الواجهة الرئيسيةاليوم الوطني السعوديشؤون عربية

مشروع البحر الأحمر معلم سياحي سعودي يسهم في تحسين البيئة البحرية

المشروع يهدف إلى الحفاظ على النظام البيئي وازدهار هياكل الشعاب المرجانية في البحر الأحمر

كيوبوست

بينما لا تزال أزمة المناخ تهيمن على المشهد العام والإعلامي، في مختلف أنحاء العالم، يبرز مشروع البحر الأحمر كجزء من الحل لقضية التغير المناخي وتحسين البيئة البحرية، وهو أيضاً جزء من رهان سعودي جريء، يثبت أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحوُّل اقتصادها؛ بحيث لا يعتمد على النفط فقط في العقد المقبل.. ولتكون مستعدة لأي انهيار مستقبلي في سوق الوقود الأحفوري ما فتئت تتوقعه تقارير ودراسات غربية مهتمة في هذا المجال.

اقرأ أيضاً: 50 جزيرة في البحر الأحمر.. السعودية تغير خارطة السياحة العالمية

قصة المشروع بدأت قبل أربعة أعوام، حين أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إطلاق المشروع، الذي يُقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، لتطوير منتجعاتٍ سياحية على أكثر من 22 جزيرة طبيعية بين مدينتَي أملج والوجه، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة، والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة.

وتجري حالياً أعمال تطوير المرحلة الأولى من المشروع التي تشمل إنجاز البنى التحتية اللازمة، والتي ستكتمل بحلول نهاية عام 2023، وتم الانتهاء من شق شبكة الطرق في الوجهة التي يبلغ طولها 80 كم؛ بما في ذلك طريق المطار الجديد.

الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشروع

ويأمل السعوديون في أن يعمل المشروع، الذي يصفونه بـ”العملاق”، على تنشيط السياحة، وليضع البلاد في صدارة توليد الطاقة من موارد متجددة وتكنولوجيا فصل الكربون وإنتاج غاز الهيدروجين بالطاقة الشمسية؛ وهو وقود لا ينتج عن استخدامه سوى بخار الماء وهواء دافئ بدلاً من ثاني أكسيد الكربون.

ورقة بحثية تحدد العوائد الإيجابية للمشروع في المحافظة على الحوض البحري

المجلة العلمية (Frontiers in Marine Science) نشرت ورقة بحثية لمجموعة من علماء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، تقدم دراسة تفصيلية للتخطيط البحري لمشروع البحر الأحمر، الذي يعتبر من أكثر المشروعات السياحية طموحاً في العالم، وتشرح كيف استخدم الفريق محاكاة التخطيط المكاني البحري لمشروع البحر الأحمر؛ لتحديد عوائد إيجابية تُسهم في المحافظة على الحوض البحري في منطقة “الوجه”، الذي يغطي مساحة ٢٠٨١ كيلومتراً مربعاً ويضم ٩٢ جزيرة وموائل قيّمة؛ بما في ذلك الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية، وأشجار المانغروف، التي تعد موطناً للعديد من الكائنات البحرية ذات الأهمية العالمية.

اقرأ أيضاً: قوة اتحادية جديدة في المنطقة بقيادة السعودية

المحافظة على البيئة البحرية

جون باجانو

يقول جون باجانو؛ الرئيس التنفيذي لشركة البحر الأحمر للتطوير: “تعهدت شركة البحر الأحمر للتطوير بوضع معيار عالمي جديد في التنمية المستدامة، ومشاركة العالم نتائج أية دراسة تقوم بها. وتُظهر نتائج هذه الدراسة أنه من خلال التصميم والتخطيط الدقيقَين، فإن التنمية الساحلية لديها القدرة على المساهمة في الحفاظ على البيئات البحرية بدلاً من تعريضها إلى الخطر”.

البروفيسور دوارتي: جئت إلى السعودية لأني رأيت فرصة فريدة لمباشرة أفكار يمكن أن تسهم في حل مشكلة التغير المناخي

ويضيف البروفيسور كارلوس دوارتي؛ أستاذ علوم البحار بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست”، وكبير الباحثين في مركز أبحاث البحر الأحمر: “المعتقد السائد هو أن التنمية الساحلية تتعارض مع أهداف المحافظة على البيئة، ويرجع ذلك لدور التنمية الساحلية في تغيير النظم البيئية وزيادة عوامل الضغط على البيئة البحرية”.

البروفيسور دوارتي- المصدر: صحيفة “الرياض”

ويتابع: “إلا أن دراستنا دحضت هذا المعتقد، وأثبتت أنه من خلال تبني الحفاظ على البيئة كهدفٍ أساسي في خطة التنمية الساحلية منذ البداية، يمكن الاستفادة من الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه المشروعات دون تأثير سلبي على البيئة البحرية”.

ويقول دوارتي الفائز بجائزة فرونتيرز أوف نوليدج “Frontiers of Knowledge Award” لعلوم البيئة وحماية الأحياء، التي تضمها مؤسسة بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا بي بي في إيه “Fundación BBVA” في إسبانيا، إنه جاء إلى السعودية لأنه رأى فرصة فريدة لمباشرة أفكار يمكن أن تسهم في حلِّ مشكلة التغير المناخي الذي ربما يكون أعظم خطر واجهته البشرية على الإطلاق.

