الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

مفكر إسلامي يوجه رسالة إلى ابنه حول فرنسا

الباحث والمفكر الإسلامي الفرنسي من أصول مغربية رشيد بنزين.. يكتب رسالة إلى ابنه ويدعوه إلى حب وطنه فرنسا رغم كل ما يعانيه في سبيل القبول والاندماج

كيوبوست- ترجمات

أعلم يا بُني أنك غاضب، وغاضب جداً. ليس عليك أن تخبرني لماذا، أنا أعرف ذلك، أراه؛ بل أنا أعيشه، ويحدث فجوة هنا داخل روحي، أراك تصرخ وتتذمر، تدور حول نفسك دون أن تجد السلام.

رغم أنني حاولت حمايتك منها، وحاولت أن أبقيها بعيداً عنك قدر المستطاع؛ لكن ينتهي الأمر بوصول تلك الصور إليك، صور العنف والكراهية والعنصرية التي يصعب تحملها، والتي تحطم المثل الأعلى لأمة؛ حيث الجميع فيها متساوون ومحترمون ومحميون ومعترف بهم. في العصر الذي تحاول فيه قدر المستطاع أن ترسم الخطوط العريضة لهويتك، يصبح الأمر صعباً عليك؛ بسبب كلمات البعض أو بسبب أفعالهم التي غالباً ما تدمِّر الأرواح، تود أن تصدق أن هذه السيدة العظيمة التي علمتك أن تحبها تحميك؛ لكن لا شيء يساعدك، ففي كل مرة تشعر فيها بمزيد من الخيانة.

اقرأ أيضاً: إمام مسجد بوردو لـ”كيوبوست”: المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لا يمثل كل مسلمي فرنسا

أنا أفهمك، أعرف حجم جراحك. الأب يرى كلَّ شيء؛ فأنا أيضاً كنت أعاني تلك الجروح المفجعة والمأساوية، تلك التي تخنق الرغبة في الإيمان، وتخدر القدرة على التفاعل، وتزيد من الرغبة في الذهاب إلى الفراش لنغادر هذه الحياة التي تمر دون أمل في أي شيء.

كنت في عمرك عندما بدأت معركتي في سبيل المطالبة بالاعتراف والكرامة، كنت أعمل لإنشاء الجمعيات حتى يتمكن الجميع من العثور على مكانهم في هذه الأمة. أنا، مثل كثيرين  فعلت كلَّ شيء لأكون جزءاً من هذا البلد، هذه اللغة، هذه الثقافة، للوفاء بشروطها تماماً كما تفعل أنت اليوم.

تظاهرة ضد الإرهاب في فرنسا- وكالات

لا يجب أن تسأل نفسك يا بُني نفس الأسئلة التي طرحتها عندما كنت في عمرك. لا داعي للقلق بشأن ما إذا كان سيتم قبولك في هذا المجتمع، وما إذا كانوا سيتفهمونك أو يحبونك. لا يجب أن تخاف من قراءة الرفض وعدم الثقة في عيون الآخرين. لا داعي للقلق بشأن كيفية العيش والتعبير عن نفسك في هذا البلد الذي ولدت فيه، إن رؤيتك تكافح مع هذه المخاوف أمرٌ مؤلم. كنا نتمنى لو أن الأمور قد تغيرت ولو أن الوعود قد تحققت.

قيل لنا إننا جميعاً متشابهون، أولئك الذين اسم جدهم “كلوفيس” مثل أولئك الذين يتَّشِحون بسمرة أبدية، أولئك الذين لديهم إله، وأولئك الذين ليس لديهم إله، أولئك الذين هم فوق ومَن هم في الأسفل، أولئك الذين يستيقظون مبكراً والذين يتسكعون حتى وقت متأخر، أولئك الذين يملكون ملامح فرنسية، وأولئك الذين هم فرنسيون على الورق فقط. لكن في النهاية، تشبه فرنسا إلى حد ما الوكيل العقاري الذي يعرض عليك شقة مثالية، ثم بمجرد السكن فيها تظهر العيوب.

أجيال جديدة تبحث عن هوية- وكالات

نقرأ في كل مكان أن فرنسا في خطر، وأن هذا التنوع سيؤذيها كثيراً؛ لكن تاريخ حضارتنا، وديمقراطيتنا، وجمهوريتنا هو تاريخ استقبال، تاريخ صدر رحب وأذرع مفتوحة. لا يهم إذا لم تكن لدينا قصص مشتركة؛ ولكنْ هناك خليط من الذكريات المتنوعة، الشيء الرئيسي الذي يجب القيام به هو أن نتشارك تلك القصص، أليس كذلك؟ على الأقل حاول يا بُني.

اقرأ أيضاً: جمعية “مسلمي فرنسا”.. ذراع الإخوان المسلمين التي تتحرك بحرية!

لن أجد أفضل من كلمات المؤرخ الأمريكي جون بالدوين لابن أخيه.. هي هنا أكتبها لك:

“رجاءً حاول أن تضع في حسبانك أن ما يصدقونه، ما يفعلونه ويتسببون في تحملك إياه، ليس شاهداً على دونيتك، بل شاهدٌ على عدم إنسانيتهم وخوفهم. رجاءً، عزيزي، فإن كانت كلمة الاندماج تعني شيئاً، فهذا ما تعنيه: أننا نحن، بالحب، سنجبر إخوتنا على رؤية أنفسهم على حقيقتها، علينا الكف عن الهروب من الواقع والشروع في تغييره. لا تنسَ أن هذا هو وطنك، فلا تدعهم يدفعون بك خارجه. فرجالٌ عظماء قد صنعوا أموراً عظيمة هنا وسيفعلونها مرةً أخرى”.

وأتمنى أن تكون أحدهم يوماً ما يا بُني

المصدر: نوفيل أوبسرفاتور

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة