الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

من الجريمة إلى الجهاد: السجون أرضية خصبة لتجنيد الجهاديين

السجون قد تكون مصانع للجهاديين!

ترجمة كيو بوست –

المصدر: مركز ستراتفور للأبحاث الإستراتيجية والأمنية، بقلم المحلل الأمريكي البارز سكوت ستيوارت

من المقرر إطلاق سراح المئات من الجهاديين في السنوات القليلة المقبلة، وستزداد أعدادهم مع خروج السجناء الذين اعتنقوا التطرف من وراء القضبان.

خرج البلجيكي بنجامين هيرمان من سجن مدينة لييج البلجيكية في 28 مايو/أيار. وبعد خروجه بيومين فقط، قتل تاجر مخدرات باستخدام مطرقة كبيرة. وفي صباح اليوم التالي، هاجم شرطيتين من الخلف، وقام بتقطيعهما أثناء الصراخ “الله أكبر”، قبل أن يطلق النار عليهما بالمسدس. وفي اليوم التالي، مشى في الشارع، وقتل رجلًا في سيارة متوقفة، قبل أن يأخذ امرأة رهينة إلى مدرسة، إلا أن مهمته القاتلة انتهت برصاص الشرطة أثناء محاولته الهرب.

اقرأ أيضًا: معركة السجون بين داعش والإخوان المسلمين

إن هيجان هيرمان القاتل هو تذكير بالتهديد الذي يشكله السجناء المتطرفون على المجتمع، ممن  اعتنقوا التطرف وراء القضبان، أثناء وجودهم في السجن تحت تأثير متطرفين آخرين.

لم يعتنق هيرمان، المجرم المحترف صاحب السوابق الجنائية، الإسلام في السجن فحسب، بل دخل في فلك الجهاديين المتطرفين هناك أيضًا. لطالما كانت السجون مناطق خصبة للتجنيد، ولم يكن هيرمان سوى أحدث مثال على المجرمين الذين جرى تجنيدهم وتدريبهم من قبل منظري الجهاد في السجون.

 

التحوّل من الجريمة الجنائية إلى الإرهاب الجهادي

هنالك العديد من الأمثلة البارزة حول انتقال السجناء من الإجرام الجنائي البسيط إلى الجهاد الإرهابي خلال فترات السجن. من بين أولئك، البريطاني ريتشارد ريد، الملقب بصاحب الحذاء الناسف، الذي حاول تفجير رحلة الخطوط الجوية الأمريكية رقم 63 المتوجهة من باريس إلى ميامي. وهنالك أيضًا الأمريكي خوسيه باديلا. ومن بينهم أيضًا أبو مصعب الزرقاوي، الذي تبنى النهج المتطرف انطلاقًا من السجون، قبل أن يؤسس جماعة إرهابية فتاكة.

في كثير من الأحيان، يجري تجنيد هؤلاء من قبل جهاديين كبار في السجن، من أجل تنفيذ هجمات إرهابية أو التبشير بنسخة الجهاد من الإسلام. على سبيل المثال، قضى الزرقاوي 4 سنوات في سجن أردني إلى جانب المنظّر الجهادي البارز أبو محمد المقدسي.

وفي فرنسا، كان شريف كواشي، منفذ هجوم شارلي إبدو، وصديقه أميدي كوليبالي، قاتل شرطي ومهاجم سوبر ماركت، مجرمين جنائيين بسيطين، إلا أنهما وقعا تحت تأثير المنظّر جمال بيغال في السجن. ومن الجدير ذكره أن بيغال سيخرج من السجن في 5 آب/أغسطس 2018، بعد أن قضى 10 سنوات في السجن.

اقرأ أيضًا: خبير في التنظيمات الإرهابية لـ”كيوبوست”: السجون مصانع التكفيريين

وفي العراق، قضى زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي مدة في سجن معسكر بوكا الأمريكي. وقد ركزت العديد من الكتب على دور السجن في صعود وتطرف البغدادي، ومن أبرزها كتاب “دولة الإرهاب”، من تأليف جيسيكا ستيرن وجي بيرغر. وتطرقت الكتب كذلك إلى تأثير الإفراج عن الجهاديين من السجون السورية عام 2011، في نمو التنظيمات الجهادية بشكل دراماتيكي، ومن أبرزها كتاب “الجهاد السوري”، من تأليف تشارلز ليستر.

إن التطرف في السجن ليس مشكلة أوروبية شرق أوسطية فحسب. ففي إندونيسيا، كان المتطرفون جزءًا من أعمال الشغب في السجون مؤخرًا، ما يشير إلى امتداد المشكلة إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك أستراليا.

وقد شهدت الولايات المتحدة حالات مشابهة أيضًا؛ ففي يوليو/تموز 2005، جرى إلقاء القبض على اثنين من المُدانين السابقين، ليفار هاني وجورجي فيرون باترسون، وهما يسطوان على بنوك في كاليفورنيا، من أجل محاولة تمويل مؤامرة جهادية لمهاجمة أهداف عدة.

 

التعليم الإرهابي في السجن

لا تختلف المهارات التي يطورها المجرم الجنائي المحترف عن المهارات اللازمة لتنفيذ عمل إرهابي؛ بل إن مهارات الإجرام الجنائي أكثر فائدة من المهارات المكتسبة في مخيمات التدريب الجهادي، فيما يتعلق بحرب العصابات والشوارع.

يروج الجهاديون في السجن لنموذج عمل جهادي بلا قيادة، خلال دعوة الآخرين إلى ممارسة الجهاد. يعيب هذه الطريقة عدم منح المجندين مهارات كافية لاحتراف مهنة الإرهاب. ولهذا، نجدهم يعانون من أجل تنفيذ هجمات ناجحة، وأحيانًا يضطرون إلى طلب المساعدة من الآخرين للتعامل مع القنابل أو الأسلحة الأخرى، الأمر الذي يجعلهم فريسة سهلة في شباك أجهزة الأمن الحكومية. ومع ذلك، يمكن للجهاديين العاديين أن يحظوا بتعليم مذهل خلف القضبان، من خلال تبادل النصائح والأساليب مع النزلاء الآخرين.

 

تهديد متواصل

تحدث مدعي عام قضايا الإرهاب في فرنسا، فرانسو مولينز، في 28 مايو/أيار، لإحدى محطات التلفزة، وقال إن أكثر من 40 إرهابيًا جهاديًا سيخرجون من السجن خلال الأعوام 2018 و2019، وهذا العدد يشمل فقط المدانين بتنفيذ هجمات كبيرة ناجحة، ولا يشمل العشرات غيرهم، ممن ارتكبوا جرائم جنائية مثل التزوير وحيازة الأسلحة وتقديم الدعم المادي للإرهاب. وبالتالي، ستجد البلاد وغيرها من الدول معاناة في التعامل مع هؤلاء، وستحمل عبئًا كبيرًا، إضافة إلى عبئ عودة المقاتلين الأجانب، والعناصر المجندة حديثًا خارج السجون.

 

المصدر: مركز ستراتفور للأبحاث الاستراتيجية والأمنية

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة