الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
مقبرة الإمبراطوريات: أسباب وعواقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

كيوبوست- ترجمات
يسعي هذا التقرير لمراجعة الفهم التقليدي للحرب في أفغانستان، حيث تشوب الكتابات المتعلقة بها أساطير تاريخية، ومفاهيم خاطئة، وأخطاء تحليلية، وافتراضات تحولت إلى عقائد جامدة. كما يسعى إلى دراسة عواقب الانسحاب الأمريكي..
تتأتى المشكلات التحليلية من اللغة المستخدمة لوصف عناصر الحرب، باللغة الإنجليزية، وغيرها من اللغات الغربية المشبعة بالافتراضات حول الهوية، خاصة القومية والعرق، التي لا علاقة لها بالمناقشات التي تخص الجماعات الإسلاموية، والدول التي تنشط فيها. وهذا يؤدي إلى استخدام عبارات مثل “طالبان الأفغانية”، وهي تسمية أقرب إلى “خطأ التصنيف”.
اقرأ أيضًا: في أفغانستان.. التاريخ يعيد نفسه
هذا النمط من التفكير يقود إلى التقسيم التعسفي للشبكات المتكاملة فوق الوطنية إلى الدول و”وكلائها”، في حين أن ما تجري مناقشته حقًا هو حركة أيديولوجية تصادف أنها تسيطر على بعض الأراضي التي نعتبرها دولًا. ونتيجة لذلك، يصبح التحليل منحرفًا بشكل سيئ، وينسب أسبابًا محلية للأحداث التي تُحركها جهات إسلاموية عابرة للحدود الوطنية من الخارج.
وهذه ليست مشكلة فريدة بالنسبة لأفغانستان: فهي مسألة يغطيها تقرير سابق لموقع عين أوروبية على التطرف عن الأوضاع في اليمن. غير أن أفغانستان حالة متطرفة بشكل خاص. في البداية، ذهبت الولايات المتحدة في أفغانستان فقط لأن الفرضية القائلة بأن الحرب ظاهرة محلية يمكن تجاهلها تحطمت إثر الهجمات التي استهدفت البرجين التوأمين (مركز التجارة العالمي)، ومبنى البنتاجون في 11 سبتمبر 2001.

لعل أوضح طريقة للتفكير في هذا الوضع هي أن هناك ثلاث شبكات جهادية متداخلة تعمل في أفغانستان: واحدة مرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي الذي يسيطر على إيران، وواحدة ملحقة بوكالة الاستخبارات الباكستانية التي تسيطر على باكستان، و”ولاية” خراسان التابعة لتنظيم داعش المستوردة من العراق وسوريا.
اقرأ أيضاً: الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان لا يضمن السلامَ في أفغانستان
تمتد شبكات الحرس الثوري الإيراني، ووكالة الاستخبارات الباكستانية، في أفغانستان إلى خمسين عامًا، وقد انخرطت في منافسةٍ تعاونية معقدة، كما هو سيتم توضيحه بالتفصيل. النقطة الحاسمة هي أنه على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن شبكة المجاهدين أنشئت بمساعدة أمريكية في الثمانينيات كرد فعل على الاحتلال السوفييتي، فإن الواقع هو العكس: هذه الشبكات، التي أنشأتها قبل عقد من الزمان وكالة الاستخبارات الباكستانية وانضم إليها فيما بعد الحرس الثوري الإيراني، هي التي جذبت السوفييت ثم الأمريكيين إلى أفغانستان. وولاية خراسان هي أحدث هذه الجماعات الجهادية الثلاثة والأسرع نموًا، حيث تخترق وتلتهم بسرعة أجزاء كبيرة من الشبكة التابعة لوكالة الاستخبارات الباكستانية.

عبر العديد من الإدارات الأمريكية منذ عام 2009، ترسَّخ “التفكير الجديد”، وهو نظرة أيديولوجية عميقة حول العالم، ودور الولايات المتحدة فيه، دون أن يتأثر بالاعتبارات الخارجية المتعلقة بالأحداث الفعلية، وهي فلسفة مغلفة بمصطلح “الحروب إلى الأبد” والمعارضة لها.
وهو يرقى إلى الاعتقاد بأنه إذا غادرتِ الولايات المتحدة بلدًا ما، فإن المشكلة ستحل بذلك أو على الأقل لم تعد مصدر قلق لمصالح الولايات المتحدة، ومن هنا جاء رفض الولايات المتحدة إعادة تقييم انسحابها الأفغاني حتى مع تزايد الأدلة على أن الخفض التدريجي للولايات المتحدة يخلق كارثة استراتيجية وإنسانية.
شاهد: فيديوغراف: أفغانستان.. من الانسحاب الأمريكي إلى صعود “طالبان”
والقضية الواقعية التي لم تُحسم بعد لهذا الخفض التدريجي هي أنه من الأفضل تكريس الموارد الأمريكية لمنافسة القوى العظمى بدلًا من مكافحة الإرهاب. غير أن هذه ثنائية زائفة، كما يبين هذا التقرير.
الغرض من هذا التقرير ليس تقديم تاريخٍ شامل لأفغانستان، بل خطوة نحو تفنيد الأساطير والتحريفات التي جعلت الكتابات المعاصرة المتعلقة بالصراع منفصلة عن الواقع.
لقراءة الأصل الإنكليزي: Afghanistan-Report
المصدر: عين أوروبية على التطرف