كيوبوست
سيكون جمهور “كيوبوست” على موعد كل أسبوع مع حلقة من “مرايا الشعر”، الذي تقدمه الشاعرة سهام الشعشاع.. حلقات قصيرة تحكي في كل واحدة منها قصة شاعر، ومناسبة قصيدته، وتنتخب من أجمل ما اختزنه التراث العربي القديم ومن إبداع الشعراء المعاصرين، من المعلقات، مروراً بالأمويين فالعصر العباسي حتى وقتنا هذا. وتقرأ الشعشاع لجمهور “كيوبوست” مختارات من كل قصيدة.
ندعوكم للمتابعة والاستمتاع بجمال العربية وروعة شعرائها وجمال الأداء.
ندُر أن استطاع شاعر من الشعراء أن يتماهى مع روح بلاده ونبضها وصورها المتباينة, كما هي حال شاعر العامية المصري عبدالرحمن الأبنودي.. لا بل إن الأبنودي بدا من بعض وجوهه المعادلَ الرمزيّ لنيل مصر؛ في خصوبته وشحِّه, في صخبه العاتي وهدوئه المستكين, في بساطته الظاهرة وعمقه المخاتل؛ ولكنه عرف في جميع الحالات كيف يتحلى بشهامة الصعايدة, وخصال الشعراء الفرسان، وكيف يأسر مستمعيه بقوة شعره وإلقائه, كما بحضوره الطريف والآسر. وإذا كانت قصائده الغاضبة حملته إلى السجن في بعض الحالات، فهي قد حملته إلى سُدة الشهرة والمجد في الحالات كلها .
في قرية أبنود الواقعة في صعيد مصر وُلِد عبدالرحمن الأبنودي عام 1938؛ ومنها انتقل إلى قنا لتحصيل دراسته الأولى. وفيها اطَّلع على السيرة الهلالية التي فتنته وقائعها، وأتاحت لمخيلته التحليق في مناخات المبالغة السحرية والسرد الحكائي, كما أمدَّت لغته بالمرونة وأسلوبه بالتشويق والبساطة الشعبية .
بعد انتقاله إلى القاهرة وتخرجه في جامعتها, عمل الأبنودي على صقل موهبته الشعرية المتوقدة ورفدها بأسباب النضج والغنى المعرفي والرشاقة الأسلوبية. كما حرص في ما كتبه على إرهاف السمع إلى أصوات البشر المطحونين تحت سنابك العوز والقهر والجهل والتهميش الكلِّي.
أصدر الأبنودي بالمحكية المصرية الكثير من المؤلفات؛ مثل “صمت الجرس” و”السيرة الهلالية” و”الموت على الأسفلت”.. وعشرات غيرها, كما غنَّى له كبار المطربين المصريين والعرب؛ مثل عبدالحليم حافظ ووردة الجزائرية وصباح وماجدة الرومي. وقد توفي إثر صراع طويل مع المرض عام 2015 .
من قصيدة الأبنودي “زمن عبدالحليم”, أختار هذا المقطع :
فينك يا عبد الحليم
فين صوتك اللى كان
فرح وهموم
وكان سما بنجوم
اللي طلع م القلب
عارف يعيش.. ويدوم
فينك يا عبد الحليم
فينك
يا أحلا مَن يغني الفراق
تيجي تغني زحمة الشهداء
والدم في فلسطين
وعلى توب العراق
فينك يا عبد الحليم
فينك يا زارع الحلم
بعد الحلم
بعد الحلم
الدنيا.. ريح.. وغيوم
الدنيا.. موت.. وسموم
ولا حد سامع
صرخة المظلوم
ولا أنّة المهموم
الدنيا منتظرة صوتك
ومحوشالك هم
أكتر من الأيام
الدنيا منتظرة صوتك
ليه رُحت قوام
لقراءة الحلقة السابقة: مرايا الشعر مع سهام الشعشاع.. جوزف حرب
تعليقات عبر الفيس بوك
