الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
مخدرات إيران في ألمانيا.. طوق النجاة للحرس الثوري!
تساعد تجارة المخدرات إيران على التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها العقوبات الدولية

كيوبوست
أعاد إعلان السلطات الألمانية ضبط أكبر كمية مخدرات في تاريخ البلاد مصدرها إيران، تسليط الضوء على الأنشطة المشبوهة للحرس الثوري الإيراني، وتحايل نظام الملالي على العقوبات الدولية عبر انتهاج مسالك غير مشروعة تتمثل في تجارة المخدرات والسلاح في مناطق متفرقة من العالم.
الادعاء الألماني تحدث عن اعتقال 4 أشخاص أحدهم إيراني بعد ضبط أكبر كمية مخدرات مصدرها إيران. ونقلت وكالة “رويترز للأنباء” عن ممثلين للادعاء في ألمانيا، أن أربعة اعتقلوا بعد تنفيذ الشرطة أكبر ضبطية لمخدر الهيروين في تاريخ البلاد، بكمية تصل إلى 700 كيلوجرام في إطار عملية أمنية ضد عصابة لتهريب المخدرات من إيران.

عقوبات دولية
ويرى محللون وخبراء تحدثوا إلى “كيوبوست”، أن هذه التجارة تساعد إيران على التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي خلفتها العقوبات الدولية على الدولة التي تنشر الخراب الطائفي، وتدعم الميليشيات المسلحة في مناطق الصراع بالشرق الأوسط؛ لكن الضبطية الألمانية لن تؤثر على مسار المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني، والاتفاق الذي تريد الولايات المتحدة الوصول إليه سريعاً، قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل.
اقرأ أيضاً: العروبة والإسلاموية والهيمنة الإيرانية
وقال الكاتب والباحث السعودي خالد العضاض، إن كمية المخدرات التي تم ضبطها في ألمانيا هي الأضخم في تاريخ الدولة على الإطلاق؛ حيث بلغ ما تمت مصادرته نحو 700 كيلوجرام، ومن المؤكد أن هناك كميات أخرى دخلت إلى البلاد بعيداً عن أعين السلطة؛ لتوزيعها في جميع أنحاء أوروبا، وليس ألمانيا وحدها.

وأضاف العضاض، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أنه مع هذا الخبر يطفو على السطح حجم التناقض الهائل الذي يخيم على المشهد الاقتصادي في إيران؛ فالدولة التي يبلغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة تقريباً، تعاني فقراً وبطالةً وتضخماً وعجزاً في الميزانية، وفي المقابل يرتفع معدل إنفاقها العسكري خلال العقد الماضي إلى 140 مليار دولار، وهو ما يفرض علامات استفهام ضخمة حول آليات إدارة موارد الدولة؛ خصوصاً تلك التي تذهب إلى الحرس الثوري.
وتابع: زادت حصة الحرس الثوري من الميزانية العامة خلال عام 2021 ثلاثة أضعاف ميزانية الجيش، مع العجز التام عن حصر كمية الأموال التي يخصصها الحرس الثوري لفيلق القدس من الميزانية، وتهدف بالإضافة إلى التسليح التقليدي، إلى دعم وتعزيز الميليشيات الموالية له في سوريا والعراق واليمن؛ فضلاً عن تخصيص ما يقرب من 700 مليون دولار سنوياً لـ”حزب الله”، غير استثمار الحرس الثوري في تطوير البنية التحتية والصناعية والخدمات، والذي يمنحه نحو نصف حجم الاقتصاد الإيراني.
اقرأ أيضاً: هجمات إيران السيبرانية تفضح مخططاتها في ألبانيا
وأشار العضاض إلى أن المفارقة المضحكة هي أن العقوبات الأمريكية التي فُرضت على النظام أتاحت له مزيداً من الفرص في السوق السوداء والتهريب والاستئثار بالقطاعات الاقتصادية بعد انسحاب الاستثمارات الأجنبية من البلاد. وهنا يتجلى دافع الحرس الثوري لرفض الانفتاح على الغرب وإتمام الاتفاق النووي، الذي كان سيجعل إيران سوقاً مفتوحة أمام العقود الأجنبية.
تجارة مشبوهة
وقال الخبير في الشأن الإيراني هشام البقلي، إن حجم تجارة الحرس الثوري الإيراني في المخدرات يصل إلى 25% من دخل هذه الميليشيا التي تمثل سيف الملالي المسلط على رقاب الشعب الإيراني، بجانب تجارة السلاح وغيرها من الأعمال المشبوهة التي يتورط فيها الحرس.

وأضاف البقلي، في تصريحات أدلى بها إلى “كيوبوست”، أن الدول الكبيرة مثل إيران، والتي تخضع لعقوبات دولية، تلجأ إلى سبل غير قانونية وغير رسمية وغير مرصودة، لإدارة أموالها وإنعاش اقتصادها، من خلال هذه التجارة المشبوهة، كوسيلة للالتفاف على العقوبات المفروضة عليها.
وتابع: إن إيران تستهدف من التجارة في السلاح والمخدرات بعضَ الدول؛ مرة لإشعال الحروب والصراعات المذهبية وأخرى لتدمير الشباب، وغيرها من الكوارث التي تنتج عن انتشار المخدرات والسلاح في المجتمعات العربية أو الأوروبية، وما يتبع ذلك من مشكلات اجتماعية داخل هذه البلدان، مع اختلاف درجة تأثرها من هذه الجرائم.

وأشار إلى أن ضبط هذه الكمية من المخدرات في ألمانيا واتهام إيران بالتورط فيها لن يكون له تأثير كبير على المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني، متابعاً: في اعتقادي، هذه المباحثات ثنائية بين واشنطن وطهران، بغض النظر عن دول الاتحاد الأوروبي، والبيت الأبيض يريد الوصول إلى اتفاق سريع قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس؛ لكن إيران تواصل المماطلة، لأنها مستفيدة من إطالة الوقت، وتعمل بسياسة النفس الطويل في هذا الملف.
اقرأ أيضاً: ما الذي تبحث عنه إيران في مالي؟
واستطرد: إغراق ألمانيا بهذه الكمية من المخدرات، قد ينظر إليه على أنه إعلان حرب على صحة مواطني هذه الدولة؛ لكن إثبات مسؤولية إيران عن هذه التجارة أمر صعب، فالحوثي يضرب أهدافاً في الدول العربية لا نستطيع إثبات أن إيران هي القائم بالأمر رغم وضوحه للجميع، وفي ظل غياب الأدلة الكافية على تورط الدولة بأجهزتها الرسمية، لا نستطيع وصفه بذلك.
من ناحيته، قال الأمين العام للجمعية النرويجية للعدالة والسلام في أوسلو طارق عناني، إن المخدرات خطر كبير، وتمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان على أكثر من جانب؛ وتهدد الحق في الصحة في المقام الأول، كما أنها تُسهم في انتشار الجريمة المنظمة، وتخالف المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وأضاف عناني في تصريحاته لـ”كيوبوست”، أنه سواء أكان مصدر المخدرات إيران أم غيرها؛ فإن الأمر خطير لدرجة تستوجب وقفة دولية لمواجهة الاتجار في المخدرات واستخدامها في غير الأغراض الطبية، حفاظاً على صحة الناس.
اقرأ أيضاً: هل أدخلت إيران العراق في حرب أهلية؟
وأشار إلى أن آفة الشرق الأوسط تتمثل في هذه الأموال المشبوهة والتي يتم إعادة إنفاقها على الميليشيات والمجموعات المسلحة في المنطقة، والتي تزيد من إثارة القلاقل، وتختلق الحروب التي تخلف كوارث وأزمات إنسانية هي الأصعب في العالم؛ وعلى رأسها الميليشيات الحوثية التي تستهدف أمن وسلامة دول الخليج، وحولت حياة المدنيين في اليمن إلى جحيم.