الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
مخاوف على الحدود الجزائرية من انعكاسات التحالف بين أردوغان وعصابات السراج

الجزائر-كيوبوست
باتت الحرب الدائرة في ليبيا تُقلق الجزائر بشكل كبير، خصوصًا مع اقترابها من حدود البلدَين المقدر طولها بـ900 كيلومتر؛ حيث رفعت من درجة جاهزية القوات العسكرية الموجودة على الحدود بين البلدَين، والتى تضاعف عددها في الآونة الأخيرة؛ بسبب تهديدات إرهابية تقف وراءها جهات أجنبية. وعبَّرت الجزائر في عديد من المرات عن انزعاجها من استمرار التدخُّل في ليبيا.
انتشار السلاح وتسلل أفارقة
تزداد مخاوف الجزائر من انعكاس التدخلات الأجنبية في ليبيا على أمنها واستقرارها؛ خصوصًا مع عودة ظهور تنظيم داعش الإرهابي وتنقُّل أعداد كبيرة من عناصره من سوريا إلى ليبيا، وكذا ضبط كميات كبيرة من الأسلحة التركية، تُضاف إلى 23 مليون قطعة سلاح منتشرة في المنطقة. وكشفت اعترافات أفارقة مقبوض عليهم على الحدود الجزائرية- التونسية، وهم يحاولون التسلل إلى الجزائر بطريقة غير شرعية، عن أن أعدادًا كبيرة من المحاربين الأفارقة يعتزمون دخول التراب الجزائري، بعد خروجهم من ليبيا، وقد كانوا يحاربون ضمن التنظيمات المسلحة والإرهابية، وأن عددًا لا بأس به نجح في التسلل إلى الجزائر مؤخرًا.
تركيا متهمة بإثارة الفوضى
وحسب تصريح السياسي الليبي عبد الله المقري، فإن تركيا باتت في موقع المعتدي على الشعب الليبي؛ فهي موجودة على الأرض في مصراتة بجانب الجيش الإيطالي، وفي طرابلس من خلال غرف عملياتها المشتركة مع “عصابات” السراج، كما تشرف على قاعدة عسكرية لتسيير الطائرات المسيرة عن بُعد، ولتأمين وصول الأسلحة عبر مواني طرابلس والخمس ومصراتة، قائلًا إن تركيا لها أطماع تاريخية وأيديولوجية.
اقرأ أيضًا: خطابات قائد أركان الجزائر.. بين الرسائل المشفرة والتأويلات
مخاوف جزائرية
اعترافات 6 صوماليين، تم اعتقالهم من طرف السلطات الأمنية الجزائرية على الحدود مع تونس، بأنهم انطلقوا من الأراضي الليبية، زادت من مخاوف ما يتم التحضير له في ليبيا ضد الجزائر؛ خصوصًا بعد الاشتباه في علاقة الموقوفين بشبكات إرهابية تنشط في الجزائر؛ الأمر الذي دفع إلى اعتماد مخطط أمني احترازي لرفع سقف المراقبة وتأمين الحدود. وتتهم عدة دول تركيا وقطر بدعم الجماعات الإرهابية والمسلحة التابعة لقوات المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق؛ ما جعل دول المنطقة تنتقد التدخل الأجنبي في ليبيا، وتعتبره أحد أهم الأسباب التي تعرقل إنهاء الأزمة، مطالبةً بوضع حد للاقتتال بين الليبيين.
دور مشبوه لأنقرة في ليبيا
ويؤكد المحلل السياسي أنس الصبري، في تصريح أدلى به إلى “كيوبوست”، أنه منذ اندلاع الأزمة الليبية في 2011 كانت علاقة النظام التركي مع جناح حفتر يشوبها التوتر وعدم الاستقرار، وبعد تنصيب “الوفاق” أيَّدت تركيا حكومة السراج، واعترفت بها وتعاملت معها إلى اليوم كممثل شرعي للدولة الليبية، موضحًا أنه في السنوات الأخيرة تطوَّرت العلاقات بين الطرفَين إلى تبادل الزيارات وتوقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وأمني.
وتابع الصبري بأن الدور الذي تلعبه تركيا في ليبيا يؤثر سلبيًّا على أمن واستقرار الجزائر؛ لأن وجود قواتها على الأرض و”دعمها جماعات مشبوهة” يزيدان من تأزيم الأوضاع؛ وقد يدفعان إلى حرب ضروس يدفع ثمنها الشعب الليبي الذي لن يجد سبيلًا سوى اللجوء إلى الجزائر وتونس، مضيفًا أن استمرار دعم المجموعات المسلحة والإرهابية؛ سواء عن غير قصد أو وَفق اتفاق، من شأنه إعادة إحياء الخلايا الإرهابية النائمة في الجزائر، خصوصًا أن الجزائر تعيش وضعًا سياسيًّا حساسًا واجتماعيًّا هشًّا؛ بسبب الحراك الشعبي وغياب رئيس للبلاد.
اقرأ أيضًا: قائد أركان الجيش الجزائري يسعى لتحرير البلاد من قبضة “أذناب” باريس
أردوغان يعترف بنقل الأسلحة إلى ليبيا.. و”غضب” الجيش الجزائري
وما زاد من “غضب” المؤسسة العسكرية، هو تمكُّن وحداتها من إفشال مخطط إرهابي يستهدف الحراك الشعبي، بعد إلقاء القبض على عناصر خلية إرهابية شرق البلاد بالقرب من الحدود التونسية الليبية؛ إذ كشفت اعترافاتها عن تخطيطها لتنفيذ اعتداءات بعبوات ناسفة ضد مسيرات الحراك المنظمة كل جمعة؛ الأمر الذي اعتبرته السلطات العسكرية والأمنية في الجزائر من انعكاسات التدخل الخارجي في ليبيا، وهو ما أشار إليه عدد من المسؤولين الليبيين؛ لا سيما بعد حجز كميات كبيرة من الأسلحة التركية، وإلقاء القبض على عسكريين فرنسيين، بالإضافة إلى تصريحات حول محاولات سفن تركية محملة بالأسلحة دخول الحدود البحرية الليبية.
واعترف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده تدعم حكومة الوفاق وتزودها بالأسلحة بموجب “اتفاقية تعاون عسكري”، وقال للصحفيين في 20 يونيو الماضي “إن الدعم التركي سمح لطرابلس بإعادة التوازن في القتال ضد حفتر”.
تركيا تتوعَّد ليبيا والجزائر تتأهَّب
وتشير تصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، بأن أنقرة سترد على أي هجوم من جانب القوات التابعة لخليفة حفتر، وأنه “سيكون هناك ثمن باهظ جدًّا لأي موقف عدائي أو هجوم، وسنرد بالطريقة الأكثر فعالية والأقوى”، إلى أن أنقرة متمسكة بأن تكون حاضرة بقوة في شمال إفريقيا ولو على حساب معاناة شعوب المنطقة، في مشهد يؤكد أن الأيام القادمة ستكون متوترة بشكل يُهدِّد الجزائر وتونس بالاشتعال.
وذكر المحلل السياسي أنس الصبري، أن فضائح نقل شحنات سلاح من تركيا إلى ليبيا، التي تمكنت السلطات الليبية من كشفها، دفعت الجزائر إلى رفع مستوى تأهبها، خصوصًا على مستوى حدودها مع ليبيا؛ بدليل الزيارات المتكررة لقائد أركان الجيش إلى مختلف المناطق المحاذية لليبيا، موضحًا أن السلطات الجزائرية تتعامل مع التهديدات الأمنية القادمة من وراء الحدود بحذر شديد، وأنه في آخر زيارة لقائد الأركان إلى منطقة ورقلة، المحاذية للحدود مع ليبيا، تم تجريب طلعات جوية لطائرات “ميج 35” الحديثة.
ونوَّه الصبري بأن الأسلحة التي ترسلها تركيا وفرنسا تزيد الوضع الليبي تعقيدًا، كما تهدد دول المنطقة، محذرًا من تسريبات أمنية تتحدث عن تمكن أفارقة من دخول الجزائر بوثائق مزورة يرجح أنهم من الفارين من ليبيا أو إرهابيين غير معروفين لدى الأمن، يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية في الجزائر.