الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
مدارس تركية داخل الحدود السورية.. تعليم أم أدلجة؟
يثير التحرك التركي بإنشاء مدارس داخل المناطق الحدودية مخاوف من نوعية التعليم والمناهج الدراسية التي ستستهدف الطلاب السوريين

كيوبوست
تواصل تركيا انتهاكاتها للأراضي السورية بشكل ممنهج؛ وهو ما امتد ليصل إلى المدارس والعملية التعليمية، فبخلاف التدخل العسكري افتتحت مؤسسة “وقف الديانة” التركية، مدرسة ابتدائية بشمال غرب محافظة إدلب السورية، بسعة 1100 طالب، ورفعت العلم التركي على المبنى رغم وجوده داخل الحدود السورية.
وحسب ما نشرته وكالة الأنباء التركية، فإن المدرسة الجديدة حصلت على دعم من المجلس الاستشاري للمنظمات الإسلامية الماليزية “ماييم”، وذلك بعدما افتتح الوقف الإسلامي التركي، في وقتٍ سابق، مدرسة السلطان عبدالحميد الثاني في ريف إدلب، بسعة 500 طالب.

خطوات عدوانية

تأتي هذه الخطوة ضمن “الخطوات العدوانية المتتالية” من قِبل الاحتلال التركي، حسب المحلل السياسي السوري د.أسامة دنورة، والذي يؤكد، في تعليقٍ لـ”كيوبوست”، أن ما يحدث بمثابة اعتداء على السيادة السورية، وخرق لميثاق الأمم المتحدة ومبدأ السيادات المتساوية، مشيراً إلى الرغبة التركية من خلال هذه المدارس في إحداث تغيير عرقي وأيديولوجي وثقافي لدى الشعب السوري في مناطق الاحتلال.
اقرأ أيضًا: هل يصمد الاتفاق الروسي- التركي حول إدلب؟
ولفت دنورة إلى أن خطورة هذا السلوك تنبع ليس فقط من كونه تعدياً على سيادة دولة أخرى؛ ولكن لكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يصنع بهذه الطريقة حزاماً حدودياً يزرع فيه الفكر الإرهابي، ويُعدُّ فيه مَن سيكونون إرهابيين في المستقبل، مؤكداً أن النهج التركي يأتي في إطار محاولات إحياء الفكر الداعشي الذي وجد سابقاً لدى تركيا عمقاً استراتيجياً ولوجيستياً، مكَّنه من التغول في أراضي سوريا والعراق، إلى الحد الذي شجعه على إعلان دولة، وتصدير الحالة الإرهابية لدول الجوار وامتدادها لاحقاً إلى إفريقيا وأوروبا وآسيا.
وتعد المدارس الدينية جزءاً من التراث والموروث الثقافي لتركيا منذ أيام الدولة العثمانية، حسب الخبير العسكري السوري محمد عباس، والذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن تركيا تعمد من خلال مدارسها إلى محو الوعي والهوية، ونشر المفاهيم الطائفية والمذهبية المحرضة على ثقافة القتل والظلامية؛ وهو نفس النهج الذي اتبعته لعقود إبان الدولة العثمانية، مؤكداً أن أنقرة تسعى من خلال هذه المدارس إلى تأسيس جيل جديد من الدواعش؛ بسبب مضمون المناهج الدراسية التي يتم تدريسها.
وأضاف عباس أن ما تقوم به تركيا في سوريا هو نفسه ما يحدث في مناطق أخرى من جانب أجهزة استخبارات دولية هدفها تدمير الشباب السوري وخلق جيل من الشباب أكثر تطرفاً؛ وهو أمر سيحدث نتيجة تخريب العقل والهوية السورية في هذه المدراس، فضلاً عن عملية تشويه الدين الإسلامي والفهم العقلاني السوي لصحيح القرآن والسُّنة.
اقرأ أيضًا: تركيا والدواعش.. الطريق إلى “دولة الخلافة”

تتصرف تركيا كدولة احتلال داخل الأراضي السورية، حسب الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن التركي غسان يوسف، والذي يؤكد لـ”كيوبوست” “أن هذه المدارس التي تؤسس بأسماء عثمانية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك رغبة في تغيير المناهج السورية في المدارس للطلاب واستبدال مناهج تركية بها ذات صبغة إخوانية”، فضلاً عن الرغبة في أن يكون هناك اعتماد للمواطنين السوريين الموجودين في المنطقة على تركيا، وليس الدولة السورية.
دعم دولي
يؤكد غسان يوسف أن تركيا تهدف كذلك إلى الحصول على دعمٍ دولي لهذه المدارس بدعوى إنفاقه على قيامها، وذلك ضمن المساعدات التي يتم تقديها إلى اللاجئين السوريين، في الوقت الذي يفترض فيه أن تتوجه المساعدات نحو دعم السوريين في وطنهم، لافتاً إلى أن أنقرة تسعى لاستغلال الأزمة الراهنة والادعاء بأن هذه الأراضي أراضٍ تركية، بموجب ما أقره الميثاق الملي لمجلس النواب العثماني عام 1920.

وأشار يوسف إلى أن تركيا تسعى للسيطرة على إدلب ودير الزور والرقة وحلب في سوريا؛ باعتبارها مناطق ستكون ضمن أراضيها، وهو جزء من مشروع احتلال استيطاني يتضمن أجزاءً من العراق أيضاً، مطالباً بضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بالتعامل مع تركيا ومواجهة ما تقوم به من إدخال للإرهابيين عبر المناطق الحدودية مع سوريا؛ من أجل مواجهة الجيش السوري ولدعم سعيها لتحقيق الاستيطان والتغيير الديموغرافي للمنطقة.
اقرأ أيضًا: في تركيا.. اقتصاد يرزح تحت الركود والنساء أُوْلَى ضحايا الأزمة
يشدد أسامة دنورة على أن كل هذه المخاطر تتطلب تحركاً جاداً من الدول العربية قبل أي طرف آخر لمحاصرة وخنق البنى التحتية الإرهابية، والتي يطبخ فيها أردوغان الموت للشعوب العربية، ولا يستثني سائر شعوب الشرق الأوسط الأخرى؛ وهو ما يتطلب استعادة الحد الأدنى من التنسيق والتضامن العربي السياسي والأمني ولو في حدوده الدنيا؛ لتحقيق توافق الحد الأدنى في مواجهة هذا الخطر المتجدد الذي يواجه الأمن القومي العربي من بوابة الاحتلال والإرهاب والأيديولوجيا على حد سواء.