الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
من يقف وراء إحراق صناديق الانتخابات العراقية؟ ولمصلحة من؟
مؤشرات على استفادة أطراف معينة من الحريق

كيو بوست –
حرائق ضخمة التهمت صناديق الاقتراع في منطقة الرصافة شرقي العاصمة بغداد، كانت تضم أوراق الناخبين في المنطقة، بعد فترة قصيرة من بروز مزاعم تزوير نتائج الانتخابات.
وكانت مجموعة كبيرة من الأحزاب المشاركة في الانتخابات –بما فيها السنية والشيعية والكردية- قد دعت إلى (أو أوضحت أنها لن تعارض) تغيير نتائج الانتخابات، بسبب ما قيل حول مزاعم تزويرها، بعد استخدام عملية الفرز الإلكتروني، في الإعلان عن نتائج الانتخابات، التي جرت في 12 مايو/أيار الماضي.
اقرأ أيضًا: هل تتغير نتائج الانتخابات العراقية بعد مزاعم التزوير؟
وأسفرت النتائج عن فوز تحالف سائرون، بزعامة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي حل أمام تحالف الفتح، بزعامة هادي العامري، المدعوم إيرانيًا، الذي جاء في المرتبة الثانية.
وكثيرًا ما يظهر الصدر نوايا لمواجهة سياسات إيران في بلاده، الأمر الذي لا يعجب طهران بتاتًا، خصوصًا أنها تتخوف من أن فوز الصدر قد يسهم في تغييرات جذرية تتعلق بالتواجد الإيراني في العراق.
قرار برلماني
ولجأ 100 نائب في البرلمان العراقي إلى إصدار قرارات تلزم مفوضية الانتخابات بإلغاء جزء من النتائج، واعتماد آلية الفرز اليدوي في احتساب أجزاء أخرى من النتائج. وطلب البرلمان أن يجري اختيار عينة عشوائية تمثل 10% من النتائج، يجري تطبيق الفرز اليدوي عليها، وفي حال ثبوت وجود تزوير بنسبة 25% على الأقل من أصواتها، يُطبق العد اليدوي في جميع الدوائر.
وقرر البرلمان إعادة الفرز لقرابة 10 ملايين صوت بشكل يدوي، من أجل التحقق من مزاعم التزوير.
ولكن بعد فترة قصيرة من هذا القرار، شوهدت أعمدة الدخان تلتهم أحد أكبر مخازن صناديق الاقتراع الواقعة في الرصافة، فيما لم تحدد السلطات أسباب اندلاع الحريق.
اقرأ أيضًا: حكاية مقتدى الصدر: الرجل الذي يتصدر المشهد العراقي
وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن أن المخازن المهمة التي تضم الصناديق لم يطلها الحريق، موضحًا أن الحريق اشتعل في مخزن يضم أجهزة ووثائق تابعة لمفوضية الانتخابات وبعض صناديق الاقتراع، وبأن رجال الإطفاء منعوا امتداد الحريق إلى مخازن الصناديق.
وأبلغت مصادر سياسية في بغداد صحيفة “العرب” اللندنية، بأن الموقع الذي اندلعت فيه النيران بمنطقة الإسكان، يحتوي على أصوات سكان مناطق الرصافة، التي تساوي نحو 40 مقعدًا في البرلمان الجديد. الجريدة اللندنية ذكرت أيضًا أن معظم أصوات “سائرون” –تكتل مقتدى الصدر- جاءت من منطقة الرصافة، إذ حصلوا خلالها على 17 مقعدًا من مقاعد بغداد، فيما سيؤدي إلغاء أصوات الصناديق الموجودة في الموقع المستهدف بالحريق إلى تكبد قائمة الصدر خسارة انتخابية كبيرة.
تعقيد الأمور
لا شك بأن عملية إحراق صناديق الانتخابات العراقية في الرصافة ستخلط الأوراق السياسية في البلاد، بشكل قد يزيد من تأزم العلاقات بين الأطراف المختلفة، خصوصًا بين أولئك الذين يدافعون عن نزاهة العملية الانتخابية وبين من يشككون في صحتها.
يتوقع مراقب سياسي أن تطال الاتهامات الجميع في قضية الحريق، الأمر الذي سيدفع كثيرين إلى النظر إلى النتيجة بشكل مريب، وهو ما تسعى إليه الجهة التي تقف وراء الحريق.
وكمثال على ذلك: بعد وقت قصير من الحادثة، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إلى إعادة الانتخابات التشريعية، زاعمًا أن الحريق عمل متعمد لإخفاء حالات الاحتيال والتلاعب في الأصوات.
اقرأ أيضًا: فوز مقتدى الصدر في الانتخابات العراقية يثير القلق في طهران
وكانت قيادات في تكتل نوري المالكي قد وجهت اتهامات غير مباشرة للتيار الصدري، بالتسبب بالحريق الذي طال صناديق مفوضية الانتخابات، لعرقلة العد اليدوي. وعلى إثر الحريق، طالب ائتلاف المالكي بإلغاء أصوات جميع الصناديق التي كانت في موقع اندلاع النيران.
من جهته، يقول تيار الصدر إن المالكي سينتهز أي فرصة لتبرير هزيمته أمام تكتله. وكان الصدر قد علق على الحادثة بالقول: “أما آن الأوان لأن نقف صفًا من أجل البناء والإعمار، بدل أن نحرق صناديق الاقتراع أو نعيد الانتخابات من أجل مقعد أو اثنين”، مضيفًا: “لن أبيع الوطن من أجل المقاعد”.
أما رئيس الوزراء حيدر العبادي، فقال إن الحريق يندرج في إطار “مؤامرة للنيل من العملية الديمقراطية، ومخطط لضرب البلاد ونهجها الديمقراطي”، بحسب تعبيره.
حريق العملية الانتخابية
من المحتمل أن يخدم الحريق أهداف الكتل المدعومة من طهران، خصوصًا بسبب المعارضة الكبيرة التي يظهرها الصدر لسياسات ولي الفقيه في بلاده، بغض النظر عن الجهة التي تسببت بالحريق.
وأشارت صحيفة العرب إلى أن إيران تصبو إلى “حريق يلتهم العملية الانتخابية برمتها”، بعد فشل حلفائها في الفوز بنتائج الانتخابات، ما يعني أن الجماعات المدعومة منها لن تكون قادرة على تشكيل الحكومة القادمة، وسيكون لذلك تبعيات كبيرة على مستقبل العملية السياسية في البلاد.
اقرأ أيضًا: مخاوف إيرانية من تحركات الصدر بعد فوزه في الانتخابات العراقية