الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
موجة جدل واستنكار لاجتماع مُغلق بين أردوغان والغنوشي في إسطنبول

كيوبوست – تونس
أثار استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيسَ حركة النهضة راشد الغنوشي، في إسطنبول مساء السبت الماضي، غداة فشل الحركة الإسلامية في تمرير حكومة الحبيب الجملي، موجة جدل واستياء واسعَين، وسط اتهامات للغنوشي بتلقي تعليمات من الرئيس التركي.
وكشفت وكالة “أناضول” التركية، مساء السبت 11 يناير 2020، أن الرئيس رجب طيب أردوغان، عقد لقاءً مغلقًا مع رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في مدينة إسطنبول.
اقرأ أيضًا: تونس ترفض الطلب التركي بإنزال قواتها عبر حدودها مع ليبيا
وأبرزت الوكالة أن “الاستقبال جرى في المكتب الرئاسي بقصر دولمة بهتشة، وأن أردوغان عقد اجتماعًا مغلقًا مع الغنونشي”، دون أن تقدم أي تفاصيل أخرى.
وجاء الاجتماع بعد أقل من 24 ساعة من إسقاط البرلمان حكومة الحبيب الجملي، بحصولها على 72 صوتًا فقط .
ولاقى هذا اللقاء، الذي لم يُكشف عن تفاصيله لوسائل الإعلام، استنكارًا واسعًا من قِبَل أحزاب وفعاليات سياسية وإعلامية مختلفة في تونس.
اقرأ أيضًا: نادية شعبان لـ”كيوبوست”: فوز الغنوشي سيجعله صاحب القرار في تونس
ودوّن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسياسيون تعليقات غاضبة من زيارة الغنوشي إلى تركيا ولقائه رئيسها في اجتماع مغلق وفي توقيت حسّاس، ورأوا فيها استفزازًا للتونسيين وخيانة وطنية وانتهاكًا لاستقلالية السيادة الوطنية؛ حتى إن البعض دعا إلى مساءلته في البرلمان ومطالبته بتوضيح رسمي وشرح لأسباب هذه الزيارة.
فاعتبر النائب عن حزب “تحيا تونس” مبروك كرشيد، أن “زيارة رئيس البرلمان راشد الغنوشي، إلى تركيا، هتكت الأعراف الدبلوماسية، ومسَّت السيادة التونسية؛ فليس مسموحًا له التقاء الرئيس التركي منفردًا دون حضور السفير التونسي”.
وأشار كورشيد، في تدوينة له على صفحته عبر “فيسبوك”، إلى أن رئيس الجمهورية وحده يمكن أن يعقد اجتماعًا منفردًا برئيس دولة أجنبية، متابعًا “توجيه دعوة إليه من الرئيس التركي تمر عبر مؤسسات الدولة، وقبولها منه يجب أن يخطر بها بصفة رسمية مكتب المجلس، حتى إذا كانت الدعوة وجهت إليه بصفة حزبية أو شخصية ما دامت معلنة ورسمية فهو رئيس مجلس النواب، وهي الصفة التي ستلازمه ما دام رئيسًا له”.
كما أكد النائب عن حزب “تحيا تونس” أن من حق الدولة أن تعرف ما دار في هذه الزيارة التي وقعت بعيدًا عن رقابتها.
اقرأ أيضًا: في تحالف غير معلن.. الغنوشي يفوز برئاسة البرلمان

وجاء تعليق الأمين العام لحركة مشروع تونس، محسن مرزوق، على هذا اللقاء، بالقول: “إن ذهاب رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إلى إسطنبول لمقابلة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مباشرةً، بعد سقوط الحكومة في البرلمان، كما ذهب في مناسبات مماثلة، يؤكد مرة أخرى بما لا مجالًا للشك أن قرار حركة النهضة مرتبط بتوجيهات تركيا”.
وأضاف مرزوق، خلال تدوينة على صفحته الرسمية: “على أعضاء مجلس نواب الشعب الأحرار أن يسألوا أنفسهم كيف يمكن أن تتحول مؤسسة رئاسة مجلسهم في شخص رئيس المجلس إلى حالة تبعية لدولة أجنبية؟ هذا سبب إضافي لإحداث تغيير في رئاسة المجلس”، وَفق قوله.
اقرأ أيضًا: “صندوق الزكاة”.. رهان الغنوشي الأخير في الانتخابات التشريعية
وتابع الأمين العام لحركة مشروع تونس: “الغنوشي يمكن أن يذهب للقاء زعيمه التركي متى شاء؛ ولكن بصفته الشخصية، أما صفة رئيس البرلمان المؤتمن على سيادة الشعب، فهذا غير مقبول ولا يجب أن يتواصل”.
وارتكازًا على الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان في تونس، “يمكن للبرلمان سحب الثقة من رئيسه أو أحد نائبَيه بموافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس بناء على طلب كتابي معلّل يُقدَّم إلى مكتب المجلس من ثُلث الأعضاء على الأقل، ويُعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت بسحب الثقة من عدمه، في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه إلى مكتب الضبط”.

ودعا الحزب الدستوري الحر في بيان له، السبت الماضي، مختلف النواب والكتل البرلمانية الذين أسهموا في إسقاط حكومة الجملي، إلى إمضاء عريضة لسحب الثقة من رئيس البرلمان، وتصحيح ما اعتبره “خطأً فادحًا تم ارتكابه في حقّ هذه المؤسسة الدستورية”، مؤكدًا أنه يضع إمضاء نواب كتلة الحزب الدستوري الحر الـ17 كبداية للشروع في جمع 73 صوتًا، وهي المستوجبة لتمرير هذه العريضة.
وترى الصحفية سهام عمار، أن هذه الزيارة زيارة تحدٍّ واستفزاز صبيحة سقوط الحكومة؛ خصوصًا أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، سبق أن قام بمثل هذه الزيارة مباشرةً إثر الانتخابات التشريعية، ومما رواه بعض الثقات فقد نصح أردوغان الغنوشي بالبقاء في البرلمان، وتحادثا عن كيفية اختيار رئيس الحكومة.
اقرأ أيضًا: بعد زيارة أردوغان غير المعلنة إلى تونس.. هل يُغيِّر سعيّد موقف تونس الحيادي من الملف الليبي؟
ودونت عمّار على صفحتها عبر “فيسبوك” أن “الأغرب فقد انعقد اجتماع ضيق بين الرجلَين في أثناء الزيارة المباغتة التي أداها أردوغان إلى تونس أواخر الشهر الماضي.. حضر هذه الزيارة شخص تبين أنه رُشِّح لتولِّي وزارة طالب حزب ما تونس بتحييدها، وتمسك بذلك رغم أنها زيارة غير سيادية..
هذا الشخص الذي حضر الاجتماع لم يكن يملك الصفة، فقط مستثمر؛ إذ كانت تركيبة حكومة الجملي لم تُكشف بعد”.
وتساءلت الصحفية: “هل هي زيارة بحث عن مآل الاتفاقات المبرمة إثر سقوط حكومة الجملي؟”.
بينما اعتبر النائب عن الجبهة الشعبية بمجلس نواب الشعب المنجي الرحوي، أن راشد الغنوشي “سيسعى لتصريف أزمتة الداخلية وهزيمته السياسية إثر السقوط المدوي لحكومته بكل الوسائل”.
اقرأ أيضًا: فساد أردوغان يصل إلى تونس
وأشار الرحوي، خلال تدوينة نشرها على صفحته الرسمية عبر موقع “فيسبوك”، إلى أن “إعلان (النهضة) من خلال رئيس كتلتها دعم حكومة الوفاق، هو تخندق وانحياز ذو بُعدَين.. هو انحياز سياسي لطرف تدعمه المنظمة العالمية للإخوان المسلمين وبسند ميداني للجماعات الإرهابية، وهو كذلك خطر على الموقف الرسمي التونسي لجرِّها إلى المحور التركي- القطري في علاقة (النهضة) بحركة الإخوان المسلمين عمومًا وأردوغان بصفة خاصة”.
وبخصوص لقاء إسطنبول، كتب الرحوي: “اللقاء الذي جمع رئيس المجلس راشد الغنوشي، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذا كان بصفته الحزبية فهو موجب للمساءلة من طرف رئيس الجمهورية، إذا لم يكن على علم به، وإن كان بصفة رئيس مجلس نواب الشعب فهو موجب للمساءلة أمام المجلس”.
اقرأ أيضًا: إعفاءات بأعلى السلطة بتونس.. إقالات أم تصفية حسابات؟
وأضاف النائب عن الجبهة الشعبية بمجلس نواب الشعب: “هناك خلط واضح بين الصفتَين، وهذا أمر تكرر ويمثل خطرًا على المؤسسات والديمقراطية”.
وتابع الرحوي: “الوضع دقيق في تونس، والموقف جد حساس في ليبيا، والتطورات الحاصلة تؤشر بتعقيدات تتطلب كثيرًا من الحذر والانتباه”، لافتًا إلى أن “الموقف التونسي الرسمي أُعلن من خلال رئاسة الجمهورية أنه لا تموقع لتونس في سياسات المحاور”، منوهًا بأن “تركيا وقطر أحد المحاور في رحى حرب تفرض وتدق طبولها في الشقيقة ليبيا”.