الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دوليةفيديو غراف
مدير “برافدا روسيا”: قوى العالم الجديد تعيد صياغة قوانين اللعبة السياسية (فيديوغراف)
زمن القطبين العالميين يعود من جديد

كيوبوست
ترجمة: نجاة عبد الصمد
ليونيد كروتاكوف، المدير العام ل”برافدا روسيا”، والمحلل السياسي والصحفي والأستاذ المشرف في جامعة “فينانس” التابعة لحكومة الاتحاد الروسي، أجرت معه الإعلامية الروسية إينا نوفيكوفا حوارًا لبرنامج “أسبوع غير عادي” بتاريخ 24 يوليو، وأعده للنشر في جريدة “برافدا روسيا” يوري كوندراتييف.

كيف تُقَيِّمون الوضع الدولي الحالي ككل؟
– قد تبوَّأت الولايات المتحدة الأمريكية لوقتٍ ليس بالطويل مكانة سيد الأوليمب في العالم؛ لكن زمن القطبَين العالميَّين يعود الآن من جديد. الولايات المتحدة تسير على طريق فقدان مواقعها، ومع ذلك لم تتغيَّر أهدافها وغاياتها في الهيمنة.. لا تزال هي وبريطانيا تخترعان أفكارًا زائفة ومدمرة عن روسيا وحول بوتين، ولا تكفان عن وضع خطط لإخضاع روسيا.
مشكلتهم الرئيسية هي روسيا! تمتلك روسيا الموارد الأساسية لتنمية الاقتصاد العالمي، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الممول والمستثمر العالمي الأساسي. تكمن أسباب الأزمة السياسية الحالية في أن الموارد الاقتصادية الروسية لا تخضع سياسيًّا لسيطرة الولايات المتحدة؛ فلو تبعت روسيا مدار الولايات المتحدة سوف تطمئن الأخيرة بشأن الموارد الروسية؛ التي من أهمها النفط والغاز والبلاديوم.. وغيرها من المعادن الأرضية النادرة. تمتلك روسيا 30% من احتياطي المعادن المفيدة في العالم، وهي مورد أساسي للنمو الاقتصادي في المستقبل. لو كانت هذه الموارد تحت سيطرة أمريكا لما كانت هناك أية مشكلات.
جون ماينارد كينز صاغ في زمنه هذه المشكلة بدقة: إذا كنت تستثمر في أرضٍ ليست أرضك؛ فإن الفوائد التي تعود عليك من هذا الاستثمار سوف تقود عاجلًا أم آجلًا إلى مشكلات أمنية هائلة، وهذا ما نلاحظه نحن الآن.
اقرأ أيضًا: هل يمكن للغرب بنقرة واحدة على الكمبيوتر أن يغلق مصانعنا ومصارفنا ومحطات الطاقة لدينا؟
يبدو الصراع العالمي في ظاهره كصدامٍ بين الصين والولايات المتحدة؛ لأنه مرتبط بالمُنتَج النهائي، فالصين هي الصانع وأمريكا هي المستثمر في صناعة عالمية تعوزها الموارد. سأوضح الأمر بمثال: هناك مصنع أسمنت موجودٌ في الصين، وهذا المصنع يُدار عبر مكتب عمل في أمريكا، بينما مقلع حجارته في روسيا.. من دون هذا المقلع لن تكون هناك على الإطلاق أية صناعة؛ لهذا فإن روسيا هي الحلقة المفتاحية في سلسلة الإنتاج العالمي، وهذا سوف يتوقف على مَن ستختار روسيا ليكون صديقًا لها، أو على مَن سيحاول ضم روسيا تحت جناحَيه. وقد رأينا هذه المعادلة سابقًا في زمن اكتشاف النفط والاستيلاء على (النفط الخام النموذجي) في السوق العالمية، في ذلك الوقت كانت مناجم نفط “باكو” هي المنافس الرئيسي للنفط الخام النموذجي.
ولا يزال الصراع نفسه دائرًا؛ فالغرب لا يريد هذه الـ(روسيا) المتطورة خلافًا لنموذجه.. في تصوراته ليست هناك روسيا قوية. روسيا في ذهن الغرب ليست دولة بل أرضٌ تصلح للتنمية؛ لكن هذه الأرض تقاتل وأهلها يقاتلون.. والغرب لا يريد أن يتنحَّى عنها؛ من هنا أساس الصراع.
لكن سيطرة الغرب الكلية لم تتحقق تمامًا إلا في تسعينيات القرن الماضي، أي في سنوات الصفر، وروسيا لم تعد تابعةً لفلك أمريكا في السنوات العشرين الأخيرة، وحتى من قبل لم تكن كذلك!
– بالتأكيد. عندما كانت الأجندة العالمية مركزية، كان المركز الأوروبي هو الأقوى وكانت روسيا لاعبًا رئيسيًّا فيها، وبفضلها نعمت أوروبا بأطول فترة سلمٍ في تاريخها. ذلك التحالف المقدس بين روسيا وألمانيا والنمسا حمى أوروبا لزمن طويل من أية حروب. لكن هذه الأجندة انتقلت اليوم إلى ما وراء المحيط. لا تختلف حال أوروبا الآن عن روسيا والصين؛ فأمريكا تنظر إلى نفسها كسيد مركزي، تعتبر نفسها حقًّا سليلة روما!
اقرأ أيضًا: “هواوي” ضحية حرب ملوك التجارة في العالم
هل تتوقعون فرض مزيد من العقوبات على روسيا في ظل عدم الاتفاق الدولي على استمرار هذه العقوبات أم وقفها؟ وماذا بعد تصريح أورسولا فون دير لياين، الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية ووزير دفاع ألمانيا السابق، بأنه من الضروري إجراء حوار مع روسيا لكن من موقع قوة؟!
– يبدو هذا التصريح سخيفًا من رئيس المفوضية الأوروبية. تطرح أوروبا خطة واحدة لا غير: تغيير النظام في روسيا وإجباره على اللحاق بمشروعها العالمي، وإلا فلن ينمو اقتصادنا. ولكن الاقتصاد لا ينمو ليس فقط في روسيا بل في العالم كله؛ حتى إن بدا في ظاهره كذلك.

من بين كل مئة دولار تُضخ في المشروعات العالمية هناك دولاران فقط يُقدمان خدمات سلعية حقيقية، والباقي مضاربة فقط. في السنوات العشر الأخيرة ارتفع العرض النقدي بالدولار بنسبة 40% لم يقابلها نمو مكافئ في الاقتصاد العالمي. الأمر أشبه بفقاعة مالية ضخمة تحتاج إلى موارد حقيقية لتفعيلها. هذه الموارد متوفرة فقط في الصين وروسيا والشرق الأوسط. وبهذا المعنى فإن الموارد تعتبر أهم من قوى العمل والإنتاج، ويمكن إدراجها كقيمة عالمية غير مرتبطة بقوى الإنتاج. الرب وحده خلق هذه الأرض ولسنا نحن، وهو وهبنا إياها، ثرواتها الطبيعية من النفط والفحم والبلاديوم والنحاس والمعادن والألومنيوم تساوي كثيرًا من المال وتُعلي كثيرًا من قيمة الأرض، وتجعل منها هدفًا يطمعون في امتلاكه. يريد الغرب أن يملأ فقاعته المالية بالموارد الروسية؛ كي يتجنَّب الانفجار الاقتصادي الذي يمكن أن يحلّ في أية لحظة.
هل تمت إضافة منتج حقيقي؟ هل ينمو الاقتصاد العالمي فعلًا أم أن الأمر لا يتعدى تضخُّم هذه الفقاعة المالية؟
العالم يمر الآن بمرحلة كساد هائل، والاقتصاد العالمي متوقف عن النمو منذ عام 2008.
اقرأ أيضًا: المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.. حرب باردة من نوع جديد
تقول إن الاقتصاد العالمي متوقف عن النمو منذ عام 2008، ما يحدث ليس إلا تضخُّم فقاعة الدولار.. ولكن في المقابل: هل ثمة ظواهر أخرى؟ تنافس؟ مضاربة إيجابية في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي والجهد الفكري الفعال؟
– أولًا: المضاربة ليست عملًا فكريًّا؛ الجزء الفكري منها كان دومًا عنصرًا بالغ الأهمية، إنما في هذا الشأن بالذات لا جديد في عالم الاقتصاد. لو تناولنا بعض الاختراعات (كالعجلات والتوربينات وأجهزة التكييف ومراوح الطيارات وأشياء كثيرة أخرى…) بمعزل عن وظائفها الاقتصادية؛ فكيف يمكن الاستفادة منها؟ هل يمكن تأجيرها؟! ولمَن يُدفَع هذا الإيجار الفكري؟ الولايات المتحدة وعموم هذا الجمع المسمى أنجلو ساكسوني يسعيان لأن يتصدرا العالم؛ كي يجبراه على أن يدفع لهما شكلًا ما من أشكال الإيجار الفكري.. وهكذا فنحن ندفع لهما هذا الإيجار.
