الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
منع احتفالية “جبهة العمل” بمعركة الكرامة.. الأردن يضيق مساحات عمل الإخوان

كيوبوست- سلمان إسماعيل
تتوالى الضربات التي تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين المصنفة “إرهابية” في مصر وعددٍ من الدول العربية، آخرها رفض السلطات الأردنية التصريح لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للجماعة بإقامة حفل بقصر الثقافة التابع لمدينة الحسين للشباب، بمناسبة ذكرى معركة الكرامة، رغم قرار سابق من إدارة المدينة بالموافقة على هذا الحجز، بحسب بيان صادر عن الحزب.
وأوضح الحزب في بيانه، أن قرار الرفض خارج عن إرادة الإدارة الحكومية لمدينة الحسين للشباب، ما اعتبره خبراء ومحللون تحدثوا لـ”كيوبوست”، حلقة في سلسلة خطوات اتخذها الأردن لتحجيم دور الحزب في الشارع، رغبة في وقف الأنشطة السياسية والمالية للإخوان، والحيلولة دون تجنيد قواعد جديدة للجماعة داخل البلاد.
اقرأ أيضاً: لماذا يعمد الأردن إلى تشديد القبضة الأمنية على الإخوان المسلمين؟
من جانبه، أشار المحلل السياسي ميار شحادة، إلى الخطوات التحجيمية التي اتخذها عددٌ من الدول ضد جماعة الإخوان المسلمين، خلال السنوات الماضية، في تونس والمغرب ومصر ودول الخليج، كما تم تهميشهم في سوريا مؤخراً.
وفي تركيا، لم يعد وضعهم هناك كالسابق، أخذاً في الاعتبار ما أصاب الجماعة الأم من انشقاقات بين جبهتي لندن وإسطنبول، ويبدو أن التمركز الرئيسي للجماعة اليوم بات في الكويت والأردن.

وأضاف شحادة، في حديثه إلى “كيوبوست”، أن منع الحفل كان لأسبابٍ تتعلق بالحكومة الأردنية التي تبحث عن استعادة دفء العلاقات مع المملكة العربية السعودية، بينما تتبنى الجماعة وعناصرها خطاباً عدائيا للرياض. من جانبٍ آخر تعمل الحكومة الأردنية على كبح ممارسات جماعة الإخوان التي تعمل على تهييج الشارع ضد الحكومة والنظام الأردني، مستغلة بعض المشاكل الاقتصادية.
وأوضح أن الحكومة اتخذت عديد الخطوات للسيطرة على نشاط الجماعة في الأردن، أهمها تحجيم المساحات التي يتحرك فيها حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن بشكلٍ ناعم وبسياسة النفس الطويل، لعدم إثارة حفيظة أنصار الحزب في الشارع، عبر منعه من العمل مرة واحدة، ومع هذه السياسة رأينا انقسام الحزب إلى جبهتي الصقور صاحبة الصوت العالي، والحمائم البراجماتية التي تعمل مع الحكومة.
اقرأ أيضاً: هل من دور للإخوان المسلمين في تأجيج الأوضاع داخل الأردن؟
وأشار شحادة إلى أن الجماعة لا تزال تمتلك أبواقاً إعلامية تستغلها في تمرير الأفكار والأيديولوجية للشارع، لكنها في نفس الوقت لم تتمكن من الإطباق على مساحة الرأي العام منفردة؛ بسبب وجود العشائر وكذلك الوجود الاشتراكي والمسيحي الذي يضمن التوازن في البلاد، في حين كانت الومضة التي لم تدم طويلاً هي صعود نجمهم خلال تمكن إخوان مصر من الحكم في 2012.
وحذَّر من الخطورة التي تمثلها الجماعة على الأمن العام داخل الدولة، وعملها الدؤوب في تأجيج الشارع، واستغلال قضايا حقوقية منتقاة، وقضايا فساد معينة، من أجل تمرير أيديولوجيتهم، وهو أمر لا تغفله الأجهزة الأمنية في المملكة عبر إغلاق عددٍ من الجمعيات التي كانت تجمع الأموال للإخوان، ثم العمل بالنفس الطويل لتفريق الجماعة، وشق صفوفها.

من ناحيته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد خلفان الصوافي، عام 2013 نقطة التحول الحقيقي في الحدِّ من نشاط الإخوان المسلين في الأردن، عندما وصفهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالـ”ذئاب في ثوب حملان”، ومن يومها وهي تتلقى الضربات تلو الأخرى، من سحب ترخيص حزبها إلى أن جاء قرار اعتذار مدينة الحسين للشباب عن حجز النادي لجبهة العمل الإسلامي لإقامة احتفالية حرب الكرامة، فالمناسبة قد تكون عادلة ووطنية، ولكن النوايا الحقيقية في الأغلب ليست هي الظاهرة مع هذا التنظيم الخطير.
وأضاف الصوافي في حديثه إلى “كيوبوست”، أنه من الصعب السيطرة على هذا التنظيم في مدة قصيرة؛ لأنه متغلغل في المجتمع، لكن بالرهان على نشر الوعي بين الشباب الذي يمثل حائط السد الأول، نجد أنه من الممكن فقدان رصيد الجماعة من الحاضنة الشعبية التي تتكئ عليها، عبر فضح الألاعيب الملتوية تحت غطاء وطني، ما يجعلها دون غطاء أمام الرأي العام العربي، وبالتالي عدم الثقة من محاولة استغلال المناسبات الوطنية للتنسيق بينهم.

ونبه الكاتب الإماراتي إلى خطورة الجماعة على المجتمع الأردني، رغم ادعاء الوسطية التي اعتبرها “تقية سياسية” لخداع الإنسان العربي للتغلغل في المجتمع، مؤكداً خطر هذا الحزب في المملكة عبر محاولات إيجاد نقطة تجمع لتكون فرصة للتنسيق بين عناصر الجماعة، والتيارات المتشددة لتنفيذ أجندات تخريبية.
من جانبه، يؤيد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، ما ذكره الصوافي من أن عام 2013 اعتبر عاماً مفصلياً في تعامل الأردن مع جماعة الإخوان المسلمين، وأذرعها السياسية والمالية، ويضيف أبو هنية في حديثه إلى “كيوبوست”، أن المملكة تبنت آلية تعمل على عدم إدماج الجماعة في الحياة السياسية والعامة، على أساس مقاربة قانونية، فتم حظر جماعة الإخوان لأنها غير مرخصة، ولا تتوافق مع قانون الجمعيات، وهذا قرار محكمة عليا في الأردن.

وأشار إلى أنه تم سحب الذراع الاقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين في العام 2006 المتمثل في جمعية المركز الإسلامي، بسبب قضايا فساد، وبالتالي الجماعة محظورة لكن حزبها ما زال موجوداً، لافتاً إلى أن رفض إقامة الاحتفالية قرار أمني بالأساس، في ظلِّ تحركات الدولة لتجفيف قواعد الجماعة، وعملية التجنيد، والقوة الاقتصادية، ووضع قيود قانونية على عملها.