الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
ملف خاشقجي.. محاولة أردوغانية لتغطية الفشل التركي داخليًّا وخارجيًّا
عبدالحميد الحكيم لـ"كيوبوست": "فتح ملف خاشقجي يصُب في خانة الغباء السياسي الذي يتصف به أردوغان؛ لأن العالم الآن ليس لديه لا الوقت ولا المجال للاستماع إلى هذه المهاترات، بسبب انشغال الجميع بجائحة كورونا".

كيوبوست
رغم إسدال الستار على قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قُتل في أكتوبر عام 2018، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول؛ فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يساوم مجددًا على فتح هذا الملف، وممارسة لعبته المفضلة في الابتزاز، وذلك في ظل أزمات طاحنة يعيشها داخليًّا وخارجيًّا؛ بدايةً من الفشل في سوريا، مرورًا بالتعثُّر في ليبيا، وانتهاءً بتفشِّي فيروس كورونا في بلاده وارتفاع أعداد الضحايا؛ سواء في حالات الإصابة أو الوفاة.
اقرأ أيضًا: مركز أبحاث أمريكي يكشف زيف “غضب” إردوغان بشأن قضية خاشقجي
واتَّهم المدعي العام التركي، الأربعاء الماضي، عشرين شخصية سعودية؛ من بينها نائب مدير المخابرات السعودي السابق أحمد عسيري، ومستشار ولي العهد السابق سعود القحطاني، بتهمة التحريض على قتل خاشقجي؛ الأمر الذي يثير علامات استفهام كبرى حول جدوى فتح ملف القضية من جديد في ظل جائحة كورونا التي تهدد العالم بأسره، وعشية مشاركته في قمة العشرين الافتراضية التي احتضنتها الرياض.

إلهاء الرأي العام
عبدالحميد الحكيم، المحلل السياسي السعودي والمدير العام لمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن هناك عدة أسباب وراء إثارة أردوغان ملف خاشقجي من جديد؛ منها: الفشل التركي في سوريا والضربات الموجعة التي وجهت إلى قوات أردوغان هناك؛ حيث يريد هذا الأخير أن يصنع قنابل من دخان لإلهاء الرأي العام عن محاسبته في إخفاقاته الكبيرة في الملف السوري، كما أن السقوط المدوي لتركيا في ليبيا وفشلها التام في هذا الملف من أسباب توجُّه أردوغان إلى اللعب على ورقة خاشقجي؛ تبريرًا لهذا الفشل الكبير”.
وفي أعقاب مقتل خاشقجي، وصف مركز الأبحاث الأمريكي “غيت ستون إنستيتوت” أردوغان بأنه شخص مراوغ يعاني ازدواجية؛ حيث يهاجم قتلة خاشقجي وينادي بحقِّه، في الوقت الذي ترتكب فيه سلطاته الأمنية فظائع كبيرة بحق مواطنيه من اعتقال وقمع وتشريد للمعارضين والمتظاهرين ضد سياساته.
اقرأ أيضًا: صحافة دولية: لماذا عمل إردوغان على “تسييس” و”تدويل” قضية خاشقجي؟
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط، قال لـ”كيوبوست”: “إن أردوغان يريد أن يبعث إلى العالم برسالة مفادها أن قضية خاشقجي لا تزال مفتوحة، فضلًا عن رغبته في التشويش عما يجري داخل الحكومة التركية وخارجها، في ظل تشكيل حزب علي باباجان وحزب داود أوغلو، وهناك معلومات عن تشكيل حزب ثالث، وبالتالي هو يريد القيام بأكبر عملية تشويش حقيقية على ما يجري داخل الحزب؛ خصوصًا مع الاتهامات بسوء الإدارة في الملفَّين السوري والليبي، الأمر الذي دفعه إلى محاولة إشغال الرأي العام التركي والأطراف الإقليمية؛ خصوصًا أنه لا يوجد أي تطورات دراماتيكية أو معلومات جديدة بشأن قضية خاشقجي من شأنها أن تدفعه للدعوة إلى فتحها من جديد”.

نيَّة مُبيَّتة
وكشف تقرير نشره معهد بحوث السياسة الخارجية الأمريكي، عن أن نيَّة أردوغان من وراء استغلال قضية خاشقجي هي الإساءة إلى المملكة العربية السعودية، وتحجيم دور ولي العهد، من خلال تصوير القضية على أنها مؤامرة سياسية من جانب المملكة في المقام الأول. بينما يرى مراقبون أن توقيت تحريك هذا الملف بالتزامن مع قمة افتراضية ناجحة نظمتها الرياض لدول مجموعة العشرين، يدل على سوء نيَّة مُبيَّتة من الرئيس التركي الذي يحاول استغلال هذا الملف لتشويه صورة المملكة التي تترأس المجموعة الدولية هذا العام، وتجهز لقمة ضخمة دوليًّا في أواخر العام الحالي.
اقرأ أيضًا: تركيا تستغل قضية خاشقجي لضرب معارضيها بالداخل
وهو ما اتفق بشأنه عبدالحميد الحكيم، لافتًا إلى أن “قمة العشرين التي تستضيفها المملكة العربية السعودية كانت مناسبة لأن يفتح أردوغان هذا الملف؛ حيث إن القرار التركي صدر بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن القمة الافتراضية بزعامة المملكة، ولا ننسى أنه يريد الهروب من مواجهة إخفاقه داخليًّا بسبب تفشِّي فيروس كورونا في بلاده وعجزه عن اتخاذ الإجراءات الصحيحة لمواجهة الأزمة.. كل هذا يصُب في خانة الغباء السياسي الذي يتصف به أردوغان؛ لأن العالم الآن ليس لديه لا الوقت ولا المجال للاستماع إلى هذه المهاترات بقضية جمال خاشقجي، بسبب انشغال الجميع بأزمة كورونا”.