الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
من قاعة الحدث.. مذكرات من البيت الأبيض (1)
ترامب طلب من أردوغان إبلاغ بوتين رغبة واشنطن في تجنب الأهداف الروسية في أية هجمات أمريكية على سوريا

كيوبوست
نشر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، كتاباً بعنوان «من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض»، والذي نشر فيه الكثير من الأمور حول أسرار البيت الأبيض، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكيفية تعامله مع القضايا المختلفة.
وسوف يسعى هذا العرض إلى تقديم أبرز ما ورد في الكتاب حول القضايا المختلفة، مع التركيز على القضايا الشرق أوسطية بصورة أساسية، من دون إغفال بعض المواقف الدولية؛ وذلك بهدف رسم صورة كاملة وتطوير فهم عميق لكيفية تعامل الإدارة الأمريكية مع قضايا المنطقة.

في الجزء الأول يتحدث بولتون عن موقف ترامب من الأزمة السورية، وكيفية اتخاذ القرار الأمريكي بمهاجمة مواقع عسكرية سورية؛ رداً على الهجوم الذي قام به الجيش السوري مستخدماً أسلحة كيماوية في أبريل 2018 على مدينة دوما، كما تطرق إلى تفاصيل اللقاء الذي جمع بين ترامب وبوتين في هلسنكي، وإخفاق الوصول إلى تفاهمات بشأن سوريا، في وقت أكد فيه الرئيس الروسي، خلال اللقاء، أن ضم القرم إلى روسيا أصبح أمراً تاريخياً، وانتهى اللقاء بالاتفاق على استمرار الخلاف في ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية.
كما يتطرق الجزء الأول إلى كواليس الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، والتمهيد الذي قام به بولتون مع حكومات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة؛ حتى لا يُفاجَأ أقرب حلفاء واشنطن بالقرار، مؤكداً أن مناقشات موسعة جرت بالفعل مع المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي، خلال زيارتهما إلى البيت الأبيض.
الأزمة السورية
أشار بولتون إلى حادثة مهاجمة القوات المسلحة السورية في 7 أبريل 2018، باستخدام الأسلحة الكيميائية، مدينة دوما في جنوب غرب سوريا ومواقع أخرى مجاورة، وهو ما أظهر إخفاق سياسة الردع الأمريكية، والتي كانت تقضي بمهاجمة نظام الأسد، في حالة استخدامه الأسلحة الكيماوية، وهو ما أثار التساؤل حول كيفية الرد بشكل مناسب داخل إدارة ترامب.

ويرى بولتون أن السياسة الأمريكية حيال سوريا كانت تعاني إخفاقاً شديداً، كما كان الرد على هذا الهجوم السوري الأخير بالأسلحة الكيميائية أمراً حتمياً، غير أنه لم يكن هناك وضوح لدى الإدارة الأمريكية حول كيفية تعزيز المصالح الأمريكية على المدى الطويل، بل أشار اجتماع لمجلس الأمن القومي، عُقد قبل أسبوع من حادثة دوما، إلى الاتجاه المعاكس تماماً، وهو ضرورة الانسحاب الأمريكي من سوريا، وهو ما كان يهدد، وفقاً لبولتون، المكاسب المحدودة، التي تحققت في ظل سياسات باراك أوباما الخاطئة تجاه سوريا والعراق، وبالتالي فإن سياسة ترامب كانت تهدد بتفاقم سلبيات هذه السياسة.
وأشار بولتون إلى أنه على الرغم من مهاجمة ترامب للأسد على “تويتر”؛ فإنه ترامب عبَّر عن صعوبة الانسحاب من الشرق الأوسط في هذا التوقيت، وأبدى إعجابه بخيار تدمير خمسة مواقع جوية سورية، رداً على استخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية. غير أنه في الوقت ذاته، عبَّر عن مخاوفه من أن يتسبب أي هجوم على سوريا في سقوط ضحايا من الجيش الروسي؛ نظراً للانخراط المتزايد للجيش الروسي في سوريا، ولذلك تمت مخاطبة الحكومة الروسية وإبلاغها بأن أي هجوم ستشنه الولايات المتحدة لن يستهدف أية قواعد أو وجود روسي في سوريا.
اقرأ أيضًا: حرب استعراض القوة بين أمريكا وروسيا
رسالة إلى بوتين
وتواصل ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي بدأ في الحديث، وكأنه موسوليني يحاضر أمام حشد عام، وأكد أردوغان أنه لا يرغب في المشاركة في أي عمل عسكري ضد سوريا، وطلب منه ترامب التأكيد عند اتصاله بالرئيس الروسي بوتين، أن واشنطن ترغب في تجنب وقوع أية خسائر روسية، عند مهاجمتها أهدافاً سورية.
وأراد ترامب سحب معظم القوات الأمريكية من سوريا، وإقناع الدول العربية بنشر قواتها هناك، بالإضافة إلى قيامها بدفع ثمن بقاء القوات الأمريكية المتبقية هناك، ولم يرَ استبدال القوات العربية بالأمريكية أنه إعادة توجيه استراتيجي للسياسة الأمريكية حيال المنطقة؛ ولكنها وسيلة للرد على الانتقادات الأمريكية الداخلية، التي وجهت إليه، بسبب تعليقاته العلنية الصريحة حول ضرورة الانسحاب من سوريا.
وأكد بولتون أن وزير الدفاع جيمس ماتيس، كان يتجنب أي خيار عسكري يتطلب رداً صارماً على نظام الأسد، كما كان رد الإدارة الأمريكية بطيئاً، وهو ما مكَّن نظام الأسد من سحب العديد من الأسلحة والمعدات المهمة، والتي كان يمكن أن يتم استهدافها في هجوم أمريكي. كما فكر ترامب في التراجع عن استهداف مواقع سورية؛ بحجة أن هذا الأمر قد تجاوزه الزمن، وأن الضربة الأمريكية لن تكون قوية، غير أن بولتون اعترض على ذلك بشدة. واختار ترامب في النهاية توجيه ضربة قوية لسوريا، غير أن بولتون رأى أن هذه السياسة لم تكن ناجحة؛ بدليل استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيماوية من جديد بعد ذلك.
العلاقات مع موسكو
أشار بولتون إلى لقاء ترامب ببوتين في هلسنكي، وتناولهما الحديث عن سوريا، وأكد أن تقييمات الكرملين كانت متشائمة حيال تحسين العلاقات الأمريكية-الروسية؛ خصوصاً أن موسكو كانت دائماً ما تلقي باللائمة على الاعتبارات السياسية الداخلية الأمريكية في تدهور العلاقات بين البلدين، ويرى بوتين أنه مع وصول ترامب إلى حكم الولايات المتحدة، لم يتغير الأمر؛ إذ إن الكونجرس والأجهزة الأمنية والرأي العام الأمريكي كانت سلبية تجاه روسيا.

ورد بوتين على رغبة الولايات المتحدة في رؤية القوات الإيرانية تنسحب من سوريا، متسائلاً: مَن سينجز ذلك؟ وأشار بولتون إلى أن الرئيس الروسي أشار إليه، وقال له إنه يجب أن يخبر بولتون ترامب مباشرة أن الروس ليسوا بحاجة إلى إيرانيين في سوريا، وأنه لا توجد ميزة لروسيا في وجودهم هناك.
وأن إيران تنفذ أجندتها الخاصة، بالنظر إلى أهدافها في لبنان ومسألة الشيعة، والتي لا علاقة لها بالأهداف الروسية، كما أن السياسة الإيرانية تخلق مشكلات لهم ولنظام الأسد.
وأكد بوتين أن هدف روسيا هو تعزيز الدولة السورية لمنع الفوضى مثل أفغانستان، في حين أن إيران لديها أهداف أوسع، وبينما أرادت روسيا خروج إيران من سوريا، فإن بوتين أكد أنه لا يمكن ضمان حدوث انسحاب كامل للقوات الإيرانية من هناك، ولا يريد أن يقدم وعوداً لا يمكنه الوفاء بها.
اقرأ أيضًا: هل تنسحب إيران من سوريا بعد تفاقم الخسائر؟
ومن جهةٍ أخرى، تساءل بوتين في حالة انسحاب الإيرانيين، فمَن الذي سيحمي القوات الحكومية السورية من أي عدوان واسع نطاق؟ في إشارة ضمنية إلى المعارضة السورية المسلحة وداعميها الغربيين. ولم يكن لدى بوتين، وفقاً لبولتون، أية نية لاستبداله بالقوات الروسية القوات الإيرانية في الحرب الأهلية السورية. وأراد الرئيس الروسي، وفقاً لبولتون، أن يتوصل إلى تفاهم واضح مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، وهو ما لم يتم.
الأزمة الأوكرانية
واتخذ بوتين موقفاً متشدداً للغاية بشأن الأزمة الأوكرانية، وناقش بالتفصيل الجوانب السياسية والعسكرية للصراع، ثم بدأ في الحديث بصورة أكثر حدة، مؤكداً أن المبيعات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا غير قانونية، وأن هذه المبيعات ليست أفضل طريقة لحل المشكلة، ورفض حتى مناقشة ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، ووصفها بأنها الآن ببساطة جزء من التاريخ. ثم أكد بوتين، خلال الاجتماع، أن الرئيس الأمريكي السابق أوباما، أخبره بوضوح في عام 2014 أنه إذا لم تذهب روسيا إلى أبعد من ضم شبه جزيرة القرم، فإنه يمكن تسوية الأزمة الأوكرانية. لكن لسبب غير واضح، غيَّر أوباما رأيه، ووصلنا إلى الطريق المسدود الحالي.
اقرأ أيضًا: مؤشرات قوية على بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا قريبًا
ونظراً لأن اللقاء استغرق أكثر من تسعين دقيقة، وبدا أن الاجتماع يقترب من نهايته، تدخَّل بولتون وأكد أننا بعيدون جداً عن التوصل إلى فهم مشترك حول أوكرانيا، وأنه لم يعد هناك وقت لمعالجة الأمور بالتفصيل، ولذلك يجب علينا ببساطة الاتفاق على استمرار الاختلاف حول المسألة الأوكرانية.
كما أثار بوتين موضوع كوريا الشمالية، غير أنه بدا غير مهتم بهذه القضية. وفي ما يتعلق بإيران، سخر بوتين، وفقاً لبولتون، من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، متسائلاً، الآن بعد أن انسحبت الولايات المتحدة، ماذا سيحدث إذا انسحبت إيران؟ وقال إن إسرائيل لن تستطيع القيام بعمل عسكري ضد إيران وحدها؛ لأنها لا تملك الموارد أو القدرات لذلك، خصوصاً إذا اتحد العرب خلف إيران، وفقاً لبوتين، والذي رآه بولتون أمراً منافياً للمنطق. وتدخل بولتون، وأجاب بأن إيران لا تمتثل للاتفاق، وأشار إلى التعاون بين إيران وكوريا الشمالية في بناء المفاعل النووي في سوريا الذي دمره الإسرائيليون في عام 2007، وأضاف بولتون أن الولايات المتحدة تفحص بعناية عدداً من الأدلة، التي تشير إلى استمرار التعاون بين الدولتين في المجال النووي.
اقرأ أيضاً: من تاريخي إلى “كارثي”: قصة الاتفاق النووي مع إيران
وأشار بولتون إلى فرض الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على روسيا في 6 أبريل 2018، بموجب “قانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات”، وقد كان ترامب داخلياً يكره تنفيذ هذا القانون؛ لأنه يستهدف روسيا، إذ كان لا يرغب في أن يعترف بتدخل روسيا في التأثير على السياسة الأمريكية، أو بتدخلها في العديد من البلدان الأخرى في أوروبا وغيرها من المناطق؛ لأن ذلك كان يعني ضمنياً وجود تواطؤ بينه وبين روسيا في حملته الانتخابية لعام 2016.
وعبَّر بولتون عن قناعته بأن وجهة ترامب هذه كانت خاطئة؛ إذ كان يمكن أن يكون ترامب في وضع أقوى، إذا ما هاجم تدخلها في مسار الانتخابات الأمريكية، بدلاً من تجاهلها؛ خصوصاً أن الإجراءات التي اتخذها ضدها، مثل العقوبات الاقتصادية، كانت في الواقع قوية للغاية. أما بالنسبة إلى تقييمه شخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نفسه، فلم يبدِ ترامب رأياً تجاهه، على الأقل أمام بولتون. ولذلك بقي موقفه الشخصي من الزعيم الروسي لغزاً.
الملف النووي الإيراني
أكد بولتون أنه كان يرى أن التهديد النووي لإيران، على الرغم من أنه ليس متقدماً، من الناحية التشغيلية مثل التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية؛ فإنه لا يزال خطيراً للغاية، وربما يكون أكثر خطورة؛ بسبب الاعتبارات الأيديولوجية والثورية التي تحرك قادتها. وأكد بولتون أن برنامج طهران النووي، بالإضافة إلى تطويرها الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية، جعلتها تهديداً إقليمياً وعالمياً.
اقرأ أيضًا: انفجار منشأة نطنز النووية الإيرانية.. الجدول الزمني والسيناريوهات المحتملة
وأبدى بولتون اعتقاده بأنه في بيئة الشرق الأوسط المتوترة بالفعل، فإن تقدم إيران في المجال النووي قد يدفع اللاعبين الإقليميين الآخرين؛ مثل تركيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية، لاتخاذ خطوات تهدف في نهاية المطاف إلى تطوير قدرات الأسلحة النووية الخاصة بها.
ومن جهةٍ ثانية، فإن إيران كانت مركزاً للإرهاب العالمي، وتتمتع بسجل نشط في دعم الجماعات الإرهابية بالأسلحة والتمويل؛ خصوصاً في الشرق الأوسط، فضلاً عن قيامها بنشر قدراتها العسكرية التقليدية الخاصة بها في الدول الأجنبية؛ لمساعدتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية. وبعد أربعين عاماً من الثورة الإيرانية، لم تُظهر إيران أية علامات على تراجع قادتها السياسيين والعسكريين عن تصديرهم الثورة في الخارج.
إبلاغ الحلفاء
وأكد بولتون إجراءه اتصالات بمسؤولين من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، ونقل إليهم وجهة نظر الإدارة الأمريكية، بأنه لا توجد وسيلة “لإصلاح” الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما مثَّل خبراً صعباً لحكومات الدول الثلاث، ولهذا السبب ظللت أكرر لهم أن ترامب سوف ينسحب من الاتفاق في غضون أسابيع، وذلك حتى لا يفاجئ أقرب حلفائنا. ومع زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون، والمستشارة الألمانية إلى البيت الأبيض، كانت هناك فرصة لمناقشة هذه القضية باستفاضة؛ لكنهما كانا بحاجة إلى المعرفة المسبقة بأن ترامب يقصد فعلياً الانسحاب من الاتفاق.

وطلبت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل من الإدارة الأمريكية البقاء في الاتفاق، ورد ترامب بلا مبالاة، وأكد، خلال المؤتمر الصحفي، أن إيران “لن تقوم بصنع أسلحة نووية”. وتزامن هذا الحدث مع هجوم إسرائيلي مفترض آخر على المواقع الإيرانية في سوريا في اليوم التالي، وكان جيمس ماتيس، وزير الدفاع السابق في إدارته، وآخرون في البنتاجون، قلقين من أن تؤدي هذه الهجمات إلى رد فعل انتقامي من جانب إيران، من خلال توجيه الميليشيات الشيعية الموالية لها في العراق لمهاجمة القوات الأمريكية. غير أن أياً من هذا لم يحدث، وبدا ترامب غير مكترث. وقال ترامب، في إحاطة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن تفكيره في إيران، إن الاتفاق النووي بأكمله يستند إلى أكاذيب، وإن إيران خدعت الولايات المتحدة، وإنه يجب على إسرائيل أن تشعر بالحرية في إفساد الاتفاق، وهو ما قام نتنياهو بفعله.
سرعة التطبيق
وأصر وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين، على أنه بحاجة إلى ستة أشهر لإعادة فرض العقوبات الأمريكية بالكامل على إيران، وهو ما لم يستطع أن يفهمه بولتون، والذي سعى إلى إعادة فرض العقوبات خلال فترة زمنية قصيرة، مثل ثلاثة أشهر، على سبيل المثال، وذلك للسماح للشركات بتعديل العقود الحالية وما شابه، وبدا منوشين، وفقاً لبولتون، كما لو أنه مهتم بتخفيف تأثير العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني.
اقرأ أيضًا: راديو فاردا: الآلة الدعائية الإيرانية تستغل “كورونا” للتحايل على العقوبات الأمريكية
ولذلك، لم يكن من المستغرب، وفقاً لبولتون، أن تتمكن إيران وكوريا الشمالية وغيرهما من الاستعداد الجيد للتهرب من العقوبات، وذلك بسبب نهج منوشين المتخاذل، والذي كان، في جوهره، نفس نهج أوباما. وأكد بولتون اتفاق بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، معه على ضرورة تنفيذ العقوبات الأمريكية فوراً. وأكد بولتون تحقيقه انتصاراً محدوداً عندما قلَّص منوشين فترة فرض العقوبات على معظم السلع والخدمات الإيرانية من 180 يوماً إلى 90 يوماً، باستثناء النفط والتأمين، الذي أعفاه من العقوبات لمدة 180 يوماً. وبالطبع، كان النفط هو السلعة الاقتصادية الأكثر أهمية لإيران، ولذلك كان تراجع منوشين في موقفه محدوداً.
وأشار بولتون إلى أن إحدى القضايا المثيرة للجدل للغاية هي ما إذا كان سيتم تعيين فيلق الحرس الثوري الإسلامي كمنظمة إرهابية أجنبية. وأراد ترامب تصنيف الحرس الثوري كتنظيم إرهابي، واتفق معه في ذلك بولتون وبومبيو؛ نظراً لأن مَن يتعامل مع مجموعة مدرجة على قوائم الإرهاب يخاطر بمواجهة تهم جنائية، بينما عبَّر منوشين عن قلقه من أن هذا التصنيف ستكون له عواقب واسعة النطاق؛ وهو أمر لم يفهمه بولتون.
اقرأ أيضًا: “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة الإرهاب
وكان هناك قلق مشروع بأن التحرك ضد إيران يمكن أن يزيد من المخاطر على القوات الأمريكية في العراق وفي جميع أنحاء المنطقة، وهي الحجة التي ثبت أنها مبالغ فيها، وفقاً لبولتون. وعارضت وزارة الدفاع العديد من الأفكار لزيادة الضغط على إيران. وكانت محاولة استيعاب مخاوف البنتاجون بشأن الضغط على إيران هي زيادة القدرات الهجومية للقوات الأمريكية في العراق. ويرى بولتون، أن مثل هذا الموقف، يتجاهل التهديد الاستراتيجي الأكبر لإيران؛ وهو أنها تسعى لأن تكون قوة نووية، غير أن وزارة الدفاع الأمريكية اختلطت لديها الأولويات الأمريكية؛ إذ رفعت التهديدات النابعة من إيران على القوات الأمريكية داخل العراق فوق التهديدات النووية الإيرانية ودعمها للإرهاب في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من هذا الموقف من وزارة الدفاع، وبعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية؛ فإن ترامب حسم الجدل، وصنَّف الحرس الثوري الإيراني على أنه تنظيم إرهابي في 8 أبريل 2019. ورأى بولتون أن تأثير ذلك قد يكون أكبر لو أنه تزامن مع العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران.
عنوان الكتاب: «من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض».
اسم الكاتب: جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي.
دار النشر: سيمون آند شوستر.
سنة النشر: 2020