قُلت إن الولايات المتحدة كانت حتى وقت قريب سيدة العالم، واليوم يستعيد العالم قطبَيه؛ لكن البديل لا يزال في مرحلة التشكُّل، ما الصيغ المحتملة لهذا التشكُّل؟
نعم، نحن ندخل بالفعل مرة أخرى في زمن القطبَين؛ عندما تتوحَّد مصالح مجموعة من البلدان مقابل مصالح مجموعة أخرى. إذا كان الاتحاد السوفييتي في وقته قائد قاطرة القطب العالمي الثاني، فإن هذا العبء حديثًا سوف يكون من نصيب الصين، ولنا -كدولة روسيا الاتحادية- في هذا امتيازات ومخاطر كذلك. شاركنا مؤخرًا في اجتماع في واشنطن، وتبين أنه لم يكن معنا حتى ركاب من الدرجة الثالثة؛ بل كان باقي المشاركين مستعدين لتلقيم الفحم كي تسير هذه السفينة الكبيرة التي يبحر فيها (الناس البيض)!
موقف الصين وروسيا متقارب (بينما مع الغرب ليس كذلك)؛ نحن متفاهمون مع الصين كما لم نكن من قبل، كنا طرقنا بابها ولكنها لم تأذن لنا بالدخول؛ فاستدرنا عائدين. وتبيَّن أن هذا العملاق قد كبر وأطلّ ينادينا من شرفة أخرى: “يا شباب، نحن مستعدون للعمل معًا، هل تحتاجون إلى استثمارات؟ لدينا استثمارات، من فضلكم تعالوا إلينا!”.
نؤسس الآن لتنسيق جديد في ما بيننا: ثمة تقارب سياسي وعسكري (تدريبات مشتركة) واقتصادي (خطوط الإمداد). لدينا مشروع جديد لتطوير منطقة القطب الشمالي من خلال “Rosneft”؛ ستكون فيه للصين والهند مصالح رئيسية بتزويد أسواقهما الآسيوية عبر الطريق البحري الشمالي، ما يُشَكِّل بالنسبة إليهما فرص تنمية جديدة. سابقًا كانت هناك سوقان منفصلتان: أوروبية وآسيوية تتواصلان عبر الطرق البحرية، بينما تجثم روسيا بينهما كالثقب الأسود؛ فلا تمر طرق النقل عبر أراضيها. الآن يجري توحيد اقتصادي وسياسي أوروآسيوي بين القارتَين الجارتَين؛ لتشكيل (أوراسيا) كبيرة واحدة.

وبالنسبة إلى الصين وحدها، وحتى قبل تشكيل (أوراسيا)، فإن أوروبا ليست أكثر من شبه جزيرة صغيرة لا تشكِّل مركزًا للعالم. مجموع سكان الأرض يساوي سبعة مليارات؛ من بينها 500 مليون في أوروبا ومليار ونصف المليار في الصين وحدها (ثلاثة أضعاف عدد سكان أوروبا)، هناك أيضًا مليار وثلاثمئة مليون نسمة في الهند. لو اجتمعت (الهند- الصين) فستشكلان معًا نصف عدد سكان الأرض، أضف إليهما الشرق الأوسط؛ الحاصل هائل..
لو نظرنا إلى خريطة الصين التي تبدو للوهلة الأولى “حزامًا واحدًا- مسارًا واحدًا”، لكنها فعليًّا تنفتح على طرق البر عبر حدودها البرية، وعلى البحر عبر قناة السويس، كما أُضيف الطريق البحري الشمالي مؤخرًا؛ ليتكامل مشروع أوراسيا على أرض الواقع وضمن هذه المعطيات الجديدة.
اقرأ أيضًا: موسكو وبكين تتنافسان على آسيا الوسطى
ترى المجموعة الأنجلو سكسونية، من منظورها محدود الأفق، في مشروعنا كابوسًا مدمرًّا: “كيف لن يعودوا بحاجة إلينا؟!”؛ فحتى اليوم لا تزال هذه المجموعة تسيطر على الطرق البحرية وتفرض عليها قواعدها الخاصة. ماذا لو أصبحت هذه الطرق تحت رعاية دول أخرى؟ من أجل ماذا سوف تُبقي أمريكا حينها على أسطولها السادس مرابطًا في الخليج الفارسي؟ سيصبح هذا الأسطول مجرد عبء اقتصادي.
ولكن هذا الأسطول الأمريكي السادس يصل إلى أوكرانيا وأيضًا إلى بيلاروسيا، إنه في كل مكان ومشغولٌ بمهمات كثيرة! مهمته تعزيز الديمقراطية؛ لا سيما في البلدان المنتجة للنفط!
– نعم لديه حزمة مهمات ضخمة؛ لأن كل ما تبقَّى أمام الولايات المتحدة، وهي ترى انهيار إمبراطوريتها، هو الصراخ والتهديد والتخويف.. لا سيما أن هذا الانهيار يحدث بالتوازي مع نمو مراكز قوى أخرى في العالم: الصين وروسيا.
هذا هو المسار الطبيعي: تنمو دولٌ حتى تصير قوى عظمى، ثم تتدهور وتسقط وقد تنمحي أو تزول.
– تمامًا، لكن الأمر بالنسبة إلى الناهضين أُفق جديد محتمل، بينما بالنسبة إلى المنهارين هو كارثة؛ ولهذا سوف يقاومون، يقاتلون، لا يزال لديهم كثير من القوة لفرض سيطرتهم. من هنا أعتقد أن النخبة التي تموِّل الأحزاب وما شابه سوف تحسب مصالحها وفوائدها من هذه العملية أو تلك.. لديَّ إحساسٌ بتهديد خطير قادم؛ كارثة عالمية، فالمحاصر في الزاوية يمكن أن يقدم على أي فعل.
للأسف لست أول مَن يقول هذا، رغم أنك لا تزال تأمل في إعمال العقل.. فالحق أن ما يُطرح في هذه الأيام أن حربًا عالميةً ثالثة قادمة لن تترك للناس بعدها ما يتقاتلون به سوى العصي والهراوات..
– هذا صحيح، لكن القضية الرئيسية لدى النخبة ليست المال؛ إنما السلطة، السيطرة؛ حتى لو كانت إبادة نصف سكان الأرض ثمنًا للاحتفاظ بهذه السيطرة فلن تتورَّع (النخبة) عن فعل ذلك.
هذا إذا كانوا متأكدين أنهم سوف يبقون أحياء ليحصدوا أرباحهم!
– أعتقد أن مخازنهم المالية جاهزة بما يكفي منذ زمن طويل. القضية الرئيسية التي تشغلهم ليست الخوف من فقدان المال بقدر الخوف من زوال السلطة؛ فالسلطة تتحول إلى مال، وكذلك المال يتحول إلى سلطة؛ لكن السلطة هي المورد الرئيسي وليس المال، المال يأتي لاحقًا، المال أداةٌ للسلطة، نظام مرجعي لحساب حجم السلطة والقوة ولا شيء آخر، من هذا المنظور وحده سوف يقررون ماذا قد يفعلون.
ولأن الدولار هو العملة المسيطرة؛ فالعالم كله بما في ذلك نحن هو الذي يدفع!
– نعم، ولكن هذا ليس كل شيء.. إنها منظومة.
اقرأ أيضًا: حرب استعراض القوة بين أمريكا وروسيا
هو الجشع الذي طالما كان، وسيبقى..
– ولهذا تضخَّمت الفقاعة المالية؛ فالمسألة تقوم على: كل شيء أو لا شيء، الانهيار. لا خيار لديهم، فهم محشورون في الزاوية، يتفاقم الصراع وتستمر العقوبات؛ لن تحدث تغيُّرات جوهرية ما لم تُعاد تهيئة المناخ السياسي العالمي، وهذا ما حدث مرتَين من قبل في أعقاب الحربَين العالميتَين. السؤال الرئيسي اليوم في رأيي هو: هل سيُتاح لنا أن نجلس إلى طاولة مفاوضات نغيِّر من خلالها بشكل ما قوانين اللعبة أم سنفشل وننجرّ إلى حرب عالمية ثالثة؟
هل تعتقد أن تغيير الوضع العالمي الحالي (وبالذات في العالم الثالث) لن يتم إلا عبر الحرب أم لا يزال ثمة أمل في الاتفاق؟
– على الأقل لم تكشف التجربة التاريخية لنا عن طرق أو آليات أخرى؛ فالبنى السياسية العالمية لم تتغيَّر إلا بفعل الحروب. إنما آمل أن تكون البشرية قد نضجت بما يكفي ليمكننا إجراء تغيير دونما حروب.
لكن من أجل هذا، ينبغي أن لا يوضع مصير العالم تحت رحمة فرقة ضباط مخمورين تضغط في أية لحظة على أزرار الأسلحة النووية، إنما أن يُفسح المجال للقيادات الفكرية والثقافية والعلمية والاقتصادية والسياسية العاقلة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
يبدو أن مصير العالم مرهونٌ بأولئك الذين يملكون المال والذين يمولون السياسيين..
– طبعًا، فالمال صنم. لكن هؤلاء الذين يمولون الأحزاب والساسة لن يقدموا على نحر أنفسهم؛ عليهم أن يتخيَّلوا السيناريو حول مصيرهم الشخصي أيضًا. لو حدثت حربٌ عالمية فهم أنفسهم أيضًا سوف يخسرون كثيرًا. في المحصلة يجب عليهم حساب إلى أي حضيض سوف يسقط العالم كله، ومن أي قاع على البشرية أن تنهض من جديد بعد الحرب!
لكي نجتنب الحرب يجب الاتفاق على اقتسام جزء من الأرباح والهوامش العالمية مع روسيا والصين والهند وإيران. البنية العالمية الجديدة تتطلب عقد اتفاقات جديدة لا تُبقي القرار الدولي محصورًا في مجلس الأمن. يجب أن تنضم ألمانيا واليابان كذلك. تركيا أيضًا لاعب خطير، والبرازيل؛ أي توسيع دائرة المشاركين والمفاوضين. وهذا بالطبع يصعِّب إمكانية الاتفاق. عندما جلس تشرشل وستالين وروزفلت إلى طاولة المفاوضات كان اتفاق الثلاثة سهلًا؛ بالطبع يسهل عقد اتفاق بين ثلاث دول توحِّدها المصالح، ويصير الأمر أصعب بين سبع دول أو ثمانٍ، فما بالك بعشرين؟!
بالمناسبة، يُطرح الآن نقاشٌ حول عودة روسيا إلى مجموعة الدول السبع لتعود من جديد مجموعة الثماني..
– يضعون روسيا على مقعد في الممر..
لن يجلس رئيسنا على مقعدٍ في الممر، لقد جلسنا في الممر فقط حتى عام 2000..
– نعم، جلسوا من قبل وركضوا وقفزوا وتقافزوا على أربع قوائم.. ثم كفوا عن هذا كله.
عندما علَّق الرئيس بوتين على إمكانية العودة إلى مجموعة الثماني، قال إنه لا جدوى منها. مجموعة العشرين أكثر نفعًا، هل حقًّا قد تنقذ مجموعةُ العشرين العالم؟
– أعتقد أن تكوين مجموعة العشرين ينطوي على بعض خداع؛ كونها تعطي انطباعًا أنها الحل لجميع المشكلات.. مجموعة الدول السبع أكثر جدية؛ لأن جميع أعضائها دولٌ متطورة صناعيًّا، وهذا بالضبط ما يُسمى “المليار الذهبي”، وقد تشكَّلت هذه المجموعة كرد فعل على تأسيس “أوبك” بعد أزمة النفط العالمية. “أوبك” هي الدول المنتجة للنفط، بينما الدول السبع هي الدول المشترية التي تكاتفت كجبهة موحدة لتنسيق مصالحها. ألمانيا واليابان ليستا جزءًا من مجلس الأمن ولا تملكان حق التمثيل السياسي ولا يوجد طريق أمامهما لحماية مصالحهما إلا من خلال مجموعة الدول السبع؛ هذه المجموعة بالغة الأهمية لا تزال إلى اليوم فاعلة ومؤثرة.
رأينا محاولات لإنشاء بدائل مكافئة لها؛ مثل: “SCO وBRICS”، وقد تطوَّرت البريكس فعليًّا، لكن علينا التفكير هنا ليس في البريكس، بل في “RIC”؛ أي روسيا والهند والصين، وقد أصبحت إيران وتركيا على مشارف الانضمام إليها، أي أن البديل لا يزال قيد التشكيل.
المصدر: برافدا روسيا