أشجار المانغروف- المصدر: “واس”

الشركة المنفذة للمشروع ملتزمة بعدم إحداث أي ضرر بيئي في المنطقة

يقول دوارتي: “تلتزم الشركة خلال تطويرها أول وجهة سياحية متجددة في العالم على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، بعدم إحداث أي ضرر بيئي، كما تسعى لتعزيز هذه المنطقة التي تتمتع بجمال وتنوع طبيعي استثنائي”. وسعياً منها لحماية وتعزيز التنوع البيولوجي الغني في المنطقة، أنشأت شركة البحر الأحمر للتطوير إطاراً تنظيمياً للسياسات المبتكرة والاستراتيجيات الطموحة لتنفيذ هذا النهج الرائد.

برنامج تنظيف الحطام البحري يتضمن مبادرة لتوظيف السكان المحليين للقيام بأنشطة تنظيف الشواطئ والتخفيف من تأثير المخلفات البحرية الناشئة من خارج المنطقة

وفي سياق جهود الحفاظ على البيئة البحرية في البحر الأحمر، أعلنت شركة البحر الأحمر للتطوير عام 2019، عن برنامج لتنظيف الحطام البحري، الذي يتضمن مبادرة لتوظيف السكان المحليين للقيام بأنشطة تنظيف الشواطئ بشكل منتظم، والتخفيف من تأثير المخلفات البحرية الناشئة من خارج المنطقة، كما تقوم الشركة بإعداد خطة شاملة لتعزيز نمو الشعاب المرجانية، تتضمن إنشاء مشاتل مرجانية متعددة؛ بهدف زيادة تحمل الشعاب المرجانية درجات الحرارة المرتفعة في المنطقة.

اقرأ أيضاً: فيديوغراف.. منزل “لورانس العرب”.. نقطة جذب سياحية جديدة في السعودية

وكانت الشركة قد وضعت نهج التجديد البيئي نصب عينها في كل قرار أو تصميم تتخذه، وبدأ ذلك منذ إجراء عملية التخطيط المساحي البحري المكثف بالشراكة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والذي حدد المناطق ذات القيمة البيئية العالية بهدف حمايتها.

خطة تطوير ساحلية جديدة

تحافظ الخطة الرئيسية للتطوير على 58% من المساحة البحرية للموقع، مع بصمة تطوير لا تتجاوز 5% من المساحة الإجمالية؛ وهي نسبة غير مسبوقة في أية خطة تنمية ساحلية موثقة. وستخضع منطقة التطوير لإجراءاتٍ صارمة للصيانة والاستدامة.

تنمية المنطقة والمحافظة على بيئتها الطبيعية

وتستبعد تصاميم المشروع أي تأثير سلبي محتمل على البيئة من خلال أخذ نظرة شاملة للمنطقة، يقول باجانو: “إن الحفاظ على البيئة هو أساس التنمية المستدامة، ونحن مدركون أنه من خلال منهجنا المبتكر لتنمية المنطقة، الذي يرتكز على التخطيط المكاني البحري، يمكننا بناء علاقة جديدة ومثمرة بين السياحة والبيئة الطبيعية في القرن الحادي والعشرين”.

وتعمل شركة البحر الأحمر للتطوير مع جامعة “كاوست” على استعادة وتعزيز النظام الإيكولوجي في المنطقة، وذلك لمكافحة تغيرات المناخ من خلال نهج متجدد، يركز على التخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عن طريق تحسين النظم البيئية الساحلية  كتعزيز غابات المانغروف ومروج الأعشاب البحرية والمستنقعات المالحة.

اقرأ أيضاً: البروفيسور الدغيري لـ”كيوبوست”: أنهار ومناخات مدارية غمرت وسط السعودية

واكتشف فريق الحماية مؤخراً الدور الكبير الذي تلعبه هذه النباتات في عزل الكربون عن الهواء؛ فالمانغروف تعزل وتحتجز الكربون بمعدل يزيد 30 مرة عن نظيراتها، وذلك من خلال امتصاصه من الجو وتخزينه في جذورها أو الأوراق. وتبين أن أشجار المانغروف في مشروع البحر الأحمر أكثر فاعلية بست مرات في تحلل كربونات الكالسيوم الحراري عنها في أنواع أخرى من العالم؛ وهي عملية تزيد من قلوية المحيط وتزيد بدورها من قدرته على تخزين ثاني أكسيد الكربون بشكل آمن في إطار مياه البحر.

طاقة متجددة بنسبة 100%

وفي محاولة أخرى لحماية وتعزيز البيئة، ستقوم شركة البحر الأحمر للتطوير بإيواء أكبر منشأة لتخزين البطاريات في العالم بطاقة تبلغ 1000 ميجاوات في الساعة، والتي ستدعم القدرة على تحمل الطاقة في جميع أنحاء الموقع البالغ مساحته 28,000  كيلومتر مربع. ومن خلال ذلك، سيتم تشغيل الوجهة بنسبة 100% من الطاقة المتجددة؛ وهي عبارة عن مزيجٍ من طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتعمل باستقلالٍ تام عن محطة الكهرباء الوطنية 24 ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع؛ وهو ما سيسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في البيئة المحيطة بمعدل نصف مليون طن كل عام.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة