الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

مقابلة مع شولبون أوروزوبيكوفا حول إعادة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم

كيوبوست- ترجمات

في مقابلةٍ مع موقع “عين أوروبية على التطرف”، تناقش الباحثة في مجال مكافحة الإرهاب شولبون أوروزوبيكوفا كتابها “المقاتلون الأجانب والسلام الدولي”، حيث تجيب عن عددٍ من التساؤلات المهمة من حيث المضمون والتوقيت، فيما يتعلق بضرورة إعادة الدول لمواطنيها العالقين حاليًا في مخيَّماتٍ في شمال سوريا، فضلًا على تداعيات التقاعس عن القيام بذلك… فيما يلي أبرز ما دار خلال هذه المقابلة:

•  ما الذي دفعكِ نحو تأليف هذا الكتاب؟ وكيف تمت عملية البحث والإعداد له؟ 

الكتاب نتاج قرابة عامين من البحث، ويتناول الوضع الحالي لمقاتلي داعش وأفراد أسرهم الذين وقعوا في عهدة القوات الكردية، بعد هزيمة داعش. لقد سافر حوالي 40,000 شخص، يمثلون أكثر من 60 دولة من جميع أنحاء العالم، إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى الجماعات الإرهابية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها العالم مثل هذه التعبئة الهائلة للمقاتلين الأجانب.

شولبون أوروزوبيكوفا

في أعقاب هزيمة داعش في عام 2019، لم يجد الآلاف من المقاتلين، وأفراد أسرهم، مكانًا يذهبون إليه. وهم حاليا يعيشون في الصحراء في مخيماتٍ في شمال شرق سوريا، حيث تتولى قوات سوريا الديمقراطية حراستهم، وتدعو الأمم المتحدة الدول إلى إعادتهم إلى أوطانهم.

في عامي 2018 و2019، التقيت بالعديد من العائدين طواعية في قيرغيزستان. هؤلاء كانوا قد سافروا إلى الشرق الأوسط، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل، وتمكنوا من الفرار من داعش، وجاءوا إلى تركيا، ثم وصلوا بطريقة ما إلى قيرغيزستان. وحتى قبل سقوط داعش، بدأت الدول تستقبل العائدين طواعية. التقيت بالعائدين، وكانت قصصهم مذهلة. شعرت أنه يجب دراسة الأشخاص الذين انضموا إلى داعش.

اقرأ أيضاً:  قضية الإعادة إلى الوطن: أعيدوا النساء والأطفال الهولنديين من المخيمات السورية

في عام 2014، علمنا أن مئات النساء غادرن للانضمام إلى داعش. هذا الجهاد العائلي المزعوم أثار اهتمامي. كيف يمكن للمرأة أن تجلب أطفالها إلى منطقة نزاع؟ كيف انضم آلاف النساء والأطفال إلى هذه “الخلافة”؟

بعد هزيمة داعش في عام 2019، رأينا عواقب ما يسمى بالجهاد العائلي، حيث سقط حوالي 60,000 امرأة وطفل في أيدي قوات سوريا الديمقراطية، واحتجزوا في مخيماتٍ تحرسها القوات الكردية في شمال شرق سوريا.

بدأت أتساءل كيف كان من الممكن أن تتعامل الحكومات مع هؤلاء الأشخاص؟ وكيف ستتعامل مع عواقب الجهاد العائلي؟ عندها قررت البحث وتأليف كتاب.

بحلول ذلك الوقت، في عام 2019، كانت كازاخستان وأوزبكستان قد أعادتا بالفعل مواطنيهما.

مخيم الهول السوري _ أرشيف

كنت مدفوعة أيضًا بطفولتي عندما كنت أعيش في ظل الاتحاد السوفييتي. أتذكر الجنود السوفييت الذين ذهبوا إلى أفغانستان لمحاربة المقاتلين العرب. عندما كنت طفلة، لم أفهم لماذا يموت جنودنا هناك ومن هم هؤلاء المقاتلون العرب.

في وقتٍ لاحق، أصبحت القضية الرئيسة هي كيف تُرك هؤلاء المقاتلون العرب، بعد انسحاب الجيش السوفييتي، دون جهود لنزع سلاحهم، وتسريحهم، وإعادة دمجهم في المجتمع. لقد أدّى ذلك إلى مزيدٍ من التشبيك والتطرف والتنقل، ما قاد في نهاية المطاف إلى ظهور تنظيمي القاعدة وداعش.

أصبح المقاتلون العرب رُحّلًا يتنقلون إلى مناطق صراع جديدة، مثل البوسنة، فضلًا على الجزائر ومصر. في ذلك الوقت، لم تكن النزعة الجهادية قد شقَّت طريقها إلى العالمية بعد، لكن عملية التدويل كانت قد بدأت للتو.

اقرأ أيضًا:  هل من طريقٍ أمام أوروبا للتعامل مع ملف عودة المقاتلين وأسرهم؟

•  ذكرتِ في كتابكِ أنه من المهم فهمُ الظروف التي عانى منها المقاتلون الأجانب قبل التطرف والسفر. لماذا يرفض العديد من هؤلاء المقاتلين الأجانب العيش في دولهم الأصلية، ويفضلون العيش في “الدولة الإسلامية” المزعومة؟

في الواقع، لكل مقاتل أجنبي، بما في ذلك أفراد أسرته، قصته الخاصة. وخلف هذه القصص، تختفي مشكلات أكثر عمقًا في العالم المعاصر. لقد بعثت ملامح أولئك الذين انضموا إلى داعش رسالة مهمة للعالم: لقد رفضوا النظام السياسي الذي عاشوا فيه، وفروا من بلدانهم للعثور على نظامٍ آخر يعيشون فيه. أحرقوا جوازات سفرهم الوطنية بعد وصولهم إلى سوريا أو العراق. أرادوا محو حياتهم السابقة، وبدء صفحة بيضاء. لقد رفضوا المجتمع ونظام الدولة السياسي بأكمله، حتى أنهم تخلّوا عن والديهم وأحبائهم. لكل شخص قصته الخاصة. لا يمكننا التعميم، وليس هناك ملمح واحد ينسحب على الكل. ومع ذلك، فهناك اتجاهات عامة نحتاج إلى تحليلها.

لقد رأى الناس بديلًا في “الدولة الإسلامية”، على الرغم من أنه مفهوم “طوباوي” قائم على أيديولوجية دينية متطرفة. أصبح فشل الدول العلمانية في معالجة المظالم السياسية والاقتصادية للناس، وبناء مؤسسات فعّالة، والقضاء على الفساد، المحرِّك الأساسي للسعي إلى الخلافة. ينبغي للعالم أن يفهم أن الناس أصيبوا بخيبة أمل من الأنظمة السياسية القائمة، وبدأوا في البحث عن بدائل.

لقد تسببت الأحداث العالمية، مثل الاستعمار والعولمة والعصرنة والهجرة، في انعدام الأمن والسخط بين الناس. وفي عالمٍ سريع النمو، يشعر كثيرون، ولا سيّما أولئك الذين يعيشون في البلدان النامية، بأنهم غير محميين، وضعفاء، وأنهم فاقدو السيطرة على مصيرهم. كان لدى أولئك الذين انضموا إلى داعش مظالم مختلفة، تتراوح بين الفقر والبطالة إلى المظالم الشخصية، مثل النزاعات مع أفراد أسرهم، وفقدان أحبائهم، وصدمة الطفولة، والطلاق أو العنف المنزلي. أحاول في كتابي لفت الأنظار إلى أن المظالم مهمة، والمقاتلون الأجانب هم نتاج مجتمعاتنا، وبالتالي، فلا يمكن للدول أن تتجاهل مظالمهم.

يواجه العالم تحدي التطرف وثقافة الكراهية لدى المقاتلين الأجانب بعد عودتهم من مناطق الصراع- أرشيف

الحكم السيئ أيضًا مسؤولٌ عن تطرفهم، حيث نشأت مظالمهم من فشل الحكومات في معالجة المشكلات القائمة.  وفي حين أن هناك عوامل أخرى، مثل الافتقار إلى التفكير النقدي والتعليم، فإن هذه أيضًا نتيجة للحكم السيئ. ينبغي أن تتاح للفتيات والنساء -على وجه الخصوص- إمكانية الحصول على التعليم. معظم النساء اللواتي قابلتهن تزوجن في سن مبكرة، ولم تتح لهن فرصة الحصول على التعليم. معظمهن لم يتعلمن أبدًا، ومكثن في المنزل.

علاوة على ذلك، أظهرت الأدلة التجريبية التي جمعتها من المقابلات مع العائدين أن الناس تحولوا في النهاية من مظالمهم الشخصية إلى مظالم جماعية. إذ يعتقد معظمهم أن المسلمين يتعرضون للإذلال وسوء المعاملة في العالم. وأشار عشرات المقاتلين، الذين قابلتهم، إلى حرب العراق، والأزمة الفلسطينية، والحرب الأفغانية، وإلى أن الإسلام والمسلمين في خطر بسبب السلوك الاستعماري للدول الغربية.

إضافة إلى ذلك، يعتقد بعض المقاتلين الإسلامويين أن “الكفار” يقتلون المسلمين في سوريا. وبالتالي، يجب أن يهبوا لحمايتهم. ثم كان هناك رفض لنظام الدولة العلمانية الشرير، حيث أشاروا إلى الفساد والظلم والبطالة والفقر في دولهم.

عوضًا عن أمننة القضية، يجب علينا البحث بدقة فيما يدفع الناس إلى السفر إلى الخارج، والانضمام إلى الجماعات الإرهابية. لدى الناس مظالم طويلة الأمد، فردية وجماعية. وينبغي لجهود مكافحة الإرهاب أن تبدأ من البداية، من الأسباب الجذرية.

اقرأ أيضًا: محاكمة نساء داعش السويديات: فرصة لفهم أفضل للتكفيريين

•  هل تتحمل الدول مسؤوليات تجاه المقاتلين الأجانب وشركائهم العالقين في سوريا؟

مسألة التعامل مع المقاتلين الأجانب العائدين معقدة لسببين. أولًا، كان حجم السفر العالمي إلى الأراضي التي يسيطر عليها داعش، من قبل مقاتلين من أكثر من 60 دولة، والنسبة الكبيرة من النساء والأطفال الذين انضموا إليهم، غير مسبوق. لم يشهد المجتمع الدولي قط تعبئة مقاتلين أجانب على هذا النطاق.

أما التعقيد الثاني، فينبع من كون المقاتلين المحاصرين في الأراضي السورية، يخضعون حاليًا لإدارة جهة فاعلة غير حكومية، حيث تغيب سلطة الدولة. هذا الغياب لسلطة الدولة هو مصدر غموض تتذرع به الدول لرفض إعادة مواطنيها أو اتخاذ إجراءاتٍ ملموسة أخرى.

تتمسك العديد من الدول بموقف حازم يقضي بضرورة تقديم مقاتلي داعش السابقين وشركائهم إلى العدالة في الأراضي التي ارتكبوا فيها جرائمهم. لكن في شمال شرق سوريا، لا توجد سلطة حكومية لتقديمهم إلى المحكمة، ولا توجد محاكم يمكن فيها تقديم أدلة تتعلق بالجرائم المرتكبة. ولا تعتبر الدول المعنية قوات سوريا الديموقراطية جهة تفاوضية شرعية. ومن ثم، تبحث خيارات أخرى، مثل إنشاء محكمة خاصة أو نقل جميع المقاتلين الأجانب الأسرى إلى السجون العراقية. بالنسبة للخيار الأخير، فقد ثبُت أن النظام القضائي في العراق غير كافٍ، كونه يعاني أوجه قصور عدة، ولا يمكن للدول الغربية تسليم مواطنيها إلى مثل هذا النظام.

نساء “داعش” في معسكر الهول

الحل القانوني الوحيد المناسب هو إعادة المقاتلين إلى أوطانهم وتقديمهم إلى العدالة. لماذا؟ لأن الدول تتحمّل مسؤوليات. أولًا، يقع على عاتق الدول المسؤولية القانونية بموجب قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة باعتبارها دولًا أعضاء في الأمم المتحدة. هناك قراران رئيسيان، على الأقل، لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رقم 2178 و2396 يتناولان وضع المقاتلين الأجانب العائدين، وتتحمل الدول مسؤولية الامتثال لهما.

القضية التالية تتعلق بالولاية القضائية خارج الإقليم. في هذا الإطار، يُعد التحليل القانوني الذي أجراه مقرران خاصان للأمم المتحدة وثيقة مهمة، تشرح سبب التزام الدول بإعادة مواطنيها من سوريا، وكيف يمكن للدول ممارسة الولاية القضائية خارج أراضيها.

على الرغم من أن الولاية القضائية للدولة بموجب قانون حقوق الإنسان هي في المقام الأول إقليمية، فقد يكون للدولة أيضًا ولاية قضائية فيما يتعلق بالأفعال التي يتم تنفيذها، أو التي يترتب عليها تأثيرات، خارج حدودها الوطنية. ويشدد القراران الخاصان للأمم المتحدة على أن الدولة يجب أن تنظر تطبيق الولاية القضائية خارج إقليمها “لتجنب السماح لدولة بارتكاب انتهاكاتٍ على أراضي دولة أخرى، التي لا يمكنها ارتكابها بمفردها”.

اقرأ أيضًا إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم: حالة كازاخستان

بعبارة أخرى، ينبغي للدول التي تعلم أن مقاتلين أجانب قد ارتكبوا جرائم وسيواصلون القيام بذلك إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة، أن تتخذ الإجراءات الوقائية المناسبة. وبالتالي، فإن معرفة أن مقاتلين أجانب سابقين قد يفرون من السجون والمخيمات في سوريا، ويواصلون تنفيذ أعمال إرهابية، يجب أن يدفع تلك الدول إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإعادتهم إلى أوطانهم ومحاكمتهم وتقديمهم إلى العدالة.

ثم إن هناك إجماعًا بين الخبراء القانونيين الدوليين على أن الدول تتحمل مسؤولية مشتركة في حل الأزمة الحالية في المخيمات في سوريا وإعادة مواطنيها.

قضية السلام الدولي مهمة جدًا هنا. ذلك أن المسؤولية المشتركة للدول تتعلق بالحفاظ على السلام الدولي، من خلال ضمان الجهود المشتركة لمنع الإرهاب والنزاعات المسلحة، والامتثال لمتطلبات قرارات الأمم المتحدة، والمعايير الدولية الأخرى.

وأخيرًا، تتحمّل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المسؤولية الأساسية عن مواطنيها، وفي الوقت نفسه، ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن لجميع الأشخاص الحق في العودة إلى البلد الذين يحملون جنسيته. والغرض الأساسي من هذه المبادئ هو حماية الفئات الأكثر تهميشًا.

مقاتلون أجانب في صفوف تنظيم داعش الإرهابي – أرشيف

وبالتالي، تحث الأمم المتحدة الدول على النظر بجديةٍ فيما يلي، فيما يتعلق بمحاكمة شركاء مقاتلي داعش: 1) المسؤولية الجنائية فردية. لا يجوز احتجاز أي شخص أو محاكمته على الجرائم التي ارتكبها أفراد أسرته. ويتصل العديد من النساء والأطفال بالجماعات الإرهابية المُدرجة في قائمة الأمم المتحدة من خلال الوشائج الأسرية، وينبغي معاملتهم بمبدأ افتراض البراءة، 2) ينبغي معاملة الأطفال -أولًا وقبل كل شيء- كضحايا ويجب تحديد معاملتهم مع إيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى، 3) ينبغي للدول الأعضاء أن تقبل مواطنيها، وكذلك الأطفال المولودين لرعاياها، وأن تمنح هؤلاء الأطفال الجنسية، وأن تتخذ إجراءات لحمايتهم من انعدام الجنسية، 4) يجب أن تكون عمليات العدالة الجنائية مراعية للمنظور الجنساني، ويجب تقديم كل الدعم الممكن للناجيات من العنف والاعتداءات، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.

في الوضع الحالي، وفيما يتعلق بجميع المقاتلين وأفراد أسرهم، على الدول الامتثال لالتزاماتها الحكومية، وإعادة مواطنيها، ومحاكمتهم في بلدانهم الأصلية، ومعاملة الأطفال كضحايا، وبالطبع، يجب أن تكون هناك تقييمات فردية لجميع البالغين.

•  ذكرتِ أنكِ أجريتِ مقابلاتٍ مع 20 امرأة في معسكرات الاعتقال السورية الخاصة بالفارين من تنظيم داعش، حول حياتهن قبل داعش وبعده. كيف شكّلت هذه المقابلات بحثكِ، وهل يمكنك ذكر الاكتشافات الأكثر إثارة للصدمة التي علمتيها من هذه القصص؟

لقد ساعدتني هذه المقابلات على فهم دوافعهن للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، وكيف يشعرن ويفكرن أيضًا. ما أدهشني هو عقلياتهن ثنائية التفكير التي تقسِّم العالم إما لأبيض أو أسود. معظمهن يقسِّمن العالم إلى مسلمين حقيقيين وكفّار. يعتبرن أنفسهن مسلماتٍ حقيقيات، والمنظمات الإنسانية التي تقدم لهن المساعدة “كفارًا”. ومع ذلك، فهناك نساء أخريات يدركن أخطاءهن، ومستعدات للعودة إلى المنزل.

الاكتشاف الصادم الآخر هو كيف تنظر هؤلاء النسوة إلى أبنائهن. ينظرن إليهم كمقاتلين في المستقبل. يقلن: “أُسودنا تكبر وستستعيد كرامتنا”. وتقضي معظمهن وقتهن في المخيمات في تعليم أطفالهن قراءة القرآن.

نساء داعش يرفعن السلاح- أرشيف

لكنني تحدثت أيضًا مع نساء من دول ما بعد الاتحاد السوفييتي، ممن شرعن في تدريس الأبجدية الروسية والرياضيات والأدب لأطفالهن. هؤلاء النسوة أدركن أن أطفالهن ينبغي أن يكونوا مستعدين للعودة إلى أوطانهم، وبدأن بالفعل العمل على سد الفجوة التعليمية لإعدادهم للمدرسة.

أهم شيء أدركته هو أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه هؤلاء في المخيمات، زاد تطرفهم. الدول تضيع الوقت لإنقاذ عقول هؤلاء الأطفال. هناك متشددون في هذه المعسكرات يضربون النساء اللواتي يعتقدن أنهن يبتعدن عن أيديولوجية داعش. يأتون ويحرقون خيامهن ويعاقبونهن. لذلك، تخاف النساء منهم، ويحاولن عدم إظهار رغبتهن في العودة إلى الوطن.

•  لقد ركزتِ في كتابكِ على جهود الإعادة إلى الوطن التي تقوم بها كوسوفو وطاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان. هل يمكنكِ ذكر بعض الأفكار المهمة التي توصلتِ إليها من دراسات الحالة هذه؟

لقد خصصت فصلًا طويلًا في الكتاب لمناقشة قضية الإعادة إلى الوطن، وإعادة التأهيل بالتفصيل، في العديد من الدول، مثل كوسوفو وقيرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان. كما تعلمون، أعادت أربع دول في آسيا الوسطى مواطنيها من سوريا والعراق. وأجرت أوزبكستان وكازاخستان، على وجه الخصوص، عمليات إعادة واسعة النطاق إلى الوطن، حيث أعادت مئات النساء والأطفال. لقد درستُ عن كثبٍ تجاربهم، واستنتجت أن إعادة تأهيل العائدين ودمجهم أمر صعب للغاية، ولكنه ممكن. ذلك أن الأطفال يتكيّفون ويندمجون أسرع من البالغين. بالطبع، هناك العديد من المخاطر. قد تظل صدمة الأطفال كامنة لسنوات عديدة، ولكنها تظهر بعد عشرات السنين. ومع ذلك، فإن التخلي عنهم في عرض الصحراء سيكون له تأثيرات أكثر كارثية على السلام الدولي، لأنهم قد يعودون إلى الساحة الدولية كإرهابيين أكثر وحشية.

اقرأ أيضًا: مخاطر تسلل المقاتلين الأجانب العائدين من دول البلقان الغربية إلى الاتحاد الأوروبي

•  بما أن المقاتلين وأسرهم موجودون في معسكرات الاعتقال التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية منذ سنوات دون تقريرٍ واضح لمصيرهم، فما مدى إمكانية استمرار الوضع الحالي وهل ترين أي انفراجة قريبة؟

لقد بدأت بعض الدول الأوروبية في إعادة النساء والأطفال إلى أوطانهم. هناك بعض التحركات الإيجابية. وكان قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رسالة مهمة إلى العديد من الدول. فكما تعلمون، أدانت المحكمة فرنسا لرفضها إعادة النساء الفرنسيات اللواتي سافرن إلى سوريا، وقضت بأن باريس يجب أن تعيد النظر بسرعة في الطلبات التي قدمها والدا امرأتين بشأن السماح لهما بالعودة إلى فرنسا مع أطفالهما.

الآن يجب أن تُعطى الأولوية لإعادة الأطفال وأمهاتهم، ثم يمكننا التحدث عن المقاتلين الذكور. وعلى الرغم من أنني لا أرى انفراجة قريبة في ضوء الأزمات الأخرى المشتعلة في العالم، فإنني متأكدة من أن الدول ستضطر في نهاية المطاف إلى إعادة مواطنيها.

المصدر: عين أوروبية على التطرف

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة