الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

مواجهة تحدي الإرهابيين الذين يمتلكون أسلحة كيماوية

كيوبوست- ترجمات

ثورة الاتصالات جعلت تبادل المعلومات أسهل للجميع، بما في ذلك الإرهابيون. أحد عناصر ذلك انتشار تكنولوجيا الأسلحة التي كانت في السابق مخصصة للدول فقط. ومن الأمثلة البارزة في هذا الصدد الطائرات بدون طيار. وهناك حالة أقل بروزًا ولكن ربما أكثر خطورة هي الأسلحة الكيماوية.

الطائرات بدون طيار، المصدر: BBC

تاريخ موجز للحرب الكيميائية

ربما ترتبط الأسلحة الكيماوية في أغلب الأحيان في أذهان الناس بالحرب العالمية الأولى، حيث كانت هذه هي بداية الحرب الكيماوية بمعناها الحديث. وفي حين كان الكلور هو العنصر الكيميائي الأكثر شهرة الذي استخدمه المقاتلون في الحرب العظمى، فإن الفوسجين وخردل الكبريت كانا أكثر فتكًا.

الأسلحة الكيماوية أيضًا كانت سمة بارزة في الحرب العالمية الثانية، حيث استخدمت الحكومة النازية في ألمانيا مادة “زيكلون ب” (Zyklon B) لتنفيذ الإبادة الجماعية الصناعية ضد يهود أوروبا، واستخدمت الحكومة اليابانية الذخائر الكيماوية ضد القوميين الصينيين في الكومينتانغ.

اقرأ أيضًا: الإرهاب البيولوجي والمتطرفون العنيفون ومكافحة الإرهاب

ومنذ الحرب، لم يستخدم أسلحة الدمار الشامل الكيماوية سوى عدد قليل من الجهات الفاعلة المارقة في النظام الدولي. واستخدم الاتحاد السوفييتي الأسلحة الكيماوية في فترة الثمانينيات، خلال استعماره لأنغولا وغزوه لأفغانستان.

في فترة الثمانينيات أيضًا، شنَّ صدام حسين هجماتٍ كيماوية متكررة، معظمها باستخدام غازات الأعصاب مثل “تابون” و”سارين”، ضد إيران خلال حربهما، وضد المدنيين الأكراد داخل العراق، والأكثر شهرة في حلبجة.

الجدير بالذكر أن استخدام الأسلحة الكيماوية كان محرمًا دوليًا حتى قبل عام 1914، ومع ذلك فإن اتفاقية الأسلحة الكيماوية التي صنّفت بعض المواد الكيماوية على أنها أسلحة دمار شامل، ليتم تفكيكها وحظر استخدامها بموجب الاتفاقية، لم تُطبق إلا في عام 1997.

استخدام الإرهابيين للأسلحة الكيماوية

استخدمت الأسلحة الكيماوية لأول مرة من قبل جهة فاعلة غير حكومية في عام 1990: هاجم نمور تحرير تاميل إيلام (نمور التاميل) القوات الحكومية في قاعدة على الساحل الشرقي لسريلانكا باستخدام غاز الكلور. وشنت حركة نمور تحرير تاميل إيلام، التي تتمركز وسط الأقلية الهندوسية، تمردًا ضد الحكومة التي يهيمن عليها البوذيون السنهاليون في سريلانكا من عام 1976 حتى الهزيمة الكاملة للحركة في عام 2009.

واشتهرت حركة نمور تحرير تاميل إيلام بوحشيتها، ولا سيّما استخدامها للتفجيرات الانتحارية، التي قتل أحدها رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف غاندي في عام 1991. وقامت ميليشيا حزب الله الإيرانية، رائدة التفجيرات الانتحارية، بتدريب نمور تحرير تاميل إيلام على هذا التكتيك، بعد أن تواصلت معهم الحركة في أعقاب الهجوم الانتحاري الذي شنه حزب الله ضد مشاة البحرية الأمريكية والفرنسية في بيروت في عام 1983، والانسحاب اللاحق للقوات الغربية. وسيستمر حزب الله في تدريب الجماعات الإرهابية الأخرى على استخدام الفظائع الانتحارية، خاصة حزب العمال الكردستاني في تركيا، ومختلف الجماعات الفلسطينية.

عناصر تابعة لحزب الله- أرشيف

في يونيو 1994، استخدم غاز السارين في ماتسوموتو في اليابان ضد مبنى سكني. استهدف الهجوم الإرهابي ثلاثة قضاة يعيشون في المبنى، كانوا على وشك الحكم في قضية جنائية ضد مجموعة تُسمى أوم شينريكيو (الحقيقة العليا)، طائفة بوذية “نهاية الزمان” أدرجت عناصر من الهندوسية والمسيحية في أيديولوجيتها، معتقدة أن أعضاءها هم “المختارون” الذين سينجون من المعركة الفاصلة بين الخير والشر. وأسفر هجوم ماتسوموتو عن مقتل ثمانية أشخاص، وإصابة نحو 250 آخرين.

كان الاستخدام الأكثر شهرة للأسلحة الكيماوية من قبل جماعة إرهابية حتى السنوات الأخيرة هو أيضًا من قبل أوم شينريكيو، في مارس 1995، حيث أطلقت السارين في نظام مترو أنفاق طوكيو، ما أسفر عن مقتل ثلاثة عشر شخصًا، وإصابة مئات آخرين.

من المعروف أن تنظيم القاعدة قد حصل على أسلحة الدمار الشامل الكيميائية، واختبرها على نطاقٍ صغير في أفغانستان خلال حكم طالبان في فترة التسعينيات. وفرع القاعدة في العراق، أنصار الإسلام، الذي انضوى لاحقًا تحت لواء داعش، قد طوّر أسلحة كيماوية في العقد الأول من القرن الحالي، خلال فترة صدام في السلطة.

لحسن الحظ، لم ينجح تنظيم القاعدة أبدًا في استخدام أسلحة الدمار الشامل الكيماوية، لكن داعش استخدم هذه الأسلحة بانتظام على مدار العقدين الماضيين.

اقرأ أيضًا: هل أصبحت الطائرات بدون طيار قوة جوية إرهابية؟

تنظيم داعش والأسلحة الكيماوية

تمكّن تنظيم داعش -الذي كان معروفًا باسم تنظيم القاعدة في العراق حتى عام 2006- من الوصول إلى مخزونات صدام الكيماوية في السنوات الأولى بعد الغزو الأنجلو-أمريكي عام 2003 لأن الجهاديين عملوا بشكلٍ وثيق مع البعثيين في النظام السابق الذين سيطروا على التمرد حتى عام 2005.

استخدم داعش غير مرة أسلحة الدمار الشامل الكيماوية، مثل خردل الكبريت، لمهاجمة قوات التحالف والمدنيين. منذ عام 2004، خاصة في الفترة 2006-2007، استخدم داعش غاز الكلور أيضًا.

علاوة على ذلك، خطط داعش لاستخدام الإرهاب الكيماوي في الخارج. في يونيو 2004، أحبط الأردن مؤامرة كبيرة لداعش لاستخدام مجموعة متنوعة من المواد الكيماوية في تفجيرٍ ضخم في عمان. وفي الآونة الأخيرة، كان داعش يخطط لشن هجمات كيماوية في أوروبا.

منذ أن أعلن داعش “خلافته” في عام 2014، استثمر موارد كبيرة في قسم خاص لتطوير الأسلحة الكيماوية، التي كانت موجودة منذ عام 2002، التي كانت ولا تزال، تضم موظفين سابقين من برنامج صدام لأسلحة الدمار الشامل.

يمثل تنظيم داعش الإرهابي خطرًا كبيرًا – أرشيف

اختبر داعش أسلحة كيماوية على البشر، واستخدمها على نطاقٍ واسع ضد القوات الأمريكية، والقوات المتحالفة معها. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ألقت القبض على بعض أعضاء قسم أسلحة الدمار الشامل في داعش، وقتلت البعض وفرضت عقوبات على من تبقى منهم.

لكن مع زوال “الخلافة”، أصبح تطوير الأسلحة الكيماوية أكثر صعوبة بالنسبة لداعش: حتى تطوير كميات صغيرة من أسلحة الدمار الشامل الكيماوية يتطلّب بنية تحتية صناعية كبيرة، وفي غياب سيطرة التنظيم على الأرض، تصبح مثل هذه البنية التحتية غير متاحة بشكلٍ موثوق.

الخلاصة

في الوقت الحاضر، ينبع أخطر تهديد للإرهاب الكيماوي من داعش. لقد استخدمه على نطاقٍ واسع إلى حدٍّ ما، ويحتفظ بإمكانية الوصول إلى المواد والخبرات المستمدة من نظام صدام السابق. لكن بدون “الخلافة”، من الصعب على هذا التنظيم الجمع بين مخزوناته ومعرفته التقنية بصنع أسلحة كيماوية على نطاقٍ واسع.

وبالتالي، فإن ضمان عدم تمكّن داعش من استعادة الأراضي يمثل أولوية أمنية مهمة، من حيث حرمان الإرهابيين من الوصول إلى أسلحة الدمار الشامل الكيماوية، لأنه في عالم اليوم المترابط ستنتشر مثل هذه الأسلحة قريبًا.

المصدر: عين أوروبية على التطرف

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة