الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
مع استمرار الصراع العسكري.. تحذيرات من تحول السودان إلى بؤرة تمركز للمتطرفين
ثمة خشية من أن تؤدي الأوضاع الحالية في السودان إلى استغلال الجماعات الإرهابية الأحداثَ؛ خصوصاً بعد الحديث عن عمليات هروب منظمة للسجناء المنتمين إلى التيارات الدينية والجماعات المتشددة.

كيوبوست
على الرغم من إعلان الأمم المتحدة تراجع قوة الاشتباكات العسكرية في السودان؛ فإن ثمة قلقاً من أن تؤدي إطالة أمد الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى اضطرابات أمنية تستغلها الجماعات الدينية المتطرفة.
يزيد من هذا التوجس، تواتر الأحاديث عن عمليات هروب منظمة للسجناء المنتمين إلى التيارات الدينية والجماعات المتشددة؛ فضلاً عن سجناء جنائيين آخرين، من سجن كوبر؛ خلال الاضطرابات الأمنية التي تعيشها الخرطوم للأسبوع الرابع على التوالي، والتي دفعت عشرات الآلاف من السكان المدنيين إلى مغادرة ديارهم.
اقرأ أيضاً: أزمةٌ إنسانيةٌ في السودان.. نزوحٌ جماعي ونقص حاد في الأطباء ومخزونات الدواء
ونشرت وسائل إعلام عالمية تحليلات معمقة، تطرقت فيها إلى خطورة أن يؤدي استمرار الانفلات الأمني في السودان؛ خصوصاً في العاصمة الخرطوم، إلى تداعيات سلبية، بما يعيد نشاط الجماعات المتطرفة مجدداً، ليس فقط بسبب كميات الأسلحة التي باتت في الشوارع، وإنما لتوارد أنباء عن عمليات هروب لعدد من أنصار التيار الإسلامي المتطرفين، الذين كانوا موقوفين في السجون منذ إسقاط حكم البشير.
ولم تتأكد أي تفاصيل حول عمليات هروب المتطرفين؛ إذ تضاربت التقارير بشأنها، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد؛ خصوصاً العاصمة، أوضاعاً أمنية غير مستقرة، مع سماع دوي القنابل وإطلاق النار على مدار اليوم، على الرغم من إعلان هدنة عسكرية لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي.

بوابة دارفور
يرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، د.جاسم محمد، أن ما يحدث يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي؛ لأن التنظيمات المتطرفة تستغل مثل هذه الفوضى وغياب السلطة من أجل التحرك والنمو والتوسع في نشاطاتها، خصوصاً الحركات الإسلامية المتطرفة التي لديها تاريخ طويل في السودان.

ويشير إلى أن الخرطوم تشكل مكاناً رمزياً بالنسبة إلى هذه الجماعات منذ توجه أسامة بن لادن إليها مطلع التسعينيات، فضلاً عن موقعها المتميز في منطقة شرق إفريقيا؛ الأمر الذي قد يمنحها حرية الحركة والتغلغل في الداخل السوداني.
اقرأ أيضاً: السودان على حافة الهاوية: احتمال استغلال الإرهابيين لعدم الاستقرار الحالي
ويلفت جاسم محمد إلى أن سيناريو التنظيمات المتطرفة المعتمد على استغلال الفوضى وغياب السلطة يتكرر الآن؛ مما يعطي الفرصة لهذه الجماعات للنشاط والتحرك، “ما حدث من عمليات هروب جرى الحديث عنها من سجن كوبر، هو سيناريو متوقع، وقد تكرر في العراق عام 2012، وفي سوريا ومصر عام 2011، ولم يستفد منه سوى المتطرفين الذين خرجوا وأعادوا تنظيم صفوفهم، مستغلين الوضع الأمني، وإن كانت تحركاتهم في مصر أقل بكثير مما حدث لاحقاً في سوريا والعراق”.

من جهته، يقول إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي في ضاحية درانسي بباريس، نور الدين بن محمد طويل، في مقاله بصحيفة “مكة” الإلكترونية: إن الشريط الحدودي بين السودان وتشاد، الممتد لأكثر من ألف كيلومتر شرق البلاد، والمجاور لإقليم دارفور، سيكون بوابة الجحيم التي سيدخل منها آلاف المقاتلين، محذراً من تجربة شبيهة بتجربة تدفق المقاتلين إلى العراق من سوريا.
تتفق وجهة نظر طويل مع تحليل نشره موقع “عين أوروبية على التطرف”، الذي تطرق إلى حصار السودان بالجهاديين من مختلف الأنحاء، في ظل وجود أقوى فرع لتنظيم القاعدة في الصومال من خلال حركة الشباب، إلى جانب انتشار التنظيمات الإرهابية الأخرى؛ سواء تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا، أو فرعها القوي في الكونغو الديمقراطية، مع وجود للتنظيم في الصحراء الكبرى.
وخلص تقرير “عين أوروبية على التطرف” إلى أن استمرار دوامة العنف مع وجود مساحات غير خاضعة للحكم؛ يمثل حوافز رهيبة للفصائل المتحاربة، للتعاون مع أي شخص يمكنه تقديم المساعدة؛ لأنه ستكون أمام الإرهابيين فرصة يمكنهم استغلالها، مما يشكل أمراً في منتهى الخطورة.
اقرأ أيضاً: “نيويورك تايمز”: جنرالان متنافسان يبددان آمال الانتقال السلمي للسلطة في السودان
غياب الاستقرار
يدعم هذا التحليل حديث المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإفريقي، محمد تورشين، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن جزءاً من خطورة الأحداث يتمثل في تعقد المشهد السياسي في السودان، وما يتبعه من تعقد الأوضاع الأمنية، في وقت تحاصر فيه الجماعات المتطرفة حدود السودان؛ مما يزيد من التهديدات.

وأضاف أن الوضع الحالي سيؤدي إلى تدفق العناصر المتطرفة نحو السودان، واستهداف العديد من مناطقه، في محاولة للتمركز فيها؛ نتيجة الحدود المفتوحة وسهولة الحركة التي ستكون أسهل بكثير من أي وقت مضى، وسيساعد على هذا الأمر انشغال قوات الجيش والدعم السريع بالصراع العسكري في ما بينهما، وإهمال الجانب الأمني؛ بما يسمح بحدوث فراغ كبير.
ويحذر الصحفي والمحلل السياسي السوداني مجدي عبدالعزيز، في حديثه إلى “كيوبوست”، من أن يؤدي انفراط عقد الأمن في السودان إلى تحويل الخرطوم إلى مصدر تهديد؛ ليس فقط لأهلها، وإنما لجيرانها في محيطها الإقليمي.
ولفت إلى أن الإسراع بفرض الأمن سيجهض سيناريو تكرر في دول أخرى بالمنطقة، والتي غرقت في الفوضى لسنوات؛ مع انهيار جيوشها وقواتها الأمنية.