الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
مغني راب الثورة الإيرانية يقض مضجع النظام
من منفاه اللندني أصدر مغني الراب الإيراني الشهير Hichkas -في ديسمبر 2019- مقطوعة غنائية تدعم حركة الاحتجاج التي قمعها الحرس الثوري بقسوة.. مقطوعة أصبحت بمثابة نشيد وطني للثوار وانتشرت كالنار في الهشيم

كيوبوست
في رد فعل غير متوقع، كان للأغنية التي أطلقها مغني الراب الإيراني الشهير سوروش لاشكري، المعروف باسمه الفني “Hichkas”، أثر القنبلة على السلطات في إيران، فقد تم تحميل الأغنية والاستماع إليها آلاف المرات على منصة ساوند كلاود الموسيقية، بعد تسعة أيام فقط على نشرها. الأغنية ذات مضمون سياسي واضح، وجاءت كرد فعل على قمع حركة الاحتجاج الأخيرة في إيران من قِبَل الحرس الثوري، وتحمل عنوان “قام بإحكام قبضته”.
كلمات مؤثرة
قصة الأغنية بدأت عندما “أقدمت السلطات الإيرانية على عزل شعبها عن بقية العالم، وقررت قطع الإنترنت على خلفية الاحتجاجات التي عصفت بالبلاد مؤخرًا؛ ليغرق الإيرانيون في ظلام غير مسبوق”، كما يؤكد ملحن الأغنية مهديار أغاجاني، في تصريحات صحفية أدلى بها.. فقط الأشخاص المقربون من السلطة وعدد قليل من الخبراء تمكنوا من الالتفاف على الحصار والاتصال بالإنترنت.
اقرأ أيضًا: تساؤلات عن وجود خيانة إيرانية أسهمت في اغتيال سليماني
في 16 ديسمبر، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها الأخير، مستشهدةً بسقوط “304 قتلى على الأقل” وآلاف الاعتقالات؛ بمَن فيهم أطفال دون سن الـ15.
أخبار القتلى وكثافة القمع جعلت فريق العمل الخاص بمغني الراب الإيراني يوقف عمله على ألبومه الجديد، والتفرغ لصناعة “أغنية تنقل واقع ما يحدث في إيران إلى العالم، ولتصبح بمثابة وثيقة تاريخية تخبر الأجيال بتضحيات آبائهم”، كما يضيف أغاجاني البالغ من العمر 30 عامًا والذي يعيش في باريس منذ عام 2009.
عبر مقطوعة موسيقية مدتها خمس دقائق، يُدين سوروش لشكري، الذي هاجر إلى لندن منذ عدة أعوام، كل شرور بلده: الفقر والمحسوبية وفساد القادة وسياسة التدخل في المنطقة والقمع. وهو يصف وطنه بأنه بلد “مستعمر”؛ حيث “لا يتم إنفاق حتى بنس واحد على الناس”، وحيث تريد السلطات “عبيدًا لا مواطنين” .
بصوته الأجش، يغني Hichkas، قائلًا: “يمكنك سماع صوت انفجار الأصوات داخل حناجرهم، لكنهم (السلطات) يتحدثون عن البلطجية المسلحين”، يكرر Hichkas طوال الأغنية “مَن سينسى هذه الجريمة؟”.
كلمات Hichkas، البالغ من العمر 34 عامًا، أصابت النظام في مقتل، كما يقول عديد من معجبيه الشباب؛ فبعض كلماته تمت مشاركتها على نطاق واسع عبر شبكة الإنترنت، ونالت شعبية كبيرة بين الشباب الإيراني.
اقرأ أيضًا: تحديات “الانتقام الساحق” لخليفة سليماني
مسيرة وعراقيل
بدأ سوروش لاشكري، وهو موظف مدني من الطبقة الوسطى، موسيقى الراب في سن المراهقة، مستلهمًا موسيقى “2Pac” الأمريكية، ويلقب اليوم بـ”أبي الراب الإيراني”، وهو معروف بأغانيه ضد الظلم الاجتماعي وفساد الحكام.
تمت مقاضاته بتهمه إنتاجه موسيقى “غير شرعية”، وأجبر على مغادرة إيران بعد أشهر قليلة من حملة القمع ضد الاحتجاجات على إعادة انتخاب الرئيس السابق المحافظ محمود أحمدي نجاد، في يونيو 2009، وظهر كشخصية حقيقية في فيلم بهمن غبادي الحائز على جوائز عالمية، “القطط الفارسية” 2009، والذي يتحدث عن الموسيقى البديلة في إيران.

في عام 2009، وفور ركوب لشكري الطائرة مهاجرًا، وصل له خبر جيد؛ حيث تم تسجيل أسطوانته الأولى “الأيام الجيدة ستأتي” في طهران بشكل غير قانوني، على الرغم من مراقبة السلطات، وتم بثها على شبكة الإنترنت على الفور، وهي تبشر بـ”قوس قزح بعد كل أمطار الدم”.
مثله مثل عديد من الإيرانيين الآخرين الذين يأملون في رؤية بلادهم كسابق عهدها، فضَّل هذا المغني الشاب التصويت في عامَي 2013 و2017 لصالح الرئيس حسن روحاني، الذي أراد أن يكون معتدلًا.
اقرأ أيضًا: تظاهرة ضد بريطانيا في إيران.. وتنديد أوروبي باحتجاز السفير البريطاني
مع ذلك، وبعد مرور عشر سنوات على أغنيته “”A Good Day Will Come، لم يعد هناك أي مجال للتفاؤل، فحسن روحاني اختار الرد الوحشي على المتظاهرين، وكتب سوروش لاشكري على حسابه عبر “تويتر” بعد فترة وجيزة من المظاهرات التي جرت في نوفمبر: “هل يمكن أن أكون ملعونًا للاعتقاد بأن الإصلاحات كانت ممكنة في هذا النظام؟”.
في هذه الأيام، يصرخ Hichkas، مثل الغالبية العظمى من الإيرانيين، ويعلن غضبه على الشبكات الاجتماعية ضد إخفاء النظام الإيراني لمدة ثلاثة أيام حقيقة تحطُّم طائرة بوينج الأوكرانية، ومقتل 176 ضحية من الأبرياء غالبيتهم من الشباب، قبل الاعتراف تحت الضغط الدولي بأن صواريخ الحرس الثوري كانت السبب الحقيقي وراء الفاجعة.