الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
مرض ألزهايمر.. أكثر من فقدان للذاكرة!

كيوبوست
في فيلم “The Father”، تتكرر بعض الأحداث التي يمر بها مريض ألزهايمر “أنثوني”، الذي يقوم بدوره الممثل أنتوني هوبكز، ويتعاطى مع الأحداث ذاتها في كل مرة بطريقة مختلفة، كما أنها تنتهي بنهايات مختلفة، ويصر أنثوني على أنه يتعرض إلى أفعال شنيعة أحياناً على يد ابنته “آن”، التي في الحقيقة تراعاه وتعتني بعلاجه. ثم تتداخل الأمور في عقل أنثوني، فلا يستطيع التفريق بين العيادة وبيته! يؤدي ذلك التداخل إلى تشتيت المُشاهد، وعدم قدرته على حسم إن كانت الأحداث التي يمر بها أنثوني حقيقية أم من نسج خياله، وهنا أراد المخرج فلوريان زيلر، إدخال المُشاهد حالة التخبط والإرباك التي يعيشها مريض ألزهايمر في الواقع.
ونظراً لصعوبة ظرف مرضى ألزهايمر، ولضمان حياة أفضل للأشخاص الذين يعانون المرض، ويصل عددهم حالياً إلى 44 مليون شخص، جرى تحديد 21 سبتمبر يوماً عالمياً لمرض ألزهايمر، بعدما أثمرت جهود الجهات ذات الصلة، والتي يبلغ عددها اليوم نحو 75 مؤسسة، تنظيم أنشطة تهدف إلى لفت الأنظار للمرض في ذلك اليوم من كل عام، منذ 1994م.

وألزهايمر هو اضطراب عصبي متفاقم يتسبب في ضمور الدماغ وموت خلاياه، ليكون بذلك السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالخرف، كما يؤدي إلى تدهور في التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية. وسُمِّي بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب النفسي الألماني “ألويسيوس ألزهايمر”، الذي اكتشفه لأول مرة عام 1901م.
فقدان ذاكرة وأشياء أخرى
يشكل فقدان الذاكرة عارضاً رئيسياً لمرض ألزهايمر، وربما الأكثر إيلاماً لذوي المرضى؛ لأن المريض يعيش بواقع ويؤمن به، لذلك من غير المجدي مجادلته بافتراضاته. ومن مظاهر فقدان الذاكرة، حسب موقع “عيادة مايو”، أن المرضى يكررون العبارات والأسئلة ذاتها دائماً، وينسون المواعيد والأحداث، كما يعانون التوهان؛ فيضعون الأشياء في غير مكانها الأصلي، ومن المحتمل أن يضيعوا في أماكن يعرفونها، كما ينسون أسماء أفراد أُسرهم واستخدامات الأدوات، ويواجهون مشكلات في اللغة والتعبير؛ لأنهم يفقدون دلالة الكلمات.

ولأن فقدان الذاكرة عارض رئيسي وكثيراً من الأفلام السينمائية تسلط الضوء عليه دون غيره من الأعراض، غالباً ما يرتبط مرض ألزهايمر به حصراً في أذهان الناس، مع العلم أن أعراضاً أخرى يعانيها مرضى ألزهايمر تعتمد على المنطقة المصابة في الدماغ، بناء عليه تتعدد أعراض المرض.
اقرأ أيضاً: مكونات غذائية تُجنبك الإصابة بمرض الزهايمر
فعند الاطلاع على حياة مرضى ألزهايمر، ستبدو حالة الفوضى الذهنية التي يمرون بها واضحة؛ إذ يؤدي الداء إلى مجموعة مظاهر مربكة، كتراجع المقدرة على اتخاذ القرارات وإطلاق الأحكام في المواقف اليومية، كأن يرتدي المريض ملابس غير مناسبة لحالة الطقس، إضافة إلى عطب في التفكير والاستدلال.
ويصعِّب ألزهايمر الحياة على المصابين به؛ إذ يصبح تنفيذ عدة مهام في الوقت نفسه أمراً غير متاح لهم، وقد لا يتمكنون من إتمام أمورهم المالية المعتادة، ومع مرور الوقت واستفحال المرض من المحتمل أن يفقد المريض المهارات البسيطة، فلن يتمكن من تمييز الأرقام وإجراء العمليات الحسابية البسيطة والاستحمام وارتداء الملابس.
وقد يفقد في نهاية المطاف المهارات الإبداعية التي كان يتقنها. ومن الأعمال الفنية التي صورت تأثير ألزهايمر على مهارات المصاب وذاكرته، كانت لوحات الرسام ويليام أوترموهلين، الذي بدأ برسم وجهه منذ أن شُخِّص بالمرض، فكان آخر لوحتَين بلا ملامح تقريباً.

ويؤثر المرض على مزاج المريض وشخصيته، ويصبح عرضة للاكتئاب واللا مبالاة والانعزال والمزاجية والعدوانية والأوهام، وفقدان السيطرة على النفس والثقة بالآخرين.
طريقة التعامل
يحتاج مريض ألزهايمر، نتيجة التغيرات التي تطرأ عليه، إلى معاملة استثنائية. وبهذا الخصوص يوصي معهد الرعاية الاجتماعية للتميز، بمعرفة المريض بشكل أفضل؛ لفهم احتياجاته والتركيز على معتقداته حول واقعه، لأنها ستكشف عن احتياجاته ومشاعره، وإدراك أن معتقداته غير الحقيقية تلك مهمة ويجب أخذها على محمل الجد، فإذا كان يطلب زوجته المتوفية فمن المحتمل أن يشير ذلك إلى شعوره بالوحدة، وعندما يسأل عن والدتها، فقد يعني ذلك أن أحدهم أزعجه، وأنه بحاجة إلى الدعم.
اقرأ أيضاً: هل أصبح المرض العقلي وباءً عالميًّا؟
أما بالنسبة إلى الوقاية من المرض لغير المصابين، فقبل كل شيء كشفت دراسة أُجريت عام 2016، نُشرت في مجلة “New England Journal of Medicine”، أن معدل الإصابة بمرض ألزهايمر قد انخفض على مدار الأعوام الثلاثين الماضية، ولم يتمكن القائمون على الدراسة من تفسير سبب الانخفاض بشكل حاسم؛ لكنهم وجدوا أنه مرتبط بالدراسة وعدم الإصابة بمشكلات صحية، مثل السكتة الدماغية والرجفان الأذيني وفشل القلب.

مع ذلك تشير الدراسات إلى أنه لا يمكن الوقاية من ألزهايمر؛ لكن ينصح بتعديل نمط الحياة لتجنب عوامل الخطر التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة به، كممارسة الرياضة وتناول وجبات متوازنة من المنتجات الطازجة والصحية، واتباع إرشادات العلاج للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكوليسترول، والإقلاع عن التدخين، والمشاركة في الفعاليات الاجتماعية والقراءة والرقص ولعب ألعاب الطاولة والعزف على آلة موسيقية.. وغيرها.