الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةرفوف المكتبة

من قاعة الحدث.. مذكرات من البيت الأبيض (3)

ترامب طلب دعوة كيم لزيارة البيت الأبيض.. واستهزأ بماكرون وترودو

كيوبوست

نشر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق؛ جون بولتون، كتاباً بعنوان «من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض»، والذي نشر فيه الكثير من الأمور حول أسرار البيت الأبيض، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكيفية تعامله مع القضايا المختلفة.

وسوف يسعى هذا العرض إلى تقديم أبرز ما ورد في الكتاب حول القضايا المختلفة، مع التركيز على القضايا الشرق أوسطية بصورة أساسية، من دون إغفال بعض المواقف الدولية؛ وذلك بهدف رسم صورة كاملة وتطوير فهم عميق لكيفية تعامل الإدارة الأمريكية مع قضايا المنطقة.

خلال الجزءين الأول والثاني، استعرضنا وجهة نظر ترامب في الأزمة السورية والاتفاق النووي مع إيران وكواليس الانسحاب منه، بالإضافة إلى تجاهل إيران رغبة ترامب في الحديث مع مسؤوليها؛ وهي الرغبة التي كانت عكس قناعة دوائر صنع القرار في واشنطن، فضلاً عن ضيق الرئيس الأمريكي من الرواتب التي تدفع لقوات الأمن في الحكومة الأفغانية.

في الجزء الثالث، يواصل بولتون كشف طريقة اتخاذ ترامب القرارات رداً على التجاوزات الإيرانية في المنطقة، بالإضافة إلى تفاصيل لقاءات الرئيس الأمريكي رئيسَ كوريا الشمالية، ودعوة الأخير إلى زيارة البيت الأبيض التي أطلقها ترامب، مؤكداً خشيته تقديم ترامب تنازلات لكيم خلال اجتماعاتهما الثنائية.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون – أرشيف

ويرصد بولتون أسباب فشل الوصول إلى اتفاق مع كوريا الشمالية، بالإضافة إلى وجهة نظر ترامب في حلف شمال الأطلسي، وطريقة تعامله في الملفات التجارية؛ خصوصاً مع الاتحاد الأوروبي وكندا.

هجوم في الخليج

في وقتٍ مبكر من يوم الثلاثاء، 14 مايو، أشار بولتون إلى مهاجمة إيران محطتَي ضخ في خط الأنابيب شرق- غرب في المملكة العربية السعودية. ومع إعلان المملكة الفوري عن الهجمات، اتصل بولتون بترامب في نحو الثامنة والنصف، رد عليه بهدوء، وعقَّب على إيران، قائلاً: “إذا ضربونا، فسنضربهم بشدة، أستطيع أن أؤكد لكم ذلك”.

ترامب وبولتون – وكالات

وفي اجتماعٍ لبحث خيارات التصرف ضد إيران، حاول رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة جوزيف دانفورد، أن يكون أكثر تحديداً بشأن كيفية الرد على أي هجوم إيراني وتوقيته، وتمت مناقشة الأهداف الإيرانية التي يمكن استهدافها، وكان معظمها مرضياً، وفقاً لبولتون. غير أنه لسوء الحظ، عندما ذكر حجم القوات الأمريكية المتبقية في العراق، تساءل ترامب: “لماذا لا نخرجهم؟”، وأردف: “في سوريا تخلصنا من داعش”. وأشار بولتون إلى أن ما سمعه بعد ذلك كان صادماً، لكنه يتذكر بوضوح أنه سمع ترامب يقول: “لا أبالي إذا عاد (داعش) إلى العراق”. وفي ما يتعلق بإيران، استمر النقاش حول الإجراءات الأمريكية المحتملة؛ لكننا بعد ذلك انتقلنا إلى أفغانستان، حيث اشتكى ترامب من الرواتب التي تدفعها الولايات المتحدة لجنود الحكومة الأفغانية، ولم يقتنع ترامب عندما تم إبلاغه بأن المتوسط كان نحو 10 دولارات فقط في اليوم.

اقرأ أيضًا: كيف يمكن أن تكون الحرب الأمريكية- الإيرانية؟

من جانب آخر، ذكر بولتون أنه عقب الهجوم على ناقلات النفط، زار وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، طوكيو. ووقتها ذكر رئيس الوزراء الياباني آبي، لترامب، أنه استنتج من لقاء ظريف أن إيران تعاني، ولديها أزمة كبرى، وأنه يعتقد أن قرار ترامب بإرسال حاملة الطائرات أبراهام لنكولن عقب الهجمات، كان فعالاً جداً.

أبلغ آبي ترامب أنه كان يفكر في زيارة إيران، وبالفعل شجعه ترامب كثيراً على هذه الخطوة، رغم أنها قد لا تروق إلى بعض الأصدقاء العرب. وطلب ترامب من آبي استغلال أن إيران تقترب من الاحتضار وعليها الرضوخ والموافقة على صفقة، وطلب منه إبلاغهم بوضوح أنه لا يمكن أن تكون لديهم أسلحة نووية، وهي نقطة كررها مرتين. وأراد ترامب بشكل خاص أن يعرف الإيرانيون أنه لا يجب عليهم الاستماع إلى جون كيري، الذي طلب من الإيرانيين عدم التفاوض مع ترامب، والانتظار لحين وصول مرشح ديمقراطي إلى حكم الولايات المتحدة في الانتخابات القادمة. وكان ترامب يعتقد، وفقاً لبولتون، أنه يمكنه إجراء المفاوضات في يوم واحد مع إيران. كما طلب من آبي أن يبلغهم أن ترامب على استعداد تام لخوض الحرب، إذا كان عليه ذلك، وأنه يجب على إيران أن تفهم ذلك.

رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي – أرشيف

أشار بولتون إلى أنه، فور وصوله إلى لندن، زاره مستشار الأمن القومي السعودي مساعد بن محمد العيبان، الذي لم يلتقِ به من قبل، ليبلغه استياء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، من زيارة رئيس الوزراء الياباني آبي، إلى إيران. وحثّ بولتون نظيره السعودي على أن يطلب من الأمير محمد أن يتصل بترامب مباشرة، معتقداً أنه قد يحالفه الحظ ويقنع ترامب بتغيير موقفه من هذه الزيارة.

وأسقطت طائرة مسيرة أمريكية من طراز “إم كيو 9 ريبر”، بالقرب من الحديدة في اليمن، بواسطة صاروخ أرض- جو، من المرجح أن يكون الحوثيون أطلقوه أو إيرانيون من أراضي الحوثيين. وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم، وأشار بولتون إلى أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً، وسبب ذلك بصورة كبيرة يرجع إلى أن الجيش، ممثلاً في شخص نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة بول سيلفا، أصر على أننا لم نكن متأكدين مَن الذي قام بالفعل بإسقاط الطائرة المسيرة، ومَن ارتكب الهجمات الأخيرة الأخرى.

اقرأ أيضًا: الحوثيون واليمن.. إيران ودعم الطائفية ضد العرب

ويشير بولتون إلى انتقادات بومبيو لنهج ترامب في التفاوض مع إيران؛ إذ يرى أن ترامب يريد التوصل إلى صفقة نووية مع إيران، ولذلك فلن يكترث بالصواريخ الباليستية ودعمها للإرهاب، أو أي شيء آخر، ولذلك، ووفقاً لبومبيو كنا دائماً “في منطقة الخطر”. ووصف بولتون سياسة ترامب تجاه إيران، بأنها كانت تعكس تناقضاً بين “ترامب وترامب”، وليس انقساماً بين ترامب والإدارة الأمريكية.

قامت إيران بمهاجمة ناقلتين في 13 يونيو في خليج عمان، وأبلغ بولتون ترامب، غير أن الأخير أبلغه بضرورة عدم التصعيد، وهو نهج خاطئ وفقاً لبولتون. وفي نفس يوم الهجوم، استمع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إلى عرض ترامب الذي نقله رئيس الوزراء آبي، وكان خامنئي يأخذ ملاحظات، وأجابه في النهاية بأن ليس لديه رد، وهو أمر كان مهيناً، وفقاً لبولتون، كما أن مهاجمة إيران لناقلتي نفط بالتزامن، مع الزيارة، وإحداهما كانت يابانية، كان أمراً مهيناً كذلك. وبعدها بيوم أبلغ آبي ترامب بتفاصيل الزيارة، وأن روحاني وخامنئي يرفضان التفاوض قبل رفع العقوبات، وهو ما رفضه ترامب.

المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي: أرشيف

رفض اتفاق ترامب مع كوريا الشمالية

يشير بولتون إلى أنه كلما زادت معرفته بكيفية إدارة ترامب للمفاوضات مع كوريا الشمالية حيال برنامجها للأسلحة النووية، زاد إحباطه وتشاؤمه حول قمة ترامب- كيم. كان بولتون متشككاً بشدة في مدى نجاح الجهود المبذولة للتفاوض مع كوريا الشمالية لتجميد برنامجها للأسلحة النووية، واعتبر أن كوريا الشمالية “تبيع” هذا المقترح مرات عدة للولايات المتحدة وغيرها، مقابل الحصول على منافع اقتصادية؛ لكنه مقترح فاشل.

وعلى الرغم من خرقها التزاماتها بشكل متكرر؛ فإن كوريا الشمالية دأبت دائماً على إعادة أمريكا “الساذجة” إلى طاولة المفاوضات، لتقديم المزيد من التنازلات، وكسب مزيدٍ من الوقت لتطوير برنامجها النووي. وأكد بولتون أن واشنطن كانت تتصرف، كما لو أننا لم نتعلم شيئاً. والأسوأ من ذلك، كنا نقوم بإضفاء الشرعية على كيم جونغ أون، رئيس كوريا الشمالية، والذي وصفه بولتون، بأنه قائد معسكر الاعتقال للدولة هناك، وذلك من خلال منحه لقاءً مجانياً مع ترامب.

وأشار بولتون إلى أن اقتراح عقد لقاء بين ترامب وكيم لم يكن نابعاً من كوريا الشمالية، ولكن من كوريا الجنوبية، وأكد بولتون أنه نصح ترامب بضرورة تنسيق مواقفه مع كوريا الجنوبية، تجنباً لأية محاولة من جانب بيونج يانج للوقيعة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، غير أن ترامب لم يعبأ لكلامه.

اقرأ أيضًا: في حال وقعت حرب بين كوريا الشمالية وأمريكا، ما هي خسائر الطرفين؟

وبعد عقد لقاء بين ترامب وكيم في سنغافورة في 2018، أكد بومبيو أن كوريا الشمالية لم تتخذ أية خطوات مهمة تجاه نزع سلاحها النووي، وأنه “لا يوجد أي احتمال للنجاح”. وكان هناك اتفاق عام داخل الإدارة الأمريكية على ضرورة تشديد العقوبات بطرق متنوعة، سواء أكان ذلك دبلوماسياً أم اقتصادياً أم عسكرياً.

أما نهج كوريا الشمالية، فكان مختلفاً؛ حيث أرسل كيم خطاباً ودوداً إلى ترامب، منتقداً غياب أي تقدم في المفاوضات الثنائية بين البلدين، وداعياً إلى ضرورة عقد لقاء آخر مع ترامب، واتفق بولتون مع بومبيو على ضرورة تفادي عقد مثل هذا اللقاء، خوفاً من أن يقدم ترامب تنازلاً لكيم، ولكن عندما رأي ترامب الخطاب، طالب بأن يدعو كيم إلى زيارة البيت الأبيض، وهو ما اعتبره بولتون كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

غير أن كوريا الشمالية أبدت تشدداً، وطالبت وزير الخارجية الأمريكي بعدم تكرار زيارته ما لم يكن معه عروض جديدة، لا تضمن أي شيء بخصوص نزع سلاحها النووي، وإنما تتعلق بضرورة إعلان الولايات المتحدة وقف إعلان الحرب ضدها، وهو ما رفضه ترامب.

ملف التبادل التجاري

عقد ترامب اجتماعات ثنائية مع كل من رئيس الوزراء الكندي ترودو، والرئيس الفرنسي ماكرون؛ حيث دارت بينهما محادثات حول التجارة الثنائية، والتي كانت أبعد ما تكون عن الود. وفي الواقع، وفقاً لبولتون، فإن ترامب لم يحب حقاً ترودو أو ماكرون، لكنه تحمَّلهما، وكان يستهزِئ بهما، غير أنه كان يصور ذلك في إطار المزاح. ويفترض بولتون أنهما فهما ما كان يفعله، وردّا بالمثل، حيث كانت مصالحهما تقتضي ألا يكونا في مشاجرة دائمة مع الرئيس الأمريكي.

رئيس الوزراء الكندي ترودو – أرشيف

مع كندا، أراد ترامب تعديل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) وإبرام أخرى جديدة، تلبِّي إلى حد كبير أهدافه التجارية مع المكسيك وكندا. أما مع فرنسا، فالأمر أعقد؛ فالهدف الحقيقي لترامب هو الاتحاد الأوروبي، إذ كان يعتبر أن “الاتحاد الأوروبي أسوأ من الصين، غير أنه أصغر حجماً فقط”. واشتكى ترامب لكليهما من الصين، وأنها لم تلتزم بالقواعد المعمول بها في التجارة الدولية، وأنها نجحت في التهرب منها لفترة طويلة جداً.

لقراءة الحلقات السابقة:

من قاعة الحدث.. مذكرات من البيت الأبيض (1)

من قاعة الحدث.. مذكرات من البيت الأبيض (2)

عنوان الكتاب: «من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض».

اسم الكاتب: جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي.

دار النشر: سيمون آند شوستر.

سنة النشر: 2020

 اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة