الواجهة الرئيسيةترجماتثقافة ومعرفةشؤون دولية
من سيكسب سباق الذكاء الاصطناعي؟
تدخل الولايات المتحدة سباقاً للتنافس مع الصين في ساحة الذكاء الاصطناعي

كيوبوست – ترجمات
في هذا التقرير، يحاول ريشي إينجار الصحفي المتخصص في الموضوعات التكنولوجية في مجلة “فورين بوليسي” الإجابة عن سؤالٍ ليس بالسهل: من سيكسب سباق الذكاء الاصطناعي؟
لا يبدو أن الولايات المتحدة غريبة على سباقات التسلُّح التكنولوجية، فقد سبق وخاضت حرباً ضروساً خلال فترة الحرب الباردة، من أجل التفوق على الاتحاد السوفييتي في مجال صناعة صواريخ أكبر، وإرسالها إلى سطح القمر. ويبدو أن الولايات المتحدة تدخل من جديد سباقاً للتنافس، لكنه هذه المرة مع الصين وفي ساحة معركة مختلفة؛ ساحة الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: لا خوف من نهاية عالم الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي حتى الآن
تسعى الصين منذ فترة طويلة للهيمنة على مشهد الذكاء الاصطناعي، ووضعت خطة لتصبح “رائدة عالمية” في هذا القطاع بحلول عام 2030، وتعهدت بضخ مليارات الدولارات للبحث والتطوير. لكن الاختراقات الأمريكية كانت أكثر عمقاً وجوهرية، ويتضح ذلك مؤخراً من خلال الاستيعاب العالمي السريع لروبوتات الدردشة التي تصنعها الشركات الأمريكية، مثل جوجل ومايكروسوفت، و”أوبن إيه آي”، في حين أن نظراءهم الصينيين يحاولون اللحاق بالركب. ومع ذلك، يُحذّر الخبراء من أن تطبيق فكرة “سباق التسلح” على مجال تطوير الذكاء الاصطناعي لا يعكس الديناميات العالمية في التكنولوجيا.

أحد الفروق الأساسية الآن هو دور القطاع الخاص، الذي يأتي في طليعة تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي الجديدة. في هذا الصدد، قال ريان نبيل، الباحث في حوكمة الذكاء الاصطناعي: “يتميز الذكاء الاصطناعي بانخفاض الحواجز أمام الدخول، والوصول المتاح للجميع، ورجحان كفة القطاع الخاص في قيادة الابتكار”.
من جانبه، يرى بول شار، نائب الرئيس في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إن ما يحدث حالياً يشبه من نواحٍ كثيرة نموذج الثورة الصناعية: “لقد كان هذا المزيج من التقنيات التي تدعم بعضها البعض، تماماً كما نراه اليوم مع الذكاء الاصطناعي، والبيانات، وإنترنت الأشياء، والأجهزة المحمولة، والاتصال السلكي واللاسلكي، وهذه المجموعة الكاملة من التقنيات”.
إذن من سيفوز في سباق الذكاء الاصطناعي؟ التصنيفات المتعددة في السنوات الأخيرة التي تأخذ في الاعتبار مقاييس مثل الاستثمار وقاعدة المواهب والبحوث -بما في ذلك عدد براءات الاختراع والمنشورات- جعلت الولايات المتحدة تتصدر هذا المجال، والصين من خلفها تحاول اللحاق بها، تليها دولٌ مثل المملكة المتحدة والهند وكندا. لكن هذا لا يرسم الصورة كاملة، فالذكاء الاصطناعي ليست مجرد براءات اختراع بل عمليات مستمرة من التطوير والتطبيق.

يقول نبيل: “ملاحظة عامة: تبدو الصين قوية مقارنة بالولايات المتحدة في عملية تطبيق الذكاء الاصطناعي في مقابل عملية تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الأساسية”. وأشار إلى أن الصين تقود في مجالاتٍ مثل التعرّف على الوجه، على الرغم من أن ذلك قد يكون وظيفة لأسلوب حكم بكين. وبدلاً من اختيار الفائزين والخاسرين، يمكن للشركات الأمريكية أن تختار مساراً محدداً.
وبغض النظر عن ذلك، فإن تطبيق الولايات المتحدة والصين لدينامية سباق التسلّح في الحرب الباردة على الذكاء الاصطناعي، يعكس رغبتهما في كتابة قواعد اللعبة الجديدة. تهدف جهود إدارة بايدن لحظر “تيك توك” وصناعة أشباه الموصلات في الصين إلى إبطاء تقدم الذكاء الاصطناعي الصيني، وتركيز واشنطن المتزايد على تشكيل سياسة الذكاء الاصطناعي بعكس ما تفعله بكين بالفعل منذ سنوات.
اقرأ أيضاً: كيف خسرت سيري وأليكسا ومساعد جوجل سباق الذكاء الاصطناعي
في هذا السياق، تقول جيسيكا براندت، مديرة السياسة في مبادرة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة في معهد بروكينجز: “لست متأكدة من أن هدفنا يجب أن يكون” الفوز” في المنافسة بقدر ما يجب أن نشكّلها باستمرار بطرق تلائم مصالحنا، وقيمنا ذات الصلة”.
هناك نقلة نوعية كبيرة أخرى في كيفية تطور الذكاء الاصطناعي في السنوات المقبلة، وهي الجهود الأمريكية الأوسع للانفصال عن الصين في هذا المجال. عملت الشركات والعلماء الصينيون منذ فترة طويلة مع نظرائهم الأمريكيين في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أنشأت شركات مثل “بايدو” مختبرات الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون في منتصف العقد الثاني من القرن الحالي، وتعاون الباحثون من مختلف الجنسيات في الجامعات الأمريكية، لكن التعاون أفسح المجال للعداء.
وختاماً، يرى شار أن “منظومات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والصين متشابكة بعمق، ونحن نرى الحكومتين تتخذان خطواتٍ لفصلهما على نحو متزايد”. في حين أن الصين أغلقت دائماً منظومات الإنترنت أمام الغرب: “لم نر صانعي السياسة الأمريكيين يفعلون الشيء نفسه إلا مؤخراً”.
المصدر: فورين بوليسي