الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
مكافحة التطرف العنيف في بنجلاديش

كيوبوست- ترجمات
شافي مصطفى♦
في سبتمبر 2022، كشفت كتيبة التدخل السريع، وحدة نخبة لمكافحة الإرهاب تابعة لشرطة بنجلاديش، عن ظهور منظمةٍ متشددة جديدة، تدعى جماعة الأنصار في الهند الشرقية. وأكدت الشرطة أن هذه الجماعة تشكّلت في عام 2019. جاء أعضاؤها من صفوف “جماعة المجاهدين في بنجلاديش”، و”أنصار الإسلام”، و”حركة الجهاد الإسلامي في بنجلاديش”. ومنذ ذلك الحين، تعمل سرًا لتوسيع شبكتها وجمع التمويل.
تؤكد هذه التصريحات ما توقعته في عام 2020. أولًا، توقعتُ أنه منذ عام 2018، كان التشدد في بنجلاديش في مرحلة كمون بغرض التجنيد وجمع الأموال. السبب الذي طرحته هو أن العمليات الأمنية بعد هجوم مقهى “هولي آرتسان” في عام 2016، الذي أسفر عن مقتل حوالي 100 مسلح، واعتقال 500 آخرين، وجهت ضربة قوية لقدرة الجماعة على العمل، لكنها لم تثبط عزيمتها على الانضمام إلى الجماعات المتطرفة.
الشيء الثاني الذي توقعته هو أن تنظيم داعش فقد أساسه الأيديولوجي الذي يجذب الشباب، بسبب وفاة الخليفة البغدادي، وزوال الخلافة، الأرض التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا. لذلك، سيحل تنظيم القاعدة محل داعش في بنجلاديش بسبب أيديولوجيته المصممة خصيصًا لشباب شبه القارة الهندية المهتمين بما يُطلق عليه “غزوة الهند” أو الحرب المقدسة في هندوستان. كما أدّت سياسة حكومة حزب بهاراتيا جاناتا المعادية للمسلمين إلى تبرير أيديولوجية تنظيم القاعدة للشباب المسلم.
اقرأ أيضًا: كيف تتعامل الهند مع الإسلام السياسي؟
يشير ظهور جماعة الأنصار في الهند الشرقية، واعتقال قرابة 50 مسلحًا مرتبطين بها إلى أنهم استغلوا السنوات الخمس من الكمون لتجهيز أنفسهم بقاعدة صلبة لتوسيع شبكتهم. وتشير التقارير أيضًا إلى انتمائها إلى تنظيم القاعدة. هذا هو السبب في أن استراتيجيات مكافحة الإرهاب التي اعتمدتها الحكومة فشلت في معالجة قضايا التطرف في بنجلاديش.
هوية وطنية مشوشة
تكافح بنجلاديش كدولة قومية حديثة منذ فترة طويلة منذ استقلالها في عام 1971 للاستقرار على هوية وطنية، تتأرجح بين العلمانية والإسلام. من الواضح أن هذا النقاش قسّم الأمة إلى معسكرين. أحدهما ينافح عن الإسلام، والآخر يُركّز على العلمانية. ويتضح هذا التذبذب عند النظر إلى دستور الدولة، الذي يحيل العلمانية إلى سياسة الدولة، لكنه يُبقي الإسلام دين الدولة. هذه الهوية الوطنية المشوشة تسهم في حالة الانقسام هذه
طالبت مجموعة من المدونين بعقوبة الإعدام للزعماء الإسلامويين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، كما طالبت بحظر السياسة القائمة على الدين. كانت هذه الحركة مدعومة من قِبل عددٍ كبير من سكان الدولة، وفي مرحلةٍ ما، وافق البرلمان أيضًا على مطالبها. وقد أدّى ذلك إلى رد فعل عنيف بين الجماعات الإسلاموية. وعلى هذا النحو، توافدوا أيضًا إلى دكا بأعدادٍ كبيرة للمطالبة بميثاق يتكون من 13 نقطة، بما في ذلك عقوبة الإعدام للمدونين الملحدين. وقد عزّز هذا الانقسام التعصب في المجتمع.
أصبحت السياسة الحزبية والانتقام السياسي بين رابطة عوامي والحزب الوطني البنجالي (BNP) ظاهرة شائعة. وعليه، تُعطى الأولوية لاستراتيجية “العين بالعين” لتحقيق الأهداف الحزبية على حساب الاهتمامات الوطنية. لم تؤدِّ هذه السياسة الحزبية إلى تسييس المؤسسات الاجتماعية والسياسية فحسب، بل أيضًا إلى تسييس الجهاز الحكومي برمته من خلال تعيين أهل الثقة على حساب أهل الجدارة. إن الحكم السيئ والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان أمور شائعة في بنجلاديش، ما يثير استياء خطير في أوساط الشباب.

ثلاثة أجيال من المسلحين
أنتجت ثلاثة حروب في الشرق الأوسط ثلاثة أجيال من المسلحين في بنجلاديش. استلهم الجيل الأول من المقاتلين من النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال، الذي شكّل في نهاية المطاف جماعة “ميلات باهيني الإسلامية” في عام 1986. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 8,000 مقاتل بنغالي سافروا إلى لبنان للقتال من أجل الفلسطينيين. توفي قرابة 100 شخص، وسافر بعضهم إلى أوروبا، واختار آخرون البقاء في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فلا يزال عدد العائدين إلى ديارهم غير معروف.
من الواضح أن الجيل الثاني متأثر بأيديولوجية طالبان التي قاتلت ضد السوفييت في التسعينيات، وشكّل عددًا لا يُحصى من الجماعات المسلحة في بنجلاديش في أواخر الفترة ذاتها، بما في ذلك “جماعة المجاهدين في بنجلاديش”، و”الصحوة الإسلامية في بنجلاديش”، وحركة “الجهاد الإسلامي في بنجلاديش”. ففي تلك الفترة، عاد ألف من قدامى المحاربين الأفغان إلى ديارهم بأيديولوجية واتصالات طالبان المتطرفة.
تأثّر الجيل الثالث من المسلحين بشدة بالأحداث في العراق وسوريا وأفغانستان، التي عزّزت نمو جماعة المجاهدين في بنجلاديش الجديدة التابعة لتنظيم داعش، وجماعة أنصار الإسلام التابعة لتنظيم القاعدة في بنجلاديش. هذا الجيل من المتشددين هم في الغالب متطرفون عبر الإنترنت. معظمهم من عائلات ثرية ذات خلفيات علمانية حضرية.
وهكذا، يبدو أن أيديولوجية مظلومية المسلمين، ودعم قضية الأمة أو الإخوان المسلمين، والخلافة، والجهاد تحفّز التطرف الإسلاموي في بنجلاديش.
اقرأ أيضًا: كيف يواجه التاريخ التطرف وثقافة الكراهية؟
حدث كاشف
لقد كان هجوم مقهى هولي أرتيسان في عام 2016 فصلًا سيئ السمعة، وكاشفًا في تاريخ بنجلاديش، حيث أسفر عن مقتل أكثر من 20 مدنيًا من بينهم أجانب في المنطقة الدبلوماسية. لم يكن يوجد في حقبة ما قبل عام 2016 أو حقبة “هولي أرتيسان” استراتيجيات لمنع التطرف العنيف أو مكافحته باستثناء صياغة قانون مكافحة الإرهاب لعام 2009 وتشكيلات وحدة مكافحة الإرهاب والجريمة عبر الوطنية التابعة لشرطة العاصمة دكا في فبراير 2016 برئاسة نائب المفتش العام.
لقد وضع قانون مكافحة الإرهاب لعام 2009 لمقاضاة مرتكبي الأنشطة الإرهابية والمؤسسات المالية التي يستخدمها الإرهابيون على وجه التحديد. ثم عُدِّل هذا القانون في عامي 2012 و2013. وأدخلت عقوبة الإعدام على جرائم محددة وأعُيد النظر في قانون الأدلة، حيث سمح باستخدام فيسبوك أو سكايب أو تويتر أو واتساب أو الرسائل أو الاتصالات عبر الإنترنت كأدلة في المحاكم.
وفقًا لذلك، تعتبر الصور ومقاطع الفيديو أدلة مقبولة قانونيًا. كما حدد التعديل مهلة زمنية للتحقيق. الآن، يتعين الانتهاء من أي قضية مرفوعة بموجب هذا القانون، يحقق فيها أي ضابط شرطة، في غضون 60 يومًا من تاريخ تلقي المعلومات أو تسجيلها بموجب المادة 154 من قانون الإجراءات الجنائية.
صممت وحدة مكافحة الإرهاب والجريمة عبر الوطنية لمساعدة الوحدات الأخرى في توفير المعلومات الاستخباراتية، ومراقبة الإرهابيين المشتبه بهم، والمسائل ذات الصلة اللازمة لمكافحة التطرف. وتشمل المهام الأخرى لهذه الوحدة: منع الهجمات الإرهابية من خلال الشرطة التي تقودها الاستخبارات، ومنع الأفراد من أن يصبحوا إرهابيين أو يدعموهم، وضمان التحقيق المهني في الحوادث الإرهابية والجرائم السيبرانية والجرائم المنظمة عبر الوطنية. وقال رئيسها آنذاك، منير الإسلام، لوسائل الإعلام إن “الوحدة ستعمل بشكلٍ أساسي على مكافحة الجرائم الإلكترونية، وتمويل الإرهاب والجرائم المتعلقة بالخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول”.
اقرأ أيضًا: معظم الإرهابيين المدانين تحولوا إلى التطرف عبر الإنترنت
خطط منع الإرهاب
ومع ذلك، فإن استراتيجيات مكافحة التطرف العنيف بعد هجوم “هولي أرتيسان” لا تزال غير منهجية وتعتمد بشكلٍ كبير على الاستجابات الأمنية. وبعد دراسة خطورة التحديات ذات الصلة من المتشددين الإسلامويين، وافقت الحكومة على تنفيذ مشروع تبلغ قيمته حوالي 35 مليون دولار، في عام 2018، لبناء “مركز مكافحة الإرهاب ومنع الجريمة الدولية”، على مدار خمس سنوات.
في إطار هذا المشروع، وبصرف النظر عن بناء مبنى مكون من 13 طابقًا في العاصمة لهذا المركز، وشراء اللوازم اللوجستية لمكافحة الإرهاب، بدأت شرطة العاصمة في دكا استراتيجية من 4 مستويات لمكافحة التطرف العنيف.
استراتيجية مكافحة التطرف العنيف- النهج المتبعة
|
|||
إعادة تأهيل المتطرفين | نهج إعادة الدمج | المستوى رقم 5
السجناء الحاليون والسجناء المطلق سراحهم |
التثقيف والنصح وإعادة الدمج وإعادة التأهيل |
مكافحة الإرهاب | نهج إنفاذ القانون | المستوى رقم 4
مخالفو القانون النشطين |
الاعتقال والمقاضاة |
مكافحة التطرف |
نهج إعادة التوجيه | المستوى رقم 3
الذين ينزلقون نحو التطرف |
النُصح على يد متخصصين نفسيين ورجال دين |
نهج الاستهداف | المستوى رقم 2
المعرضون للخطر |
التوجيه من خلال المدرسين والأئمة والمتخصصين الاجتماعيين والنماذج الحسنة، إلخ | |
منع التطرف | النهج المجتمعي | المستوى رقم 1
كافة أفراد المجتمع |
التريبة الجيدة، وتشجيع القيم الثقافية، والحوار، والمشاركة المجتمعية، والبناء الوعي، والتمكين |
الشكل رقم 1: مقتبس بتصرف من الدليل الإرشادي لشرطة العاصمة في دكا
في المستوى الأول، تبنت شرطة العاصمة في دكا نهجًا مجتمعيًا، أسمته “منع التطرف”. يستهدف هذا النهج جميع أفراد المجتمع، ويُركز على بناء الوعي. ووفقًا لمصدر عقدتُ معه مقابله، في إطار برنامج التوعية العامة هذا، عقد المركز بالفعل حلقات دراسية في 45 مقاطعة من أصل 64 مقاطعة، وأشرك قادة دينيين محليين، وأعضاء من مختلف قوات الأمن، ومعلمين، وغيرهم من المهنيين.
كما تولت وزارة الشؤون الدينية مشروعًا مدته سنتان بقيمة 4.4 مليون دولار لخلق وعي مناهض للتشدد من خلال إجراء حملات دعائية على مستوى الدولة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. إضافة إلى ذلك، بدأت بعض المنظمات غير الحكومية أيضًا بعض برامج التوعية الخاصة بمنع التطرف العنيف من خلال إشراك الشباب. لكن الحقيقة هي أن معظم هذه الجهود كانت محدودة في السنوات من 2017-2019.
كما أطلقت وكالات حكومية مختلفة مبادرات أخرى لزيادة الوعي بضرورة مكافحة التشدد، غير أن هذه المبادرات كانت في شكل دورات تُعقد لمرة واحدة.
في عام 2017، أعدت مؤسسة بنجلاديش الإسلامية (BIF)، هيئة مستقلة تابعة لوزارة الشؤون الدينية، خطبًا مسبقة لإلقائها خلال صلاة الجمعة. واستعانت المؤسسة بعدد 70,000 إمام للقيام بهذه المهمة، ولكنها تخلت عن هذه الممارسة أيضًا. وفي حين أنه صدرت تعليمات لوسائل الإعلام ببث برامج ضد التشدد، ونفذتها دور الإعلام بالفعل ذلك في فترة ما قبل كوفيد-19، فإنها لم تستمر بعد ذلك.

دشنت الشرطة تطبيق (Hello City) في إطار جهودها لمكافحة الإرهاب، كما أنتجت الحكومة عددًا من الأفلام الوثائقية التي تهدف إلى تشجيع الناس على مكافحة التشدد.
أشركت وزارة التربية والتعليم المؤسسات التعليمية للمساعدة في رفع مستوى الوعي ضد التطرف بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور في عام 2018. كما خططت وزارة الشباب لإشراك الشباب في الرياضة والثقافة وغيرها من الأنشطة في عام 2017. والجدير بالذكر أن قرابة 100,000 رجل دين مسلم في بنجلاديش قد أصدروا فتوى تُدين التطرف و”تحرمه“.
نشرت كتيبة التدخل السريع كتابًا بعنوان “سوء تفسير الآيات من قبل المسلحين والتفسير الصحيح للقرآن والحديث” في عام 2017 ووزعت منه 4,000 نسخة على أماكن مختلفة بما في ذلك المدارس الدينية، بيد أن المبادرة توقفت بعد ذلك. كما تم تكليف المركز الوطني لمراقبة الاتصالات بتطوير القدرة على اكتشاف المواقع المتطرفة.
هذه المرحلة الثانية من برامج منع التطرف العنيف، التي صممت لتوفير التوجيه أو المشورة للأشخاص المُعرّضين لخطر التطرف، لم ترَ النور بعد. أما المرحلة الثالثة، وهي مكافحة الإرهاب، فهي حتى الآن الاستراتيجية الفعّالة الوحيدة للحدِّ من تنامي التشدد. أعلنت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة سياسة عدم التسامح مطلقًا ضد المسلحين، وأكدت أن بنجلاديش لا تسمح باستخدام أراضيها من قبل أي جماعة إرهابية. وهكذا، نفّذت قوات الأمن سلسلة من العمليات الجريئة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 مسلح، واعتقال أكثر من 600 مائة آخرين منهم.
شاهد: فيديوغراف: أساسيات نجاح برامج تأهيل المتطرفين
المرحلة الرابعة، مرحلة إعادة تأهيل المتطرفين، مصممة لإعادة دمج المتطرفين في المجتمع. وفي هذا الصدد، قال مصدر مطلع إن الشرطة بدأت في تقديم المشورة وإعادة تأهيل المتطرفين. وحتى الآن، أعادت الشرطة تأهيل عدد قليل من المتطرفين، وساعدتهم على إعادة الاندماج في المجتمع، مع قيام مراكز الشرطة المحلية بمراقبتهم. وأضاف المصدر أيضًا أنه لا توجد حتى الآن أدلة إرشادية لبرامج إعادة تأهيل المتطرفين، لكن الشرطة تعمل عن كثبٍ مع الأكاديميين لإعدادها.
الخلاصة
يبدو نهج استراتيجية مكافحة التطرف العنيف الذي اعتمدته الشرطة وكأنه استراتيجية مثيرة للإعجاب لمنع التطرف، ولكن الحقيقة هي أنه أخفق في الحدِّ من نمو التشدد، بل وأدّى إلى ظهور جماعة متشددة جديدة في عام 2022.
أولًا وقبل كل شيء، لم تستطع العمليات الأمنية التي قتلت أكثر من 100 مسلح منذ يوليو 2016 أن توقف نموهم، حيث يتضح من عددٍ لا يُحصى من الأبحاث أن ظهور هذه الجماعات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالالتزام الأيديولوجي. ولا يمكن استئصال هذا الالتزام الإيديولوجي باتباع نهج أمني.
على الرغم من إجراء بعض المحاولات للدعوة إلى اتباع “صحيح الإسلام”، فإن هذه المحاولات كانت لمرة واحدة، ولم تستمر. وعلاوة على ذلك، فإن هذا النوع من العلماء المسلمين المشاركين في هذه المشاريع غير مقبول في بعض الأحيان من قبل مجموعاتٍ أخرى من المسلمين. وفي هذه الحالة، يجب ضمان استمراريتها وإشراك رجال الدين المسلمين المشهورين من جميع المجموعات لنشر المعرفة المناسبة.
ثانيًا، كان بعض أعضاء الجماعة المتشددة الجديدة في السجن، وبعد إطلاق سراحهم انخرطوا في جماعاتٍ متشددة جديدة. وهذا يعني أن برامج إعادة تأهيل المتطرفين التي نفذتها الشرطة قد فشلت فشلًا ذريعًا. وبعد 5 سنوات، وبعد الموافقة على المشروع، فشلوا في إعداد دليل لإعادة تأهيل المتطرفين في السجون.
ثالثًا، هذه الموجة من المتشددين متطرفة في الغالب عبر الإنترنت. على الرغم من أن المركز الوطني لمراقبة الاتصالات يجب أن يراقب المحتوى عبر الإنترنت، فإن المحتوى المتطرف عبر الإنترنت لا يزال متاحًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن أنظمة المراقبة عبر الإنترنت مُعقدة للغاية، وتحتاج وقتًا طويلًا جدًا لدرجة لا تستطيع الشرطة الاضطلاع بها.

رابعًا، الشباب الساخطون أكثر ميلًا إلى اعتناق الأيديولوجية المتشددة. كما أن الدولة تعاني من قضايا خطيرة فيما يتعلق بتشكيل الهوية والسياسة الحزبية. هذه القضايا الاجتماعية والسياسية الأوسع نطاقًا تستحق التزامًا سياسيًا مناسبًا لتشجيع الشباب على حب بلدهم والافتخار بأنهم من مواطنيه.
خامسًا، كل ما تفعله الشرطة منذ عام 2017 لمنع التطرف هو جزء من مشروع مدته خمس سنوات، كان من المفترض أن ينتهي في عام 2022، ولكن مدد لمدة عامين آخرين حتى عام 2024.
وبما أن التطرف هو في الواقع مشكلة عميقة الجذور، فإن هذه الاستراتيجيات المخصصة أو القائمة على المشاريع ليست كافية للتعامل مع المشكلة. وينبغي الشروع في حركة جماهيرية اجتماعية ضد التشدد تضم قادة دينيين من جميع فئات المسلمين، كما ينبغي أن تعالج المناهج الدراسية هذه القضية.
♦هو أستاذ مساعد في الأديان والثقافة العالمية، مع اهتمامات خاصة بالإسلام السياسي في بنجلاديش، في كلية الآداب بجامعة دكا، ومحاضر مساعد في جامعة نيو إنجلاند بأستراليا. شافي حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة، بأطروحة بعنوان “التشدد الإسلاموي في بنجلاديش”، من جامعة نيو إنجلاند، نيو ساوث ويلز، أستراليا.
يسعى موقعُ «عين أوروبية على التطرف» إلى نشرِ وجهاتِ نظرٍ مختلفة، لكنه لا يؤيد بالضرورة الآراء التي يُعبِّر عنها الكتّابُ المساهمون، والآراء الواردة في هذا المقال تُعبِّر عن وجهةِ نظر الكاتب فقط.
المصدر: عين أوروبية على التطرف