شؤون عربية

مدينة مغربية “مرشحة للاختفاء من الخريطة”

مأساة جرادة والرغيف الأسود

كيو بوست – 

تزداد وتيرة الاحتجاجات في مدينة جرادة شرقي المغرب، منذ بداية العام الجاري، لمطالبة الحكومة بوضع حد لما يحصل داخل مناجم الفحم، التي باتت أشبه بمناجم موت تفتك بالفقراء من أبناء المدينة. 

وعلى وقع الفاجعة، اهتزت المدينة مجددًا، نهاية يناير 2018، بعد أن لقي شاب مصرعه داخل منجم عشوائي لاستخراج الفحم الحجري.

فما هي قصة هذه المناجم؟ ولماذا أصبحت أفخاخ موت دفعت البعض إلى القول إن المدينة مرشحة للاختفاء من خريطة البلاد؟

اشتهرت مدينة جرادة، البالغ تعداد سكانها قرابة 43 ألف نسمة، بمناجم الفحم الحجري.

يعتمد أبناء المدينة على مناجم الفحم بشكل أساسيًا في توفير قوت يومهم؛ فالبيئة الفقيرة والتضاريس القاحلة أفقدتهم مصدر الرزق الذي كان يعتمد على تربية الثروة الحيوانية.

لكن الحكومة المغربية اتخذت قرارًا مثيرًا عام 2001، عندما أوقفت هذه المناجم، متعهدة بتوفير بدائل للسكان، وهو الأمر الذي لم يحدث، وفق ما يذكر أبناء المدينة، ما اضطرهم للعمل على عاتقهم في مناجم غير مهيأة لأجواء العمل، وتنطوي على خطورة كبيرة.

سقط العديد من الضحايا في هذه المناجم، ما دفع بموجة احتجاج متجددة بين المواطنين. 

الاكتشاف

كان للعائلات في مدينة جرادة طابع قبلي ممتد؛ فهي تعتمد على الرعي والثروة الحيوانية كمصدر للرزق، لكن تتابع سنوات القحل دفع بكثير منها إلى ترك المدينة بحثًا عن مراع أخرى وفيرة.

وفي 1927، اكتشف الاستعمار الفرنسي فحمًا حجريًا في المدينة، من نوع “الأنتراسيت”، وهو أحد أجود أنواع الفحم الحجري في العالم. 

وسارع الفرنسيون إلى تجهيز مناجم ملائمة لاستخراج هذا الفحم، الأمر الذي أحدث انتعاشًا اقتصاديًا، معتمدًا على الطبقة العاملة الآخذة في الازدياد، حتى صدور قرار إغلاق مناجم الفحم من قبل السلطات المغربية عام 2001. 

 

ما بعد 2001

شكلت المناجم شريان الحياة في المدينة، لكن قرار الحكومة بالتخلي عن الاعتناء بها لارتفاع تكلفة الإنتاج، حوّلها إلى “شريان موت”.

فمن جانب، أوقفت الحكومة مصدر رزق أساسي لكثير من العمال، ومن جانب آخر، أخذ أبناء المدينة مهمة التنقيب على عاتقهم الشخصي، بالتشارك مع جهات لا توفر لهم ظروف العمل الملائمة.

ولا تكاد تمر سنة دون أن تقتل المناجم عددًا من أبناء المدينة، إما اختناقًا في الأنفاق، أو تحت صخور تنهار على أجسادهم.

ووفق تقارير مغربية، تقلص عدد سكان المدينة بعد إغلاق المناجم بأكثر من 50%، من 85 ألف نسمة إلى 43 ألفًا فقط حاليًا، أغلبهم هاجروا منها بدافع البحث عن سبل عيش أفضل، خصوصًا إلى إسبانيا.

وباتت تتزايد نسب البطالة في المدينة، متجاوزة 37%، وأكثر من ذلك تقول جهات مغربية إن المدينة مرشحة للاختفاء من الخريطة في ظل تناقص عدد سكانها.

 

 

وعود حكومية

على إثر الاحتجاجات المتصاعدة بين أبناء المدينة، قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في 25 ديسمبر 2017، إنه “مستعد لاستقبال برلمانيي الجهة الشرقية، للوقوف على البرامج التنموية في مدينة جرادة، والتعرّف على مشاكل المناجم السريّة”، وذلك بعد الانتقادات التي وجهت للحكومة من قبل بعض نواب المعارضة، ومطالبتهم بتوفير بدائل أخرى للسكان.

اليوم وبعد نحو شهر من الاحتجاج، تحاول السلطات المغربية إعادة الهدوء إلى المنطقة، رغم التظاهرات الغاضبة في  الشوارع، وحالة الغليان التي تغطيها.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة