الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

“مشروع الإصلاح القضائي”.. قراءة في الصحافة الإسرائيلية

الاحتجاجات تتواصل بعد يوم من الإضراب رغم إعلان نتنياهو إرجاء المشروع ودعوة الرئيس الإسرائيلي إلى الحوار بين الحكومة والمعارضة

كيوبوست

بعد ساعات من إضرابات في قطاعات عديدة داخل إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأجيل مشروع قانون الإصلاح القضائي المثير للجدل إلى ما بعد عطلة عيد الفصح في الكنيست؛ لـ”إعطاء فرصة لإجراء نقاش حقيقي”، على وقع معارضة شعبية واسعة واحتجاجات مستمرة منذ أسابيع.

ولم يقتصر التحذير من التعديلات القانونية على السياسيين؛ ولكن ارتبط بتحذيرات اقتصادية من تأثير الخطوة على الوضع المالي والتصنيف الائتماني أو حتى الشركات وتجار التجزئة، وهو ما دفع أكبر نقابة عمالية في إسرائيل للإعلان عن الإضراب العام، والذي شمل مشاركة فئات واسعة داخل إسرائيل وتعطلت حركة الطيران من وإلى تل أبيب يوم الإثنين.

تضررت حركة الطيران في مطار تل أبيب بشكل كبير- وكالات

من جانبها، اعتبرت “هآرتس” أن الأمر الأكثر أهمية حول مشروع التعديلات التي تمنح الحكومة سيطرة مطلقة في تعيين قضاة المحكمة العليا، هو اجتيازه بالفعل القراءة الأولى في الكنيست؛ الأمر الذي يعني أن الحكومة إذا قررت طرحه للتصويت النهائي فيمكنها القيام بذلك وإشعار الكنيست قبل التصويت بساعات؛ ما يدفع المعارضين إلى المطالبة بإلغاء التشريع بالكامل كشرط مسبق لوقف الاحتجاجات وليس الإعلان عن تجميده، محذرةً من تداعيات الانقسام السياسي الذي سيولد أعمال عنف بالشارع بين محرضين يمينيين متطرفين ومتظاهرين مؤيدين للديمقراطية.

اقرأ أيضاً: من يهدد الديمقراطية الإسرائيلية؟

ودعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، كلاً من نتنياهو ومعارضَيه يائير لابيد وبيني غانتس، إلى محادثات بشكل سريع حول التشريع، داعياً كل طرف إلى تشكيل فريق تفاوض. وبينما تراجعت النقابات العمالية عن الإضراب بعد إعلان نتنياهو إرجاء تمرير القانون وعدم رغبته في إدخال إسرائيل حرباً أهلية، استمرت الاحتجاجات في الشارع حتى الساعات الأولى من الصباح، بينما بدأت الرحلات الجوية في العودة للانتظام والخدمات مع إعلان انتهاء إضراب النقابات العمالية.

واصل المحتجون وجودهم في الشارع- وكالات

ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” فعاليات مؤتمر نظمه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية بمشاركة خبراء دستوريين من بولندا والمجر، حذروا فيه من تراجع الديمقراطية في إسرائيل حال تمرير القانون في وقت وصف فيه وزير العدل الأيرلندي السابق آلان شاتر، تشريع الإصلاح القضائي الإسرائيلي بأنه “مسيس وانتهازي وغير مدروس ورجعي”.

اقرأ أيضاً: تحذيرات من تنامي نفوذ اليمين المتطرف في إسرائيل على اليهود الأمريكيين

وفي افتتاحيتها أمس، اعتبرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن الاحتجاجات أظهرت قوة الإرادة الشعبية، وأن القائد مهما كان قوياً لا يمكنه أن يمرر ما يريد حال اصطدامه مع مقاومة شعبية شرسة، لافتةً إلى أن هناك ضرراً لحق بإسرائيل نتيجة هذه التعديلات المقترحة، وأدى إلى تراجع الثقة في قطاع التكنولوجيا وضعف الشيكل، وهي أمور جرى تجاهلها لأن إسرائيل لديها “رئيس وزراء يهتم بنفسه أولاً”.

واجه القانون اعتراضات واسعة خلال الأسابيع الماضية- وكالات

ووصفت صحيفة “هآرتس”، في مقال تفصيلي، ما يحدث باعتباره “أخطر أزمة على الإطلاق”، بعدما عاشت إسرائيل أحد أكثر الأسابيع “دراماتيكية” في تاريخها في أعقاب محاولة الحكومة تمرير قانون من شأنه تغيير ميزان القوى بشكل جذري بين مختلف فروع الحكومة وبما يضعف بشكل كبير المحكمة العليا ويمنح سلطات غير محدودة تقريباً للتحالف الحاكم.

وأكدت الصحيفة أن التشريعات التي تروج لها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة منذ بداية يناير الماضي قوبلت بمعارضة شديدة داخل وخارج إسرائيل بعدما خرج مئات الآلاف إلى الشوارع لمدة 12 أسبوعاً ضد الخطة التي تهدف إلى إضعاف القيم الديمقراطية، بينما وصل الأمر ذروته مع دعوة وزير الدفاع المقال إلى وقف التعديلات، وتصريح الآلاف من الجنود والضباط في قوات الاحتياط بأنهم لن يحضروا للخدمة في حال تمرير القانون؛ الأمر الذي أشعر قيادة الجيش بالقلق من أن يؤدي التشريع الجديد إلى انقسام داخل قوات الأمن.

ووصفت الصحيفة التظاهرات التي أعقبت إقالة وزير الدفاع وقطع الطرق السريعة والتحرك للاحتجاج بشكل جماعي باعتبارها “حدثاً غير مسبوق في التاريخ الإسرائيلي”.

خرج المتظاهرون بكثافة بعد إقالة وزير الدفاع

خلافات نتنياهو مع وزراء الدفاع

وتطرق الكاتب آنشل بفيفر، في مقاله بصحيفة “هآرتس“، إلى العلاقة بين نتنياهو منذ وصوله إلى السلطة للمرة الأولى عام 1996، وجميع من عملوا في حكومته كوزراء للدفاع، مؤكداً أن العلاقة بينه كرئيس للوزراء وبين كل الشخصيات التي تولت وزارة الدفاع كانت دائماً متوترة؛ بمَن فيهم مَن كانوا من أعضاء حزبه، لعدم قدرته على تحمل أن يكون وزير في حكومته لديه صلاحيات ومسؤوليات واسعة كالممنوحة لوزير الدفاع؛ بل إن جميعهم تحولوا من حلفاء سياسيين مقربين إلى أعداء لدودين، بداية من إسحاق مردخاي ووصولاً إلى وزير الدفاع المقال يوآف غالانت.

وأكد الكاتب أن نتنياهو تحرك تحت تأثير السيطرة الكاملة لوزير العدل، العقل المدبر وراء الإصلاح القضائي، بالإضافة إلى شريكه اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي دعا إلى إقالة وزير الدفاع، ويمتلك في الوقت الراهن تأثيراً أكبر على نتنياهو من قادة الأمن، مرجعاً تحركات نتنياهو إلى رغبته في تحديد قضاة المحكمة العليا الذين سيستمعون إليه في المستقبل غير البعيد بقضية الرشوة.

اقرأ أيضا:ً إسرائيل.. هل يدخل قانون التجريد من الجنسية حيز التنفيذ؟

وفي مقاله بصحيفة “إسرائيل هيوم“، أكد المحلل العسكري الإسرائيلي يوآف ليمور، أن موقف وزير الدفاع المقال لم يكن رأيه الشخصي؛ ولكنه تعبير عن موقف القيادات الأمنية الذين حذروا من دون استثناء من التداعيات الخطيرة للقانون، مشيراً إلى أن نتنياهو تجاهل أصوات الجنرالات ورفض مقترحاً بعقد اجتماع للكابينيت السياسي- الأمني لنقل الصورة للوزراء كما ينص القانون، مسجلاً سابقة خطيرة بالتعامل وكأنه الوحيد الذي يتخذ القرار من دون استشارة أحد، واضعاً مصلحته قبل مصلحة الدولة.

يؤكد ليمور أن إقالة وزير الدفاع لن تجعل رؤساء الأجهزة الأمنية يغيرون مواقفهم؛ لأن التزامهم الوحيد لأمن إسرائيل، في لحظة “خطرة” و”جنون حقيقي”، مشدداً على أن تلويح جنود الاحتياط بعدم الانضمام إلى الخدمة العسكرية والاستقالات المتوقعة من ضباط ومسؤولين كبار في الموساد والشاباك؛ ستجعل الأزمة أكثر تأثيراً ووضوحاً.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة