الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

مخاوف أمنية أردنية من تواجد ميليشيات إيرانية على الحدود الشمالية

التواجد العسكري الإيراني في الجنوب السوري يشكل قلقا مشروعاً للأردن والتعاون مع الجانب السوري يندرج في هذا الإطار

كيوبوست

فيما يشهد الجنوب السوري، وتحديداً محافظة درعا الحدودية مع الأردن، تحركاتٍ من قوات النظام والمعارضة، وقوى خارجية كالميليشيات الإيرانية، والمجموعات المحلية، في منطقة صراعٍ متنازع عليها، استقبل رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأردني اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، هذا الشهر في العاصمة عمّان، نظيره السوري العماد علي أيوب، وذلك للتباحث حول القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها أولوية التنسيق المشترك بين البلدين في مجال أمن الحدود، ومكافحة الإرهاب.

هذه الزيارة تندرج، بحسب مراقبين، في إطار دراسة الأردن للتعاون مع النظام السوري ضمن الحدود الاضطرارية التي تتعلق بالملف الأمني الخاص بالجنوب السوري، والمخاوف من تواجد ميليشيات إيرانية محاذية للحدود الأردنية.

اقرأ أيضاً:  إيرانيون- أمريكيون لبايدن: رئيسي متهم بجرائم ضد الإنسانية وينبغي محاكمته

تمدد الميليشيات الإيرانية على الحدود السورية-الأردنية

الملك الأردني عبد الله الثاني عبَّر خلال زيارته إلى موسكو في آب/ أغسطس الماضي، ولقائه الروسي فلاديمير بوتين، عن مخاوفه من وجود الميليشيات الإيرانية التي تتمدد على الحدود السورية-الأردنية، وبينما أبدى بوتين حينها تفهمه لمخاوف الملك الأردني، فقد أشار عليه بضرورة التنسيق مع النظام السوري؛ أمنياً، باعتباره القادر الوحيد على ضبط الوضع في الجنوب السوري.

ميليشيات إيرانية في درعا قرب الحدود الأردنية

ويحذر أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية؛ الدكتور هاني السرحان، من تداعيات وخطورة دخول قوات عسكرية تابعة للنظام السوري، والقوات التابعة له، إلى آخر معقل للمعارضة في درعا، ما يعني أن الميليشيات الإيرانية أصبحت على الحدود مع الأردن، داعيا الى النظر بعين الخشية والاهتمام من وجود تلك الميليشيات على الحدود الأردنية حتى لا تكون مصدر إزعاج أمنياً للأردن.

ومنذ نهاية تموز/ يوليو الماضي، شهدت مدينة درعا تصعيداً عسكرياً بين قوات النظام ومجموعاتٍ مسلحة محلية، بعد ثلاثِ سنوات من تسويةٍ استثنائية رَعَتها روسيا أبقت على تواجد مقاتلين معارضين في مناطق عدة من المحافظة الجنوبية، بينها الأحياء الجنوبية لمدينة درعا التي تعرف بـ”درعا البلد”.

اقرأ أيضاً:  كيف سيؤثر وصول إبراهيم رئيسي إلى السلطة على العلاقات بين طهران و”حماس”؟

“الزحف السرطاني” للميليشيات الإيرانية

من جانبه، أصدر الائتلاف الوطني السوري المعارض بياناً أدان فيه الصمت الدولي تجاه ما يجري في درعا، وحذَّر من وصول الميليشيات الإيرانية إلى الحدود الأردنية، وقال “أصبح الخطر الإيراني الذي حذّرنا منه، ومن تداعياته وزحفه السرطاني، مراراً وتكراراً؛ واقعاً ماثلاً أمام الجميع، وها هي ميليشيات النظام الإيراني اليوم تقف على تخوم دولةٍ عربية جديدة، ونرجو ألا يكون ثمن ذلك باهظاً، وأن تتحرك الدول العربية، وتستبين الخطرَ قبل وقوعِ المزيد من الخسائر”.

هاني السرحان

ويشير السرحان، إلى أن الوجود الإيراني على شكل جماعاتٍ، وميليشياتٍ، وحشدٍ شعبي، منتشرٌ في أكثر من قطر عربي، خصوصاً في دولٍ مجاورة مثل سوريا والعراق، موضحاً أن الاتفاق الذي تم قبل عامين أو أكثر بمباركة روسية كان يهدف لتفادي تهديد الوجود الإيراني على الأمن الوطني الأردني.

ومع عودة الوضع في محافظة درعا الى المربع الأول من جديد، بعد مرور ثلاثة أعوام من اتفاق التسوية بين المعارضة والحكومة السورية، في المحافظة المحاذية للحدود الأردنية، وبوساطة روسية، لفت السرحان إلى أن أعلام حزب الله والفاطميين والميليشيات الإيرانية المختلفة أصبحت منتشرة في درعا البلد، ما يعني انهيار التفاهمات الروسية الإسرائيلية بشأن الميليشيات الإيرانية، فضلاً عن تهديدٍ خطير يشكله التطور الجديد للأردن.

وبحسب اتفاق التسوية الذي أبرم في تموز (يوليو) العام 2018، تعين على الفصائل المعارضة قبول تسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة إلى الحكومة السورية في مناطق درعا البلد، التي تشمل طريق السد والمخيم وسجنة والمنشية وغرز والصوامع، وتسوية أوضاع المسلحين الراغبين بالتسوية، وضرورة خروج الإرهابيين الرافضين للاتفاق من درعا.

سعود الشرفات

الخبير الأمني ومدير مركز “شرفات” لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب؛ سعود الشرفات، يرى أن التطورات الأخيرة في ملف الحرب في سورية ومحاصرة الجيش السوري بالتعاون مع قوات الحرس الثوري الإيراني لمحافظة درعا في شمال الأردن، واستمرار التصعيد بين إيران وأمريكا، وبين إيران وإسرائيل من خلال استمرار حرب السفن بينهما التي تسمى أحياناً “حرب الظل”، باتت تمثل خطراً بالغاً على الملاحة الدولية، وأن كلَّ تلك التطورات قد تتحول إلى أزمة أو معركة حقيقية.

ويقول الشرفات إن سيطرة الجيش السوري المدعوم من إيران على محافظة درعا المحاذية للحدود الأردنية، يعني أن الحرس الثوري الإيراني أصبح على الحدود الشمالية للأردن، وأقرب إلى داخل إسرائيل وحدودها، ويزيد من احتمالية حدوث سيناريوهات استهداف المصالح الأردنية بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة، باستخدام الحدود الأردنية لضرب إسرائيل أو التحرش بها من قبل إيران، خاصة عن طريق الطائرات دون طيار التي أصبح الحرس الثوري خبيراً في استخدامها ضد الأهداف الرخوة.

ميليشيات إيرانية في سوريا

وأضاف الشرفات أن هذا الحرس استفاد من تجربة الحوثيين في اليمن، وبالتالي ربما يحدث السيناريو المرعب، وهو تحول الحدود الأردنية إلى منصة لإطلاق الطائرات دون طيار، وساحة إضافية وفناء لتنفيذ أجندات إيران في المنطقة، ودعم شركائها بما يعرض أمن الأردن للخطر.

وتابع: كما أن فتح الحدود بين الأردن وسورية، وعودة حركة المسافرين والشحن، يرتب على الأردن أعباء أمنية واسعة من حيث زيادة حجم عملية التدقيق الأمني والتفتيش والبحث عند المعابر الحدودية مع سورية في جابر والرمثا، للحيلولة دون استخدام تلك المعابر من قبل إيران في عمليات تهريب الأفراد والأسلحة أو تخزينها داخل الأردن لضرب المصالح الأردنية أو الإسرائيلية أو الأميركية، خاصة بعد توقيع اتفاقية التعاون المشترك ونقل بعض القواعد الأميركية من الخليج إلى الأردن، أو استخدام المعابر ورقة ضغط سياسية لابتزاز الأردن والضغط عليه، كما تفعل إيران على الحدود العراقية”.

اقرأ أيضاً: إيران تخنق العراق بملف الكهرباء.. وتمنعه من الاستعانة بدول الخليج

وأضاف الشرفات أن التهديدات العابرة للحدود الوطنية، والأسلحة التي من المرجح أن تستخدمها الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران ضد الأردن متنوعة ومتعددة، تقليدية وغير تقليدية، موضحاً أن هذه التغيرات والتطورات المتسارعة على الأرض تفرض على الطرف الأردني، خاصة على المستوى الأمني، ضرورة استمرار استراتيجية الأبواب المفتوحة في التعاون مع الدول الحليفة والصديقة، وتشارك المعلومات الاستخبارية المهمة والحساسة، واستمرار التنسيق واللقاءات والاجتماعات، لتقييم التطورات المتسارعة بهذا الملف، مع التركيز على حصول ضمانات، ودعم دولي- أممي بألا تتحول الحدود الأردنية إلى نقطة انطلاق لمخططات إيران في المنطقة، تحت أي حجة أو ذريعة.

محمد الرقاد

ومن جهته، يرى مدير التوجيه المعنوي السابق اللواء المتقاعد محمد الرقاد، أن التواجد العسكري الإيراني في الجنوب السوري يشكل قلقاً مشروعاً للأردن؛ مستشهداً بحديث العاهل الأردني عبدالله الثاني لمحطة CNN الأمريكية مؤخراً الذي أوضح فيه تعرض الأردن لهجوم بطائراتٍ مسيرة تبيَّن أنها تحمل تواقيع إيرانية، حيث تم التعامل معها في حينه.

وقال اللواء الرقاد إن الهجمات التي تتعرض لها السعودية بصواريخ، وبطائرات مسيرة إيرانية، كل ذلك وغيره، يشير الى أن التواجد الإيراني بالقرب من الحدود الشمالية للأردن ستكون له عواقب وكلفة باهظة، ناهيك عن البعد الفكري الأيديولوجي، ومحاولات تصديره إلى دولٍ أخرى في المنطقة والإقليم، والبحث عن موطئ قدمٍ في هذه الدول لإعادة التموضع والانتشار.

اقرأ أيضاً  تظاهرات الأحواز تزعج النظام في إيران.. فكيف سيتعامل معها؟

ويسيطر النظام السوري على أغلب أجزاء مدينة درعا، وبخاصة درعا المحطة، والقطاع الأوسط، وأجزاء من الريف الغربي، وتسيطر الميليشيات الإيرانية على مناطق شمال وشرقي درعا، أما فصائل التسوية التابعة للفيلق الخامس المرتبط بروسيا، فتسيطر على أجزاء من مناطق شرقي درعا. في حين يسيطر مقاتلو المعارضة السورية على مناطق متفرقة من المدينة، أهمها درعا البلد في المدينة، ومدينتي طفس وجاسم في الريف الشمالي الغربي.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة