف الشباب غير المنضمين إليها، بجانب استخدامها كأداة للاستقطاب والتجنيد، مع الحشد والتعبئة بعد تشويه مؤسسات الدولة داخلياً، والاستقواء بالغرب في مواجهة المجتمعات ومؤسسات الدول، وضمان الحفاظ على ولاء قواعدها من الشباب.
اقرأ أيضًا: نقاشات متعمقة حول الإرهاب والتطرف الديني في مؤتمر “سلام”
توظيف خطاب المظلومية
وأشارت الدراسة إلى أن الجماعة استغلت عبر تاريخها خطاب المظلومية للتحريض ضد الدولة ومؤسساتها وترسيخ صورة سلبية عن القائمين على إدارة البلاد؛ لكونها ترى نفسها الأفضل والأجدر لتولي زمام الحكم، وهو أحد الأسباب الرئيسية في تبني شعار “الإسلام هو الحل”، وهو خطاب يتعالى مع كل هزيمة سياسية أو إعلامية تتعرض إليها الجماعة وأجهزتها المختلفة؛ حيث تصور الوضع وكأن هناك حرباً ضروساً ضد الإسلام تواجهها الجماعة.
وأكدت الدراسة أن الجماعة وظفت شعارات المظلومية ومقولاتها المختلفة للدعوة إلى العنف والتحريض على المجتمعات عبر مراحل زمنية مختلفة؛ خصوصاً في خضم صراعاتها على السلطة، ومن ثمَّ تبني الجماعة تلك الشعارات الزائفة، سواء لتبرير العنف الذي تورطت فيه أو للتحريض على العنف، بجانب استغلالها للتحريض ضد مؤسسات الدولة؛ سواء عبر الاحتجاج أو التظاهر أو الاعتصام أو الدعوة إلى الإضرابات المختلفة.

طرق متعددة
ولفتت الدراسة إلى أن الجماعة استخدمت هذا الخطاب في فترات سابقة للحشد الانتخابي لمرشحيها؛ حيث وجهت الخطاب بالأساس لتعبئة عناصرها من أجل التوحد والتكاتف، بجانب مخاطبة المتعاطفين معها، موضحةً أن تاريخ الجماعة شهد منذ ستينيات القرن الماضي، من خلال سعيد رمضان، حفيد حسن البنا، سعياً حثيثاً لاكتساب زخم ودعم غربي يصطف إلى موقف الجماعة في مواجهة الدولة والمجتمع معاً؛ وهو ما عملت على تحقيقه الجماعة عبر بناء شبكات وكيانات متعددة وموزعة في البلدان الأوروبية كافة، والولايات المتحدة؛ تحقيقاً لهذا الهدف.
وأشارت الدراسة إلى أن الجماعة حرصت على تحقيق هذا الهدف من خلال عدة طرق أخرى؛ من بينها بناء شبكة علاقات مع بعض صانعي ومشرعي القرار في الغرب، واهتمت ببناء شبكة إعلامية ترويجية لأهدافها بالغرب؛ بهدف التأثير على صناع القرار الغربي، لمساندة ومناصرة الجماعة وقضاياها، بجانب التأثير في الرأي العام الغربي تجاه قضايا الدول الإسلامية، مع محاولة تضليل وتوجيه وسائل الإعلام الغربية لمهاجمة الدول الإسلامية وسياساتها المختلفة، معتبرةً أن الجماعة استغلت خطابات المظلومية لتوجيه صناع القرار والرأي العام الغربي ضد السياسات الوطنية في العالم الإسلامي، ومن ثمَّ كان التوظيف الأبرز من خلال خطاب ملفات حقوق الإنسان.
اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون.. انقسام وصراع من أجل البقاء
تحول الوسيلة إلى غاية
وأكدت الدراسة أن شعارات المظلومية تحولت من وسيلة إلى غاية لدى الإخوان بعد الإخفاقات التي تعرضت إليها الجماعة في الفترات السابقة؛ خصوصاً مع فقدان السلطة في مصر، وهي لغة تزايدت حدتها مع تولي إدارة بايدن سدة الرئاسة في الولايات المتحدة؛ حيث تراهن الجماعة على الإدارة الأمريكية الجديدة لمحاولة استعادة جزء مما فقدته خلال السنوات الماضية.

ولفتت الدراسة إلى أنه على الرغم من قيام الجماعة بالتنسيق مع عدد من منظمات حقوق الإنسان على مدار عقود؛ فإنه يمكن تقسيم هذه المنظمات إلى منظمات أسستها بعد 2013 في الخارج، والتي انقسمت إلى منظمات ناطقة بالعربية توجه خطابها إلى الداخل المصري أو المحيط الإقليمي، وثانية ناطقة بالإنجليزية أو تستخدم اللغتَين معاً، والتي وجهت إلى الغرب بشكل أساسي، موضحةً أن أبرز ما يلفت الانتباه إلى تقارير هذه المنظمات هو الترويج لسردية الجماعة عقب عزل مرسي من الحكم، مع تعمُّد تغافل العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة، بجانب دورها في تشكيل الخلايا النوعية التي قام الأمن المصري بتفكيكها.
وأكدت الدراسة أن الإخوان عملوا بعد تمكن أجهزة الدولة المصرية من فض اعتصام رابعة العدوية، على تشكيل عشرات الكيانات والائتلافات والمنصات الإعلامية والمراكز البحثية؛ لمناهضة الدولة المصرية، منها ما توقف عن العمل ولم يعد يذكر منه سوى الاسم، وبعضها ما زال يعمل بالفعل، لافتةً إلى أن الجماعة تدرك أهمية ملف حقوق الإنسان في الغرب؛ لذا سعت لتقديم نفسها كـ”معارضة سلمية” تواجه الاضطهاد والظلم على يد الدولة المصرية.

واختتمت الدراسة بالتأكيد أن الجماعة عبر برمجياتها وخطاب المظلومية الذي اعتمدته كأساس في الملف الحقوقي، حولت متهمين مُدانين في عمليات إرهابية ومحرضين على ارتكاب العنف ضد المجتمع، إلى معارضين ينكل بهم نظام الدولة؛ عبر استراتيجية ارتكزت على مسارات واضحة قائمة على اختراق المنظمات الحقوقية الدولية عبر توظيف أعضاء لها واستمالة موظفين فيها لخدمة قضاياها، فضلاً عن إسناد الملف الحقوقي إلى قيادات فاعلة بالصف الثاني، والتواصل مع منظمات حقوقية لا تخضع للجماعة ولا تتبعها تنظيمياً.