الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةمرايا الشعر
مرايا الشعر مع سهام الشعشاع.. أمين الريحاني

كيوبوست
سيكون جمهور “كيوبوست” على موعد كل أسبوع مع حلقة من “مرايا الشعر”، الذي تقدمه الشاعرة سهام الشعشاع.. حلقات قصيرة تحكي في كل واحدة منها قصة شاعر، ومناسبة قصيدته، وتنتخب من أجمل ما اختزنه التراث العربي القديم ومن إبداع الشعراء المعاصرين، من المعلقات، مروراً بالأمويين فالعصر العباسي حتى وقتنا هذا. وتقرأ الشعشاع لجمهور “كيوبوست” مختارات من كل قصيدة.
ندعوكم للمتابعة والاستمتاع بجمال العربية وروعة شعرائها وجمال الأداء.
يصعبُ على النقادِ والدارسينَ أنْ يتحدثوا عَنْ حركةِ النهوضِ العربيِّ في القرنَينِ الفائتَينِ، دونَ التوقفِ ملياً عندَ أمين الريحاني، الذي هو التجسيدُ النموذجيُّ الأبلغُ لعبارةِ أدونيس “مفردٌ بصيغةِ الجمعِ”؛ إذْ اجتمعَتْ في “فيلسوفِ الفريكةِ” ملَكاتُ الكتابةِ الأدبيةِ والتاريخيةِ والفلسفةِ، وأدبِ الرحلاتِ، وفنونِ الشعرِ والسردِ والتمثيلِ. كمَا أنَّ الباحثينَ والمشتغلينَ بالنقدِ، قدْ اعتبروا الريحاني الرائدَ الأولَ لقصيدةِ النثرِ العربيةِ، التي نشرَ بعضَ نماذجهَا في كتابِهِ “هتافُ الأوديةِ”، متأثراً بالشاعرِ الأمريكيِّ والت ويتمان.
لمْ يكنْ أمين الريحاني، المولودُ في قريةِ الفريكةِ اللبنانيةِ عامَ 1876، ليرْكنَ منذ طفولتهِ إلى فكرةٍ أو عقيدةٍ جامدةِ أو يقينٍ مطلقٍ. ولأنَّهُ كذلك؛ فقدْ شعرَ بسعادةٍ بالغةٍ حينَ أرسلَهُ والدُهُ إلى نيويورك، ليكملَ تعليمَهُ هناك ويعثُرَ على عملٍ مناسبٍ؛ لكنَّ موهبةَ الريحاني المتوقدةَ دفعَتْهُ إلى مكانٍ آخر؛ حيثُ وجدَ ضالَّتَهُ في الأدبِ والفكرِ، وراحَ يتعرفُ عن كثبٍ على أعمالِ شكسبير وفولتير وداروين وتولستوي وهيغو.. وكثيرينَ غيرِهم. قضَى الريحاني حياتَهُ متنقلاً بينَ أمريكا وبلدانِ المشرقِ العربيِّ، مشاركاً تارةً معَ جبرانَ في تأسيسِ الرابطةِ القلميةِ، ومتنقلاً طوراً بينَ ممالكِ العربِ وأمصارهِم، ومشجعاً ملوكَهُم وقادتَهُم على بناءِ دولٍ حديثةٍ قائمةٍ على الإصلاحِ والعدالةِ والحريةِ وحقوقِ الإنسان. أصدرَ عدداً مِنَ المؤلفاتِ؛ بينها “كتابٌ خالدٌ” و”الريحانياتُ”، و”ملوكُ العربِ”، إلى أنْ توفِّيَ في قريتِهِ الفريكةِ إثرَ حادثِ دراجةٍ مأساويٍّ عامَ 1940.
مِنْ كتابِ الريحاني “قلب لبنان”، أقرَأ هذه السطورَ:
“كنتُ أتخيلَّ الزمانَ مجسداً في غاباتِ الأرزِ، فرأيتُ الأرزَ مصغَّراً في كفِّ الزمانِ. كنتُ أتخيلُ اخضراراً يرتدُّ البصرُ عن آفاقِهِ، وتتكسرُ أجنحةُ النسورِ في التحليقِ إلى موطنِ جذورِهِ، فرأيتُ بقعةً سوداءَ، ونسراً يبسطُ فوقها جناحَ الكبرياء. كنتُ أتخيلُ مجداً يقفُ نورُ الشمسِ في بابِهِ، وضياءُ القمرِ في محرابِهِ. كنتُ أتخيلُ كلَّ هذا قبلَ أنْ أقفَ عندَ البابِ وبِي دهشةٌ وغمٌّ.
فهل الأرزُ صفحةٌ مَنَ التاريخِ؟ أمْ قصيدةٌ مِنْ قصائد الشعراءِ، أمْ نشيدٌ مَنْ إنشادِ الأنبياءِ؟
وهل الأرزُ سطورٌ في كتابٍ مفدّى، أمْ بخورٌ في مبخرةِ الزمانِ؟
وهل الأرزُ مَدَّةٌ من قلمٍ، أمْ رسمٌ على علَمٍ؟”.
الحلقات السابقة:
لقراءة الحلقة الخامسة: مرايا الشعر مع سهام الشعشاع.. الأمير بدر بن عبد المحسن
لقراءة الحلقة الرابعة: مرايا الشعر مع سهام الشعشاع.. سعدي الشيرازي
لقراءة الحلقة الثالثة: مرايا الشعر مع سهام الشعشاع.. سعيد عقل