الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية

ملتقى “صناعة السلام في اليمن – تحرير الحديدة: بداية نهاية الحرب”

تحرير الحديدة: عملية عسكرية بأبعاد إنسانية

كيو بوست –

مع بدء سيطرة القوات اليمنية المشتركة، بدعم من التحالف العربي، على زمام المعركة في مدينة الحديدة اليمنية، وتحرير مناطق إستراتيجية من أيدي الميليشيات الحوثية الموالية لإيران، التي رفضت الحلول السلمية والعملية السياسية بعدم التزامها بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات الأمم المتحدة، يؤكد المجتمع الدولي ضرورة تحرير المدينة باعتبارها البوابة الرئيسة نحو إنهاء معاناة أبناء المدينة، وفتح ممرات الإغاثة الدولية أمام المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة المعنية، من خلال ميناء الحديدة ومطارها، إلى مختلف المدن اليمنية ذات الكثافة السكانية، التي تقع تحت سيطرة الحوثيين.

هذا التأكيد جاء بإجماع المشاركين في ملتقى “صناعة السلام في اليمن – تحرير الحديدة: بداية نهاية الحرب” الذي نظمه منتدى باريس للسلام والتنمية في مدينة بروكسل أمس، بمشاركة عدد كبير من الخبراء والمختصين من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وتونس واليمن والجزائر، الذين عبّروا عن دعمهم لحق المقاومة المحلية الشرعية “التهامية”، ووقوفهم بجانب أبناء المدينة الذين يرفضون سيطرة الحوثيين باعتبارهم قوى احتلال غير شرعية وغير مقبولة، معلنيين خلال المؤتمر عن تشكيل لجنة خبراء دولية، في مقدمة أولوياتها شرح أهمية تحرير الحديدة للمجتمع الدولي ومؤسساته المعنية، وتقديم تصور للمساعدات المطلوبة لليمن عبر هيئات الإغاثة الدولية، والتعريف بحقيقة الحوثيين وجميع الأذرع الإيرانية في المنطقة، وخطورة سيطرة أي منها على بعض المناطق في البلدان العربية المختلفة.

ملتقى “صناعة السلام في اليمن” تطرق للتطورات الأخيرة في مدينة الحديدة على اعتبار أن التقدم المتسارع نحو الحديدة وتحريرها من سيطرة الميليشيا الإيرانية هو بداية النهاية للحرب ووقف المعاناة اليومية للمواطنين، وجاء بهدف التحضير للمبادرة الدولية للسلام في اليمن، وفتح الباب لشخصيات دولية في دول كبرى ستعمل كطرف بالتوازي مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لتقييم دور كل الفعاليات، وسيزور اليمن ليطلع على ما يحدث، وذلك حسب ما صرح به رئيس منتدى باريس للسلام جمال العواضي، مشيرًا في الوقت ذاته لـ”بوابة العين الإخبارية” إلى أن دحر الانقلاب وطرد الميليشيا سيسهم في إغاثة الناس؛ إذ سيتم استخدام ميناء المدينة بعد تحريره، لضخ المواد الغذائية والطبية والمساعدات إلى مختلف أنحاء المدن اليمنية وليس الحديدة فحسب.

مجلس الأمن ومعركة تحرير الحديدة 

الخبير الأممي ورئيس بعثة الأمم المتحدة السابق في العراق طاهر بومدرا أكد أن مجلس الأمن وصلت له تقارير من خبراء مستقلين عن دعم إيران للحوثيين، معتبرًا أن المطالبة بعدم استخدام القوة لإخراج الحوثيين من الحديدة لأسباب إنسانية “كلام باطل”، سيما بعد ما قدمت لجان أممية تقارير وصلت إلى مجلس الأمن حول رفض الحوثيين الانسحاب، واستمرار وصول السلاح لهم من إيران، التي هي أساس الأزمة اليمنية، لتطبيق سياستها التوسعية في المنطقة والهيمنة عليها. تلك التقارير تؤكد رفض الحوثيين كل الحلول السلمية المطروحة، مما يتطلب التعامل بحلول أخرى تحت البند السابع، علمًا أنه منذ بدء الأزمة والانقلاب الحوثي، كانت هناك توصية لفرض عقوبات على الحوثيين، وأخرى تطالبهم بالانسحاب من كل المناطق وتسليم السلطة للحكومة الشرعية، وهذه الحلول تأتي في نطاق قانوني – دولي، وأن الحل خارج النطاق الدولي سيلقى صعوبات على أرض الواقع، حسب ما أكده بومدرا لموقع «العين الإخبارية».

قضية الحديدة كارثة إنسانية كبيرة لـ8 ملايين من أبناء اليمن، مصيرهم معلق على تحرير ميناء الحديدة، أي ما يعادل 30% من السكان، حسب نائب مدير أكاديمية ربدان الدكتور فيصل العيان، وإن الضغط على إيران والحوثيين سيحرك عملية السلام فيها، لا سيما بعد عدم جدية الحوثيين في المشاركة بعملية سياسية تهدف للسلام، بالإضافة إلى عدم التزامهم بالتشريعات والقوانين الدولية.

 

خطر إيران على المنطقة

من جهتها أدركت الولايات المتحدة الأمريكية تمامًا مدى خطورة الأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار التي يمارسها النظام الإيراني في المنطقة، مما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي فشل في ضمان أمن بلاده والعالم، والعمل على إعادة التفاوض على الاتفاق من أجل ردع إيران عن متابعة برنامجها للصواريخ الباليستية.

عضو مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ريموند تانتر، أكد على أنه “من المهم للغاية الحفاظ على التركيز على الشرق الأوسط لأنها نقطة إستراتيجية ساخنة؛ فهي نقطة التقاطع بين أوروبا وجنوب آسيا وإفريقيا”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لديها وضع يتضمن دخول العقوبات الأميركية حيز النفاذ، وآخر يتضمن إجبار البنوك الأوروبية على الاختيار بين النظام المصرفي الأميركي والنظام الإيراني، وهذا سيكون له تأثير عميق على أرض الواقع، فالعقوبات ضد البنوك الأوروبية ستجبر إيران على التوقف، كما أنها تستهدف الصواريخ الباليستية بالطريقة التي كانت عليها من قبل.

 

عملية عسكرية بأبعاد إنسانية

العمليات العسكرية بالحديدة لأول مرة في التاريخ تصحبها عمليات إغاثة إنسانية، فقد بدأت أساطيل الإغاثة بالتوجه لتقديم المساعدات لليمنيين بالتوازي مع العملية العسكرية؛ إذ قدمت المملكة العربية السعودية شاحنات إغاثية محملة بالمواد الغذائية والطبية والإيوائية لأهالي الحديدة غرب اليمن،  كما سيّرت دولة الإمارات العربية المتحدة جسرًا بحريًا وآخر جويًا يحمل آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والغذائية العاجلة لدعم اليمنيين في المناطق المحررة، كما أسهمت دولة الإمارات خلال الفترة من أبريل/نيسان 2015 إلى مايو/أيار 2018، بما يزيد على 3.77 مليار دولار أمريكي تم تخصيصها للمشاريع المستدامة التي تشمل الصحة والتعليم والأمن والمرافق العامة والبنية التحتية والإعمار، لرفع المعاناة عن 13.8 مليون يمني منهم 5.3 مليون طفل، إلى جانب تقديم الإمارات مبلغ 500 مليون دولار لدعم خطط الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2018، فضلًا عن تقديم مبلغ إضافي قدره 70 مليون دولار لدعم إعادة تأهيل الموانئ والمطارات، وأنشأت مكتبًا لتنسيق المساعدات الإنسانية في اليمن ليكون رافدًا لمجهود المنظمات الدولية العاملة في الميدان، للاستجابة بشكل عاجل لاحتياجات المتضررين.

هذه الجهود الإنسانية الكبيرة التي تقوم بها دول التحالف الداعمة للشرعية في اليمن تؤكد على مدى تحملها مسؤولية الحفاظ على السلم والأمن في المنطقة، كما أنها تساهم بشكل كبير في التخفيف من وطأة معاناة أبناء الشعب اليمني وتساعدهم على تجاوز المرحلة الصعبة التي يمرون بها، في وقت تعاني فيه معظم الأسر اليمنية معوقات اقتصادية جراء الممارسات الإرهابية لميليشيات الحوثي الموالية لإيران والأوضاع الإنسانية والاقتصادية القاسية.

تحرير الحديدة يعني عزل النظام الإيراني عن مواليه في اليمن، مما يعني كذلك وقف الأعمال العدائية للحوثيين وتهديد الملاحة الدولية وتهريب ونقل الأسلحة، ودعم التوجه نحو الحديدة وتحريرها ضرورة باعتبارها بداية النهاية للحرب في اليمن، وهذا ما يتطلب ضرورة التصدي ودحض المعلومات المغلوطة التي تُبث حول وقف عملية تحرير الحديدة.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة