الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون دولية
مدير المركز السويسري للإسلام والمجتمع لـ”كيوبوست”: الإسلام لا يتقاطع مع قيم سويسرا
أمير الجزيري؛ أستاذ أوّل للثقافة الإسلامية، ومدير المركز السويسري "الإسلام والمجتمع" بجامعة فريبورغ، يسلط الضوء في مقابلة خاصة على وضع المسلمين في سويسرا ومدى اندماجهم في المجتمع

كيوبوست
قال أستاذ أوّل للثقافة الإسلامية، ومدير المركز السويسري “الإسلام والمجتمع” بجامعة فريبورغ؛ أمير الجزيري، إن التقرير الذي جرى إعداده مؤخراً بطلبٍ من الخارجية السويسرية، حول الشبكات الداعمة للإسلام السياسي، هدفه معرفة تأثير الشبكات الدولية على المسلمين في البلاد.
وأضاف الجزيري في مقابلةٍ مع “كيوبوست” أن الدراسة كشفت عن عدم صحة المخاوف من تأثير المنظمات الأجنبية على الجالية الإسلامية في سويسرا، مشيراً إلى أن أبناء الجيلين والثاني والثالث من المسلمين في سويسرا يبحثون عن هويتهم الوطنية باستمرار، وإلى نص الحوار:

* حدثنا عن تفاصيل الدراسة التي نشرت مؤخراً وتطرقت إلى تراجع تأثير الشبكات الداعمة للإسلام السياسي؟
– تم إجراء الدراسة بتمويلٍ من وزارة الخارجية السويسرية، وتطرقت للعديد من الأسئلة ذات الصلة بالجالية الإسلامية في البلاد، فلقد طلبوا منا إجراء هذه الدراسة حول الجالية المسلمة الناطقة بالعربية في سويسرا، لأن المعروف عن الجالية العربية قليل للغاية. ومن ناحيةٍ أخرى، هناك الكثير من التكهنات الشائعة في وسائل الإعلام، لذلك أجرينا هذه الدراسة التي تتكون من ثلاثة أجزاء:
أولاً، تحليل التقارير الإعلامية في وسائل الإعلام السويسرية حول الجالية المسلمة، وثانيًا، إجراء مقابلات مع الخبراء وتحليل حالة البحث، وثالثًا، استكشاف لأحوال الجالية ذاتها، والنتائج الرئيسية هي أن هناك خوفاً من أن تكون الجالية الإسلامية مستهدفة من قبل منظمات أجنبية أو أن هناك منظمات أجنبية معينة تسيطر عليها، وقد كشفت الدراسة أن تأثير المنظمات الأجنبية ليس بالقوة التي يراها الكثيرون في سويسرا، وأعتقد أن هناك فجوة بين ما يعتقده الناس حول الجالية المسلمة وواقعها، فهناك خوف من أن تكون معظم الجالية المسلمة في سويسرا تخضع لسيطرة منظماتٍ أجنبية، وهذا الخوف ليس صحيحاً في بعض الجوانب، نعم، بعض هذه الجالية والمنظمات لديها روابط دولية، لكنها ليست قوية مثلما يظن العديد من الأشخاص في سويسرا، ولا تبرر حجم الخوف من ذلك.
اقرأ أيضًا: الفجوة بين وجهات النظر الشعبية والنخبوية تجاه الإسلاموية في سويسرا
* هل وجدت أن صورة المسلمين في سويسرا تحيط بها معلومات خاطئة بسبب المنظمات الأجنبية؟
– صورة العلاقات بين الجالية المسلمة في سويسرا والمنظمات الأجنبية معقدة للغاية، ويجب النظر إليها بمزيد من التفصيل، وهي صورة لا يمكنك صياغتها أو التحدث عنها بمصطلحات عامة كأن تقول يوجد تأثير أو نفوذ لدول أجنبية تسيطر على المسلمين والإسلام في سويسرا، أعتقد أن هذه إحدى أهم نتائج الدراسة، هو التأكيد على وجود تفاعل بين بعض الأطراف الأجنبية وبين بعض المسلمين في سويسرا.

* كيف ينظر السويسريون إلى الدين الإسلامي؟
– لم تقع في سويسرا هجمات إرهابية متورط فيها إسلاميون متشددون مقارنة على سبيل المثال بفرنسا، فقد تعرضت فرنسا للعديد من الهجمات في عام 2015 وكذلك لندن من قبل، وحتى برلين في ألمانيا وإسبانيا، لذلك يبدو أن الإرهاب المنسوب لمتشددين إسلاميين قد أثر على الكثير من بقاع أوروبا، ولكن تاريخيا تُعتبر سويسرا في مأمن من مثل هذه الهجمات الإرهابية، لذا فهم يرون ما يحدث من حولهم في بلدان أخرى، ولكن في سويسرا نفسها لم تحدث مثل هذه الهجمات الضخمة، إذاً هناك خوف من الهجمات الإرهابية ومن التطرف الإسلامي، والحكومة السويسرية تحاول التعامل مع ذلك، لذا فقد أطلقوا برنامجًا يعرف باسم “البرنامج الوطني للتصدي للتطرف”، وفي إطار هذا البرنامج، هناك العديد من الإجراءات والأدوات، وهناك أدوات تحاول تعزيز الاندماج الاجتماعي، وهناك أدوات أخرى تحاول تقوية وتعزيز قدرات الشرطة على سبيل المثال.
* ما هي تفاصيل هذا البرنامج؟
– هذا البرنامج عبارة عن برنامج ضخم تم إطلاقه في عام 2016 وهناك أدوات مختلفة بعضها يتعلق بأنشطة المجتمع المدني، ويمكنك تطبيق ذلك حتى على الجالية المسلمة من العرب وغير العرب، على سبيل المثال، يمكنهم التقديم للاستفادة من مزايا البرنامج من أجل تعزيز الاندماج الاجتماعي في سويسرا، وهناك أدوات أخرى تتعلق بالأجهزة الشرطية، وتحاول مواجهة التطرف القائم على فكر إسلامي متشدد على وجه الخصوص.

* لكن ثمة اعتقاد أن هناك تحركات رسمية ضد الإسلام والمسلمين في سويسرا؟
– تم التصويت لصالح حظر بناء المآذن في سويسرا عام 2009 ومؤخراً في عام 2021، كان هناك جدل آخر قبل أن تصوت الأغلبية السويسرية لصالح قانون يمنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وكما حاولت أن أوضح في البداية أنه من ناحية، أصبح المسلمون جزءاً طبيعياً من سويسرا، يعيش المسلمون هنا حتى الجيل الثاني والثالث، والآن هناك نوع ما من الإجراءات العملية التي تتعلق بالأساس ببحث كيفية تعزيز التعايش مع معتنقي الإسلام، فمن وجهة نظري أكثرية المسلمين في سويسرا الإسلام حقا يتوافق مع الثقافة والقيم السويسرية، وهناك أدلة عملية مستمرة على ذلك حيث يمكنك أن ترى أفراد الجالية المسلمة، والأفراد المسلمين، يتعاملون بصفتهم مسلمين، وأيضًا بصفتهم سويسريين، ولدوا هنا وترعرعوا هنا، وهنا في سويسرا، يحاولون العثور على هويتهم الخاصة، ويحاولون وضع هذين الجانبين معاً جنباً إلى جنب، وهناك نوع من التفاوض يحدث بالفعل في سويسرا.
اقرأ أيضًا: الإرهاب في سويسرا: لا توجد دولة غربية في مأمن من التهديد الجهادي
* هل استفادت أم تضررت صورة الدين الإسلامي من تيار الإسلام السياسي؟
– أثار الإسلام السياسي جدلاً كبيراً في كافة أرجاء أوروبا أيضاً، وهناك بعض الجوانب المختلفة لهذه المسألة؛ أولاً، من الصعب للغاية تحديد ماهية الإسلام السياسي، وهو مصطلح ينطوي على قدرٍ لا بأس به من التحيز، إذن ماذا يعني الإسلام السياسي بالضبط؟ ويمكنك استخدامه بطرقٍ مختلفة للغاية، وهناك بعض التيارات السياسية في أوروبا تحاول استخدام مصطلح الإسلام السياسي من أجل منع حياة كل المسلمين، ومن هذا المنطلق وفي نهاية المطاف نحن مع مواجهة تحدي التطرف القائم على أفكار إسلامية متشددة، وهذا الأمر واقع لا يمكن إنكاره.
والآن، ينأى معظم الناس بأنفسهم عن استخدام هذا المصطلح، ويفضلون الحديث عن التطرف الإسلامي لتعيين كل الأنشطة التي تهدف إلى دمار المجتمع الديمقراطي الليبرالي، نعم، أعتقد أن هناك بعداً آخر لمسألة اندماج المسلمين والإسلام. لذلك هناك فكرة واحدة يمكن قولها، عندما يتم الاعتراف بالمجتمع المسلم والإسلام كدين، فإن ثمة فكرة واحدة هي السائدة حول وجود الجالية المسلمة مفادها أننا لسنا بحاجة إلى هذا الاعتراف الرسمي من قبل السلطات السويسرية، ولكننا نريد تعزيز الاندماج الاجتماعي، والتواصل مع السلطات السويسرية بدون إشارات رسمية، إذ أن هذه الفكرة التي تقلل من أهمية التكامل الرسمي، وتدفع باتجاه تعزيز الجانب العملي.

* هل يعني ذلك أن فكرة الدعم والمساعدة والمالية للجمعيات المسلمة أمر غير موجود؟
– يجب أن أعترف أيضاً أنه على سبيل المثال هناك جاليات مسلمة أتَتْ إلى سويسرا من دولٍ عربية ودول أخرى، ويتم دعمها مالياً من قبل المنظمات والحكومات، ولذلك فمن الطبيعي للغاية وجود تمويل دولي لمنظمات مختلفة، وهذا التمويل هو سبب وجود العديد من المظاهر التي تدل على وجود الجالية المسلمة، ويقال في سويسرا على سبيل المثال، أن بعض الأنشطة التي تمارسها الجالية المسلمة تتلقى هذا التمويل، وتستخدمه في تمويل الأمور ذات الصلة بالإيمان وتكاليف إدارة المساجد، وما إلى ذلك.
من المهم في أول درجة، الشفافية، وأن تظهر كل جمعيةٍ ما إذا كان لها تمويل خارجي، ثانياً، أعتقد أن الجالية المسلمة ليس لديها ما يكفي من المال لتنظيم حياتهم الجمعية، وهم يعتمدون على مصادر مختلفة للتمويل، والآن تدور أسئلة حول مدى إمكانية إنشاء كيان يمكن الجالية المسلمة من أن تقوم بنفسها عن تمويل نشطاتها.
* هل تقصد أن التمويل الخارجي يثير مخاوف الحكومة السويسرية؟
– التخوف من التمويل الخارجي موجود ومستمر، لكن في المقابل هناك الكثير من المسلمين ليس لديهم إمكانيات لتنظيم عمل المساجد وتمويلها، والتصور المقترح أن الحكومة إذا كانت تخشى من أن يكون للتمويل الخارجي تأثير سلبي فسيكون عليها توفير إمكانيات تمويل من الداخل، وهناك حوار حول هذا الأمر في الوقت الراهن.