الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

مع زيارة أردوغان: الجزائريون يتذكرون “العشرية السوداء” وسوريا

هل تنجح سياسة الإغراق التركية؟

 كيو بوست –

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، زيارة إلى الجزائر، من المتوقع أن تمتد ثلاثة أيام. عنوان الزيارة، بحسب ما صرّح به أردوغان، سيكون “الاقتصاد”، مضيفًا بأن الجزائر: “جزيرة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البحر الأبيض وأفريقيا”، ومؤكدًا على أهمية “رفع التبادل التجاري بين البلدين من 3.5 مليار دولار حاليًا، إلى 5 مليار دولار، ثم إلى 10 مليارات دولار كمرحلة ثانية”.

وقد احتدم الجدل في الجزائر بين مرحب ومتوجس من زيارة أردوغان، إذ ربط البعض بين زيارته وحديثه عن “التأشيرة” و”الاستثمار”، وبين الاتفاقيات التي عقدها مع سوريا قبل 2011، التي استغلت تركيا نفوذها الاقتصادي والسياسي فيها بدعم الإرهابيين، وفتح الحدود أمام عشرات الآلاف من الدواعش للقتال في سوريا.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين سوريا وتركيا في 2004، بحسب غرفة تجارة دمشق، قرابة 400 مليون دولار، في حين سجل الحجم بعد تطوير الاتفاقيات في 2010، مليارين و200 مليون دولار.

كما شكلت سوريا ممرًا للبضائع التركية إلى الأسواق اللبنانية والأردنية والمصرية وأسواق الخليج العربي، إضافة إلى ارتفاع عدد المشاريع التركية في سوريا بنسبة 100%، خصوصًا في العاصمة الاقتصادية لسوريا (حلب)، حيث شكل المستثمرون الأتراك 40% من المستثمرين الأجانب، بحسب بيانات غرفة تجارة حلب.

وهي الاتفاقيات ذاتها التي يحاول أردوغان تطويرها مع الجزائر، فكما كانت سوريا بوابة الشرق الأوسط بالنسبة لتركيا، من المتوقع أن تصبح الجزائر بوابة أفريقيا، مما أعاد لأذهان الجزائريين الدور التركي سيء الصيت في سوريا، واستغلالها للعلاقات الاقتصادية من أجل بعث مشروعها وبث وكلائها من المتطرفيين، من فروع الإخوان المسلمين، خصوصًا أن للجزائر تاريخًا أسود مع الإرهاب، اصطلح على تسميته بـ”العشرية السوداء”، وخصوصًا مع عدم إنكار أردوغان تقديمه الدعم للإرهابيين في سوريا وليبيا، وللتنظيمات الإرهابية التي دائمًا ما يصفها بـ”المعتدلة”!

ويتناقض ذلك مع رؤية الدولة الجزائرية، التي رأت منذ البداية أن الحل في سوريا هو حل سياسي، من أجل الحفاظ على وحدة الأرض السورية. وعارضت الجزائر منذ البداية التدخل في الشأن السوري الداخلي، حتى أنها تعارض تدخل الجيش التركي في مدينة عفرين. بينما انتهج أردوغان منذ البداية الحل العسكري في سوريا وليبيا، سواء باستدعاء حلف الناتو، أو بانتهاك الجيش التركي للأراضي السورية.

ومن الآراء التي توجّست من زيارة أردوغان، مقال كتبه الروائي الجزائري كمال داوود موجهًا حديثه لأردوغان: “نحن بلد دفع ضريبة الدم والدموع لأولئك الذين أرادوا أن يفرضوا علينا خليفتهم، لأولئك الذين أرادوا تمرير أفكارهم على أجسادنا، لهؤلاء الذين أخذوا أبناءنا كرهائن وقتلوا عقولنا ونخبتنا ومستقبلنا. وهذه العائلة التي تتدحرج بنا باسم الله أو الدين، أنت تنتمي إليها وتموّلها، وتحلم بأن تكون قائدها العالمي”.

تعرض داوود، على إثر هذا التصريح، إلى هجوم واسع، شنه عليه أنصار أردوغان في الجزائر، من المحسوبين على تيارات الإسلام السياسي والإخوان المسلمين.

وبينما ظهرت الكثير من المقالات التي تستدعي التاريخ العثماني، كتب الصحفي في جريدة “الوطن”، علي بوخلاف، مخاطبًا المدافعين عن العثمانية: “لا تنسَ الدور الذي لعبته تركيا في فترة حرب التحرير الجزائرية. لقد كانت أنقرة عضوًا في حلف الناتو (وساعدت فرنسا في حربها ضد الثورة الجزائرية). بالنسبة إلى الباقي، أنت حر في دعم رجل ينتمي إلى تيارك الأيديولوجي”.

 

احتمالات التأثير على الاقتصاد الجزائري

وبالإضافة للخلاف السياسي بين البلدين، فقد رأى خبراء اقتصاديون في الاتفاقيات الاقتصادية بين الجزائر وتركيا بأنها ستكون لصالح تركيا، وعلى حساب الجزائر، إذ أن تصدير السلع التركية رخيصة الثمن، سيؤثر سلبًا على المنتجات المحلية الجزائرية، مما سيضع الصناعة الجزائرية في موقف الركود، بسبب غلائها مقارنة مع المنتج التركي رخيص الثمن، مثلما حدث في بلدان أخرى تعاني من سياسة الإغراق التي يمارسها المصدِّر التركي.

فبعد العزلة التي عاشتها تركيا في السنوات الأخيرة، وانقباض حجم الاستثمارات الخارجية فيها، يتجه أردوغان في زياراته الخارجية إلى الأسواق الصغيرة، مثل السودان وقطر، حيث لا يوجد معادل تجاري يوازي المنتجات التركية، مما يجعل تلك البلدان عرضة للإغراق بالمنتجات التركية، واكتفاء تركيا باستيراد المواد الخام والنفط والغاز، مما يحوّل تلك البلدان إلى مجرّد أسواق مستهلكة.

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة