الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
محللون عراقيون لـ”كيوبوست”: قرار البرلمان إنهاء الوجود الأجنبي عبثي وغير دستوري
البرلمان لا يملك سلطة إصدار القرار الذي يهدف فقط إلى إرضاء إيران ودغدغة بعض المشاعر التي تحمست له.. كما أن العراق لا يملك جيشًا قويًّا يمكنه الدفاع عن البلاد.. وهي خطوة جاءت للاستهلاك الإعلامي وتعبر عن النخبة السياسية العراقية التي لا تدرك خطورة الموقف

كيوبوست
قرر البرلمان العراقي برئاسة محمد الحلبوسي، الأحد الماضي، مطالبة الحكومة بإنهاء الوجود الأجنبي للقوات الأمريكية في البلاد، وعدم استعمال الأراضي العراقية أو المجال الجوي لأي سبب كان، فصلًا عن إنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع التحالف الدولي ضد “داعش”، على الرغم من غياب الكتل السُّنية والكردية.
ويأتي القرار في أعقاب اغتيال القوات الأمريكية قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في بغداد، وسط توقعات بردود أفعال إيرانية ربما تكون غير متوقعة.
اقرأ أيضًا: “الاتحاد الإفريقي” يدخل على خط الأزمة الليبية
وهدَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأحد الماضي، بفرض عقوبات كبيرة على العراق إذا أجبر القوات الأمريكية على المغادرة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تترك العراق إلا إذا دفعت الحكومة العراقية تكلفة القاعدة الجوية الأمريكية هناك.
قرار عبثي
الكاتب والمحلل السياسي العراقي جاسم الشمري، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن قرار البرلمان يعتبر قرارًا عبثيًّا؛ لأنه يخاطب حكومة عادل عبد المهدي التي لا تملك أية صلاحيات ولا تقوم سوى بتسيير الأعمال فقط، والغرض الأساسي من القرار هو إرضاء إيران ودغدغة بعض المشاعر التي تفاعلت معه وتحمست له”.

وأضاف المحلل السياسي العراقي: “الجلسة التي عقدها البرلمان ليست قانونية ولا دستورية، كما أنها غير ملزمة للحكومة التي تعتبر غير موجودة من الأساس، ومن يتمعن قليلًا في توقيت صدور القرار سيتأكد أنه جاء بإملاءات إيرانية، أو ربما للبعث برسالة ترضية إليها بعد اغتيال سليماني؛ لأن البرلمان العراقي وعلى رأسه محمد الحلبوسي، يعرف جيدًا أن ما حدث هو خطوة عبثية لا تقدم أو تؤخر”.
اقرأ أيضًا: كيف تتدخل تركيا عسكريًّا في ليبيا؟
الاستهلاك الإعلامي
الدكتور صباح الخزاعي، الباحث العراقي المقيم في لندن، قال خلال تعليقه لـ”كيوبوست”: “إن قرار البرلمان العراقي جاء من أجل الاستهلاك الإعلامي فقط، كما أن غياب السُّنة والأكراد عن التصويت جعله غير جائز قانونًا، فضلًا عن أنه تم في العلن وليس سرًّا؛ ما يمثل مخالفة أخرى تمنح المشهد المزيد من الارتجال والعبثية”.

وأضاف الخزاعي: “الأكثرية الساحقة في الشارع العراقي تطالب كل دقيقة بخروج إيران وإنهاء تدخلاتها في السياسة العراقية وليس إنهاء الوجود الأمريكي، وهذا الاتجاه هو ما يمثله المكون الكردي والمكون السُّني والمكون الشيعي الجماهيري الحقيقي وليس الحزبي الطائفي. هذا هو ما يجعل القرار يبدو وكأنه صادر عن جهة غائبة عن الحقيقة، ولا تعمل إلا من خلال توصيات إيرانية ومخططات تخص إدارة حسن روحاني فقط، وكل ما بُني على هذا القرار الباطل فهو لا أساس له من الصحة على أي مستوى من المستويات”.
المحلل السياسي العراقي وأستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتور رائد العزاوي، قال خلال تعليقه لـ”كيوبوست”: “المادة 80 من الدستور العراقي لا تجيز إلغاء الاتفاقيات؛ سواء أمنية أو غير أمنية، إلا بقانون يقدمه إما رئيس الجمهورية وإما مجلس الوزراء، وهذا لم يحدث، وهو ما يعني أن قرار البرلمان يحمل في باطنه هدفًا دعائيًّا ليس أكثر”.

النخبة السياسية العراقية لا تدرك خطورة الموقف
وأضاف العزاوي: “الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على مقاليد الأمور العراقية، ولا تملك أية سلطة في بغداد أن تنهي الوجود الأجنبي، الذي هو ليس أمريكيًّا فقط بطبيعة الحال؛ بل إن أرض العراق مستباحة من عدة دول، منها إيران وتركيا وعديد من أجهزة الاستخبارات الأخرى. كما أن الدولة العراقية لا تملك جيشًا قويًّا يمكنه الدفاع عن البلاد، ولا حماية سمائها ضد الهجمات العدائية حال وقوعها من دول أخرى؛ لأن الميليشيات المسلحة في العراق لا يمكنها الدفاع عنه، لأنه بلا عقيدة واضحة وبلا انتماء أيضًا وتحكمه المصالح فقط”.
اقرأ أيضًا: حفتر يضمن المساندة العربية في زيارة خاطفة إلى القاهرة
وأكد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة أن تنفيذ القرار يتطلب وجود حكومة قوية قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة والوقوف أمام القوى العظمى في العالم؛ وهي سمات لا تتوافر في الحكومة الحالية التي تعتبر حكومة تصريف أعمال، فضلًا عن مجلس النواب الذي عبر بهذا القرار عن طبقة سياسية غير مدركة لطبيعة الموقف وخطورته، وتظن أن الاصطفاف بجانب إيران يمكن أن يثبت أقدامها ويبقيها داخل المشهد السياسي، وهذا وهم كبير.