الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية
مخاوف أمريكية.. صفقة الصين في الشرق الأوسط يمكن أن تحمي برنامج إيران النووي
إن اعتماد إيران الاقتصادي والدبلوماسي شبه الكامل على الصين يمنح بكين نفوذاً هائلاً للضغط على طهران في مسألة تطوير برنامجها النووي.. لكن من غير الواضح ما إذا كانت الصين تعتقد أنه من مصلحتها أن تردع الطموحات العسكرية لطهران، بالنظر إلى رغبتهما المشتركة في تقليص نفوذ الولايات المتحدة في العالم.

كيوبوست- ترجمات
جاي سولومون
يتوقع الصحفي جاي سولومون، في تقريره، أن يقود الاتفاق التاريخي الذي توسطت فيه الصين هذا الشهر، لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، إلى تقليل التوترات بشكل كبير في الشرق الأوسط؛ ولكنه يتجاهل عن عمد البرنامج النووي الإيراني والطموحات المتزايدة لطهران والرياض.
يشير مسؤولون غربيون وشرق أوسطيون إلى أن هذا التجاهل يمكن أن يؤجج التوجه نحو الانتشار النووي الذي بدأ بالانتشار فعلياً على مستوى العالم. إيران اليوم؛ قريبة جداً من إنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويمكنها إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع بضع قنابل في غضون أشهر. في الوقت نفسه، تقول الرياض إنها تخطط لإنتاج وقود نووي لأغراض الطاقة، ولكن هذا الوقود يمكن استخدامه في صنع الأسلحة أيضاً.
اقرأ أيضاً: عودة العلاقات السعودية الإيرانية
سبق وصرح مسؤولون صينيون لموقع “سيمافور”، بأنه بغض النظر عن شروط الاتفاق، فإن بكين تعتزم الاستمرار في استخدام نفوذها المتزايد على إيران والسعودية للحد من انتشار الأسلحة النووية. وأشاروا إلى أن بكين ساعدت في التفاوض على الاتفاق النووي عام 2015 والذي فرض قيوداً على برنامج طهران النووي، قبل أن ينهي الرئيس ترامب العمل بهذا الاتفاق.
من جانبه، قال المتحدث باسم سفارة بكين في واشنطن: “إن هدف الصين الثابت هو دعم النظام الدولي في الجهود التي يبذلها لمنع انتشار الأسلحة النووية وتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”. وأضاف: “ستعمل الصين مع الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي؛ لمواصلة الدفع نحو تسوية سياسية ودبلوماسية للمسألة النووية الإيرانية”.
يرى مسؤولون أمريكيون وشرق أوسطيون أن اعتماد إيران الاقتصادي والدبلوماسي شبه الكامل على الصين، يمنح بكين نفوذاً هائلاً للضغط على طهران في مسألة تطوير برنامجها النووي بشكل أكبر؛ ولكنهم أكدوا أنه من غير الواضح، حتى الآن، ما إذا كانت بكين تسعى حقاً لأن تكون ضامناً للأمن في الشرق الأوسط والخليج العربي، كما كانت الولايات المتحدة على مدى العقود الماضية.

يقول إميل حكيم، مدير الدراسات الأمنية الشرق أوسطية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: “لا شك أن الصين لعبت دور الميسِّر في هذه الاتفاقية، ولكن وبالحكم على الاتفاقية من خلال بنودها، يمكن القول إنها لم تقدم الكثير. والسؤال الأبرز يبقى ما إذا كانت بكين ستتحمل المسؤولية من أجل تنفيذها”.
ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت الصين تعتقد أنه من مصلحتها أن تردع الطموحات العسكرية لطهران، بالنظر إلى رغبتهما المشتركة في تقليص نفوذ الولايات المتحدة في العالم.
وفاجأت الصين العديد من العواصم الغربية عندما أعلنت، في العاشر من مارس، أنها توسطت في اتفاقية تقارب بين إيران والسعودية، وهما دولتان كانتا على طرفَي نقيض في نزاعات في اليمن والعراق ولبنان.
اقرأ أيضًا: أسئلة حول الاتفاق السعودي- الإيراني
تحدد الاتفاقية فترة شهرَين يعيد خلالهما البلدان افتتاح سفارتيهما المغلقتَين منذ عام 2016، والبدء في تنفيذ الاتفاقيات البحرية والتجارية والأمنية الموقعة سابقاً بينهما، واحترام سيادة كل منهما للأخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وجاء في الاتفاق أيضاً أن “الدول الثلاث أعربت عن حرصها على بذل كل الجهود من أجل تعزيز الأمن والسلم على الصعيدَين الإقليمي والدولي”.
ومع أن نص الاتفاق لم يوضح الأجزاء الأكثر أهمية في الصفقة؛ فهو يتضمن التزامات أمنية محددة. وقد تعهدت إيران على سبيل المثال بوقف تسليح الحوثيين في اليمن، بينما قالت الرياض إنها ستوقف دعمها للميليشيات وأجهزة الإعلام المناهضة لإيران التي تعتقد طهران أنها غذت الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ الخريف الماضي.
تحدثت حكومات الولايات المتحدة وأوروبا عن اتفاق بكين باعتباره تطوراً يمكن أن يخفف واحداً من أسوأ النزاعات في الشرق الأوسط. وقد ساعدت إدارة الرئيس بايدن في التوسط لوقف إطلاق النار في اليمن، ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن يتمكنوا من تحويل هذه الهدنة إلى اتفاق سلام دائم.

من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن: “إن أي شيء يمكن أن يساعد في خفض التوترات وتجنب الصراع ووقف الأعمال الإيرانية الخطيرة والمزعزعة للاستقرار بأي شكل من الأشكال، هو أمر جيد”.
ومع ذلك، ثمة قلق في واشنطن بشأن الآثار المترتبة على الصفقة في ما يتعلق بالانتشار النووي.
ذلك أن إيران حصلت للتو على مخرج من عزلتها الدبلوماسية والاقتصادية، وأصبح لديها حوافز أقل للتعاون مع مفتشي الأمم المتحدة والحد من برنامجها النووي بعد أن تعهدت كل من الصين والسعودية بزيادة استثماراتهما في إيران كجزء من الصفقة.
ويمكن أن يؤثر ميل المملكة العربية السعودية نحو إيران على برنامج الرياض النووي؛ فالسعوديون كانوا يسعون منذ سنوات للحصول على مساعدة نووية أمريكية، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة طالبت الرياض بعدم تصنيع وقودها النووي محلياً بسبب المخاطر الأمنية.
اقرأ أيضًا: العالم لن يكون أفضل حالاً بعد الاتفاق النووي الإيراني
ومن غير المتوقع أن تفرض الصين مثل هذه الشروط؛ بل إنها تساعد، بالفعل، المملكة في إنشاء بنيتها التحتية النووية.
ويشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من أن إيران قد تستخدم اتفاقية بكين كدرع لحماية برنامجها النووي. وغالباً ما تصوت الصين إلى جانب روسيا في مجلس الأمن، وبالتالي فمن غير المرجح أن تتحرك ضد إيران هناك، خصوصاً بعد الاتفاق.
وفي غضون ذلك، ربما تحتاج إسرائيل إلى استخدام المجال الجوي السعودي إذا ما أرادت ضرب البنية التحتية النوية الإيرانية.
يقول مارك دوبويتز، رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: “إن صفقة التطبيع السعودية- الإيرانية يمكن أن تجعل الضربة الإسرائيلية أكثر صعوبةً إذا رفضت الرياض السماح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي”.
لا يشعر الجميع في الشرق الأوسط بالتشاؤم بشأن آفاق الاتفاق الذي توسطت فيه بكين؛ فاعتماد طهران الكبير على بكين يعني أنها ستخاطر بالكثير في حال خرقها الاتفاقية أو اتخاذها خطوات عدوانية في المسألة النووية.
ويرى بعض الدبلوماسيين أن الصين استثمرت هيبتها في دبلوماسيتها، وفي ضمان التزام إيران بما يترتب عليها جراء الاتفاقية.
بالمقابل؛ يؤكد مسؤولون سعوديون لإدارة بايدن أنهم لا يسعون لإنهاء التحالف الأمني بين واشنطن والرياض، ولا يهددون اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. وقال الباحث السعودي في مركز بلفر بجامعة هارفارد، محمد اليحيى: “السعوديون لاعبون مستقلون منفتحون على التعامل مع قوى عظمى متعددة بدلاً من قوة واحدة؛ في سبيل حماية مصالحهم”.
المصدر: سيمافور