الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
مصدر عراقي لـ”كيوبوست”: مواجهة عسكرية وشيكة بين طهران وواشنطن في العراق

كيوبوست
أصبحت المعلومات مؤكدة، سيغادر المئات من العسكريين الأمريكيين ثلاث قواعد صغيرة في العراق، بينما سيتم تركيب نظام دفاع جوي في أقوى قاعدتَين في هذا البلد، وذلك إثر تواصل الهجمات التي تشنها الميليشيات الشيعية الموالية لإيران على أماكن وجود القوات الأمريكية؛ ما دفع بتلك القوات الأمريكية إلى إعادة التموضع.
وربما هذا هو السبب الذي دفع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إلى إسناد السيطرة على قاعدة القائم العسكرية الواقعة شمالًا قرب الحدود مع سوريا، إلى قوات الأمن العراقية؛ حيث تمثل هذه المغادرة نهاية للوجود العسكري الأمريكي في هذه المنطقة، وهي واحدة من أولى المناطق التي سقطت في أيدي “داعش” عام 2014.
اقرأ أيضًا: المتظاهرون العراقيون مستمرون في الساحات رغمًا عن “كورونا”
بعد استعادة هذه المنطقة من الجهاديين في نهاية عام 2017، سيطر مقاتلو الحشد الشعبي، المنضوون تحت لواء الميليشيات الشيعية القريبة من الحرس الثوري الإيراني، على جانبَي الحدود العراقية- السورية؛ ولكن على مدى شهور سيطرتهم تدهورت العلاقات بينهم وبين حلفائهم الأمريكيين.
تطور الأمر بشكل أكبر في يناير الماضي، بعد اغتيال قائدهم الجنرال قاسم سليماني، بناءً على أوامر من دونالد ترامب؛ حيث أصدر البرلمان العراقي قرارًا يدعو إلى مغادرة القوات الأجنبية من العراق.
مسؤول عسكري أمريكي اعترف في حديث إلى إذاعة “بي بي سي” البريطانية، بأن “القرب” من هذه الميليشيات، وتحديدًا كتائب “حزب الله”، كان “عنصرًا رئيسيًّا” في قرار واشنطن سحب قواتها من القائم.

تصعيد وشيك
تخطط الولايات المتحدة لسحب جنودها من قاعدتَين أخريين؛ هما قاعدة القيارة جنوب الموصل، والتي استخدمت لاستعادة “عاصمة” (داعش) السابقة، وقاعدة كركوك جنوبًا؛ حيث قُتل مواطن أمريكي في 28 ديسمبر الماضي في هجوم صاروخي تبنته كتائب “حزب الله”. وردًّا على ذلك، قصفت القوات الجوية الأمريكية مواقع ميليشيات في العراق وسوريا، فقتلت 25 من مقاتليها.
مصدر عراقي مطلع تحدث إلى “كيوبوست” عن التصعيد الأخير الذي شهدته الأراضي العراقية بين الميليشيات الموالية لإيران، والتي بدأت هي أولًا باستهداف معسكر التاجي، وبين القوات الأمريكية التي ردَّت بقصف صاروخي استهدف عددًا من مقرات الحشد، موضحًا أن “إيران تريد خلق مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة في العراق في موعد لن يتجاوز شهر يونيو المقبل”.
اقرأ أيضًا: كيف دفعت واشنطن بالعراق بين ذراعَي إيران؟
ويضيف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: “ما قامت به ميليشيات الحشد من استفزاز للقوات الأمريكية في العراق يُعد أمرًا خطيرًا جدًّا؛ بل هو التصعيد الأخطر منذ مقتل سليماني والمهندس، ودون شك لم يكن ذلك ليحصل دون قرار إيراني”.
تقارير أوروبية تحدثت عن أن التصعيد يتزامن بشكل واضح مع أزمة فيروس كورونا التي تضرب الجانبَين؛ إيران والولايات المتحدة الأمريكية. في الأسبوع الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران، إحدى الدول الأكثر تضررًا في العالم من جائحة “Covid-19″، وفي التوقيت نفسه زادت التشكيلات العسكرية الموالية لإيران الضغط من خلال مهاجمة القواعد العراقية التي يوجد فيها الأمريكيون بشكل متكرر.

إحراج ترامب
وحسب المصدر الذي تحدث إلى “كيوبوست”، فإن “الإيرانيين يرغبون في إحراج ترامب الذي يستعد لاستحقاق انتخابي داخليًّا؛ إذ سيتضاعف النقد من منافسي الرئيس في الأيام القادمة مع زيادة عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا وتدهور الاقتصاد، الأمر الذي قد يسلط الضوء أيضًا على سياساته الخارجية؛ خصوصًا في العراق، وهذا ما قد يدفع واشنطن إلى إعادة التفاوض مع طهران، رغم أن ترامب رفض وباحتقار مؤخرًا عرضًا جديدًا للتفاوض تقدم به الرئيس الإيراني حسن روحاني”.
بعدها بأيام سارع الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى إرسال تهديدات جديدة للأمريكيين، لافتًا إلى أن طهران “ردَّت وسترد على مقتل الجنرال قاسم سليماني”.
اقرأ أيضًا: مجلس النواب الأمريكي يوافق على سحب تفويض استخدام القوة في العراق
صحيفة “واشنطن بوست” بدأت هذه الحملة عندما عنونت “قرارات ترامب المتهورة قادت إلى أزمة غير ضرورية في الشرق الأوسط”؛ حيث تناولت في افتتاحيتها المواجهة الجديدة بين الولايات المتحدة والجماعات الشيعية التي تدعمها إيران، والتي قالت إنها تجري في ظل مكافحة الولايات المتحدة لانتشار وباء كورونا.

عصبة الثائرين
الجديد في المشهد العراقي هو ظهور ميليشيا جديدة تُسمى “عصبة الثائرين”؛ أعلنت مسؤوليتها عن عملية يوم السبت الماضي ضد معسكر التاجي، ومن المحتمل أن تكون غطاءً لحماية الفصائل الأخرى التي تقاتل لطرد القوات الأمريكية من العراق.
يختم المصدر: “هناك انقسام واضح بين الحكومة العراقية والميليشيات، هذه الأخيرة تتهم الحكومة وجهاز الاستخبارات بالتنسيق مع الأمريكيين للقضاء عليها وتحجيمها، وإنها لن تقبل بمصير مماثل؛ خصوصًا أنها تعتبر نفسها السبب الأول في القضاء على تنظيم داعش. وما رفض ترشيح رئيس الجهاز مصطفى الكاظمي، لمنصب رئيس الوزراء إلا دليلًا على عمق الخلاف الإيراني- الأمريكي في العراق، والذي قد يتحول إلى مواجهة عسكرية قريبة بين الجانبَين”.