الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

مشكلة على سقف العالم: لا يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في تجاهل النزاع الحدودي بين الهند والصين

كيوبوست- ترجمات

تسعى ليزا كورتيس، مديرة برنامج الأمن في المحيطين الهندي والهادئ في مركز الأمن الأمريكي الجديد، صحبة المحلل الدفاعي ديريك جروسمان في مؤسسة راند، إلى تركيز الضوء على مشكلات الحدود الصينية الهندية، وتأثير هذا النزاع على الولايات المتحدة، واستراتيجيتها في المحيطين الهندي والهادئ. ويشيران إلى أن الأعمال العدائية العسكرية في حال تصاعدت بين البلدين المسلحتين نووياً فقد يتحول الأمر إلى “حريق” يمكن أن تصل ألسنته إلى قوة نووية ثالثة، ألا وهي باكستان.

مثل هذا الصراع سيكون كارثياً على المنطقة، على الرغم من أنه لا يزال احتمالاً بعيداً. الأكثر احتمالاً هو استمرار التوترات الحدودية في الازدياد، مع تعزيز الصين والهند لقدراتهما العسكرية، وبناء البنية التحتية على طول الحدود.

اقرأ أيضاً: الاشتباك العسكري على الحدود الهندية- الصينية يشير إلى تصاعد التوتر الجيوسياسي

ويحث الباحثون الولايات المتحدة على مساعدة نيودلهي في ردع المحاولات الصينية للاستيلاء على المزيد من الأراضي الهندية، والاستعداد للرد السريع في حالة خروج الأحداث عن السيطرة. يمكن للولايات المتحدة أن تدعم الهند دبلوماسياً وعسكرياً، ولكن دون إعلان هذه المساعدة، ويمكن لواشنطن أن تجد طرقاً مبتكرة لتعزيز موقف نيودلهي حتى لو لم تسعَ للتوسط في الصراع، لكن عليها الاهتمام بجدية بهذا النزاع.

نزاع قديم متجدد

يعود النزاع الحدودي بين البلدين إلى الحقبة الاستعمارية البريطانية، ويتعلق بالحدود التي تمر عبر العديد من المناطق النائية وغير المأهولة -إلى حدٍّ كبير- في جبال الهيمالايا. وقد تحول النزاع إلى المواجهة العسكرية عام 1962، والتي انتهت بسيطرة الصين على أراضٍ هندية. ومنذ نهاية الثمانينيات وحتى منتصف عام 2010، انخرط الجانبان في محادثاتٍ متفرقة للحدِّ من التوترات. لكن اهتمام الصين بتعزيز قبضتها على التبت، وتصوراتها عن تعزيز العلاقات الهندية مع الولايات المتحدة، دفع بكين إلى استخدام خطاب عام أكثر حدة وعدوانية، وبدأت الصين في تبني إجراءاتٍ استفزازية على طول الحدود في عامي 2013 و2014، ومواجهة طويلة في صيف عام 2017 في دوكلام، لكنها لم تسفر عن أي خسائر. وحاولت الصين بناء طريق هناك، كان إكماله سيعطي بكين موقعاً عسكرياً قيادياً في المنطقة.

الرئيس الصيني مع رئيس وزراء الهند – أرشيف

هذا الوضع السلمي تغير في يونيو 2020 في وادي نهر جالوان في لداخ في القطاع الغربي من الحدود، حيث قُتل 20 جندياً هندياً وأربعة جنود صينيين على الأقل في شجارٍ بالأيدي. وجاء الاشتباك في أعقاب تعزيز عسكري صيني كبير في ربيع عام 2020 قوامه 30 ألف جندي بالدبابات والمدفعية في خمسة مواقع مختلفة على طول الحدود، بما في ذلك المناطق التي تقوم الهند فيها بدورياتٍ منتظمة. كما نشرت بكين في وقتٍ لاحق طائرات مقاتلة، وقوات صاروخية، ورادارات دفاع جوي في عدة نقاط على طول الحدود المتنازع عليها.

وعلى الرغم من سحب الجيشين الصيني والهندي القوات من أكثر المواقع توتراً، فإنهما يحتفظان بأعدادٍ كبيرة من الجنود على طول الحدود المتوترة. كان الاشتباك الحدودي الذي وقع بالقرب من تاوانج، في ولاية أروناتشال براديش بشرق الهند، في ديسمبر 2022 بمنزلة تذكير بأنه على الرغم من تركيز الاهتمام الأخير على لاداخ، فإن العديد من النقاط الساخنة الأخرى على طول الحدود التي يبلغ طولها 2100 ميل قد تنفجر فيها الأوضاع في أي لحظة.

اقرأ أيضًا: مانوج جوشي: لماذا تريد الصين أن تظل حدودها مع الهند غير مستقرة؟!

موارد الصين الوفيرة عامل قوة

الثابت أن موارد الصين الوفيرة توفر لقواتها المسلحة القدرة على الاستمرار في بناء البنية التحتية بوتيرة سريعة لدعم العمليات العسكرية على الحدود، وفقاً للباحثين. وتعمل الصين على تعزيز موقعها العسكري على طول الحدود من خلال إنشاء وتحديث المطارات والطرق والسكك الحديدية، والبنية التحتية الأخرى. تمر طرق بكين الجديدة عبر مناطق ذات حساسية عالية حيث تبني الصين الطريق السريع G695، السريع الذي يربط شينجيانغ والتبت عبر منطقة أكساي تشين (التي خسرتها الهند لصالح الصين في حرب عام 1962)، مما سيسمح لها بنشر القوات بسهولة أكبر بمجرد اكتماله.

ومؤخراً أنشأت الصين العديد من الثكنات على طول الحدود المتنازعة لإيواء القوات خلال فصل الشتاء. وفقاً لأحد التقديرات الهندية، فإن توسيع المنشآت الصينية على مدى العامين الماضيين سيسمح للصين بتحصين 120 ألف جندي (بعدما كانوا 20 ألف جندي) على بعد 60 ميلاً من الحدود المتنازع عليها التي تواجه شرق لاداخ.

جندي صيني يرفض التصوير خلال وقوفه بجانب جندي هندي عند معبر “ناتولا” الحدودي- “فرانس برس”

هل يمكن أن تتدخل باكستان؟

نظرا لكون التوترات الحدودية بين الصين والهند ما تزال مرتفعة، يرى الباحثان إمكانية أن تلعب باكستان دوراً مهماً فيها. وبصفة عامة، أثار التقارب المتزايد بين الصين وباكستان قلق الهند، التي تخشى سعي إسلام أباد إلى استغلال التوترات بين نيودلهي وبكين لصالحها.

العلاقات التاريخية بين باكستان والهند متوترة منذ تأسيس البلدين عام 1947، خاصة صراعهما الممتد على إقليم جامو وكشمير. في حالة نشوب حرب مع الصين أو باكستان، سيتعين على الهند توقع انضمام الدولة الأخرى ضدها، حيث يخشى الاستراتيجيون الهنود بشكلٍ متزايد من فرضية أن عليهم إعداد الجيش الهندي لخوض حرب على جبهتين.

اقرأ أيضًا: هل وصلت الخلافات بين الهند والصين إلى نقطة اللا عودة؟

في أعقاب اشتباك وادي جالوان بين الصين والهند في يونيو 2020، تكهن بعض كبار المسؤولين العسكريين الهنود بأن باكستان قد تهاجم القوات الهندية على طول خط السيطرة الذي يفصل كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية عن الخاضعة للإدارة الهندية، دون فتح جبهة ثانية، ولا يزال بإمكان باكستان مساعدة الصين في حالة حدوث أزمة حدودية مع الهند، مثلاً قد تقرر باكستان إجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق توحي بالاستعداد للدخول في المعركة.

الدور الأمريكي

بطبيعة الحال، لا تسعى الهند أو تتوقع أي تدخل أمريكي مباشر في نزاعها الحدودي مع الصين، ولكن ينبغي أن تكون واثقة من أنها تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على الدعم، إذا طلبت منها ذلك.

جنود صينيون يلتقون بقوات حدودية هندية على طول خط السيطرة بين البلدين- راديو آسيا

في عام 2020، بعد وقتٍ قصير من اشتباك جالوان، قدمت الولايات المتحدة معلوماتٍ استخباراتية مهمة، بالإضافة إلى معدات، بما فيها طائرتان بدون طيار للمراقبة. لاحظ كبار المسؤولين الهنود بشكلٍ خاص أن هذا الدعم خلال الأزمة كان مهماً في مساعدة الهند في الدفاع عن حدودها. وبصفة عامة، يؤكد الباحثان أن استراتيجية الأمن القومي لإدارة بايدن، التي صدرت في أكتوبر 2022، تنص على أن الولايات المتحدة ستدعم الهند في أي أزمة حدودية مستقبلية مع الصين.

ومن المهم على المسؤولين الأمريكيين أن يأخذوا هذه النقطة بجدية ويذكروها في كل وثيقة إستراتيجية، وكل خطاب، يتعلق بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. يمكن للولايات المتحدة أيضاً أن تنتقد بانتظام جهود بكين للاستيلاء على الأراضي في المنتديات والاجتماعات متعددة الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة، وحوار شانغريلا، وقمة مجموعة العشرين، وقمة شرق آسيا.

اقرأ أيضاً: قصة التوتر التاريخي بين الهند وباكستان

وعلى الولايات المتحدة أن تقدم للهند التكنولوجيا العسكرية المتطورة التي تحتاجها للدفاع عن حدودها، والبدء في الإنتاج المشترك والتطوير المشترك لمثل هذه المعدات، مع تشجيع نيودلهي على تقليل اعتمادها على الأسلحة الروسية.

وقد يكون من المفيد أن تدعم واشنطن أيضا إنشاء جهة تكون مكلفة بجمع صور الأقمار الصناعية التجارية غير السرية حول مواقع القوات الصينية، على طول منطقة الحدود الهندية الصينية، ونشر هذه الصور بشكلٍ روتيني للرأي العام. سيساعد هذا العمل في توضيح كيف يقع اللوم على الصينيين في تصعيد النزاع الحدودي مع الهند.

أخيراً، يجب على واشنطن إرسال رسالة إلى إسلام أباد، لتشجيعها على البقاء على الحياد في حالة أي تصعيد مستقبلي على طول الحدود الصينية الهندية.

المصدر: فورين أفيرز

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة