الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
مشروعات أردوغان التي لم تحل أزمات تركيا الاقتصادية
البنوك التركية تبيع مليار دولار من أصولها لدعم الليرة أمام الدولار في أسوأ أداء للاقتصاد التركي منذ 9 سنوات

كيوبوست
طرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عددًا من المشروعات الكبرى كنموذج للنمو الاقتصادي في بلاده، وسعى للترويج لقدرتها على توفير فرص عمل وضخّ استثمارات ضخمة، وقال إنه أنجز 6 من أعظم المشروعات في العالم، ويقصد بذلك مشروع جسر السلطان يافوز سليم، ونفق مرمراي، ونفق أوراسيا، ومطار إسطنبول الثالث، وجسر السلطان عثمان غازي، وخط أزمير السريع.
لم ينظر أردوغان إلى حجم الإخفاقات الكبرى على المستوى الاقتصادي وفقْد الليرة التركية 20% من قيمتها أمام الدولار في شهر أغسطس 2018، وهو الشهر نفسه الذي أعلن فيه أنه ينوي تنفيذ 1000 مشروع في أول 100 يوم للحكومة الرئاسية؛ للوصول إلى الأهداف الكبرى لتركيا، في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة والسياحة والخدمات العامة.
سعى إلى إقناع الأتراك بأن مشروعاته مفتاح الحلول للأزمات الاقتصادية كلها؛ لكنَّ كثيرًا من هذه المشروعات بات محاصرًا بتهم الفساد، مثل مطار إسطنبول الثالث الذي بلغت قيمة الفساد في مناقصاته 32 مليار ليرة، ويبدو أن مدينة إسطنبول التي يمثل إنتاجها الاقتصادي 31.2% من إجمالي الناتج القومي التركي الذي يُقَدَّر بـ851 مليار دولار، حسب بيانات مركز الإحصاءات التركي للعام 2017، كان لها نصيب كبير من المشروعات التي كان يحلم بها الرئيس التركي.
اقرأ أيضًا: أردوغان.. هل حانت بداية النهاية؟
منح أردوغان عقود تنفيذ عشرات المشروعات الكبرى إلى شركات مقربة من حكومته، وتم توفير فرص عمل لرجال وشباب حزبه، وراهن على أن هذه المشروعات قادرة على إعطاء حكمه مشروعية؛ لكن الحقيقة أن كثيرًا من تلك المشروعات توقف ولم يُستكمل بفعل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها الدولة التركية والتي لم يستطع أردوغان معالجتها.
ففي مدينة إسطنبول، سعى أردوغان لتنفيذ أحد المشروعات العمرانية المهمة في منطقة فيكيرتيبي (Fikirtepe)، وتم هدم منازل 15 ألف شخص لتنفيذ المشروع، لكن انسحب المستثمرون وحدثت مشكلات مالية أوقفته بعدما تضرر الآلاف من أهالي إسطنبول بسبب هذا المشروع الذي بات مجرد مكان مهجور.
مشروع منطقة فيكيرتيبي لم يكن الأخير الذي يُحَطَّم بفعل السياسة الاقتصادية لأردوغان؛ حيث تم تحجيم مشروع النقل الرئيسي في إسطنبول بمنطقة كاباتاش “Kabatas” الذي يربط بين الجانبَين الأوروبي والآسيوي بالعاصمة إسطنبول؛ بسبب الأوضاع المالية للشركات التي باتت غير قادرة على استكمال تنفيذ أي من هذه المشروعات في وقت بدأت فيه الحكومة التركية نفسها إعادة النظر في جميع المشروعات؛ بسبب الديون المتراكمة عليها.
كذلك يشكك بعض الخبراء في استكمال مشروع قناة إسطنبول الذي يربط البحر الأسود ببحر مرمرة من خلال ممر مائي اصطناعي؛ حيث لا يوجد دعم مالي أو إمكانية لإقراض تركيا الأموال لتنفيذ هذا المشروع، في وقت تم فيه تأخير ستة من ثمانية مشروعات لخط مترو إسطنبول، حتى مشروعات الإسكان الفاخر التي بدأت في إسطنبول قد توقفت؛ ؛ بسبب أن ما يزيد على مليون وحدة سكنية أصبحت دون مشترين، وفقًا للإندبندنت، وهذا الركود لم يعد من المقبول تحمّله من قِبَل المستثمرين.
اقرأ أيضًا: فاسد ومتناقض وداعم للإرهاب.. أردوغان يُغرق تركيا
عدم النجاح في تنفيذ المشروعات، وتحديدًا في بلدية إسطنبول، قد يُفَسِّر سبب تراجع حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي، أمام مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو، والذي قد ينتصر للمرة الثانية في انتخابات الإعادة المفترض إقامتها في 23 يونيو الجاري، بعدما قرر أردوغان إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول؛ وهو القرار الذي كان له أثر اقتصادي مدمر عليها، وتحديدًا في قطاع الأعمال الذي تضرر بشكل كبير؛ لدرجة جعلت وزارة المالية التركية تقدم قروضًا تجاوزت 5 مليارات دولار (30 مليار ليرة تركية)؛ لمساعدة الشركات المتوسطة والصغيرة للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها قرار إعادة الانتخابات، فضلًا عن حزمة قروض بلغت 5 مليارات دولار، أعلنتها الوزارة؛ لمساعدة البنوك للتغلب على ارتفاع العجز عن سداد ديون الشركات.

وعلى الرغم من كل هذا؛ فإن الرئيس التركي عاجز عن تقديم حلول للأزمات الاقتصادية التي تلاحق بلاده التي يعيش اقتصادها أسوأ أداء له منذ 9 سنوات؛ بسبب انخفاض الليرة لدرجة جعلت البنوك التركية تبيع مليار دولار من أصولها؛ لدعم الليرة أمام الدولار، فالبنك الزراعي التركي أكبر البنوك من حيث الأصول، من بين البنوك التي باعت أصولها لدعم الليرة.